يسم الله الرحمس الرحم
فى الحياة الإسلامية ؛ وفى مسيرة الأمة الإسلامية على امتداد ترج +
هانان الكلمتان هما الاجتهاد والجهاد + وقد اشتفتا من مادة رج هد ) ممنى بقل
الججهد ( بضم الجيم ) أى الطاقة » أو تحمل اليجهد ( بفتح الجم ) أى المشقة ,
والكلمة الأول هدفها معرفة الهدى ودين الحى الذى أرسل الله به رسوله » والأخرى
الأولى ميدانها الفكر والنظر » والأخرى ميداتها العمل والسلوك +
وعند التأمل نجد أن كلا المفهومين يكمل الآخر ويقدمه » فالاجتباد إنما هر لون
من الجهاد العلمى » والجهاد إنما هو نوع من الاجتهاد العملى .
وثمرات الاجتهاد يمكن أن تضيع إذا لم تبد من أهل الفوة من يتبنى تفيذها ؛ كا أن
مكاسب الجهاد يمكن أن تضيع إذا م تجد من أهل العلم من يضىء ا الطريق . وفى عصورناً
الإسلامية الزاهرة مضى هذان الأمران جنا إلى جنب : الاجتهاد والجهاد . فسعدت الأمة
تهدين من حملة القلم ؛ ووفرة المجاهدين من حملة السيف . الأولون لفهم ما أنزل
هم الكتاب َالبزَانَ لوم آثاس
ويم الله تن مزه ورد
وفى بعض العصور وجد الجهاد لكن لم يصحبه الاجتهاد » فجمدت الحياة الإسلامية
وتحجرت ؛ على حين كانت المجتمعات غير المسلمة قد بدأت فى اليقظة والتفتح والبوض .
ثم تلت عصور أخرى فَقَدَ المسلمون فيها الاجتهاد والجهاد معا» فَكُوا فى عقر
ثم نادى منادى الجهاد لتحرير الأرض ؛ وحصل المسلمون على استقلاهم ؛ ولكته
كان استقلالا ناقصا قاصرا » إذ الاستقلال الحقيقى أن يتحرروا. من آثار الاستعمار
التشريعى والثقانى والاجتاعى » إل جوار التحرز من الاستعمار العسكرى والسيامى
ويعودوا إلى ذاتيتهم الأصيلة » وهذا لا يكون إلا إذا كانت شريعة الإسلام أساس حياتهم
:1 كلها : الروحية والمادية + الفردية والاجتاعية + الاقتصادية والسياسية + التشريعية
والتربوية » الفكرية والعملية .
الشريعة الإسلامية هى خائمة الشرائع النى تحمل الحداية الإغية للبشرا؛ وقد خصها الله
بالعموم والخلود والشمول » فهى رحمة الله للعالين + من كل الأجناس » وفى كل اليفات >
وكل الأعصار » إلى أن تقوم الساعة + وفى كل مجالات الحياة المنوعة + لهذا أودع الله فها
من الأصول والأحكام ما يجعلها قادرة على الوفاء بحاجات الإنسانية المتجددة على امتداد
الزمان ؛ واتساع المكان + وتطور الإنسان +
من حق الاجتهاد فيما ليس فيه دايل قطجى من الأحكام » أما ما كان فيه دليل ظنى فى لبوته
أو دلالته أو فهما مها ء أو ما ليس فيه نص ولا دايل » فهو المجال الرحب للاجتهاد . وبهنا
تتسع الشريعة لمواجهة كل مستحدث ؛ وتملك القدرة على توجيه كل تطور إلى ما هو
أقوم . ومعالجة كل داء جديد بدواء من صيدلية الإسلام نفسه ؛ لا بالتسول من الغرب
إن الاجتهاد » هو الذي يعطى الشريعة خصوبتها وثرادها » ويمكنها من قيادة زمام
الياة إلى ما يحب الله ويرضى + دون تفريط فى حدود الله ولا تضييع لحقوق الإنسان >
الإسلامى السابع عشر المتعقد فى جمهورية الجزائر الشقيقة فى مدينة الإمام المصلح
عبد الحميد بن باديس + فسنطينة ه فى شهر اشوال اسنة ١# ها يوليو سئة 84# ام
وقد أعملت فيه يد التهذيب بالإضافة أو أو التوضيح + ا أضفت إليه بعض
الفصول ؛ استكملا للموضوع يقدر الإمكان . ونخاصة ما يتعلق بالاجتباد المعاصر .
وهذا الموضوع من الموضوعات التى تدرس فى ( علم أصول الفقه ) ١ ولا يفلو
كتاب أصولى من التعرض له » فهو من ( الواح ) المهمة للعلم ٠
وقد أتيح لى أن أدرس هذا الموضوع لطلاب كلية الشريعة بجامعة قطر وطالياتها +
أكثر من مرة . وكان هذا من أسباب إثرائه عن طريق الناقشة والسؤال والجواب ؛ فهو
يمثل حاجة أكادممية خاصة ؛ وحاجة ثقافية عامة ؛ وهذا ما دعانى إلى محاولة ( تبسبط )
عبارته وتيسير تتاوله » وتقرييه إلى فهم المثقف العادى + حتى يستطيع أن يبضمة +
ويستقيد مئه .
أرجر أن أكون بهذا البحث قد ألقيت الضوء على هذا الموضوع الذى 4
ومنباج حياة ؛ ويوعذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
خلا
الاجتهاد فى اللغة : مشتق : رج ء ها د ) بمعى : بذل اله ( بضم
الجيم ) ( وهو الطاقة ) أو تحمل الجَهْد الجم ) وهو الشقة .
وصيغة د الافتعال » تدل على المبالغة فى الفعل » ولهذا كانت صيغة د اكتسب » أدل
على المبالغة من صيغة ه كسب 6 ١
فالاجتهاد فى اللغة : استفراغ الوسع فى أى فعل كان ؛ ولا يستعمل إلا فيما فيه
الإمام الشوكانى فى كتابه د إرشاد الفحول » () فى تعريفه يقوله : د بدل الوسع فى نيل
حكم شرعى عمل بطريق الاسحباط + 09 .
وبعض الأصولين لم يكتف بكلمة د بذل الوسع » وجعل بلا كلمة ه استفراعغ
الوسع »بل زاد الإمام الآمدى عن ذلك فقال فى تعريقه ؛ د هو اسطراغ الوسع
فى طلب الظن بشىء من الأحكام الشرعية على وجه يمس من النفس العجز عن المزياد
عليه + (؟ فجعل الإحساس بالعجز عن المزيد جزءا من الح والتعريف . أما الإمام الغزالى
فجمل ذلك 'جزءا من تعريف د الاجتهاد التام م 99 .
هذا مع أن العبارة الأول كافية ؛ إذ ليس على المكلف إلا بذل وسعه . كا قال
الطريق على المتسرعين والمقصرين الذين يخطفون الأحكام خطفا ؛ دون أن يجهدوا أنفسهم
(١)المستصفى للفزال جم 7 عن 5 +
() ارشاد الفحول من 9*0 +
(0) وهو تعريف الإمام الرركشى فى د البحر الخيط ؛ الى كتاب و الاجهاد ؛ للداكتور سيد تحمد موسي قواقا +
(1) الاحكام فى اصول الاحكام للأمدى 1 ص 218 ط دار الكتب العطمية - يروث +
(5) أما مطلق الاجتهاد فهو : بذل الوسع فى طلب العلم بأحكام الشريعة . المستصفى م ؟ من 780 +
فى مراجعة الأدلة ؛ والتعمق فى فهمها ؛ والاستتباط منها » والنظر فيما يعارضها
ونص الإمام الشافعى رضى الله عنه على أن المجتيد لا يقول فى المسألة : لا أعلم »
حتى يجهاد نفسه فى النظر فيها » ولم يقف . ( أى على علم بحكمها ) . كا أنه لا يقول :
أعلم » ويذكر ما علمه ؛ حتى يجهد نفسه ويعلم (00 .
ومما يدل على هذا المعنى ما جاء فى حديث إرسال معاذ إلى الجن - وسيأق بعد -
قال الشوكانى فى شرح التعريف :
(أ) فقوك بذل الوسع : #نرج ما يحصل مع التقصير ؛ فإن معنى بذل الوسع + أن
يمس من نفسه العجز عن مزيد طلب .
)+ وكذلك بذل الوسع فى تحصيل الحكم العلمى ( الاعتقادى ) فإنه لا يسمى اجتهادا
عند الففهاء » وإن كان يسمى اجتهادا عند المتكلمين .
١ ويترج « بطريق الاستتباط » نيل الأحكام من النصوص ظاهرا » أو حفظ المسائل
أ استعلامها من المفتى » أو بالكشف عنها فى كتب العلم » فإن ذلك - وإن كال -
يصدق عليه الاجتهاد اللغوى - لا يصدق عليه الاجتهاد الاصطلاحى .
وقد زاد بعض الأصولين فى هذا الخد لفظ « الفقيه » فقال : بذل الفقيه الوسع ...
اصطلاحا ٠٠. ه07 . ومن لم يذكر هذا القيد فهو بلاحظ عنده » إذ لا يستطيع تيل
الحكم بطريق الاستباط إلا الفقيه . والمراد بالفقيه هنا : المتبىء للفقه الممارس له . وعبرو)
دليس المراد : من يحفظ الفروع الفقهية فقط + عل ما شاع الآن ؛ لأن بذل ومعه اين
باجتهاد اصطلاحا () . *
السابق ,
(؟) إرشاد الفحول : من 10 - السايق
(؟) انظر مسام اللبوت وشرحة مع المستصفى ام ؟ من 5
وهذا قبد مهم ؛ فإن كثيرا من المشتغلين بالملوم الإسلامية الأخرى كعلم الكلام
أو التصرف أو السيرة أو التاريج ؛ ونحوها ؛ وبعض الخطباء والوعاظ البلغاء يقحمون أنفسهم
فى ميدان الاجنباد + ويفتون برأيهم فى أعوص المسائل ؛ وهم بعيدون عن ساحة الفقه +
والغرص فى بحاره . وكل ميسر لا خلق له . م أن مجرد حفظ فروع الفقه وسائله
فى مذهب أو أكثر لا يجعل من صاحبه فقيها قادرا على الاجتياد والاستتباط . وسيأق مزيد
بحث لهذا فى شروط المجتهد .
وبعضها مختلف فيه
١ - العلم بالقرآن الكريم :
فالقرآن هو كتاب الإسلام ؛ والمصدر الأول التشريعه وتوجييه ؛ وهو - كا قال
الشاطبى - كلية الشريعة » وعمدة الملة » وينبوع الحكمة ء وآية الرسالة ؛ ونور الأبصار
من لم يعرف القرآن لم يعرف شريعة الإسلام +
وقد ذكر الغزال هنا تخفيفين :
أحدشما : أنه لا يشترط معرفة جميع الكتاب » بل ما يتعلق بالأحكام منه ؛ قال : وهو
مقدار خمسمائة آية 0 .
واعترض على الغزال ومن وافقه هنا من عدة أوجه :
أولأ : أن آيات الأحكام أكثر من ذلك » فقد نقل عن الإمام عبد الله بن المبارك تقديرها
بتسعمائة آية . وقيل أكثر من ذلك .
وعلق الشوكانى على تقدير الغزال بقوله :
ودعوى الانحصار فى هذا المقدار إنما هى باعتبار الظاهر ؛ للقطع بأن فى الكتاب
العزيز من الآيات التى تستخرج منها الأحكام الشرعية أضعاف أضعاف ذلك » بل
)١( الوائقات + ص 249 تليق الشيخ عبد الله داز
(*) انظر ارشاد الفحول ص 38 ؛ وتقيج الفصول عن 148 وروضة الناظر
من له فهم صحيح » وتقدير كامل يستخرج الأحكام من الآيات الواردة مجرد
القصص والأمثال + +
بالذات لا بطريق التضمن والالترام 6 .
؛ وقد حكى الماوردى عن بعض أهل العلم : أن اقتصار المقتصرين
على العدد المذكور إنما هو لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان » أفرد آبات الأحكام
فى تصنيف وجعلها خمسمائة آية م 009
: ما ذكره العلامة القراى من أن استتباط الأحكام إذا حقق لا تكاد تعرى عنه آية .
فإن القصص أبعد شىء عن ذلك ؛ والمقصود منها الاتعاظ .. وكل آية وقع فيها
ذكر عذاب أو ذم على فعل ؛ كان ذلك دليل تحريم ذلك الفعل . وكل ما تضمن
وقال الطوق الحبلى : « قل أن يوجد فى القرآنآآية الا يسعبط مها شىء
من الأحكام م 0 .
: ما قاله العلامة الحنفى ابن أمير الحاج : « إن تمييز آيات الأحكام من غيرها متوقف
على معرفة الجميع بالضرورة + 29 ,
فهناك كثير من الموضوعات تثار فى جوانب شتى من الحياة ؛ يستدل على جوازها
أو منعها من القرآن الكريم +
القمر ؛ كان منهم من عمد
ومنذ سنوات حينا ثار الجدل بين بعض العلماء وبعض حول صعود الإنسان إلى
ذا ارشاد الفحول :بف لم
)١( الظر ؛ تنقيح الفصول 144
(©) انظر : روطة الناظر لابن قدامة ؛ وشرحه لأمن بدران جم ؟ : 101 انقلا عن الاجتياد لللدكتور موسي
(1) انظر : الاجتهاد فى الإسلام ؛ د. ثادية العترى من
وكا اآخرون يستدلون على إمكاد ذلك وجواره شرعا بمثل قوله ت
قالوا : والسلطان هنا هو سلطان العلم '
والذين توسعوا فى التفسير ( العلمي ) للف
العلمية من بين آيانه ؛ كانوا يستدلون بمثل قوله تعال :
شَيْءٍ 4 ( الأنعام : 74 ] .
والإمام الغزالى حاول أن يستدل على شرعية تعلم المنطق وصحته بآيات استبطها من
القرآن العزيز +
بيط بها » ويكون له فى فهمها رأى مستقل ؛ موافق أو مخالف +
ومثل ذلك ما ار من عو نصف قرن حول ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى
وما استشهد به المؤيدون والمعارضون من آيات تشهد لهم ؛ وتسندهم فى دعواهم ؛ وجلها
أو كلها من القرآن المكى + وهى بمعزل عن آيات الأحكام المعهودة +
والذى أرجحه : أن يكون للمجتبد اطلاع عام على معان القرآن كله ؛ هنا مع
توجيه عناية خاصة إلى الآيات التى لها صلة ولبقة بالأحكام . وهذه يلحظها المجتبد وإذ
كانت بين ثنايا القصص والمواعط © ولهذا رأيناهم اهم ذكروا فى آيات الأحكام ما يؤخذ
من اقسة المخضر مع موسى عليه السلام . مثل جواز ارتكابه أخف الضررين تقاديا
لأشدهما ؛ ومنه خرق السفينة حتى يبدها الملك الظالم معيبة فلا يأخذها غلبا +
وما ذكره فى قصة يوسف من الجعالة والكفالة © زل
و مشروعية بعض صور الميلة لتحقيق أغراض مشروعة » م صنع يوسف مع أيه ٠
ونحن فى عصرنا نجد فى قصة يوسف من الدلالة على مشروعية التخطيط الاقتصادي
لمواجهة الأزمات من العمل الدائب على زياد اج « لررغون سبع منين دأيا ما
1 يوسف : 47 ] وتنظم الادخار و فَمًا حَصْدلُم فَذَرُوهُ فى سُتبله ٠ .10 يوسف : 47 |