عنهاء وأصبج الانسحاب مهانة كبيرة فلا بد من الاستمرار... لا بد أن تكون
لحريته وإثارته الجدل نهاية؛ فصدر الحكم بسجنه سنة 197ه وملاحقة
لم ينس الفقهاء قصته فأعادوها للنقاشذ؛ فوقف التنفيذ يزعجهم... وأخير
بعد قتله بهذه الصورة الدرامية الدامية أخذ التصوف منحى آخر وخفت لغة
الشطج؛ وأصبح أكثر باطنية وتشعبت مصطلحاته وأصبح أكثر تعقيدا وغموضا
محسوبا والا سيكون هناك أكثر من حلاج؛ فكان للكتمان والسرية دور في تعقيد
اللغة الصوفية وترميز الكلام لانها (اللغة) شاهد الادانة الذي يحاجج به
المتصوفة؛ وما يؤكد هذا ان عملية تصفية الحلاج (الجسدي + الفكري) انهت
كان في ثلاثة فروع " أولا : الفقه؛ يمكن الاستعاضة عن الفرائض الخمس
بشعائر اخرى بما في ذلك الحج (اسقاط الوسائط)؛ ثانيا : علم الكلام؛ تنزيه الله
عن حدود الخلق - الطول العرض© وجود روح ناطقة غير مخلوقة تتحد مع
روح الزاهد المخلوقة - (حلول اللاهوت بالناسوت) - يصبح الولي الدليل الذاتي
التام مع الإرادة الإلهية - عين الجمع - عن طريق الشوق والاستسلام للألم
(601126100/.600 .قلقلا 1615100 لدان 10 لونماع2 تم طأثلا 0168180 ]0ط
يعد التكلم في أي من هذه الآراء مجازفة خطيرة يطبق عليها ما طبق على
الحلاج؛ وهذا ما حصل فعلا لاحد المتصوفة الأذربيجانيين (عماد الدين نسيمي)
الذي حذا حذو الحلاج فقتل في حلب بعد محاكمته عام ١٠١ م لقوله (انا
الحق) وكان أسلوب قتل نسيمي مشابها لقتل الحلاج بدرجة كبيرة .)١١(
هي الوثيقة الأكثر اهمية من الوثائق الحلاجية التي وصلتنا (17)؛ وهي
كراس قليل الصفحات معقدة في محتواه؛ كتب في فترات تاريخية متقطعة
وامتدت أيدي الناقلين إليه؛ وكان آخر ما كتبه الحلاج في حياته هو (طس الأزل
والالتباس في صحة الدعاوي بعكس المعاني) حين كان في السجن فسلمه
لتلميذه النجيب (ابن عطاء) الذي قتل قبل شيخه لدفاعه المشهود عنه.
الطواسين مجموعة من المفاهيم والعقائد الصوفية الخاصة بالحلاج؛ وضع
يدرج ضمن الواردات الالهية او التاقي العرفاني؛ بقدر ما هو تكوين منظم
المريدين والعامة؛ ثم حول المقال إلى نصوص مكتوبة ابان حياته في الفترة
يحتوي الكتاب على احد عشر نصا يبدأ ب ١ - طس السراج ؟ - الفهم
© - الصفاء ؛ - الدائرة © - النقطة ١ - الازل والالتباس 1 - المشيئة 6 -
التوحيد 4 - الاسرار في التوحيد ٠١ - التنزيه ١١ - بستان المعرفة (الذي لم
يعتبره الحلاج طس) ولم يصل الينا طس التنزيه الا ان ماسنيون نقل لنا ترجمة
لذلك يحتوي الكتاب على رسوم غريبة منها تجريدية جدا ومنها كالطلاسم
أ- النظرية الصوفية : يعد الكتاب بشكل عام (نظرية صوفية) اما على
وجه الخصوص فان الحلاج وضع اسسا لنظريته في المقامات (49) مقام؛ أولها
الوصول إلى الحضرة الالهية او عين الجمعالفناء؛ الا ان الحلاج اعتبر النهاية
هي البداية لانها اعلى مرتبة في الطريق فيكون بينها وبين عين الجمع زمن
قصير وفيها يصبح الصوفي في (اللانهاية) او الاتحاد الكلي بين المخلوق
ب - التوحيد والتنزيه : وضع الحلاج معضلة المعرفة الانسانية وعجزها
في ادراك التوحيد والتنزيه الحقيقي (عجز العقل البشري) واحيانا نشعر
بمطالعتنا للطواسين اننا بحالة عجز تام لمعرفة أي شئ على حقيقته فالحيرة
هي مشكلة التصوف كما نجدها عند النفري الا ان الحلاج رسم لنا صورة أكثر
وضوحا عن حقيقة الحيرة (طس: التوحيد؛ الاسرار في التوحيد؛ بستان
ت - معضلة الامر والمشيئة: وهو اهم محور في الطواسين؛ فقد نامع
الحلول او الاتحاد او وحدة الوجود ووحدة الشهود سطحيا؛ اما الامر والمشيئة
فانه اخطر ما اقره الحلاج في الكتاب وقد يكون السجن السبب الذي دفعه لابتكار
على أفكار الشلمغاني المتطرف الذي كان احد ألد خصوم الحلاج؛ فما كان من
الحلاج الا ان يرد من خلف القضبان على خصمه معلنا (لا اضداد في العالم !؟)
مسيقاً أمر السجود ورفضه من قبل ابليس ثم مدافعا عنه وعن فرعون وهذا
شئ لم يعهد من قبل ابدا (طس: الازل والالتباس؛ المشيئة).
اث - معرفة الحقيقة : وهي النقطة التي تربط أفكار النصوص مع بعضها
والتي بدونها لا يصل المرء إلى معرفة الإشارات الحلاجية؛ فقد بين عوائق
الفهم ومراتب الفهم بالقياس إلى مراتب الحقيقة ولا غرابة ان نجد الحلاج
يتطرف في رؤيته لهذه المسألة فيقحمنا بما هو أعقد (حقيقة الحقيقة؛ حقيقة
هنا وهناك فاصبح الدخول إلى معرفة أفكار الحلاج والحقيقة التي يريد؛ معضلة
فلمن كتّب الحلاج طواسينه ؟ في طيات النصوص نجد ثلاثة اشكال للإرسال.
الشكل الأول: لغة وجهت للعامة؛ قابلة للفهم المباشر ولا تحتاج إلى اطار
مرجعي تأويلي لفهمها؛ تتسم بالأسلوب التعبيري القريب للعواطف هذا الشكل
في الإرسال كتب بسياق:
تحيل إلى
الشكل الثاني : لغة وجهت لتلامذته ومريديه (ولمتصوفة بغداد ايضا) وهي
غير مباشرة:؛ قابلة لافهم من خلال التأويل؛ أي بعد ارجاعها إلى المعنى
المتضمن في الإشارة والعبارة الصوفية.
وهذا الشكل يضم مصطلحات وجملا تحتاج إلى شرح كي يتكامل المعنى
مع فضاء النص وهذا الشكل من الإرسال كتب بسياق :
تأويل
إشارة خرج تحيل 8م
ونظن ان الحلاج كان يشرح نكات هذا النوع من الإرسال لمريده مثلما
فعل بتأويل بعض الايات القرانية في الطواسين.
الشكل الثالث : وهو إرسال متفرد متميز حيث اللغة غير مفهومة
وبأسلوب لم يعرف من قبل عند المتصوفة في ذلك العصر؛ فهو ملغز غير قابل
لم تصلنا معلومة تاريخية حول ان كان الحلاج قد شرح شيئا من هذه اللغة
لتلامذته ولا توجد إشارة فيما اذا كان المتصوفة السابقين للحلاج قد استخدموا
د. علي صافي حسين حينما اعتبر أن الدسوقي هو أول من استخدم هذا اللون
في رسالتين له مستخدما اللفظ المعجم "الذي لا مدلول له في اي من اللغات
“2ه ومات في 71776ه وبين موت الحلاج ومولد الدسوقي أكثر من ثلاثة
تعتبر الجملة الصوفية من هذا النوع ممتنعة التأويل؛ لانها تتكون من
اشارتين تحيل إلى عبارة (-الجملة الصوفية) التي تكون المعنى؛ والإشارة
مصطلج صوفي يعني "ما يخفى عن المتكلم كشفه بالعبارة )١8(" أي بالعبارة
ترشده عبارتنا) وقال الروذباري " علمنا هذا إشارة فان كان عبارة خفي"(١)
والإشارة في الطواسين - المفهوم الذي اختزل لغوياء وفي الشكل الثالث لا
نستطيع الوصول إلى فهم آلية الإشارة ولا اشتقاقها؛ فبغض النظر عن الافظ
المعجم هناك لفظ عربي ايضا غير مفهوم لانه كتب من خلال اشارتين تحتاج كل
إشارة إلى تأويل مستقل ثم الربط بينهما للوصول إلى العبارة - الجملة الصوفية
التي تكون المعنى. ونمثل هذا الشكل من الإرسال بهذا التوضيح :
3 تأويل
تم تحيل لثاية ات عبارة / تحيل ١ معنى
ومثال ما ورد في الطواسين بالافظ المعجم :
عملية (احتيال) سلبية للبرهنة على معنى مسبق لم يكن التأويل سوى تأطير
شرعي لهذا المعنى وهذا اخطر ما في التأويل لانه خروج عن قوانينه. فالتأويل
يجب ان ينطاق من نقطة حيادية تستوعب المعنى مهما كان اعتباره ضد النص
يؤول وما لا يؤول تاركين الاخير ضمن فضاء النص باعتباره بلا دلالة (قرينة
هذه الاشكال الثلاثة من (الإرسال) تنطبق على النذصوص الصوفية عامة
لانها اما ان تكون مفهومة لاتحتاج الرجوع إلى معاني المصطلحات؛ نجد هذه
اللغة في مؤلفات (الكيلاني؛ المكي؛ الغزالي؛ النقشبندي...) واما ان تكون بحاجة
...) وياتي الشكل الثالث غير قابل لافهم؛ ولا للتأويل أو ليس له معنى وقد لمس
كثير من المتصوفة بعد الحلاج هذه اللغة ولكنه لم يكن سائداً في التصوف لما
فيه من مآخذ أخطرها اعتباره من ضمن السحر والأقسام السفلية ...الخ أو
خروجا عن اللغة القرانية الدينية التي جاءت بالافظ العربي القويم؛ فيعتبر هذا
الشكل بلا إسناد قراني أو سني (السنة المحمدية).
استراتيجية اللغة الصوفية
تعتبر اللغة الصوفية لغ رمزية / مجازية ذات دلالات كثيرة قابلة لأكثر
من تأويل تتميز بالتخيل والتمثيل والتشبيه؛ لهذا فهي عينة بلاغية خصبة؛ واذا
سياقا خاصا فيه مفرادت وجمل متميزة فتصبح لكل مفردة دلالة ولكل جملة حجة
دراسة الية تكون المفردة والجملة المكونة للذص بمعنى اخر الرجوع إلى
التجربة الصوفية المكونة للغة التصوف: لان اللغة هنا تكونت من منظور
صوفي خاضع لسلسلة من الاستعدادات والممارسات الخاصة؛ فالنص هذا لا
يتكون بعد اجهاد عقلاني وتخطيط انشائي مسبق بل من اجهاد / استعداد روحي
وراء النظر العقلي؛ كما يقول ابن عربي؛ على ضوءه نحتاج إلى فهم التجربة
الصوفي لان الكلمة او الشئ عندهم " لا يماثلان الدال والمدلول ... بل هما
يستمدان معناهما من خلال التمثيل الأقافي "(17) وهذا التمثيل هو الذي يطابق
الدال والمدلول بالكلمة والجملة؛ ولا نتفق مع الدكتورة سعاد الحكيم بضرورة
التمييز بين التجربة الصوفية وبين التعبير عنها (*9) لأن التعبير عن التجربة
هنا هو نقل التجربة لك من عالمها الذاتي /الحسي إلى التمثيل اللغوي
/التعبيري أي تطابق الذات مع اللغة والحس مع التعبير؛ او كما قالت هي :
اللغة /النذص؛ واذا لم تكن هناك مطابقة وعلاقة بين التجربة الصوفية وبين
التعبير عنهاء لما ظهرت لغة خاصة بالمتصوفة التي جاءت لتمثيل واحتواء
التجربة في اطار لغوي /نصيء لأنه لو كانت التجربة الصوفية خارج نطاق
التعبير عنها لما تحققت امكانية القراءة "(؛ ؟) فلا تتحقق الكتابة الا لانها تحمل
فكان رد الفعل الديني منصبا على هذا المحور أكثر من انذصبابه على
التجربة الصوفية كون الثانية استمدت شرعيتها من منظومة اسناد ديني /
تأويلي (من القران والسنة) وتعليق الدكتورة اعلاه نسف التراث الصوفي
اللغوي؛ فعلى ضوء فرضيتها تعتبر النصوص الصوفية التي بين يدينا مجرد
سطور تملاء فراغا في التاريخ !؟ وإذ نقوم بدراسة الردود والانتقادات التي
لغة وكتابات غيرهم. فالاخر يطبق افي معجمي او لغوي خارج التصوف
على اللغة الصوفية وهنا تولد الفجوة ! فالجوع كلمة عربية ومفهوم اقتصادي
له اسباب ومصطلح سياسي ويمكن ان يكون مجازاً ادبياً؛ أما عند المتصوفة
إلى مجال اخر فالجوع عندهم وسيلة للتقرب من الله وهو احد اركان المجاهدة
له ثمار الوصول وهو من ينابيع الحكمة ...الخ؛ فلاحظ الاختلاف في معنى
الكلمة؛ ولهذا السبب نبه الفقهاء إلى " الاحتياط منهم واعتزال مجالسهم "(*؟).
حالة الصحو وحالة الغيبوبة؛ أما الأولى فهي الحالة التي يكون فيها المتصوف
يوجب المحاسبة فادرجوا لغة الشطح ضمن حالات الغيبوبة؛ وعبر المتصوفة
باصطلاحاتهم على مثل هذه الحالات ب (الذوق؛ الشراب»
إيجابية لشطحات المتصوفة ومنهم الحلاج بقوله (انا الحق) فلم توجب قتله رغم
طلب بعض الفقهاء لاعتراض احدهم باعتبار ان مقولته صادرة عن حالة
(روحية) اجتازت حدود العقل !.
تتكون اللغة الصوفية /النص بعد استعدادات مسبقة هي (أذكار؛ أوراد؛
ضمن (علم الأحوال) ويفهم من سياق المصطلح في مؤلفاتهم انه يعني
أوليائه "(/7) والذوق هو القاسم المشترك عند المتصوفة وبالنتيجة هو القاسم
المشترك في تكوين اللغة /النص؛ وينبه المتصوفون قراءهم إلى فهم هذه
المسألة والدخول في التجربة كي لا يحجبوا عنه كنه مرادهم. والذوق عندهم
أول درجات الشرب؛ فيكون الاخير أول درجات التلقي /الاستقبال؛ والسكر نتاج
الشرب فيصبح السكر أول درجات الإرسال /الانفعال؛ وهذه الحالة تؤدي إلى
درجة اعلى من الذوق تسمى (المعراج الصوفي) "وهو عودة إلى البطون؛ يقوم
المتصوف من خلاله بتحليل الاركان"(778) والمقصود منه رحلة داخل النفس
لاستلام نتائج الذوق؛ الشرب؛ السكر لانه استشراف للعالم تليه حالات اخرى
متقدمة هي (المحاضرة تليها المكاشفة تليها المشاهدة) ونجمع نحن هذه
دريدا فالمعراج الصوفي هو الذي ينشئ مفاهيم المتصوف عن العالم وتتغير هذه
المفاهيم (حسب درجة الذوق)
تنتج اللغة الصوفية