10 دوائر الخوف
لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين إلا تولي مناصب القضاء
والمناصب القيادية» بالإضافة إلى عدم تجنيدهم للخدمة العسكرية في
حالة الدخول في حرب ضد دولة مسيحية. ولهذا السبب الأخير-
يواصل القطب الإخواني - يتوجب على الأقباط دفع «الجزية».
وبصرف النظر عن المموهين الذين حاولوا أن يدافعوا عن القطب
الإخواني ويفسروا كلامه تفسيراً جديداً» متهمين المحرر بأنه شوه كلام
الرجل وتقول عليه بما لم يقل» فقد كان رد الفعل عنيفاً ضد هذا
المسلمين أعنف؛ حتى تصدى كثير مس الشيوخ والمفكرين والكتاب
الوطنية والاجتماعية. وكان من أشد الردود شجاعة ما قاله شيخ الأزهر
منْ أن شأن الجزية أمر يتعلق بالماضي ولا يصح الحديث عنه اليوم+
الآية 821» فمعنى الكلام أن الأمر القرآني الذي كان جارياً تنفيذه في
المجتمعات الإسلامية» وفي مصر خاصة حتى أواخر القرن التاسع
أن أضيف لأنه أمر كان مناسباً للعصر الذي نزل فيه وللعصور التي
تلته؛ خاصة وأن شأن «الجزية» لم يكن إنشاء إسلاميا بل كان متابعة
لتقليد راسخ في اللاقات الدولية؛ حيث تدفع الشعوب المغلوبة للغزاة
الغالبين ضريية «الرأس». ولكن التطور الذي حدث في طبيعة العلاقات
الإنسانية وفي بنية المجتمعات أدى إلى اعتماد «المواطنة» وليس
«الدين» أساس «الاجتماع البشري؛ وجعل «المساواة» بين المواطنين
أساس «العقد الاجتماعي». ومعنى ذلك أن الإصرار على تطبيق الأمر
القرآني بإرغام «أهل الكتاب» على دفع «الجزية» يمثل خطراً على
مقدمة 11
وحدة المجتمع. دمجت هنا عامداً بين الكلام الذي
أساسه المحكمة وبين «الدفاع» المجيد عن مبدأ «المسا 5
والمسلمين في خطاب الذين تصدوا للرد على كلام القطب الإخواني
وعلى رأسهم شيخ الأزهرء
وتقتضيني مقتضيات الأمانة العلمية أن أبرز الفارق بين «صياغة»
خظابي :ؤبين صياغة اللخطاب الدفاضي المشار إليغة ور قارف في
باستعادة السياق التاريخي لنزول القرآن من أجل أن نتفهُم مستويات
المعنى وآفاق الدلالة؛ فتستطيع التمييز في مجال الأحكام والتشريعات
بين مستويات لم يتنبه لها أسلافنا. فإن كان المدافعون عن «المساواة»
بين الأقباط والملمون قد خالفوا الإجماع وأتوا باجتهاد جديد؛ فذلك
لاتيم اجتهدوا في فهم «النص»؛ وتجاهلوا القول الشائع غير المحرر
المعنى «لا اجتهاد فيما فيه نص». لكن الأمر يجب ألا يكون دائماً
الاجتهاد في سياق دفاعي؛ إذْ لا بد من تأصيل منهجي واع لمسألة
قراءة النصوص وتأويلها من منطلق معرفي معاصر خدمة لدي الله
وسعياً للمساهمة في مناقشة إشكاليات الحياة الإسلامية أو حياة
فيه الأخطار. إن التمسك بالمعاصرة على مستوى الحياة المادية»
والإصرار في نفس الوقت على التفكير كما كان يفكر السلف»؛ يمثل
حالة من الانفصام المُرَضي. وهي نفس الحالة القي لم تحاول كنيسة
العصور الوسطى في أوروبا مواجهتها إلا بعد أن كفر الناس بسلطتها
وثاروا عليها. إن المدافعين عن حالة الانقصام تلك في مجتمعاتناء
اخرون دائماً - ونحن معهم أن تاريخ الإسلام لم يعرف
مثل سلطة الكنيسة؛ يتجاهلون أنهم هم أنفسهم أقاموا
بالفعل سلطة لا تقل شراسة وتخْلّفاً عن سلطة الكنيسة في العصور
الوسطى. يفعلون ذلك حين يزعمون أنهم يدافعون عن «حقوق الله
ويفعلون ذلك وهم يصرون على ضرورة وجود سلطة سياسية ترعى
شأن الدين وتفرض تعاليمه بسلطة الدولة على الأفراد.
في فهم كتاب الله تعالى وفي فهم تعاليم نيه (صلعم) وفي فهم واحدة
وهي في النهاية اجتهادات لا يمتلك صاحبها سلطة من أي نوع لفرضها
لة تحول بين الإنسان وحريته في التفكير»
هذا الكتاب عن «قضايا المرأة» سبق نشر بعض فصوله في كتاب
ت عنوان «المرأة في خطاب الأزمة»؛ ولأسباب لم أستطع حتى
الآن إدراكها كان هو الكتاب الوحيد الذي أصدرته دار النشر التي صدر
عنها في مصر «دار نصوص». وكان نتيجة توقف النشر في الدار
لأسباب مجوؤلة بالنسبة لي على الأقل أن الكتاب لم يتم توزيعه
باستثناء النسخ للأصدقاء منذ أكثر من ثلاث سنوات. وقد
كنت متردداً في النشر بصفة عامة - أعني نشر الكتب - بعد الزلزال
الذي أحدثه الحكم القضائي المشار إليه؛ رغم أنني لم أتوقف عن
ليدن بهولندا . ولولا حت الصديق العزيز الأستاذ «احسن ياغي»؛ مدير
مقدمة 13
النشر بالمركز الثقافي العربي» وإلحاحه علي بضرورة وأهمية التواصل
مع القارىء العربي لا من خلال المقالات فقط بل الأهم عبر
تسيطر على قرّاء كتبي مثبطاً شديداً جعلني أحياناً أفقد الثقة في جدوى
الكتابة والنشر.
كان لقائي بالصديق «حسن ياغي؛ في معرض «فرانكفورت»
الدولي للكتاب؛ ثم زيارته لي ولزوجتي في مدينة «ليدن»؛ والحوار
وغير منشور - وهو في معظمه كُتِبَ قبل إصدار «الحكم القضائي» ضد
في كتاب «المرأة» في «خطاب الأزمة» أن تضاف إليها فصول ومقالات
أخرى هي التي تشكّل بنية هذا الكتاب» بفضل «حسن ياغي» الصديق
والمثقف والناشر.
أن تقارب إشكالية وضع المرأة في الخطاب العربي المعاصر من زوايا
قد تبدو مختلفة؛ وإن كانت في الحقيقة زوايا متكاملة. فالخطاب
العربي المعاصر الذي تركز عليه هذه الدراسات هو خطاب «الأزمة»؛
أو - بعبارة أخرى - الخطاب «المأزوم»؛ والذي قد يتظاهر غالباً بأنه
هو موضوع التحليل النقدي في الدراسات التي يضمها هذا الكتاب.
المنتج له؛ بقدر ما هو بالإضافة إلى ذلك تواصلاً مع خطاب أسبق
14 دوائر الخوف
الضروري في عملية التحليل رد بعض مكونات الخطاب إلى أصولها
فى بعض الخطابات الترائية.
ويربط بينها وحدة الموضوع ووحدة المنهج» وهذا هو المبرر لوضعها
فصولاً في كتاب. لكن القارىء؛ لا بد سيحس بعض التكرار الناتج
ألا يكون مملاً بالنسبة للقارىء. ولعلا نطمح أن يكون هذا التكرار
نوعاً من «الإبراز» للخطوط المنهجية العامة التي تمثل قاعدة التحليل
والتفسير في هذه الدراسات.
ورغم تعدد الزوايا التي تم تناول الإشكالية من خلالهاء فإن هذا
الكتاب وقف عند حدود تحليل بعض جوانب خطاب «الأزمة؛. وهو
تحليل لا يطمح إلى أكثر من إلقاء بعض الضوء على بعض تجليات
ويطرح المشكلات محاولاً حفز القارىء للبحث عن إجابات.
نصر حامد أبو زيد
حواء بين الدين والأسطورة
حواء بين الدين والاسطورة 17
على قدر أهمية تفسير الإمام الطبري"*'؛ فإنه يمتلىء بكثير من
(*ه) الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري؛ عاش في القرن الثالث الهجري
(العاشر الميلادي)؛ وتوفي على وجه التحديد في السنة العاشرة من القرن الرابع (سئة
ولد الطبري في إقليم «طبرستان» سنة 234ه» وبدأ حياته العلمية بدراسة
الحديث النبوي في بلدته ومسقط رأسه «أمل» ثم رحل إلى «الري» شمال إيران» ومتها
إلى بغداد أملاً في لقاء الإمام أحمد بن حنبل؛ لكن الإمام توفي قبل وصول الإمام أبو
جعفر الطبري بقليل» وذلك سنة 241ه.
ويواصل الطبري الإرتحال طلباً للعلم وتحصيلاً للمعرفة فيذهب إلى واسط+؛
فالكوفة؛ والشام؛ ثم مصر سنة 253ه»؛ حيث يقيم في القسطاط مدة ثم يعود إلى
الشام؛ ويرجع بعدها إلى مصر مرة أخرى سنة 256ه؛ ليدرس مذهب الإمام الشافمي+
بقية عمره
يكاد الإمام الطبري أن يكون موسوعة علمية كاملة في مجال العلوم الدينية؛ فقد
جمع بين علم الحديث وعلم الفقه وعلم التفسير» فترك لنا موسوعته التفسيرية «جامع
إلى جانب المذاهب الكبرى الأربعة المعروفة؛ وإلى جانب العلوم الثلاثة السابقة يعد
جهود كل المزرخين السابقين عليه من جهة؛ وأصبحت مرجعاً لكل المؤرخين التالين
نافلة القول أن نشير إلى تعمق الإمام الطبري في علوم اللغة والبلاغة؛ حسب مستوى
18 دوائر الخوف
في تلك الفترة التاريخية»؛ وهي المعتقدات الناتجة عن عمليات التأثير
والتأثر بين الإسلام والأديان السابقة عليه على المستوى الثقافي
والفكري. فمن المعروف أن اليهود الذين اعتنقوا الإسلام مزجوا بين
التراث اللاهوتي اليهودي» وبين العقيدة الإسلامية؛ واتضح هذا المزج
كثير من القصص القرآني . وكان التفسير في تلك الحالة يهنم
قصص الأنبياء والأمم الغابرة وبدء الخليقة؛ وهو ما أصبح يعرف في
علم التفسير باسم «الإسرائيليات». لكن من الضروري التنبيه هنا إلى
أن تلك المرويات التي رواها «أهل الكتاب» لم تكن نتاج تفكير فلسفي
يكونوا يتميزون على المشركين وعبدة الأوثان في مستواهم العقلي+
فقد كانوا - كما يقول ابن خلدون - بدواً مثلهم .
١ والقصة التي ريد الكشف عن جانب اللامعقول في تفسيرها هنا
هي قصة خروج آدم وحواء من الجنة بعد أن أغواهما الشيطان فأكلا
الإمام الطبري نقلاً عن «وهب بن منبه» أحد الأحبار اليهود الذين
اعتنقوا الإسلام تبدو قصة تفسيرية أو تعليلية؛ بمعنى أنها تقدم تعليلاً
لبعض الظواهر ١| في سياقهاء ويبدو التعليل كما لو كان عرضياً.
والقصة التعليلية تعرض في الغالب لتفسير الظواهر التي يعجز الإنسان
في مرحلة تاريخية محددة عن تفسيرها تفسيراً علمياً.. وقصة خروج آدم
حواء بين الدين والأسطورة. 19
وحواء من الجنة تقدم تعليلاً لظاهرتين طبيعيتين: الأولى منهما ظاهرة
«الدورة الشهرية» عند المرأة وما يصطحبها من آلام من جهة؛ والآلام
المصاحبة لعمليات الحمل والولادة من جهة أخرى. ويتصل بهذه
الظاهرة الأولى تبرير الوضعية المتدنية للمرأة في الواقع الإسلامي
الثانية التي تتعرض القصة لتعليلها في سياقها بشكل يبدو عرضياً فهي
ظاهرة «الحية» الزاحفة»؛ ويبدو أن ألفة العربي للحيوانات ذات القوائم
الزاحفة في حاجة إلى تفسير. لكن الأخطر في القصة تلك هو ذلك
الربط الذي أوقعته بين «حواء» و «الحية» لا على مستوى الاشتقاق
اللغوي فقط» بل على مستوى إشتراكهما معاً في مساعدة الشيطان
كلها - من «الجنة». ولأنهما اشتركا في جريمة مستمرة الأثر وشاملة+
تقول القصة: لما أسكن الله آدم وزوجته الجنة؛ ونهاه عن
الشجرة؛ وكانت شجرة غصونها متشعب بعضها في بعض» وكا لها
ثمر تأكله الملائكة لخلدهم» وهي الثمرة التي نهى الله آم وزوجته
إبليسء فأ ذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته؛ فجاء بها
+ أنظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحهاء وأطيب
وأحسن لونهاء فأكل منها آدم» فبدت لهما سوءاتهماء اتدخل آم في
20 دوائر الخوف
خلقت منها لعنة يتحول ثمرها شوكاً؛ ولم يكن في الجنة ولا في
الأرض شجرة أفضل من الطلح والسدر. ثم قال يا حا أنتٍ التي
دخل الملعون في جوفك؛ حتى غرر عبدى؛ ملعونة أنتٍ
لقيك شدخ (حطم) رأسك. (التفسير الجزء الأول ص: 335 ط دار
وقد تضيف بعض الروايات الأخرى رتوشاً وتفاصيل أدق للقصة؛
لكن الطابع التفسيري التعليلي يظل هو الطابع الأساسي في كل
إغواء آدم ليأكل من الشجرة باستخدام الإغراء الجنسي؛ حيث قام
الشيطان بدور مزدوج فأغرى حواء بالشجرة؛ ثم أغوى آدم بحواء:
لعلاقة العداء الملحوظة بين الإنسان والزواحف بشكل عام. وبالإضافة
حواء بين الدين والاسطورة 21
ثقافتنا الشعبية بشكل خاص. فبصرف النظر عن أن القرآن لا يحثل
حواء في منطوقه مسؤولية خروج البشر من الجنة؛ يظل الضمير
الجناية؛ هذا بالإضافة إلى الإيمان بأن العقاب الدائم الذي أوقعه الله
بحواء عقاب لا سبيل للفكاك منه؛ خصوصاً ما يتعلق منه بالحكم عليه
بنقص العقل والدين. سأل الله آدم. يا آم الى (أي ماسبب
وقوعك في عصيان أمري). قال؛ من قبل حواء أي ربء فقال الله؛
أصابت حواء لكان نساء الدنيا لا يحضن» ولكنّ حليمات» وكن
الملاحظة الأولى لنا على تلك القصة. أن الإله الذي تصوره هو
طبيعي من زاوية التأثر التاريخي التي أشرنا إليها. لكن ليس من
الطبيعي إطلاقاً أن يأخذ العقل المسلم القصة مأخذ التصديق الحرفي
المعيار عدم التناقض مع قوانين العقل. القصة تبدو مؤامرة محبوكة
للإيقاع بآدم؛ مؤامرة يشترك فيها كل من إبليس وحواء والحية؛ تدور
من وراء ظهر الله تنزه عن الغفلة لدرجة أنه ينادي على آدم سائلاً
يبدو العقاب الذي وقّعه الله على أطراف المؤامرة عقاباً يتسم
22 دواثر الخوف
جهة أخرى» وكلا الأمرين يتناقض مع الطبيعة التي صاغها الإسلام
لصفات الله من ناحية» ولعلاقته بالإنسان من ناحية أخرى.
الملاحظة الثانية أن آدم يبدو في القصة ضحية
لضغوط فوق طاقة الاحتمال البشرية الطبيعية» فإذا كان قد قاوم إغراء
«الخلوده لاحظ أن ثمر الشجرة كان الثمر الذي تستمد الملائكة
خلودها بالأكل منه؛ وهذا تناقض آخر مع معطيات العقيدة عن طبيعة
الملائكة فإن امتناع زوجته عليه وجعلها الأكل من الشجرة شرطاً
للمضاجعة يقوي من ضغط الإغراء ويسهل الوقوع في المعصية. هذه
الصورة التي تقدمها القصة لآدم الضحية تتناقض مع العقاب الذي وقع
عليه بإخراجه من الجنة . فقد كان يكفي إعادة إخراج إبليس منها بعد
عقابه عقاباً مناسباً؛ وكذلك عقاب كل من حواء والحية عقاباً لا يشمل
ذرياتهما. لكن صورة آدم البريء تلك في حقيقتها تعمكس مجتمعاً
يكون الرجل فيه هو مثال الخير والبراءة»؛ في حين تمثل الأنثى الشر
والخطيئة . فالقصة تشير إلى المجتمع أكثر مما تفسر النص الديني»
الملاحظة الثالثة تتعلق بعلاقات التساوي التي تحرص القصة على
ذكرها بين الجرم والعقاب في كل حالة. فقد عوقبت حواء أن تدمى
في كل شهر مرة عقاباً على جرمها بالأكل من الشجرة. وهو فعل
يتضمن معنى «الجرح»؛ وعلى ذلك يكون العقاب جرحاً يجرح.
ولأنها استخدمت الشهوة سلاحاً لإغواء آدم فقد كان عقابها فقدان
تفكيرها وسلوكها. وفي هذا الحرص على إبراز التساوي بين الجرم
والعقاب يبدو يُعْد تعليل الظواهر هو البعد المسيطر بوصفه الهدف
الأساسي من القصة. وبالمثل يتساوى عقاب الحية مع جرمها فقد
حواء بين الدين والاسطورة 23
حرمت من قوائمها وحكم عليها بالزحف على الأرض والالتصاق
بالتراب» وبأن تكون عداوتها لبني آدم عداوة أبدية؛ بحيث يكون
«القتل» جوهر علاقتهماء والأرض التي خلق منها آدم - أي آدم في
التفسيري التعليلي للقصة .
الملاحظة الرابعة تتعلق بتلك العلاقة التي تنشئها القصة
«حواء» و «الحية». وهي علاقة تكاد تحدد علاقة العداء بين بني آدم
والحية فى في أنها علاقة مع الذكور دون الإناث. وإذا كانت القصة لا
تخوض في طبيعة تلك اللا تفصيلاً؛ فإنها تستدعي إلى الذهن بقايا
المعتقدات في التفكير الشعبي المعاصر من جهة أخرى. ولا تزال
العلاقة الرمزية بين الحية وحواء تجد توظيفاً لها في مختلف مجالات
التعبير الفني والأدبي» الأمر الذي يكشف عن توغلها في بنية
وفي ختام ملاحظاتنا نقول إن تضمّن تفسير الطبري - وكذلك
يقلل من قيمة هذا التفسير أو التاريخ. بل لعل حضور المعقول إلى
جانب اللامعقول وسيطرته عليه هو الذي يجب أن يكون محل إعجابنا
وتقديرنا لتراث الآباء. أما أن يؤدي الإعجاب غير المشروط والذي
يصل إلى حد التقديس - إلى أن نجد تبريراً لكل ما هو غير معقول
لاتق وله حرا و ا - فهذا هو
بل ضد هذا التراث أساساً؛ وإذ نفعل ذلك نكون مثل الوريث
الأحمق»؛ أو الثري السفيه؛ كلاهما يبدد دون استثمار أو إضافة؛ فيبوء
24 دوائر الخوف
باللعنة ويقع في الخسران. ولكي نكون ورثة جديرين بتراثنا العريق
والعظيم؛ فلا بد لنا من أن نعمق «المعقول» ونحيل «اللامعقول» إلى
دائرة دراسة «الحفريات» .
القسم الأول
المرأة في خطاب الأزمة
الفصل الأول
إنثروبولوجية اللغة
وانجراح الهوية