المساقات فرصة الاطلاع على ما يؤكد تفشي الظاهرة المشار إليها في
الوسط التعليمي الذي أعيش وأمارس عملي فيه على الأقل؛ وهو وسط
يركز الاهتمام فيه على التخصصات العلمية بصورة أساسية.
لقد شهدت ما يعانيه معظم طلبة الجامعة المذكورة -وهم كثر- من ضعف
القدرة على التعبيربلفتهم الفصجى, ومن ضألة في المحصول اللفوي اللفظي
وجهل بموارد وطرق تنمية هذا المحصول كما شهدت ومازلت أشهد ما
تلقاه اللفة نفسها من غربة ومن قلة في التقدير والاهتمام بينهم وبين
طائفة من أساتذتهم العرب أيضاء قياسا إلى اللغة الإنجليزية. لغة التعليم
العلمي الأولى.
إن اللغة العربية في المحيط التعليمي لهؤلاء الطلبة تعيش في صراع
بفيض متواصل مع هذه اللغة؛ وهذا ما يزيد الموقف سوءا وخظرا ويبرر
الخوف على مستقبل لغة هؤلاء الطلبة ولغة المجتمع الذي سيعملون فيه
ويشكلون جزءا مهما فيه. وهذا بذاته ما كان يجعل من (ضعف محصول
هؤلاء الطلبة من مفردات لفتهم الأولى وما نجم وينجم عن هذا الضمف
لديهم من تدن في مستوى التعبير ظاهرة خطيرة) في تصوري. جديرة
بدراسة متعمقة تكشف عن ممالجة لهذا الضمف وتسعى بقدر الإمكان إلى
دعم موقف اللفة تجاه ما تشهده في المحيط المذكور من صراع. لاسيما أن
قوى هذا الصراع باتت غير متكافئة. فالدوافع للاهتمام باللفة الأجنبية
والاتجاء لتعامها متسدةوقوية والساعات المقرزة لتدريسها والتدربب عليه
والتدريب عليها قليلة محدودة الأثر, وفترات قصيرتومتقطعة غير منتظمةء
يغلب فيها استخدام العامية الدارجة من هذه اللغة على الفصحى السليمة
إن انشفال الطلبة بدراسة المواد العلمية؛ وتكريسهم في الاهتمام على
وممارستهم لهذه اللغة على مستوى واسع في القراءة والكتابة والحديث
تقديم
والمناقشة والحوار مع أساتذتهم والمشرفين الأكاديميين وغيرهم من الموظفين
المذكورة وإلى زيادة خطورتها. لأنها لا تعمل على التقليل من فرص استخدام
الطلبة لفتهم أو فرص التمكن منها فحسب. وإنما تبعثهم على النظر إلى
لها ومن العناية بها ء وتضعف من سعيهم أو من حماستهم لتطوير مهاراتهم
فيهاء
لا يُمتقد أن يكون الوضع في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مختلفا
كثيرا عنه في الكليات والمعاهد أو الأقسام العلمية العربية الأخرى. فالرواسب
متقارية؛ والمناهج التعليمية المتبعة في هذه المؤسسات تكاد تكون متشابهة:
في معظم الأوساط العربية توشك أن تكون متماثلة. ولاسيما في دول
الخليج العربي. وفي النهاية فإن تفشي الظاهرة المذكورة بين طلبة
التخصصات العلمية في معظم الأقطار العربية وفي الأقطار الخليجية
بنحو أخص أمر متوقع إن لم يكن حاصلا بالفعل.
والقول بتفشي الظاهرة المذكورة بين طلبة التخصصات العلمية لا يتفي
الاعتقاد بوجودها أو تفشيها بين طلبة التخصصات الأخرى. إن طائفة
الأوساط التعليمية.
العربية على اختلاف جهاتها وتنوع مستوياتها. وإن تباين مدى وجودها
واختلفت نسبة انتشارها أو نسبة تأثيرها. وتغير مقدار الوعي بخطورتها
بين بلد عربي وآخر أو وسط تعليمي وغيره؛ تبعا للاتجاء ١
الميراث اللفوي ونسبة الوعي الفكري والقومي واللقوي والحضاري في كل
إن ما تراه من قلة أو ضآلة في الإنتاج العلمي الرصين ومن اعتماد على
العلمية العربية, وما نشهده من ضعف أو ضحالة أو قصور أو افتقار إلى
عن ممارسة النشاظات الثقافية التحريرية والشفهية المثمرة .ما هذه إلا
مظاهر واضحة وشوامل مساعدة في الوقت تفنسه للضمف في اللغة ولضآكة
المكتسب منها من صيغ والفاظ وتراكيب وأساليب وقواعد لدى الناشئة
إن لوجود الظاهرة سابقة الذكر أو انتشارها في الأوساط التعليمية
والأوساط الثقافية العربية بتحو عام أسبابا عديد:
في طبيعتها وفي آثارها أو نتائجها من وسط عربي لآخر. يعود بعض هذه
الأسباب إلى طرق وآساليب التدريس المتبمة في مؤسساتنا التعليمية. وبعض
هناك أسباب أخرى تشترك في إيجادها أو تطويرها ظروف اجتماعية
هذه الأسباب فمن الجدير ان نذكر مايمكن أن يمزز إدراكنا لوجود الظاهرة
ويشرب سن تصورنا لبواعث تشوقها وحوامل تظورها واتساع مدي خماورتها.
-١ إن من أبرز ما تمانيه اللغة العربية في الأوساط التعليمية لدينا عامة
ضعف المهارات أو الكفاءات في نقلها وتعليمها للناشئة, وعدم وجود الاختمام
للطرق والمناهج الحديثة في التعليم؛ ومتلائمة مع معطيات هذا العصرومع
مدرسي هذه اللغة والمساقات المتعلقة بها في مراحل التعليم المختلفة ينهجون
الطرق يقلل من الحماسن لتغلم اللغة ويضمف القدزة على اكتساب مضوداتها
وصيقها الصحيحة ويؤدي إلى النفور من دروسهاء ومن بين هذه الطرق
على سبيل المثال لا الاستقصاء والتفصيل.
أ- اتباع كثير من المدرسين طريقة التحفيظ والتلقين الآلي. حيث يقدم
عة متشعبة مختلفة
تقديم
الطالب الذي يسرد المعلومات أو الموضوعات المطلوبة نصا على من يستخدم
الطالب من أداء مضامينها. ولهذا الإجراء كما هو واضح نتائج سلبية
عديدة يعود أثرها على اكتساب اللغة؛ من أبرزها تعطيل قدرات التلميذ
على التعبير وعدم تشجيعه على الاهتمام بفهم واستيعاب معاني ومفاهيم
الألفاظ والصيغ اللغوية وعلى ممارسة ما اكتسبه أو ما يمكن أن يكتسبه
متبعة من قبل طائفة كبيرة من مدرسي المساقات الدينية ومدرسي المساقات
الأخرى أيضاء
ب- اعتياد كثير من المدرسين على طريقة الإلقاء التي تقوم على الشرح
أو الحديث من جانب واحد. واحتكارهم معظم الوقت اللخصص. دون إتاحة
الفرص الكافية للتلامين للمناقشة أو الحوار أو الاستفسار. وقد ساعد
على شيوع هذه الطريقة في الماضي صعوبة الحصول على الكتب وقلة
مصادر المعرفة واعتماد التلاميذ على مالدى المدرس من معلومات؛ ومازال
اتباعها سائدا بين كثير من مدرسي اللغة ومدرسي المساقات الأخرى كدروس
الدين والتاريخ والجغرافية وما شابهها إلى يومتا هذاء رغم وفرة الكتب
وتعدد وتنوع مصادر المعرفة وتطور وسائل التعليم»
إن هذه الطريقة تؤدي في الغالب إلى شعور التلاميذ بالحرج أو
الخوف من مقاطعة المدرس. وتمنعهم من السؤال عن معاني الكلمات أو
استحضارها وقت الحاجة إليها فضلا عن أن الطريقة المذكورة كثيرا ما
توجب عدم انجذاب التلاميذ إلى موضوع الدرس وانشدادهم إلى مايقول
المدرس وتؤدي بهم إلى الملل أو إلى تشتت الذهن أو شروده في أثناء
امدرس من أفكار وينقله من معلومات وينطق به من كلمات وعبارات وصيغ.
ج عدم مراعاة كثير من مدرسي المقررات المتعلقة باللغة للفوارق العقلية
والثقافية واللغوية بين التلاميذ في المتابعة والتصحيح وفي تقرير الموضوعات
وفرض الواجبات وشرح النصوص على النحو المطلوب, وعدم وجود الرعاية
الخاصة والسعي الحثيث لتنميتها وتطوير ما قد يفتقر التلاميذ إلى
يندب إليه من تشاطات,؛ أو أنه يؤدي إلى الشعور بالإحباط أو التباطؤ
والتثاقل في أداء ما يمكن أن يعني اللغة ويتمي الرصيد اللفظي من واجبات
د- كثير من مدرسي اللغة يستخدمون لهجاتهم العامية المحلية في
التدريس بدلا من الفصحى. مما يوسع الفجوة بين الفصحى والعامية. أو
عناصر؛ أو يخلق صعوبة في استحضارهم لهذه المناصر وفي استخدامها
في مجالات التعبير»
ه- قلة الاهتمام لدى طائفة من المدرسين بالنواحي الوظيفية للغة.
وتغليب الجوانب والمناقشات التظرية والإيضاخات المجردة في تدريس
الموضوعات المتعلقة بها على الجوانب العملية والنشاطات الحركية
والتطبيقات المحسوسة التي تدعو إلى ممارسة استخدام الألفاظ المكتسبة
وتهيىء لعمليات الربط الذهني بين هذه الألفاظ ومدلولاتها ومفاهيمها
التجسدة في واقع الحياة, وتنيت على تكزار امندتمائيا وانتحضازها من
الذاكرة وحضورها في الذهن وتهيئتها للاستعمال.
إن حياة اللغة في الأذهان بعيدة عن الواقع الفعلى: وحصرها داخل
الشروحات والأمثلة والتطبيقات النظرية الموجودة في الكتب الدراسية. كل
هذه تشمر بجمودها وعدم فاعليتهاء وتبعث على الإحساس بعدم أهميتها
وعدم الجدوى من التمكن منها أو من الحرص على اكتساب ألفاظها
تقديم
وصيفها . إضافة إلى أن هذه الإجراءات من الناحية العملية المباشرة من
شأنها أن تقلل من فرص التلاميذ للريط بين الألفاظ والصيغ اللغوية
إمكاناتهم في تصور وتمثل المفاهيم المتعلقة بهذه الألفاظ والصيغ؛ وذلك
مشكلة الضعف”
2- المقررات المتعلقة بموضوعات اللفة في مراحل التعليم الابتدائي
إلى عنصر التشويق وإلى إثارة حب الاطلاع وإذكاء روح المنافسة والتحدي:
المقررات من رصيد لفوي لفظي»
وعلى سبيل المثال هناك نماذج تراثية كثيرة تتصدر كتب الأدب والبلاغة
والنقد المقررة في المراحل المذكورة توحي بصعوبة اللفة أو بجمودها وعدم
ملائمتها أو ملاءمة موادها لحياة العصر: لأنها لا تخضع لترتيب محكم
مدروس يتماشى مع تطور المعجم الذهني للناشىء أو مع قدرته على
موضوعه بعيد في صوره وأفكاره عن تصور التلاميذ وعن مشاهداتهم؛
ومنها ماهو متكرر أو ضحل تافه في محتواء لا يوسع من آفاق خيال
التلميذ ولا يثير في نفسه الرغبة في الاطلاع؛ ومتها ماهو قديم صعب
زدحم فيه الكلمات نادرة الاستعمال أو المهجورة أو الثقيلة
غير المألوفة, كالمقامات والمعلقات والطرديات والقصائد أو المقطوعات
الشعرية والخطب العربية المماثلة.
إذا كانت الموضوعات التقريرية آو السردية المملة أو النصوص الضحلة
معقد في
الفامضة الغريية يكن ان حفر من الفقلا اواخضبة من التحمس لتتيمية
إن عدم قدرة التاشىء+ على تفهم وإدراك مماتي الفائل الثمن المقرر أو
لكثرتها وتزاحمها وتداخلها وغرابتها قد يؤدي إلى اختلاطها والتباس
التداخلة وبكل ما عليها من شروح حفظا آليا دون فهم» وواضح أن
الحفظ لا يعمل على تنمية رصيد التلميذ من مفردات اللغة, إذ ليس
للألفاظ المحفوظة أي قيمة ما لم تدرك مدلولاتها وتعرف ممانيهاء كما أن
مثل هذا الحفظ يستهلك من التلمين من الجهد والوقنت ما يمكن أن
هذا الحفظ لدى التلميذ من شعور بالملل والإحباط أو الكراهية موضوعات
3- معظم الكليات والمماهد العلمية لا تمنى .كما سبقت الإشارة. عناية
من قبل الطالب ولا تحث المدرس على الإخلاص والبذل في تدريسها
وبالتالي فإن تحصيل الطالب في هذه المؤسسات من هذه ١
باللهجات العامية المحلية أو باللفة الفصحى القاصرة محدودة الفاعلية.
وليس باللفة الفصحى التي تثني وصيد الناشىء من مفردات اللقة وَصَيفْها
تقديم
الفاعلة الراقية أو تنمش ما اكتسبه من هذه المفردات من مصادر أخرىق
وتطور بها مهارته في الإلقاء والتعبير»
5 على الرشم من تنوع المعاجم العربية وتعدد أشكالها ومناهجها وسهولة
توفيرها في الوقت الراهن فإن ممارسة استخدامها في المؤسسات التعليمية
المتترملة غير تلحوظة: لا من قبل الثاشكة ولا مح قبل مدرسييم؛ اللهم إلا
اللتخصصين متهم في مجالات اللفة والأدب في مراحل التعليم المتقدمة.
أما في مراحل التعليم الابتدا ن
والإعدادي فإن ممارسة استخدامها تكاد
تكون «سبوهة. وزييود ذلك بالدرجة الأولى سقيما اكلن. إلى الجيل بمتاهج:
على هذا الاستعمال أو الباعثة على الاستثناس بها والاستفادة منهاء
إن كثيرا من المؤسسات التعليمية لا تهتم بتوفير الأعداد الكافية من
هذه المعاجم؛ وإن وفرتها فلا تهتم بتعريف الناشئة على طرق استخدامهاء
ولا بخلق الحوافز الكافية لديهم على الرجوع إليها. إضافة إلى ذلك فإن
غالب المعاجم العربية المتوافرة في المكتبات أو الأسواق المحلية لا تتلامم
مع مستويات الطلبة ولا تلبي حاجاتهم من مفردات اللغة بشكل سهل ومبسط:
والمترادفات المناسبة من حيث موادها ومناهجها وأحجامها لظروف وحاجات
الناشئة على اختلاف مستوياتهم التعليمية والعقلية. إن معاجم اللغة تعد
هذا المورد لا يؤدي إلا إلى الإقلال من رصيده اللفظي وإضعاف مهارة
التعبير لدية.
6 عزوف الناشئة بمختلف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية عن القراءة.
الحرة ذات الأثر الفعال في تتمية الحصيلة اللفوية وتطوير القدرات التعبيرية
يشكل ظاهرة بارزة في عالمنا العربي في الوقت الراهن لا يمكن إنكارها أو
يصلح أن يكون دليلا على قلة المحصول اللغوي والفكري. كما يمكن أن
المحصول أو إلى زيادة !
7 يغلب إقبال الناشئة في عصرنا الحاضر على تعلم اللفات الأجنبية.
إما لأن هذه اللغات كما سبق القول مفروضة في مجال التعليم أو العمل ولا
مناص من ممارستها ومن تكريس الاهتمام بهاء؛ أو لتوافر فرص العمل
المغرية بها والداعية لتعلمها والمشجمة على تغليب الاتجاه إليها: أو لمجرد
التعلق والانبهار بها واعتبارها عنوانا للتقدم والحضارة. ومهما كان سبب
هذا الإقبال أو الانبهار فإنه يقلل بلا شك من فرص الاتجاه لتعلم اللغة
قلة الرصيد من هذه المفردات. إن تعلم اللغة الأجنبية يعد بلا ريب مغقتما لا
يستهان بقيمته. غير أن غلبة الاهتمام به والتكريس من أجله يكون على
حساب اللفة الأم ويؤدي إلى إضمافها وإلى تقليل البراعة في استخدامهاء
وإن اختلف مدى هذا الضعف بحسب اختلاف السن والخلفية الثقافية
8 إن غلبة الاهتمام باللغة الأجنبية؛ ولاسيما في مجالات تعليم العلوم؛
يبدو إلى تقليص حركة التأليف والتصنيف باللقة الأولى. وإلى
الاكتفاء أحيانا بما يستورد من الكتب والمقررات والمراجع المدونة باللغات
الأجنبية التي تعتمد في التدريس والتعويل عليها . وقد زاد ذلك بدوره من
غلبة استخدام المصطلحات والتعبيرات الأجنبية وساعد في سرياتها على
الألسن وتسربها إلى اللغة في أوساط المؤسسات المذكورة؛ فقلل بذلك من
فرص استعمال مقابلاتها العربية ومن فرص استخدام اللفة وإتعاش مخزوتها
اللفظي عن طريق القراءة والكتابة بوجه عام.
9 نتيجة لفرض استخدام اللغة الأجنبية وتنحية اللغة العربية في كثير
من مجالات التعليم العلمي من جانب؛ وتعميم استخدام هذه اللغة على
عدد من الأقطار العربية من جاتب آخرء ثم تسرب أعداد كبيرة من ألفاظ
هذه اللغة ومصطلحاتها إلى لغة الجمهور العربي تبعا لانتشار السلع والأدوات
والأجهزة المرتبطة بها أو اختلاط هذا الجمهور بأهل هذه اللفة أوبمن
ينطق بها من غير العرب؛ نتيجة لهذه العوامل وما تكون من شعور لدى
عامة الناس بهيمنة هذه اللغة وسيطرة أصحابها من النواحي السياسية