بلاغه الخطاب وعلم النص
على أن المنطلق الجوهري الذي تتأسس عليه بلاغة الخطاب؛ وما أسفرت
عنه من تبلور علم النصء هو التمييز الواضح بين محورين يعتبر الفصل
المنهجي بينهما من أبرز إنجازات الفكر العلمي الحديث؟ خاصة في منظومة
وهما المحور التاريخي-((#وا«ه»اء06.4 الذي يعني بتطور الظواهر وصيرورة
أوضاعها في فترات زمنية متعاقبة, ويهتم بمشكلات النشأة والتحول. وعوامل
النمو والتدهور. والمحور الآنى-(8:01:00250 الوصفي الذي يركزة
تحليله لظواهر على جملة علاقاتها وأبنيتها المتراكبة, وانتظامها في نسق
ديناميكي. قبل أن يقوم بدمج المحورين وتحليل الظواهر وظيفيا. بيد أن
هذا المحور الآني هو الذي يسمح لنا بتحليل الأبنية المدروسة مفترضا ولو
بطريقة معملية ثباتها في لحظة محددة حتى يتمكن من الكشف عن
تكيفها معها من منظور علمي صحيح. وهنا يتم التمييز الحاسم بين العلم
وتاريخه, فتاريخ علوم الطب والطبيعة, واللفة والنفس مثلا يختلف بالضرورة
له أهمية معرفية خاصة لإدراك تطور العلوم؛ لكنه لا يمكن أن يفني شيتًا
البحت؛ بل يتجاوز ذلك إلى تصور غريب لتاريخ متجمد متكلس, ينكر على
اللغة تطورها وحيويتها وحقها في التجدد المبدع, ويقف ليترصد ظواهر
أقرب منظومة العلوم الإنسانية القديمة لتحقيق قدر من التماسك المتهجي»
فان بحوثا عنها لا تكاد تتجاوز تاريخها ومنطق عصرها. بل كثيرا ما تقع
إليه المعرفة العلمية بظواهر اللفة والأدب. وذلك ناجم عن ضعف وعينا
بحركية الأنساق المعرفية.؛ وتراتب العلوم الإنسانية. وعوامل التوليد
الاجتماعي الفاعلة في مسيرتها . بالإضافة إلى التراكم الخصب للمادة
وتستقى كلمة خطاب (««:05:0) الداخلة في بنية هذه البلاغة:
مشروعيتها من طبيعة تصور المادة التي تمالجها والسياق الذي تندرج فيه.
تتجاوز الصبغة الجزئية التي غلبت عليه؛ عندما كان يقف عند حدود
الكلمة والحالة المفردة. ويحاول تحليلها بشكل مبتسر لا ينطلق من منظور
شامل. إنه يتجه اليوم ليصبح طريقة في التناول التقني. ومنهجا للتحليل
من البنية الأيديولوجية المغلقة. بل يقدم مجرد فروض قابلة للاختبار.
متتاميا. لا يقوم في قراغ مثالي, بل هو خطاب على خطاب: أي أنه كاشف
عن الخطاب الإبداعي الموازي له والممتد معه. وبقدر ما يتولد في هذا
الخطاب الإبداعي من أنساق جمالية وإنسانية جديدة؛ وما تسفر عنه علوم
الإنسان من معرفة بعالمه الداخلي والخارجي, فإن الخطاب البلاغي لا
وليس وحدات جزئية مشتتة كما تصوره الأقدمون قلم يستطيموا التعرف
شروط الخطاب العلمي حتى يتسم بكفاءة احتوائه وقدرة تمثله. مما يجمله
يكف في المقام الأول عن إصدار أحكام القيمة ليضع مكانها أحكام الواقع
وإذا كان التجديد المبدع في الخطاب الأدبي لا يتجلى في الوحدات
الصغرى وإنما في الأبنية الكلية النصية.
فهذا هو سياقه المنتج لآلياته فالتقدم الذي أحرزته علوم اللغة والنفس
وتظريات الجمال والشعرية الألسنية والتقنيات الأسلوبية يصب في بؤرة
الخطاب البلاغي الجديد ؛ ويشكل مقولاته بطريقة توصف بأتها «عبر
فإن هذا الخطاب البلاغي يندرج
بلاغه الخطاب وعلم النص
النصوض. فثمة جواب متمددة هي التي تؤلف موضوع الدرس في مختلف
فيها. وما أن يتم هذا التحليل حتى يصير بوسمنا أن تتفحص عن كثب
النقاط التي يمكن أن تتباين فيها النصوص من حيث البنية والوظيفة. إن
هذه المقاربة للنصوض ذات الطابع الأعم والمتعدد الميادين هي التي ينادي
فهو يتجاوز إطار الدراسات الأد:
والأشكال والأبنية المختصة بها: والتي لا يمكن وصفها بواسطة القواعد
(صواس0!) هي أحدث فروع العلوم اللفوية. وهى التي تعنى بتحليل عمليات
الكلام والكتابة: ووصف وظائف الأقوال اللقوية وخصائصها خلال إجرامات
التواصل بشكل عام مما يجملها ذات صبغة تتفينية عملية؛ فإن اتدماج
الخطاب البلاغي الجديد في علم النص يتيح له تشكيل منظومة من
الإجراءات المنهجية القابلة للتطبيق على المستوى التداولي. بحيث يتكون
لدينا جهاز معرفي وبلاغي مبسطء تستطيع أن تختبربه النصوص المدروسة:
ونقيس خصائصها ووظائفها بشكل يخضعدائما للتعديل والتطويز, بفضل
مكتسبات الممارف العلمية التخصصية . ومع أن كثيرا من الجوانب التقنية
في تحليل الخطاب الأدبي والكشف عن فمالياته وجمالياته تتأبى على هذا
التبسيط الأوليء وترفض التحول إلى لغة كمية, فإن حصرها ومقاريقها
بمفاهيم أكثر نضجا وتركيباء وأشد تلاؤما مع طبيعتها يظل مهمة عاجلة
لتحديث الفكر اللفوي والأدبي في عالمنا المعاصر
دكتور صلا فضل
1 تتدول الأنساق المعرفية
يرتبط مفهوم النسق المعرضي في الفكر الحديث
بالبحوث التي قدمتها دراسة الأطر الاجتماعية
تفير أشكال المعرفة وعلاقاتها عبر العصور
الأدبية والبلاغية ضروري لمتابعة التحولات التي
صحيح في التعامل مع المادة التي يتقدم لدرسهاء
ومعرفة علاقاتها ببقية وحدات المنظومة التي
وقد تبين أن الأنواع الممرفية تتراتب وفقا
للأنماط الاجتماعية في منظومة هرمية. وفي هذا
الهرم المتغير من عصر إلى آخر يخترق النوع أو
الأتواع اللسيطرة جميع الأنواع الأخرى ويخضمها
والإدراكية للعالم الخارجي كانت تحتل المرتبة الأولى
في اليونان القديمة وتخترق الأنواع المعرفية الأخرى
التابعة لها من متطلق ورياضة وظبيعمة وطب
بلاغه الخطاب وعلم النص
تلك المعرفة تحتل المقام الأول في المجتمعات الديموقراطية
الحديث, فاصبحت الأولوية فيها للعلوم الطبيعية الدقيقة وما يترتب عليها
و قد أخذ ارتقاء المعرفة العلمية إلى المرتبة الأولى يتاكد بعدة طرق
وصار من المسلم به أن التقنية ليست سوى تطبيق عملي لنظريات العلوم؛
بحيث يمكن القول إن الفلسفة قد تركت سيادتها الأولى في النظام المعرضي
للمجتمع الديموقراطي الحر؛ وتقبلت دون مقاومة فعلية ارتقاء المعرفة
العلمية إلى ذروة الهرم؛ تليها المعرفة التقنية في المرقبة الثانية. ففي ظل
ازدهار استعمال الآلات. مع التقدم المتحقق في تنظيم العمل. وفي الابتكارات
الجديدة وثورة المعلومات تصبح الممرفة التقتية أبرز مظاهر التوظيف
الاجتماعي للمعرفة العلمية (243-21)("".
مي مفهوم التزاتب بين الأنواع الممرقية أن تصبع الفلسفة ذاتها
منتظمة في الهرم العلمي وخاضعة له؛ مما يجمل مبحث المعرفة مضطرا
لأن يرتبط بفلسفة مفتوحة, تتلقى دروسها من العلم ولا تأتي إليه بأحكامها
وإرشاداتها وإسقاطاتها . فتحاول في هذا الوضع الجديد أن تتعقب خطواته
كي تكون وعيا بالعقلية العلمية, تلك العقلية التي تعمل من أجل اكتشاف
المجهول. إنها فلسفة مرتبطة بالعلم متنبهة لعثراته وعقباته, تحاول التعرف
على مراحل التقدم التي تخطوها الفروع المختلفة.
سيفدو الفكر العلمي آجلا أو عاجلا هو الموضوع الرئيسي في الجدال
الفلسفي. وسيقودنا إلى أن نستبدل بالمذاهب ١
الحدس والمباشرة مذاهب استدلالية تصحح تصحيحا موضوعيا. وهكذا
ستكف الفلسفة عن أن تكون عائقا من العوائق التي تقف حجر عثرة في
سبيل تقدم المعارف العلمية كي تصبح فلسفة ديناميكية. وحينئذ لن تعود
نظرية المعرفة إلى استغلال العلم وإيقافه وحصره. بل ستكون مهمتها هي
البحث عن الوسائل اللازمة لمتابعته وملاحقته. ولو تعقبنا العلم في حركته
الرقم الأول إلى المصدر حسب
الوارد في.
تحول الأنساق المعرفية.
الواقع الذي تتعامل معه؛ وحينئذ سنصبح في صف العقلانية العاملة كلما
تتبعنا العلم في جهوده, سميا وراء الدقة التجريبية والتركيب النظري (7-
وان كان ينبثق من تصور مقارب لهاء بل يدور في فلك علوم الاتصال التي
تخضع بدورها منطق استدلالي غلمي؛ وتتبع إجراءاته المنهجية والتجريبية,
نتائج يمكن لها أن تصب في فلسفة العلوم الحديثة. وتمضي
ٍ أسيسا على هذا التصور في سياق كوكبة من العلوم التي
الخصائص التي تنظم الخطاب الأدبي لا تنتمي كلها إلى مجال اللغة.
فالقواعد المرفية وشروط تأويل الدلالة والإشارة السيميولوجية. والمفاهيم
التي تستخدم في معرفة العالم وفي العمل والوظائف النفعية قد اتدمجت
كلها بسلاسة في مهمة تحليل الخطاب الأدبي. لكن الأمر لا بيدو على هذا
القدر من الوضوح والبداهة بالنسبة لمجموعة من القواعد المرا
نة وروم
التأويل التي تتضمتها نظريات البلاغة والسرد إذ أن المقولات والوحدات
والمستويات الداخلة فيها تختلف عن تلك التي تستخدم في النحو والدلالة
هذه الشبكة من المنظومة العلمية. ولعل أهم الدراسات المشتركة بين العلوم
اللفوية. وهى تجرى لوضع الأسس التجريبية والنظرية لتحليل الخطابه
الإجراءات تتطلب استراتيجيات للفهم ذات طبيعة احتمالية؛ يتم خلالها
تكوين الفروض التي تعلق بالمشار إليه والروابط ومظاهر التماسك المتمثلة
في الأبنية الكبرى للنصوص . وهنا تصبح القضايا المتصلة بالاختيار والتركيب
والتجريد للمعلومات المائلة في الخطاب ذات أهمية مناسبة. وكذلك قضايا
تكوين المعارف والعلوم وتحولاتها .
وقد دار جزء كبير من البحوث الاجتماعية اللفوية حول خواص الأبنية
بلاغه الخطاب وعلم النص
تلاحظ على الخطاب بارزة. وترك في الظل
الخاصنة وأطوال الجمل ودرجة تعقيدها. ولازال هناك مجال كبير لهذا
النوع من البحوبت الطليية التجريبية في ! للقة المربية: حت يبي تحليل
قوازق المجادبات في طرق ربطل الطاب والجوار وقواحد تمانتكهء وتوزيع.
ويلاحظ الباحثون في الغرب أن القدر الأوفر من الدراسات الهامة
المتعلقة بالخطاب قد أجرى خارج تطاق علم اللغة. خاصة في علوم مثل
الأتثروبولوجيا والاجتماع, بالإضافة للبلاغة الجديدة والشمرية. وتكون
فرع هام في مباحث علم الإناسة يسمى »وجرا
الأنماط المختلفة للخطابات المستعملة في الثقافات العديدة. مثل القص
والألقان واللهب بالكلمات والسباب وغيرها من أساليب السزد والأنسظورة.
آما عام الاجَتماع فق تركزت بسوتة في مجال التغليل السفيض للسوازانت
اليومية وقواعد منتاليات الجمل وأفمال الحديث ومحتواه المتعلق بالممتقدات
وأنماط السلوك للأفراد في المجتمع, خاصة في إطار تحليل الرسائل في
وسائل الاتصال الجماعي. ولازال هذا النوع من البحوث نادرا في الدراسات
أبرزنمونج لها في مصركان بحث سيد عويس عن رسائل الإمام الشامي.
ولابد للمشكلات الهامة التي تعرض في هذا الصدد من أن تحل بمساعدة
النتائج التي يتم التوصل إليها من المقاريات المعرفية للخطاب؟ إذ يتحدد
عن طريقها نوع الأبنية الدلالية المعبر عثة بالأبنية السطحية, كما تمرف
من خلالها الأبنية الأسلوب
وتأتي أخيرا في هذا الإطار المعرفي علوم البلاغة والأسلوب والشمرية
الألسنية؟ لأنها قنضب على دراسة خواص الخطاب الفنية والنوعية. وقد
العلوم ينبغي أن تدرس باعتبارها «أبنية إضافية» للبية اللفوية الأساسية
للخطاب أم لا وسيرى القارئ بعض ملامح هذه الإشكالية في الفصول
المخزونة في الذاكرة والمؤثرة في المعرفة
تحول الأنساق المعرفية.
الفوارق النوعية لأنماط الخطاب. وهى التي تحدد تأثيرها في عمليات
وينبغي لنظرية الخطاب اللفوية أن تقوم بوظيفتها كأساس ملائم لدراسة
الوظائف والأبنية المحددة. فعلى سبيل المثال يتبغي أن ترتبط مقولات السرد
ووحداته بشكل واضح الآن بمستوى الدلالة الكبرى للخطاب. وبنفس الطريقة.
فإن بعض العمليات الأسلوبية الأدبية تتمثل على وجه التحديد في تغيير
قواعد وشروط الترابط والتماسك العامة للنض الأدبي. وبهذا المعنى فإن
نظرية اللفة الخاصة بالخطاب لا تهدف إلى مجرد البحث اللغوي فنيه,
وإنما تقوم بوضع الأسس لدراسته من منظور «عبر تخصصي» بشكل
يجمل من الممكن التقدم في إدراج البحوث التحليلية التجريبية للخطاب
النصي في البحث العام للغة وعلوم الاتصال (44-7).
لكننا سنختار من مجموعة العلوم المواكبة لبلاغة الخطاب وعلم النص
سوى عند تلك المنعطفات الرئيسية التي ترسم أهم متحنياتها. خاصة في
الخريطة المحدثة. مما يتصل في الدرجة الأولى بالظاهرة الأدبية إنتاجا
وفهماء
نظرية اللقة:
يتشكل الخطاب النصي من أبنية لغوية؟ الأمر الذي يقتضي من أية
مقاربة علمية له أن تتأسس على اللغة؛ باعتبارها أهم متغير مناسب لطبي
المعرضي المتصل بالبلاغة والأدب. والإطلالة المركزة على أبرز معالم هذه
تتجلى أحيانا في بلاقة الخطاب وعلم النص الجديد بالقياس على المراحل
لنظرية أرسطية في جوهرها. تقوم على اعتبار الكلام تعبيرا عن التفكير
وتقبل بطريقة حدسية مباشرة المفاهيم الاختبارية الناشئة عن الكتابة مثل
بلاغه الخطاب وعلم النص
حرف وكلمة. ومفهوم الجملة المنبثق من صلب المنطق الأرسطي. مما جعل
اللفويين يعتمدون على قوانين الفكر المنطقية. كما كانوا يتصورون أنهم
من نزعات منهجية وجهت مسار الحركة العلمية: وأهمها الوعي بقواتين
التطور التاريخي والبحث عن الاتجاهات السائدة في نظام الظواهر عبر
ثم جاء «سوسيير (5 «تو8) فأرسى القواعد الأصولية
للبديل الذي سينقض مقولة الزمانية في سلطتها المطلقة من الناحية المعرفية.
للظواهر, هي الرؤية البنيوية. من حيث هي المركب الفلسفي الذي تحركه
مقوله الآنية. (110-8).
للذهنية المنطقية. فرفض المنطق الأرسطي, ونفي جدوى أي رجوع إلى ما
يتصور آنه يحدث في الذهن عند التحدث, ورفض أي اعتماد على الاستبطان
عنه بأنها صورة سمعية تشترك مع متصور ترض فاكلا :وما المتصور؟
مسلحا من الوجهة المنهجية لحل المسائل التي تطرحها هذه المفاهيم أمام
الفلاسفة وعلماء النفس وعلماء وظائف الجهاز العصبي. فلماذا تحاول
تفسير شيء غامض وهو الكلمة, بشيء أكثر غموضا وهو الفكرة والذهن؟.
أن يدخل في تحليلاته مطلقا مفاهيم الصورة والفكرة والإحساس والإرادة
بشكل مسبق . ثم يعتمد في حل هذه الإشكالية على وصف الوحدات اللفوية
باعتبارها أدوات اتصال. على أساس توزيعي وظيفي: مستبعدا كل المفاغيمم
بيد أن العلاقة بين اللغة والمنطق قد اتخذت مسارا جديدا بعد ملاحقة