بوجه عام. كما أننا حاولنا بقدر المستطاع أن نتجنب الناحية الأكاد:
المحضة التي تستوجب التحديد الشديد وأن نبتهد عن المصطلحات الفنية
الدقيقة التي أصبحت شيئا لا غنى عنه في دراسة تمهيدية لعلم اللغة
ولكن من الممكن أن يعتبر هذا الكتاب مقدمة لتلك المقدمات التي يقرر
مبدئي ما إذا كاذوا يميلون إلى هذا النوع من الدراسة فيبد ءون الاهتمام بها
أثناء دراستهم الجامعية الأولى, بهدف التخصص في أحد فروعها في
دراساتهم العليا
جميع المسائل التي ستثار أثناء البحث؛ وذلك لسبب بسيط هو أن الأبحاث
في الأوجه المختلفة لموضوع اللفة مستمرة لا تنقطع؛ كما أن علم اللغة
بمفهومه الحالي حديث عهد بين العلوم المريقة الأخرى, ولهذا فان الإجابات
القاطعة على كثير من الأسئلة الهامة لا زالت غير متوافرة. هنالك آراء
وتظريات وفرضيات ونتائج أبحاث وتجارب كثيرة جديدة. ولكن قليلا منها
يرقى إلى مرتبة العلم الثابت الأكيد. وجلها لا زال مفتوحا لمزيد من الدراسة
الكتاب هي المسائل أو الأسئلة نفسها التي بدات تثار في عصرنا الحاضر
ناحية والى الإمكانات التقنية التي أصبحت متوافرة من ناحية أخرى والتي
أن تساؤلات لا حضر لها أصبحت تتناول نواحي جديدة لم يتطرق لها
أحد من قبل كما أن أمورا ومسائل قديمة قدم الإنسان علئ الأرش تيح
العلماء يتقاولونها من جديد من وجهات نظر. مختلفة وفي ضوء التقدم
المفيد حقاء لا بل من الضروري. أن يصبح القارئ المثقف مدركا لأهمية تلك
التساؤلات وطرق تناولها بالبحث والدراسة؛ وذلك لكي يتمكن على الأقل
من التخلص من تلك النظرة الضيقة التي ساهمت كتب القواعد المدرسية
ولا زالت تساهم في غرسها في أذهان النشء من طلاب العلم والتي تكاد
المنهج الذي بداء سيبويه متذ كتب أول كتاب في قواعد اللغة العربية؛ ولكي
يصبح هذا القارئ على صلة بالآفاق الأكثر شمولا للدراسات اللفوية؛ ولدى
أهمية اللفة في حياة الإنسان»
وأن نبسط الأمور بالقدر الذي لا يجمل الكلام آومبهما
على القارئ الوقت. وقد اضطررنا لاستعمال القليل من المصطلحات
الفنية التي أصبحت تؤلف لها المعاجم الخاصة؛ وعملنا عند استعمال كل
منها على شرحها بطريقة سهلة؛ وذلك لتمكين القارئ من إدراك أدق للمسألة
وبالنظر للتاريخ الطويل جدا لدراسات اللفة, والتراث الهائل من المؤلفات
لتلك الدراسات, بل أشرنا فقط إلى ما له علاقة مباشرة بالمدارس الفكرية
أن هذه القيود التي وعدنا بالالتزام بها قدر المستطاع قد جملت من
إلى مجهود خاص. فقد حاولت بمض الججهات في المتواث الأخيرة أن
في العلوم اللفوية على الجمهور المثقف ونشر بعضها مطبوعا؛ قلما حاولت
جات أخرى تقديم كتي ميسنظة تقار المادي في هذا الموضوع: نولش
الاهتمام ويعتبرهما أمورا مفروغا منهاء ثم ينطلق من هناك ليقول ما
يرغب في قوله. هذا النوع من الكتب ريما صلح مقدمة لمن شاء التخصص
في علم اللفة؛ ولكنه لا يصلح عادة للقارئ المثقف بوجه عام
والفئة الثانية: كتاب نجح إلى حد كبير في التخلص من «أدوات المهنة»
أي من المصطلحات الفنية الملازمة .مهن اللفوي الحديث, فمرض الموضوعات
اللفوية بشكل مفهوم للقارئ ولكن ذلك كان في كثر من الأحيان على حساب
الدقة العلمية. هذا من ناحية. ومن الناحية الأخرى نجد أن هذه الكتب قد
أو أكثر قليلا على صدورها. وهذا
اليس في الواقع عيبا في الكتاب نفسه. ولكنه واقع ينسحب على جميع
تقادم عهدها بعد انقضاء عشر سنوا
الذين يحملون في فروع المعرفة الأخرى التي لها علاقة باللغة؛ أو التي
أن فروع المعرفة هذه تكاد تشمل كل ما له علاقة بالإنسان من
جوانبه المتعددة. ولقد زاد هذا الاهتمام لدى أولئك العلماء زيادة هائلة بعد
الحاضر؛ ودفعت بكثير من المختصين في العلوم الإنسانية والاجتماعية
بوجه خاص إلى إعادة النظر في كثير مما كانوا يؤمنون به كحقائق مسلم
بها. ولهذا فقد رأت تلك العلوم نهضة جديدة وزخما في الأبحاث يكاد حتى
المثقف أن يعجز عن متابعتها للاطلاع على أحدث منجزاتها. وذلك نظرا
لكثرتها وتشعبها وصدورها غالبا على شكل مقالات في مجلات ودوريات
تعد بالمئات وتصدر في جميع أرجاء المعمورة. وكثيرا ما تكون بعض المسائل
التي يدور البحث للجدل والخلاف. فتجرى عليها الأبحاث
فيأتي بعضها بنتائج مغايرة للبعض الآخر. فتعقد لها المؤتمرات لكي يواجه
الباحثون بعضهم بعضا ويطلع كل منهم الآخر على أحدث ما توصل إليه؛
وكثيرا لا يتسع مجال الدوريات لنشر هذه الأبحاث إلا بعد انقضاء
توطئة
البلدان غير الأوروبية أو الأمر.
تنظيم المعرفة وتوزيعها فيما بين هذه البلدان والدول الأخرى.
المتخصصون في الوصول إلى أحدث الأبحاث, وبخاصة ما يمرض منها في
الفترة الممتدة بين شهر أبريل ونهاية عام 1977 فقد عقد في العالم ثمانية
وخمسون مؤتمرا لها علاقة باللغة. أي بمعدل يزيد عن سبعة مؤتمرات في
الشهر الواحد وامتدث رقعة الأماكن التي عقدت فيها بحيث شملت معظم
أنحاء العالم بدءا من الولايات المتحدة الأمريكية وكنداء ثم معظم أقطار
أوروبا غربها وشرقهاء ومرورا ببعض بلدان الشرق الأوسطء حتى وصلت
المقالات التي ساهم فيها كبار المختصين في كل موضوع من مواضيعها
يلخمن موضوعه كله واحدث الأبحاث فيه في عشر صفحات أو اكثر قليلا
لقد وفق القليلون جدا في ذلك بمحاولة الابتعاد عن الأمور العلمية أو
الأكاديمية الدقيقة التخصص وقدموا خلاصات عامة ممتعة للقارئ العادي.
أما الآخرون.وهم الأغلبية يبدو إن أدوات المهنة قد أصبحت جزءا لا
يتجزا من طبيعة عمل كل منهم بحيث لم يستطع أن يتخلص منها وان يعبر
تلك المقالات تشكك القارئ في معرفته بلفته التي نشاً معها وتعلم بها
وهذه إحدى الصعوبات الرئيسية التي واجهتنا في الكتابة في موضوع
من زاوية المفردات فقطء نجد أن معنى كثير من المصطلحات المستعملة في
علم اللفة مرتبط في أذهاتنا بمفهوم معين فرضته غلينا ظروف
متشابكة. ليس هذا مكان بحثها. فإذا أردنا استعمالها للتعبير عن مفهوم
خاص بعلم اللغة يختلف في كثير أو قليل عن المفهوم العام, تولدت في ذهن
القارئ أو السامع بلبلة لا تزول إلا مع استعماله لتلك اللفظة استعمالاً
ذلك مثلا بسيطا من واقع الحياة اليومية. اتك كإنسنان مثقف درس قواغد
اللقة العربية وتعرف على بعض التغابير المستعملة خصيصا لها كالتحمت
والحال والمستثنى والمفعول به والمفعول معه والتمييز وحتى المبتدا والخبر
على بساطتها بالنسبة لك إذا استعملت أيا منها عند الحديث مع إنسان
آخر لم يدخل المدرسة قط أو لم يتم سوى المرحلة الابتدائية منها مثلاء
بمفهومها العام أو ريما القضب لاعتقاده انك تسخر منه أو تنتقص من
يفهمها إلا الدارس للغة أو المتخصص فيها. وقد أعطينا مثلا بسيطا للغاية
ولكنه يوضح ما نريد أن تقول
ولسنا ندري إن كانت هنالك طريقة لفهم قواعد آية لغة بدون استعمال
بعض التعابير الفنية الخاصة بها . وحتى لو نظرنا إلى الناحية التطبيقية لا
النظرية: كأن يكون الهدف هو إتقان استعمال اللغة قومية كانت أم أجنبية,
في خضم تلك التعابير الفنية. وقد كانت النتائج مخيبة للآمال . والتعابير
الفنية ليست مقصودة لنفسها بالظيع ولكتها وسائل تسساعد على إدرالف
ذلك الدارس ببعض تلك التمابير لتساعده على فهم أكبر لتراكيب اللغة
الإنسان المثقف في البلدان المتقدمة الذي يكون قد درس لفته وتعرف على
طريقة عملها أثناء دراسته الثانوية. غالبا ما يكون قد تعرف على كثير من
التعابير الفنية التقليدية التي ما زالت مستعملة في الكتب المدرسية مذ
مثات الستين.وهذا ينطبق طبعا على الطالب العربي بالنسبة للفته فإذا
تناول أحد الكتب اللفوية الحديثة وجد أمامه لغة ربما كانت أقرب إلى لغة
توطئة
اللغة والعلوم الملحقة به أو التابعة له أو المتعلقة به علوما تخصصية يستعمل
توضع لهاء لكي يفهم حتى أتباع مدرسة معينة ما بقوله أتباغ المدرسة
الأخرى. وأصبح مؤلف كتاب في أحد هذه العلوم يجعل في آخره.؛ معجما
موجزا أو قائمة بالتعابير الخاصة المستعملة في ذلك الكتاب وممتى كل
ومما يزيد الأمر صعوبة بالنسبة للكاتب العربي أن جميع الأبحاث اللفوية
مضطرا لإجراء أبحاثه بإحدى اللفات الأجنبية لكي يفهمها من يشرف
عليها أو يناقشها في جلسة أو مؤتمر أو مجلة أو كتاب وخاصة أن معظم
هذه الأبحاث تتم في جامعات أجنبية. وكما هو الحال بالتسبة للتعابير
الفنية المستخدمة في العلوم الطبيعية التي أصبح معظمها يدرس حتى نجد
متعارف عليها يستطيع أن يتفاهم عن طريقها حتى الباحثون العرب فيما
بينهم. ومعظم ما اطلعنا عليه من تراجم الكتب الغربية يستعمل المترجم فيه
تلك التعابير بشكلها الأصلي أو يجتهد في ترجمتها ويخشى في نفس
الوقت غموضها فيتبعها بالتعبير الأجنبي على الفور»
بالإضافة إلى ذلك فان معظم اللفات التي أجريت عليها أبحاث حديثة
الباحث العربي ذاته يجد نفسه
لفات أجنبية؛ واللفة الإنكليزية بوجه خاص. كما أن معظم الأمثلة التوضيحية
مأخوذة من تلك اللغات, ولذلك لم تستظع أن تتجنب إيراد بعض الأمثلة من
تلك اللغات, ولكن حاولنا في معظم الأحيان الإتيان بأمثلة من اللفة العر
التي لا ندعي التخصص في الدراسات اللفوية الخاصة بهاء
آمر آخر لبد من الإشارة إليه لأنه يجمل من مهمة مؤلف كتاب من هذا
النوع مهمة شاقة حقا. ألا وهو هذا التطور المذهل في النظريات اللغوية
بعضها يناقض البعض الآخر مناقضة كاملة. كل ذلك خلال حقبة من
أضواء على الدراسات اللغويه المعاصرة
والمقالات والمؤتمرات اللفوية التي ظهرت أو عقدت خلال الأعوام الأريعين
السابقة تعادل أضعاف مثيلاتها ربما منذ بدء الخليقة. وأخيرا؛ لا بد أن
نشير إلى التشابك ١
الناحية الشكلية البحتة ومن الدراسات العلمية والإنسانية والاجتماعية
ونظرا لكل ما سبق ذكره؛ فأنا نلفت نظر القارئ ألا يتوقع أن تكون مادة
هذا الكتاب من النوع القصصي أو الإخباري الخفيف السهل, ولكنا تأمل
الذي أصبح ولا الآن
نفس الوقت أن نكون قد وفقنا في جمل هذه المادة مقبولة, سائفة.
يسيرة القراءة من تاحية. ومثيرة لكثير من التفكير والتأمل من ناحية أخرى.
وبالنظر لكثرة الموضوعات التي تشغل بال علماء اللغة والعلوم المسائدة
لها والمتعلقة بها في الوقت الحاضر نجد أنفسنا مرغمين على اختيار أهم
تلك الموضوعات وأكثرها حداثة وإمتاعاء وذلك لاستحالة الإلمام حتى بجزء
ضئيل من كل منها في حدود هذا الكتاب.
ولا يفوتني؛ في نهاية هذه المقدمة. أن أتقدم بوافر الشكر للإخوان
الذين تكرموا بالاطلاع على مخطوطة الكتاب وإبداء ملاحظاتهم القيمة.
وهم الأستاذ صدقي حطاب-بالمجلس الوطني, الأستاذ علي حجاج والأستاذ
صلاح جراد بوزارة التربية. والزملاء بكلية الآداب الدكتور محمد سامي
بناء على ملاحظاته.
والله ولي التوفيق
١ -ماجدوى هذه الدراسات اللفوية؟
نبل أن تبدآً بالاطلاع على بعض المظاهر اللغوية
التي يهتم عالم اللغة وإضرابه بها؛ وعلى مدى العمق
من تاحية والتشعب والشمول التي أصبحت
الدراسات المعاصرة تتميز بها من الناحية الأخرى.
وعلى الرغم من أن المجال لن يتسع إلا لذكر عدد
محدود من مجالات الاهتمام هذه كما لن يتسع
فريما كان من الأفضل أن تحاول الرد على التساؤل
الذي لا بد أن يراود بعض القراء عن فائدة مثل هو
وعما إذا كانت هنالك آية ضرورة لدراسة اللغة
تود :قبل أن نبداً الإجابة على أمثال هذه الأسئلة
أن نشير في أن مجرد السؤال بهذه الصيغة يعتبره
العلماء النظريون جميعا؛ بمن فيهم علماء اللغة
إنسان الحق بدراسة أي مظهر من مظاهر السلوك
أي مظهر من مظاهر هذه الأرض التي نعيش عليهاء
آية فائدة.
أو أي مظهر من مظاهر الكون بأسره الذي لا تشكل أرضتا إلا إحدى
جزثيات-يقولون أن لكل إنسان الحق في دراسة أي مظهر أو آي آمر طبيعي
الكون زاخر بالأسرار التي لم نتوصل إلى اكتشاف طبيعتها بعد؛ ولذلك فان
على كل من يجد في نفسه الميل والكفاءة والاستعداد أن يقوم بدراسة أي
موضوع يتعلق بآي مظهر او جزء أو ناحية من تواحي هذا الكون الواضع.
كما يؤكدون.وهم على حق فيما يقولون أن النظرية تسبق التطبيق دائماء
سواء أكان التطبيق في الذهن كهدف من أهداف العمل التظري أم لم يكنء
العملية اناس آخرون هم من تدعوهم بالعلماء التطبيقيين. ولكن هذا لا
يعني أبدا أن جميع التظريات التي آتى بها الإنسان في نواحي العلوم المختلفة.
قد وجدت لها جانبا تطبيقيا أو لية. فتاريخ الفكر الإنساني زاخر
ذلك فلم يمنع هذا المفكرين والعلماء المعاصرين من متابعة أبحائهم النظرية
البحثة دون النظر إلى إمكانية أو عدم إمكانية الاستفادة منها
التي تعيش عليهاء ولا ريب أن أهم من يدب على ظهرها هو الإنسان, وأن
اللغة هي أهم مظهر من مظاهر سلوكه. إذا فهي؛ أكثر من غيرها. بل وقبل
غيرها. جديرة بالدراسة والبحث ما دامت مرتبطة بالإنسان إلى هذا الحد
وقد حاول المفكرون لا اللفويون فقط على امتداد المصور أن يزيحوا
الستار عن كثير من الغموض الذي يكتنف اللغة البشرية والتي لم يستطع
بعض التساؤلات التي أثيرت خلال آلاف السنين من عمر البشرية على هذه
أكان. ومن هذه التساؤلات الكثيرة ما يتعلق بأصل اللغات جميما؛ وهل لها
وهذا هو الغالب . وضي العاذ