المقدمة
عبد الكريم قاسم ... ا
اسم قفز بصورة مفاجئة الى اذهان الناس .
وشغل عامتهم لكن | مالذي جعلهم يصفقون لقاسم حيناً
وبرفعونه الى مصاف الاوحدية .. ومالدي جعلهم بعد حين يتمنون موته كل
يوم ٠ بل وقفز شباب هذه الامة الى الاق النار عليه تنفيذً لارادة الشعب ..
لقد ظهر عبد الحريم قاسم في وقت تحققت الامنيات بفعل ثورة
عظيمة (4 تمون وامنيات ذهبت ادراج الرياح بفعل التخبطات في
السياسة المحلية والانهيار في كل شي .. حينها تميز عصر عبد الكريم قاسم
هؤلاء الرجال ووضعتهم على اعواد المشائق .
كان عبد الكريم قاسم يحب الاطراء بنفسه الامر الذي ادئ ال
التفاف المنافقين حوله ٠ ويبيحون لانفسهم ان يدجلوا كيفما شازوا ٠ روصلت
قاسم حين جاءوا اليه ببيضة الدجاجة وعليها صورته .. او ان احدهم شاهد
صورته في القمر .. حيث كان مزهواً بنفسه حد جنون العظمة ..
الا انه من المنصف التأكبد في هذا البحث «اللرجل وما عليه .. لقد
كان وطنياً في سيرته المذنية والعسكرية حتى قيام لورة تموز غ146 الا ان
كاملة .. فقد اباح مدينة الموصل وكركوك والبصرة والمسيب لايام للذئاب ..
تموز في ايام شهر رمضات المبارك .. اعدام الضباط الطيارين وبنفس الوقت
اعلن خروج العراق من حلف بغداد .. واعلن قانون الاصلاح الزراعي
طوعاً وانما سار في طريق اعد له سلفاً دون دراية .. ووجد نفسه بعد عام من
الثورة في وحدة قاتلة .. جميع ابناء العروية ضده جميع ابناء العراق الشرفاء
او احيلوا على التقاعد او اعدموا .. لم ببق له سوى الافاقين ينسجون له
وبقى اخيراً وحده .. هرب الممنافقون حين دقت ساعة العمل الثوري
فلقد كان عبد الكريم قاسم ظالما في ملابين المواقف .. وهو الذي “جر
العراق بعيدآً عن دولة الوحدة العربية الناهظة آنذاك وهو الذي انار القضية
الكردية من جديد وهو الذي فجر الخلافات العقائدية والمذهبية والعرقية
ولكن .. !!
ما هوسرعبد الكريم قاسم 1١ !
وما دواعي مواققه المتناقضة ..
المؤلف
جمال مصطفى مردان
بتاريخ /1١ تشرين الثاني / عام 1416 .
في احدى مناطق بغداد الفقيرة . من جانب الرصافة .. في ازقتها الضيقة .. وفي محلة
المهدية ولد عبدالكريم قاسم محمد البكر الزبيدي من ابويين عراقيين .. والده قاسم محمد
البكر ينتمي الى عشيرة زبيد القحطانية ووالدته كيفية حسن اليعقوبي تنتمي الى عشيرة تميم
العدنانية . وهو الاخ الاصغر لشقيقين عبد اللطيف وحامد .. وله شقيقتان(ا) .
عاش مع عائلته طفولة انطوائية خاملة .. في فقر وفاقة وحرمان .. فأبوه كان عاملاً في
النجارة ونتيجة لصعوبة الحياة آنذاك اتجه والده الى مدينة الصويرة ناقلاً جميع افراد اسرته
هناك وكان عبدالكريم في السابعة من عمره ( عام ١477 ) فعمل والده في مزرعة اخيه علي ..
دخل عبد الكريم قاسم مدرسة الصويرة الابتدائية واستمرفي الدراسة حتى الصف الرابع
الاسرة . وسكن في محلة ( قنبر علي ) حيث دخل مدرسة الرصافة الابتدائية وتخرج منها عام
اساساً في دخوله الثانوية المركزية حيث تجح في جميع الدروس وبتفوق بالرغم من مرضه الشديد
7166 دليل الجمهورية العراقية - وزآرة الارشاد - لسنة 1470 مطبعة التمدن بغداد - ص )١(
1431 / - عبد الكريم قاسم البطل الثائر. محمد عبد الكريم الصفار / مكتبة الوفاء بغداد
143+ / عند الكريم قاسم كما عرفته / محمد عبد الكريم الصفار / ط؟ / مطيعة التعيمي . بقداد
جريدة الجمهورية العدد 11 / ايلول / 1458 بغداد / ص
77/8 تموز 1458 / ليث عبد الحسن الزبيدي / دار الرشيد للنشر / 18178 / صن ٠8 لورة
ص7 / ١877 / ١ خليل ابراهيم حسن / مكتبة بشاراج / ٠١٠١ لورة الشواف في الموصل
الادبي بتفوق لقد كان عبدالكريم قاسم انطاياً في كافة مراحل دراسته وسبب ذلك عائد الى
احساسه بالفقر الشديد بسبب انه كان حساسا جداً تجاه وضعه الاجتماعي بالاضافة الى وجود
عيب خلقي في شفته العليا .. الا ان كل ذلك لم يمنعه من التفوق في دراسته بل كل ذلك
كان حافراً له ... يقول الاستاذ طالب مشتاق عن عبد الكريم في هذه الفترة ١ انه تلميذ قديم
من تلامذتي في المدرسة الثانوية المركزية في بغداد . هادئ يبتعد عن مخالطة زملائه ويقضي
فترة التنفس في زاوية منعزلة ؛ مظهره يعلن عن فقر الحال وفقدان المال ؛ مكتئب النفس
عابس الوجه » ضعيف البنية » مشروم الشفة العليا في جهتها اليسرى .. وهذه العاهة على
ماييدوسبيت له شعوراً بالنقص جعلته منقبضاً على نفسه » يتجنب الاجتماع برفاقه وبالناس
اجمع ...908 2
لقد كان عبد الكريم قاسم مرهف الحس منذ الطفولة ولذلك كان دائم التفكير في وضعه
النفسي والاجتماعي والمادي ويرئ مدى التناقض بين فئات المجتمع بصورة عامة ويبحث جاهداً
عن ايجاد مبرر لذلك .. ويؤكد شقيقه عبد اللطيف على انه كان قليل الاختلاط بزملائه في
ش يلزمه ورأى ظروف ابينا المالية لا تسمع . ينتظر .. وقد يطول به الانتظار دون ان يضج او
بشكو... )) وعليه كان عبد الكريم قاسم دائم الصراع مع فكرة الفقر .. حيث كان يكره
الفقر بصورة غير عادية وأن جل اهتمامه الدفاع عن الفقراء لأنه خبر وضعهم الاجتماعي
والنفسي وعرف معاناتهم في الحياة وصراعهم من اجل القوت اليومي .. كما انه وفي أغلب
وعشت في حي الفقراء وقاسيت زمنا طويلاً مرارة العيش . ولكننا نملك الغنى ؛ غنى النفس'؟"
وبعد حصوله على شهادة الدراسة الاعدادية قدم للتعيين في وزارة المعارف وذلك لغرض العمل
بسرعة من اجل اعانة والده واخوته حيث كان دائم التفكير بهم وبوضعهم المادي
() اوراق ايامي 1484-1400 / طالب مشتاق / ١ / دار الطليعة / يروت / ص18
(©) مجلة المصور / العدد 11773 / © / تشرين الاوك / 1468 / ص١١
(8) مجموعة خطب الزعيم / ١454 / ١ / المكتب الصحفي للرعيم / ص4٠
م تعيينة كعلم لمدرسة الشامية الابتدائية في 7 تشرين الثاني عام 17١ .. وكان اسلوبه
في التدريس ناجحاً حيث كان يعطف على التلاميذ الصغار الذين يأتون الى المدرسة بملابس
له ممزقة لكونهم ابناء فلاحين وفقراء الحال .. وقد ذكر وضعه هذا في احدى خطبه حين اكد
على انه « من زمرة التعليم ٠ فقد سبق لي ان اشتغلت بمهنة التعليم مدة من الزمن وخبرت
بنفسي الصعوبات والمصاعب التي يعانيها ويلاقيها اخواني واخواتي المعلمون والمعلمات 5(6)
( اي عبد الكريم ) حاول في هذه الفترة ان يخطب لنفسه معلمة كان قد اعجب بها الا انها
رفضتة دون سبب واضح .. وقد اكد السيد هديب الحاج حمود وزير زراعة قاسم الذي كان
طالباً في مدرسة الشامية ١ ان عبد الكريم قاسم كان معلماً ناجحاً في درس اللغة الانكليزية
وكان منعزلاً عن زملانه وعن سكان القضاء فلم يقم أية علاقات صداقة مع اي شخص في
قضاءالشامية بالرغم منان زملاءه المعلمينكانوا يترددون على مجالس الضيافةفيالقضاء .. :70
وعندما اعلن الجيش العراقي عن حاجته الى ضباط وفتح باب التطيع لكافة طبقات
الشعب .. فقد كان ذلك دعما لحالته النفسية المنهارة .. وبعد استشارة ابن عمته الزعيم
عبد الجبار جواد قالد القوة الجوية آنذاك .. قدم اوراقه يَقبلَ في الكلية العسكرية بتاريخ
وفي الكلية العسكرية كان ملتزماً .. لكنه بنفس الوقت استمر في انطوائه على نفسه وبقي
قليل الاصدقاء وحاملاً .. الامر الدي ادئ به الى ان يلقب ب ١ كريم ابورجنية 126) من قبل
للعسكري الجيد الحريص على اتمام واجبه بكل صدق مما دعا بصفاته هذه الى التقارب
عاملاً مهماً في تكوينه جماعة من طلاب الكلية تعاهدوا على العمل لمصلحة الوطن 8(6)
(ه) من خطب الزعيم / ابناء الاسرة التعليمية انني امد افرادكم / وزآرة الأرشاد / 1492 / ص .
(1) لورة ١ لموز ١488 / ليث الزبيدي / ص 72لا .
(0) قاسم كما عرفته / محمود الدرة/ مجلة الاحد / العدد 1*١ / 4 نشرين الأول / 1954
في كافة مرافنى الحياة كان سببها هو النظام الفاسد بتكل ١ بهزنه الأدارية والةريعرة والحالة
الي ادن, الى تءهر المنافقين والافاقين -دوله من صغار وكبار الرتب ويظهرون لد م اعر الود
المجتمع ومحريات الامنر يقول قاسم بهاا الصدذ د مناء نمترجى من التالية العسكرية لادظتة
ممناصر الفساد وعناصر الشغب والانتهازين والاستغلاليين من الكثرة الى درجة لا كسيره ١
وصذ دمخرجه من الكلية العسكرية في 1١47/4/16 ولغابة عام اتج .. كاذ قات ثم
ل رحالات الجش آنذاك ..وحي ان ققد الى ابن عمد ده مااع بكم
».في في الموصل . اصيب قاسم بصدمة غنيفة وهو ي*اها. تفرق الانتهازين واختفاء مشاعر
اأرد. والاطراء عنه . حينها عرف ان مجمل هذه الأمور ناشئ عن التربية الخاطنة لاب
والدسكري أنذاك وبالتالي تحركه نحو اعادة التوازن لشخصينه او حت التقليل من تأثير ذلك
السياسي
سعد ناتج عن قتل القوميين ابن عمته في الموصل . والذي زاد من حقده «حين عدل رجال
م ابعاد جميع اقارب المغتالين وكان قاسم احدهم حيث نقل الى الديوانية .
وفي عام ١478 اعيد الى بغداد الى الكلية العسكرية يمتهب ( آمر فصيل ) .. وهدا
تعرف ١ على الكثبر من ضباط المستقبل وتعرفوا عليه وترفع الى رتبة نة..» في 1874/4/11
وفد اشتهر بين طلابه بالجدية وآدب الحديث والتزام جانيهم والدفاع عنهم ازاء رؤسائه حقاً
او باطلاً . )٠١(8 لقد اصبح قاسم في هذه الفترة دائم التفكير في ايجاد صداقات مع
الزهرفي النفس ونمو حالة ( جنون العظمة ) في كيانه وخصوصاً بعد اجتيازه امتحان اللغة
الانكليزية للصباط بتفوق ويقول ١ ان كل هذه النتائح حصل عليها بالاعتماد على نقمل وانه
وحيد في هذه الدنيا ولووجد اعدازه ثغرة في سلوكه لا نسلوا منها وهدموا مستقيله . مزلا
واستمر عبد الكريم قاسم في التنقل بين وحدات الجيش العراقي ودخلٍ عدة دورات
عسكرية وحركات فعلية نال فيها الدرجات العالبة واستحسان قادته .. فكتب عنه آمر جحفل
اللواء الثالث فى تقريره الستوي بعد الحركات الفعلية التي جرت في منطقة الزيبار في تشرين
الأول 1940 ١ انه ضابط كن خلوق ...يم النفس + شهم ١ مخلص لآمره ودقبق في
اعماله ١ وثقافته العامة جيدة جدا من كافة الوجوه وسوف يكون في المستقبل من ضباط الجيش
القديرين 0 واكد نفس المضمون آمر لوائه عام 440 ١ انه رقيق القلب ١ عفيف
النفس ولا يبالي بالمتاعب الجسمية والفكرية مادامت متعلقة بالواجب )١"(١ .
وقد ظهر اسلوب قيادته جيدا في حرب فلسطين عام 1447 وحصل على كتاب شكر مرتين
من قائد القوات العراقية في الاردن اثثاء الهجوم على مواقع الصهاينة في رأس التل واسترجاعه
قاسم في حرب :
« لازلت اذكر جيداً عملية تقدم الزعيم الركن عبد الكريم قاسم على رأس كتيبته من
اقصر الطرق التي تؤدي الى الشونة بالرغم من مرور هذا الطريق بمحاذاةالجيش اليهودي ولا
بشتى الطرق وقد اصدروا له امرآ خطياً بعدم التقدم من هذا الطريق الا انه تقدم على الطريق
)٠( ليزة الشواف / ص8
١ص / المصدر السابق )١(
صلا / ١458 / زعيم عل وقائد عظيم / فال الشاري / دار اليقظة العيية )١(
المصدر السابق / صا )١(
فكان لها صدىئ كبير .. )١4(8
ومن هنا ( اي في حرب فلسطين ) بدأ التحول الكبير في حياته حيث انه تعرف على
مجموعة من الضباط الابطال ومن كافة الرتب والصنوف ممن يحقدون على الاوضاع السائدة
وبالتالي بدأ في التنسيق معهم لعمل المجهول .. ويقال انه انتم لحركة الضباط الاحرار منذ
ذلك التاريخ ١ حيث تأسست في هذه الفترة من قبل المرحوم رفعت الحاج سري » كما انانتصارهة
العسكري الجزئي في معارك فلسطين زاده زهوا واعتدادا بنفسه .
وفي عام ٠4065 كتب عنه قائد الفرقة الثالثة في تقريره السنوي
« آمر لواء قدير وحريص ونزيه يتفانى في اداء واجه طيب النفس وكريم اليد » يناصر الحق
وبعين الضعيف )١9(١ .
)١( زعيم ملهم وقالد عظيم / صلا
)١٠( مولد زعيم / عبدلله جدوع / شركة التجارة والطباعة / بغداد / 1454 / ص8١