من المؤلفات نثرًا إلا أنه كان نثراً ينحصر في فلك النثر الديني الذي يقوم على الشروح
والتفاسير واستنباط الأحكام من النصوص الدينية اليهودية.
أما الذثر الأدبي الفني فقد تأخر ولوج اليهود إلى ميدانه والاشتغال به إلى ما بعد
هناك وتدارسها العرب وكتبوا على منوالها مقامات عربية أندلسية؛ كان على رأسها
المحاولة الأولى في كتابة المقامات العبرية على يد سليمان بن صقبل في النصف الأول
عندما كتب يهوذا بن سليمان الحريزي مقاماته العبرية؛ واستطاع لأول مرة في تاريخ
الأدب العبري أن يؤلف كتابا كاملا يكتب كله بالنثر المسجوع متوسما في ذلك النهج
العربي عند كل من الهمذائي والحريري البصري والسرقسطي الأندلسي. وقد يعنقد
البعض أن الحريزي اليهودي قد أبدع فى العبرية ما لم يكن لدى اليهود سابق معرفة به؛
غير أن الواقع الفعلي أن الحريزي لا شك قد أحس بصعوبة إمكان كتابة هذه المقامات؛
لذلك آثر أن يخوض في البداية ميدان الترجمة من العربية إلى العبرية.
قام الحريزي بترجمة أعمال كثيرة من العربية إلى العبرية ولعل أشهرها وأطولها
جعلنا في هذه الدراسة نختار واحدًا من تلك المضامين في محاولة نرجو الله التوفيق في
دراستهاء وهذا المضمون هو "الاحتيال"؛ وكيف كان عند الحريزي اليهودي؟؛ وهل كان
أشكال الاحتيال وأهدافه في مقاماته ومدى علاقتها بالاحتيال في المؤلفات الأخرى التي
تجدر الإشارة هنا إلى أن البحث في المقامة العبرية من جانب الباحثين العرب لم
يكن كحظ الشعر أو الفكر الديني اليهودي؛ إذ لا يوجد إلا مؤلفات معدودة تناولت
موضوع المقامة العبرية؛ لعل في مقدمتها تلك الأطروحة التي قام بها الدكتور مناع
حسن عبد المحسن بعنوان "المقامة بين العربية والعبرية" وحصل بها على درجة
الدكتوراه؛ وكذلك رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة رانيا روحي بعنوان "نقد الشعراء
اليهود في مقامات تحكموني ليهودا الحريزي؛ ومن الدراسات السابقة في المقامة
العبرية أيضا كتاب الأستاذ الدكتور عبد الرازق أحمد قنديل وعنوانه "المقامة العبرية
وربما تسهم هذه الدراسة قدر الإمكان في استكمال صورته؛ ويعتبر الاحتيال من أهم
بداخلها قصصًا وأساليب الاحتيال» ومدى ارتباطها بالأعمال النثرية لمن سبق الحريزي
من مؤلفين سواء العرب أم اليهود. وقد جاءت الدراسة في مدخل وبابين ويحتوى كل
باب على فصلين؛ بالإضافة إلى خاتمة يظهر فيها ما تم التوصل إليه من نتائج.
الحديئة التي لعبت دوراً مهماً في تصحيح بعض الأخطاء التي تتعلق باسمه وميلاده
ويحتوي الباب الأول من الدراسة على فصلين؛ يتناول الفصل الأول ظاهرة الاحتيال
ونشأتها ودوافعهاء بالإضافة إلى تأصيل لبداية ظهور الاحتيال في الأدب؛ بداية بالأدب
العربي متمثلا في كتب التراث والأشعار والمقامات العربية من ناحية؛ ومن ناحية
أخرى ظهور الاحتيال في الأدب العبري متمثلا في المقامات العبرية. أما الفصل الثاني
التي نهل منها أفكار الاحتيال التي ظهرت في مقاماته؛ كالكدية والتطفل والرقية
ويتناول الباب الثاني أشكال الاحتيال وأهدافه في مقامات الحريزي العبرية ومقارنتها
مع أشكال الاحتيال وأهدافه في الأعمال الأدبية التي سبقت الحريزي؛ فيهتم الفصل
الأول بأشكال الاحتيال وأساليبه وأبطاله وضحاياه. أما الفصل الثاني فيتناول أهداف
الاحتيال ودوافعه؛ التي أراد الكاتب أن يعبر عنها من خلال أحداث المقامة وموضوعها .
بالإضافة إلى إظهار ما يتفق أو يختلف مع الأعمال الأدبية التي سبقت الحريزي-
وفي نهاية هذا البحث خاتمة تم فيها إجمال ما أمكن التوصل إليه من نتائج لهذه
الدراسة؛ يأتي بعدها ثبت بالمصادر والمراجع المختلفة التي اعتمدت عليها الدراسة؛ ثم
اختلف المؤرخون والباحثون حول اسمه ومكان ولادته ووفاته وزمائهماء لكن اتضح الأمر
بن افتقتلام محطوظ بالعربية لأحد تباضريه وهو المبارك بن اشفار الموصلي" الذي أزال
النقاب عن السيرة الذاتية للحريزي" والتي كانت محل جدال واختلاف بين الباحثين لفترات
الموصليء أبو البركات؛ كمال الدين؛ المعروف باين الشعّار: مؤرخ أديب؛ حفظت بفضله أخبار شعراء
عصره. مولده وبيته في الموصل» ووفاته بحلب. من أشهر مؤلفاته " قلائد (أو عدود) الجّمان في فرائد شعراء
هذا الزمان" وله "تحفة الوزراء المذيل علي كتاب معجم الشعراء" و"التذكرة.
لمزيد من التفاصيل يُنظر:
- خير الدين الزركلي: الأعلام (قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين
والمستشرقين)؛ الجزء الخامسء دار العلم للملايين؛ الطبعة الخامسة عشرةء بيروت ٠٠7
"ا لقد كتب ابن الشعار مخطوط قلائد الجّمان في فرائد شعراء هذا الزمان وضمنه حوالي ثمان صفحات عن
والثانية باللغة الفرنسية؛ مع الحفاظ على النص بلغته العربيةء لمزيد من التفاصيل يُُظر:
أ" يري طبوروشكي وتبعه عبد الرحمن مرعي أن الاسم في الأصل "حريزي" وأنه أضاف "ال التعريف
إبراهيم بن حريزيء أضف إلي ذلك انه ذكر في مقدمة ترجمته لرسالة الأخلاق العامة وبداية كتابه 980
0ه (كتاب الأقدار) وبداية مقامته 70258 0:207(معامة الكرماء) باسم ابن حريزي؛'ينظر:
من الرجال أشيب تطَاً يسكن بين ظهرائي الفرنج وكلامه مغربي؛ قريب الخروج من بلد؛
تعلق بتاريخ مولده ومسقط رأس؛ فهناك إجماع بين الباحثين على أنه ولد سنة
ولعل ما جاء في سيرته الذائية عند ابن الشعار يرجح أنه وليد طُليطلة أو علي الأقل عاش
- عبد الرحمن مرعي: المقامة في الأدب العبريء مجلة الرسالة؛ العدد الثامن. كلية بيت بيرل
!"ا رجلّ تل هو القليل شعر اللحية؛ وقيل: هو الخفيف اللحية من العارضّين؛ وقيل هو أن
- ابن منظور: لسان العربء المجلد الأولء دار المعارف» القاهرة د.ءت؛ ص 441
القليل شمر
- داوم 0ع : 0707 بج محمد - صصص وجلادحطم دروةة 710907 150د2 0059- تار
١! مدوم وعد صم مطمدم د - مص ولادطا 09 2
بالطليطلي'"؛ ومن المعتاد أن معظم الشعراء والكتاب الذين يشتهرون بأسماء بلدان. علي
الأغلب ما يكون نسبة إلي مكان الولادة؛ وهذا يرجج ما ذهب إليه معظم الباحثين بأن طليطلة
هي المكان الذي ولد
"ا موسي بن عزرا: يُعرف باسمه العربي أبو هارون موسى بن يعقوب بن عزراء ولد في غرناطة سنة
والحكمة؛ اهتم بالعلم والمعرفة وتعلم على أيدي علماء كبار في فترة تعد من أهم فترات الأدب العبري في
أشعار دينية في التوبة والندم لذلك اشتهر بأنه شاعر الغفرانيات؛ وله مجموعة شعرية من عشرة أقسام وتضم
حوالي ١٠١ بيت وتسمى 0225 العقدء ومقالته المعروفة التي ترجمها الحريزي 'مقالة الحديقة في معنى
ويعتبر هذا الكتاب بحق شهادة رائعة سجلها موسى بن عزرا اليهودي أنصف بها الفكر العربي معترفاً
أثر علماء ومفكري المسلمين في أعمالهم ومناهجهم؛ لمزيد من التفاصيل يُنظر:
- موسى بن عزرا: المحاضرة والمثاكرة؛ تقله من الخط العبري إلى الخط العربي عبد الرازق أحمد
قنديلء مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة؛ سلسلة فضل الإسلام على اليهود واليهودية»
ذكر اسم الشاعر أبو إسدق ابن الحريزي وقال عنه أنه من شعراء طليطلة") باعتبار إسحق
هذا من أسرة الحريزي.
رضت الم لادوم او حاف
بداية السيرة الذاتية للحريزي في مخطوط قلائد الجمان لابن ل
لقد تربي الحريزي في بيت ميسور الحال؛ وعاش حياة كريمة؛ فجالس العلماء منذ نعومة
أظافره؛ وتعلم منهم الحكمة والمعرفة ووسنّع ثقافته في مجالات عدة؛ منها العلوم الدينية
والعلوم الفلسفية والأدبية؛ كذلك تعلم عدة لغات وأتقنها وتميز بمعرفة اللغة العربية وآدابها!"
دجم ودود بوذ نود ©
في موطنه وصل للسمو والجلال
لكن في تجواله عاق ول .
ة تجواله وتنقله بين مدن الأندلس ربما بسبب ضيق ذات اليد
والبحث عن مواطن المثقفين والعلماء كي يتكسب من وراء ترجماته؛ أو ربما بسبب سيطرة
- شعبان محمد سلام: التأثيرات العربية في البحور والأوزان العبرية؛ مركز الدراسات الشرا
بجامعة القاهرة؛ سلملة فضل الإسلام على اليهود واليهودية» العند(١٠)؛ 4
موسى بن عزرا: المحاضرة والمذاكرة» ص17 +
عبد الرحمن مرعى: الأدب العبري في الأندلس بين التقليد والتجديد؛ دار الفكر في عنّان ودار الهدى في
كفر قرع خالا ص 11 2
3 تحدم مطمدتاد : م خصددم صط 0ط د مهد قم لا0؛ ١١
الموحدين علي مدن متتالية في جنوب الأندلس!"؛ ويُذكر أنه "“هماجر شمالاً إلي أسبانيا
المسيحية وهو صبي؛ وهناك واصل تعليمه في مدارس يهودية ظلت تحت تأثير الثقافة العربية
رغم وجودها علي أرض غير عربية""".
لاشك أن الحريزي تشرب العلم والثقافة والمعرفة في البيئة الأندلسية ذات المناخ العربي
الذي ساد الأندلس وساعد علي ازدهار يهودها في كل المجالات؛ وهذا ما يظهر جلياً في كل
مجال النثر الفذ
عروبة ثقافته علماء اليهود في الوقت الحالي". ولعل رحلته واستقراره في المشرق العربي
أواخر أيامه مهدت له الطريق لأن يوسٌع ثقافته واطلاعه ويشرب من منابع العلماء والأدباء
"! يذكر كامينكا أن أسرة الحريزي هاجرت من أشبيلية بعد أن سيطر الموحدون علي المديئة سنة 1158م
ويشير محمد بحر عبد المجيد إلى هجرة كثير من اليهود بعد دخول الموحدين الأندلس واستيلائهم على
الملطة؛ ويذكر أن بعض أمراء الموحدين كانوا يعرضون الإسلام على الذميين؛ فمن قبله سل ومن رأى دون
الآخر إلى البلاد العربية في المشرق والمغرب. وفي المقابل ينفي خالد يونس الخالدي أن اليهود أجبروا على
الإسلام في عهد الموحدين ويقول: "أما عن سياسة الموحدين مع اليهودء فلم أجد في ما اطلعت عليه من
مصادر إسلامية معلومات كافية؛ تمكننا من تقديم صورة واضحة عنهاء لكن المعلومات القليلة التي تذكرها
تكفي لنفي ما ترد في الدراسات والمصادر اليهودية؛ من أن يهود الأندلس أرخموا بالقوة على الدخول في
بالإملام إلى نهاية عهد الموحدين في الأندلس"» ويل على ذلك برواية عن اختصاص اليهود بزي مميز لهم
أيام الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن؛ وبروايات أخرى تؤكد وجود اليهود تحت
حكم الموحدين واشتهار بعض الكتاب منهم مثل يوسف بن زباره وكذلك موسى بن ميمون الذي تلمذ في
الموحدية لا تدع مجالاً لمخالفة النصوص الفرآنية التي تحث على المعاملة الحسنة لغير المسلمين.
لمزيد من التفاصيل يُُظر:
- محمد بحر عبد المجيد
اليهود في الأندلس. المكتبة العدد 77 الهيئة المصرية العامة
للتأليف والنشر دار الكتاب العربيء القاهرة؛ أبريل ١141+ ص44
- خالد يونس الخالدي: اليهود في الدولة العرب
7؛م)؛ رسالة دكتوراه غير متشورة» جامعة بغداد 1444م ص -١48
أ" محمد بحر عبد المجيد : اليهود في الأندلس؛ ص57
الإسلامية في الأندلس (47- لأحلم - 1/11-