22 ٍ التعرف إلى الله
فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربّاء وبالإسلام
دينّاء وبمحمد لل رسولًاء قال: فسكت رسول الله # حين
قال عمر ذلك» ثم قال رسول الله 8: أولى والذي نفس محمد
فلم أر كاليوم في الخبر والشر! »'"
فتأمل هذا المشهد: كيف لم بجرؤؤ أحد من الصحابة أن
والآخر انتهز الفرصة - رغم هول الموقف - فقال: ( من
أبي؟ ) فأجابه النبي 8: « أبوك حذافة »؛ إن الإحساس
بانقطاع النسب عقدة اجتماعية» سببها الإحساس بالجهل
مسلم لهذا الحديث: ( فأنشأً رجل من المسجد كان يُلاحَى
في معرفة حقيقة نسبه؛ رغم ما شهد من رهبة اللحظة؛
وخوف الصحابة من غضب النبي 8#! وكم شهدنا من
الناس من أنفق ما أنفق من الأموال والأعمار؛ من أجل
التعرف إلىالله | ٠١
اكتشاف والده؛ أو أي أحد من عشيرته؛ أو أي خيط - مهما
بعدء أو ضعف - من خيوط نسبه» أو من له صلة بذلك من
غريب أمر هذا الإنسان: كيف يجهد لمعرفة حقيقته
إن الذي ينصت إلى خطاب الفطرة في نفسه يسمع نداء
عميقًاء يرجم الرغبة في معرفة من أسدى إليه نعمة الوجود؛
ألا ترى أن الإنسان مفطور على شكر من وصله بمعروف؟
الوجود بإرادته وقراره» من هنا كان الواجب الأول عليك
أن تبحث عن الله الخالق» بهذه الصفة؛ أعني صفة الخالقية؛
أول حق لله رب الناس على الناس» وجب عليهم أداؤه
بذمة كل مخلوق أن يشكر الخالق» من حيث هو كد خلقه
> | التعرف إلى الله
و( الخلق ) مفهوم من أغرب مفاهيم القرآن العظيم» ومن
غير مثال سابق» فتأمل هذه الحقيقة أولًا: ( على غير مثال سابق )
يحتذى» فسبحانه وتعالى من خالق عظيم! فلقد كان تعالى
جل شأنه؛ وتعالل جده؛ ولا إله غيره تأمل كيف كان خلق
الكون؟ كيف كان العدم - وما العدم؟ - ثم كان الوجود بأمر
ثم تأمل كيف كان خلتى آدم الفئة؟ كيف صنع الله من
كيف كانت كتل الطين في جسم آدم تتحول إلى شرايين»
ثم تأمل: كيف جعل من الطين والماء نبانًّا جميلًا فصارت
التعرف إلى الله إ 6“
له أزهار تملأ الأنوف عبيرًا أخاذًاء وثيارًا تملأ القلوب +هجة
وحهالًا؟ كيف خرج عنقود العنب الطري الندي» من عود
خشن وماء وطين؟ ثم كيف خرج الوليد من بطن أمه؛ من
كما أخرج الله اللبن من بين فرث ودم؛ شرابًا صافي البياض
لذيذًا تدبر قوله ف: ف وَإنَ لكر لكي ِبر تبني بوبه
ض د ريال لوس عير لج 17407]
في القرآن بالاستجابة لأمره التعبدي؛ ناداهم من حيث هو
135 ا التعرف إلى الله
فيه من طريق المعرفة بالله؛ أي أنه تعالل يسأهم أداء حق
الناس هنا في الأرض نتنفس الحياة
فلاح
عام يمدو
رام وخر سح حرس رارج
هاتان آيتان كليتان من القرآن العظيم» تعلق الأمر فيهيا
بالعبادة والتقوى» وما في معناهما من الانتظام في سلك
العابدين» وفلك السائرين إلى الله رب العالمين» إثبانًا لحق
الله من حيث هو خالق لشجرة البشر» ولا يفتأ القرآن يُذَكُر
بهذه الحقيقة؛ باعتبارها مبدأ كليًّا من مبادئ الدين والتدين؛
كونية عظمى إنها مفتاح من مفاتيح فهم القرآن العظيم؛
وباب من أبواب معرفة الربوبية العلياء تأمل قوله تعالى:
انظر كيف ربط حقه تعالى على عباده بمبداً خلقهم أطوارًا
التعرف إلى الله | 6"
كل ازداد الكفار تعمًا ازداد القرآن إفحامًاء قِ بيان
تدبر معى هذه الآيات واحدةً واحدةً قال 38 في حق
فر الذي أنكر البعث على محمد88 ؛ فجاء بطحين عظام
نخرة» ونفخ فيها فتطاير غبارها من يده فاستهزا
وتأمل كيف أن تلك كانت هي حجة موسى الذي صنعه
[طله: 44 ٠٠ ]» إنه تعريف للربوبية ولحقرقها في عبارة من أوجز
العبارات الربانية المسطورة في القرآن الكريم فتدبر ف ألَذِىَ
وجاءت الحجة الربانية في بيان الأطوار الوجودية للإنسان
وم رمسو درك
بن شُلكَوَ علد كدر () ثم بل بَرَدُ اث ند أفرم (© خَ داك
8 | التعرف إلالله
وقال في سياق التمهيد لقصص بعض الأنبياء» ودحض
تأمل: ما بال هذا البيان والتفصيل لقضية الخلق؛ لولا أنا
قضية كونية كبرى» ينبني عليها ما ينبني من مصير وجودي في
حياة الإنسان» هذا المخاطب بها ابتداء؟
الوجودية للإنسان إذ تمتع بمنة الخلق د ثم غفل عنها
لعلك تبصر قال جل جلاله: ف( أَبحسبآلإضَنُ أيُرَدٌ نى (2) آم
َك تفَةَ ين مي بن () نوكن ل به اوجن لكر
وإثبات حق الخالقية لله الواحد القهار؛ كانت هي عينها
حجته في الدعوة إلى التوحيد ونفي بق لفيا فرك
التعرف إل الله | 719
فتدير ثم أبصر!
ومن أثقل الآيات القرآنية؛ وأعمقها دلالة على الموقع
الوجودي للإنسان من الخلق؛ ممح 5 عل ال
ولنا مع هذه الآية وقفة تدبر آتية بحول الله إلا أن المهم الآن
أن نثبت لك أولًا؛ أن ( قضية الخلق ) تمثل مفتاح فهم الربوبية؛
والمعنى الوجودي والوظيفي للإنسانولولا خشية الإطالة
لبينت لك من خلال كل سور القرآن بدون استثناء؛ أنها المبدأً
الكلي الذي على أساسه خاطب الله الإنسان بكل أمر ونهي؛
بل إنها تمثل البنية الأساس لخطابه» الذي عليه يتفرع كل شيء؛
مما قرره في العقيدة والشريعة على السواء
كتاب الله نجعلهما محور قضيتناء ونفسر في ضوتهها كل
أعمق ما في مسألة الخلق من أبعاد كونية
فأما الآية الأولى فقوله تعالى - مما سبق إيراده - من سورة
7 | التعرف إلى الله
[البقرة: 17]؛ ثم مكن لهم العيش في عالم هيع أصالة لاستقبالهم:
( لكم ) لا لغيركم فالمستفيد منه بالقصد الأول إنما هم الخلق؛
والإنسان خاصة» وهناك تعبير صريح في القرآن عن هذا ؛
- فَخَلْقٌ ما في الأرض جيعًا كان من أجل الإنسان بصريح
عبارة القرآنء ثم كان خلق السماوات بناء فوق الأرض سققًااء
مهدت له كل أسباب الحياة والعمران؛ إنه تذبير رحيم؛
وتكريم عظيم؛ هذا الإنسان» من حيث هو إنسان» كما قال
التعرف إلى الله | 7١
فالأمر الوارد إذن في سورة البقرة: « أُحَبُدُوا رَت »
[ البقرة: ١ ] جاء في سياق قصة الخلق الأول والاستخلاف
الرباني للإنسان في الأرض وهذا منطلق مهم لفهم حقيقة
فالغلاف الكوني كله في خدمة الإنسان خلقًا وتسخيرًا
إخلال بهذا الميزان يكون ظليًا كبيرًاء وهو قول الله قد: بنك
آلِرِْكٌ طلم عٌَِِ (لقمان: ١3 ]» وبهذا المنطق أيضا نقم الله على
إن جماع الأمر في هذه النصوص كلها أنه تعالى: خلَقنا
وخلَقَ لناء هذا مبدأ قرآني كوني عظيم وجب تدبره وهو
وأما الآية الثانية فهي قوله تعالى - مما سبق ذكره أيضًا -
77“ | التعرف إل الله
ا ملا © علقنا إن ين مُْكَة أنتاج بد َه
سَمِيعًا بَِيئًا 1 الإنسان: 10٠ ] وإنها لمن أعظم الآيات القرآنية
الباهرة! آية تملأ القلب هلعًا ووجلًا؛ تدبر معي كيف أن
الإنسان دأب على التذكر والتفكير في الزمان» من عمره
الفردي والاجتماعي» سواء تعلق ذلك بالماضي أو الحاضر
والمقصود بالعمر الفردي» وحدة العمر المعروفة بالنسبة
لكل فرد من الناس في نفسه» فالإنسان في هذه الحال يفكر
بطبعه في الماضي» وهو التذكر والذكريات» ويفكر في
الحاضر وهو 0 المعاش والحياة اليومية والأعمال الحالية؛
ويفكر في المستقبل وهو التخطيط والتدبير لمقبل الأيام»
هذا حتى يموت؛» هذا هو الإنسان من الناحية الزمانية
وأما العمر الاجتماعي فالمقصود به التفكير الجماعي في الماضي؛
وهو علم التاريخ الذي قد يدرس فيه الإنسان مرحلة ما قبل
ماضيه الشخصي؛ لكنه ماضي الإنسان الاجتماعي على كل
حال كي أنه قد يفكر في زمانه الحاضر والمستقبل» وهو شأن
مؤسسات الدولة والمجتمع في التخطيط والتدبير السياسي
والاقتصادي والاجتماعي العام
والإنسان في جميع الأحوال المذكورة إنيا يفكر في شيء
واحد هو ( أنا تمعناها الفردي والاجتماعي والعجيب
التعرف إل الله | “1/7
في الآية المذكورة أنها أرشدته؛ بل أيقظته بأسلوب التنبيه إلى
يطرق بال الفكر البشري» على المستويين الفردي والجماعي
عل السواء
ابن فلان» أو فلانة ) قبل أن يتزوج أبوك بأمك؟ سل
نفسك إذن؟ أو أين كان الإنسان - بالمعنى الجماعي - قبل
أن يخلق الله آدم ل20؟ وللتبسيط ابق في السؤال مع نفسك
تذكر تاريخ ميلادك؟ قبل ذلك بسنة؛ أين كنت؟ وماذا
تلك مرحلة ما قبل العمر فكيف تفسرها؟ وكيف
مدنا *[الإنسان: ١ ]؟ إنك لن تستطيع تصور شيء ولا تخيله؛
لأنه عدم؛ والعدم لا يمكن تخيله؛ إذ لو أمكن تصوره -
حتى ولو بمجرد الخيال - لكان من الممكنات وعلم ذلك
7 | التعرف إلى الله
واللاشيء لا اسم له ولا مفهوم ليذكر» لا في الممكنات
الشيئية؛ ولا في المدركات الذهنية
ألا يكون فهو سبحانه يتصرف في أمره وكونه كما يشاء
ويختار وما ينقص من كون الله العظيم لو أنك أنت -
البشر ممتد نسله؛ طولًا وعرضاء يملا الآفاق الأرضية في
كل مكان
كت )1 لخن ٠ > وقال سبحانه: 13 مثل حك
الحقيقة من أعباء الحق الإلهي العظيم؛ حق الخالقية؛ أليس لم
التعرف إل الله | ١/8
الاعتراف بهذا الحق» والشكر له أو عدمه؛ كانت الجنة والنان
الآيات من سورة الإنسان؛ وغيرها من آي القرآن كثير
تبصرة: حق الخالقية إذن هو مفتاح المعرفة بالله:
إن هذا الحق بقدر ما هو متعلق بذمة الإنسان» لربه الذي
ضاعت فيه أفكار الكفار من العالمين» أو بعبارة قرآنية:
من التصور العبثي للحياة! أو كما قالوا: ( إن هي إلا أرحام
زوال قريب؟ ذلك ما يقوده غالبًا إلى الشره المتوحش في
تناوطاء أو إلى العزوف القلِق ثم الانتحار! ألا ما أشد وحشة
إن معرفة الله من هاهنا تبدأً؛ الشعور بالفرح به تعالل
البلاغ الثاني: في التعرف إلى الله والتعريف به ان
تبصرة: حق الخالقية هو مفتاح المعرفة بالله ا
البلاغ الثالث: في اكتشاف الحياة الآخرة لمانا ملي ال
البلاغ الرابع: في اكتشاف الصلوات
البلاغ الخامس: في الدعوة إلى الخيرء والأمر
175“ | التعرف إلى الله
إلى رضاه؛ عبر مدارج السالكين» ومنازل السائرين» فيجد
الإنسان الأنس كل الأنس كلما ازداد معرفة بالله جل جلاله
وإنيا مدارج المعرفة به تعال أن ينطلق المسلم من توحيد
الربوبية» الذي ينفتح بابه على العبد أول ما ينفتح من الشعور
هو مالك للمربوب؛ ذلك معناه العام في اللغة وفي الشرع؛ قال
الواقع على من يملك أصل الاختراع والإبداع» إنشاءً وتطويرًا
زياد وَنَقْضَاء وإحياء وإمَائكٌ وبذءًا وإعادة وبعثًا وَنشورًا:
ومن هنا كان أول وصف لذاته تعالى» نزل على محمد 8
التعرف إلى الله | لال
لأن الربوبية إنما ترجع في حقيقتها إلى هذا المعنى كي بيناه آنما
ومن هنا اطراد هذا المبدأ في القرآن الكريم» حتى لا تكاد تخلو
على ترسيخ مفهوم الرب في قلوب المربوبين؛ عسى أن تستجيب
فطرهم لأداء حق الربوبية؛ بتوحيد الألوهية عبادة لله رب العالمين
أوصاف الكبال والجبال والجلال» من الأسماء الحسنى
والصفات العلى
اسمية من مبتدأ وخبر» فيها معنى الجواب عن سؤال تقديره:
الضمير ( هو ) لا بد أن يعود على معاد سابق» كما قال الله
حكاية لحوار فرعون مع موسى وهارون: ي قَالَ من زَيِكنَا