١ لادخا ل العواطف فى العمل » قاعدة يحتفظ بها رجال المخابرات فى
لايتعاملون مع حقائق ذاتية أو فردية » ولكتيم , يتعاملون مع حقائق
مواجهة المأسى والتعامل معهاأ بعقل بارد وقلب ميت . . . ذلك أن
خللا بسيطا ووحيدا . يحدث نثيجة لتدخل العاطفة فى لحظة
عشوائية .» قد يدمر عمل سنوات طويلة من التدبير والسهر والصرن.
وقد بجر على الأمة من المخاطر . مالا يطيقه ضمير فرد » أوحتى ضمير
جهاز بأكمله ! !
الأخيرين - فوق مايطيقه البشر
فى البداية والعباية إنسان ... إنسان له قلب يخفق أراد أم لم يرد
بالعاطفة . ...هو إنسان قد يستطيع لعام © أو عامين » أو ثلانة ..
وربيا لعشرين عاما كاملة كي نى قصتنا هذه - أن يتعامل بهذا العقل
البارد والقلب الميت مع « مادته » أو« موضوعه © أو ١ قضيتة » يبذل
كل مايستطيم من جهد لكيلا يخطىء + خطأ واحداً, ولايسمح بحال من
الأحوال . لعواطشه التى قد تجيش وتفور وتضطرم فى صدره . أن
تتدخل ولو لثانية واحدةي فييا يجب ألا تتدخل فيه. . . قد يستطيع
رجل المخابرات أن يصنع هذا . . . ولكن ؛ هل يستطيع أن يتحكم
إ لايصبح جاسوسا » بل يطلق عليه اسم « مندوب » .
هناك قاعدة ذهبية أخرى «لقنها الاستاذ « إسماعيل » للرجال
أيضا تقول :
« إياك أن تقع فى حب العميل ! »
والعميل هنا هو الجاسوس . . . والجاسوس - - رغم بشاعة الكلمة
وماتحويه من معان قد تقشعر لها الأبدان هوفى البداية والنهاية - أيضا -
رأى جهابذة هذا العلم منذ أن كان التاريخ والمجتمعات والحروب
©© إنسان يعمل من أجل المادة .
©© وثالث يدفعه المبدأ والعقيدة لركوب المخاطر !. ... وهذا النّم
وقد لايتعاطف المرء مع هذا الذى يبيع نفسه ووطنه من أجل حفنة
وقلب ميت كيف لاتتعاطف مع هذا الذى يضع رأسه على كفه كل
يوم 6 بل كل ساعة ؛ بل وبلا أدنى مبالغة - كل دقيقة من مهاره
ان الرجل الذى يترك حياثه الآمنة متطوعا - فى وطنه ووسط
ويتحدث بلخته » ويأكل طعامه » ويشرب شرابة » ويعيش كما يعيش
أعداؤه » يتظاهر بالفرح لفرحهم » وبالحزن لحزنهم . . يحتفل معهم
. يتدين بدينه ٠
بنصرهم وقلبه يدمى » ويبكى لمزائمهم وقلبه يرقص طربا . . . ويتحول
من إنسان الى آلة تصوير وآلة تسجيل تحمل كلتاهما إلى بلاده ؛ غبر
معلومات وأخبار » أو مخاطر قائمة أ عتملة. . َ يجيا وحيدا حتى
النخاع ومن حوله العشرات » وربا المغات ؛ يحيطونه بالود والاجلال
أمره » ويتأرجح حبل المشنقة فوق رأسه كل ثانية » يلازمه فى أحلامه 6
وفى صحوه . . .مثل هذا الانسان لايصبح ,جاسوساً ؛ بل هو بطل من
نوع فريد وفذ !
, لمن أجل هذا فانم متجاق دن أجهزة المخابرات فى العام -
ينظرون الى هذا النوع من الرجال أو النساء على أنهم يتربعون فوق
المجهولون . . . هو أرفع درجات الوطنية .
من هؤلاء الأبطال من ذهبت ريجهم وطواهم النسيان مع مايطوى
من أسرار الدول والشعوب ب ومنهم من بقى حيا فى « أضابير»
من خطوات الزمن هى جزء لايتجزاً من أمن شعوبهم ؛ يدفنون
كسطور على ورق فى أقبية لاتصل إليها يد ... وقضى السنون ؛ وقد
تحدث مصادفة فى عالم لايخضع لقانون المصادفات - وتفتح الأقبية ؛
وتخرج الى النور قصة يندر أن يطاولها خيال !
من هؤلاء العظماء السريين : « رأفت الهجان » .
ولد وعاش وتربى وتشرد سجن ؛ وحيث تعيش أسرته حتى اليوم -
فى لهفة لسماع كلمة عنه ... حي هو أم ميت » سجين هو أم طليق
مشرد هو أم أنه استقر بعد طول ترحال غامض » يتنقل بين السجون
أم أنه ينتقل بين القصور ؟
أبطال الصهيونية ؛ وغادرها بعد عشرين عاماً كواحد من أصحاب
الملايين » ورجل من رجال أعملمها البارزين !
« رأفت الهجان » ليس اسمه الحقيقى » لكنه الاسم الذى اختاره
له صديق عمره ٠» وطوق نجاته » والخيط الخفى الذى ارتبط به ارتباط
اجنين بحبله السرى . . .عشرون عاما وهما يلتقيان فى كل يوم »
يتحدثان ؛ يتشاجران ؛ يمسك كل منهيا بخناق الآخر » ويتناجيان
معانى حب مصر!!
حدث كل هذا دون أن يلتقيا مرة واحدة 6 أويرى أحدهما الآخن,
ُ دون أن يتبادلا الحديث إلا من خلال خطابات كتبنت بالحبر السرى »
أو صفير متقطع لجهاز إرسال أو استقبال .
« رأفت الهجان » هو الاسم الذى اختاره له « عزيز الجبالى » وهذا
السادسة والعشرين من عمره » ثم فرقهما القدر وقد تخطى الخمسين َ
وإذا كان « عزيز الجخبالى » واحدا من أنجب تلاميذ الاستاذ
« لادخل للعواطف فى العمل » ...كما أنه مؤمن أشد مايكون الايان
بالقاعدة الماسية التى تقول : « إياك ان تقع فى حب العميل » فلقد
كانت الأوراق التى كتبها « السيد عزيز » عن هذه « العملية » ليست
سوى شحنة عاطفية متفجرة ... تلك الأوراق التى قدمت لى فى أحد
أيام الصيف الماضى - بالتحديد فى يونيو 19786 فاعتذرت عن عدم
قراءتها لأسباب شخصية » ثم قدمت لى مرة ثانية وثالثة فى كرم لست
أنكره وقد لااستحقه . واعتذرت أيضا , ...كنت اتملص ماولاً الخروج
من شرنقة هذا الدوع « الجديد » من الأدب » وأنا أشعر أنى - بيا
غير أنى فى المرة الرابعة . وما إن وقعت عيناى على أولى الكلمات فى
أغيب عن الوعى لثلاث ساعات كاملة . . .كانت السطور « ملخصا »
السماء » ثم تبوى بى الى الأرض فى واقع أسطورى شديد الغرابة ..
فى سطور بعينهبا كانت الدموع تتفجر من عينى رغيا عنى ؛ وكنت
المتابعة والدمع يمنعنى ... وفى سطور أخرى كنت أصفق:كصبى بهره
كنت أقرأ كيف عرض حزب « الماباى » الاسرائيلى غلى « رأفت
بين
ثم يقول « عزيز الجبالى » فى مقدمة تلك الأوراق التى كتبها :
) .. . . . . . . . وأتوقع أن ينبرى البعض فى إسرائيل - مدفوعا
والأمن » اقتضت - بالضروة - حجب بعض الوقائع والتفاصيل
الوقائع ١ ا
ثم كان لابد أن التقى « بعزيز الجبالى » .
والتقيت به » وجلست اليه لأكثر من أربعين ساعة على مدى ثلاثة
كم دمعنا وهو يحكى فى تدفق وحرارة يبعثان على الخيرة والعجب حقا !
النوز . . . لاتخرج بنصها وكما حدثت » لأن هذا يبدو من وجهة النظر
الفنية مستحيلا » وهو أيضا يبدو من وجهة النظر الأمنية - من رابع
المستحيلات. . . وإذا كان الخلق الفنى نوعا من أستار السرية المفروضة
والضرورية ؛ فهو أيضا نوع من تجميل تلك الجهامة المروعة التى تحيط
عادة بالعمل السرى . . .إذا كان الأمر كذلك » فانه لابد لهذا الخلق
الفنى الوافد والجديد » أن يمتزج بالواقع « المتاح » للكاتب إمتزاجا
الواقع والخيال .. أقول : إذا كان الأمر كذلك فإنى أتساءل قبل أن
أخط كلمة واحدة فى هذا العمل :
هل يستطيع الخيال أن يرتفع الى مستوى الحقيقة ؟ !
مجرد سؤال لايمكن أن تكون إجابته عندى . . . غير أنى أقول : هذه
قصة رجلين من جيل صنع لمصر » وللأمة العربية كلها ؛ معجزات .
تحاول بعض قوى الشر أن تطمسها ! !8ه
الفصل الأول
رسالة غامضة
كان الزائر قادما من المانيا الغربية ؛ وكان موعد عاجل قد خُدد له مع
الفريق محمد سعيد الماحى » مدير المخابرات العامة المصرية فى ذلك
أفسح لا الرجال الطريق الى الداخل » بعد أن تحقق الحراس من
كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة صباحا » وكان اليوم هو أحد
أيام يناير عام اكد وما ان هبط الشاب الوسيم من سيارته : يحمل
فى يمناه حقيبة أوراقه الحديثة والمزودة بأقفال مركبة تنبىء عن حرصه
الشديد على ما تحويه من أوراق » حتى وجد من يقوده فوراً إلى مكتب
بدا الشاب من هذا الدوع الفارع الطول » الشديد الأناقة ؛
الأشقر ء الملون العينين » والذى مع كل هذا - يبدو مصريا
الهواء البارد الذى راح يجتاح تلك المساحة الخالية , التى تفصل بين
بوابة الجهاز » وباب المبنى الرئيسى .
ولايد أن ذلك اللقاء بين مدير جهاز التخايرات العافة المضرية »
جوار الضيف فى الصالون الأنيق الملحق بمكتبه . . . وى الحقيقة؛ فإن
الفريق الماحى لم يكن يعرف ؛ حتى لحظة لقائه بهذا الشاب الوسيم »
أعماله فى الخارج بغير قليل من النجاح ؛ لم يكن يعرف شيئا عن سبب
الزيارة . . . كل ماكان يعرفه » أن رجل الأعمال المصرى الشاب « ناد
كامل » يحمل رسالة على درجة عالية من السرية من شخصية لايستطيع
أن يبوح باسمها فى التليفون » وأنه يريد أن يسلم الرسالة ؛ يدا بيد ؛
ولقد مضت الدقائق الأولى بين المدير وضيفه فى تبادل كلمات
المجاملة التى تسبق عادة تلك الأحاديث التى تتناول أمورا ذات أهمية
خاصة.. . بعد دقيقتين » وضع بين المدير وضيفه » كأسان من عصير
الليمون الذى تفوقت بوفيهات الجهاز فى صنعه . . . ورشف كل منهيا
رشفة من كأسه وانتهت كلمات المجاملة ؛ ثم ساد الصمت !
توقفت عينا المدير عند وجه الشاب لبرهة . ...بدا له الوجه متناسق
الملونتين بذكاء خفى ... إذن ٠» فهذا هو د نهاد كامل » .. . ولقد كان
مهاد الآن يبتسم ابتسامة بدت. للمدير خائرة » فاعتدل فى جلسته
« إيه حكاية الرسالة دى ياسيد نهاد ؟ ! »
قال الشاب وهو يتناول حقيبة أوراقه ويتلاعب فى أقفالها المركبة :
« الرسالة معايا ياافندم ! »
ران الصمت مرة أخرى حتى مزقه صوت الأقفال وهى تفتح ؛ رفع
المدير على الفور حرفين بارزين فى ركن المظروف » كان الحرفان هما :
« 0.8»- د . س . تناول المدير المظروف ؛ وبدا عليه التردد للحظة »
فقال الشاب :
« تقدر سيادتك تفتحه قدامى ! »
رماه المدير بنظرة تساؤل فاستطرد :
امتدت أصابع المدير إلى فتحة الملروف فاستجابت له ؛ أخرج الرسالة
وكانت مكونة من سطر واحد !
فى اليوم السابع عشر من نوفمبر عام 141/8 » توف ار ديفيد شارل
وكان التوقيع بالآلة الكاتبة أيضا : « فراو سمحوتن » .
قبل إن م المدير بالحديث ً بادره رجل الأعمال المصرى ل نهاد كامل ل
وهو يومىء نحو الرسالة محاولاً تفسير ماقد يكون قد جال بخاطر المدير :
هز المدير رأسه علامة الفهم » وكان الشاب قد أغلق حقيبته » فرفع
كوب الليمون الى شفتيه ورشف منه رشفة بدت وكأنها تحية أخيرة ؛ ثم
نهض + فدبض معه المدير » وسار الى جواره حتى باب الغرفة وهو يردد
كليات شكر مقتضبة » دلت على عنف الأفكار التى كانت تضطرب فى
والذى لاشك فيه » أن المدير كان فى تلك اللحظات يفكر فى عقد
اجتماع عاجل مع واحد من معاونيه.. . ولذلك . فلقد صافح ضيفه عند
الباب وهو يطلب إلى سكرتيره الذى أحس بالحركة فنبض لاستقبال
الضيف أن يوصل السيد « نهاد كامل » حتئ باب الجهار الخارجى !
دخل الغرفة !
فى الساعة الخامسة من عصر ذلك اليوم من أيام يناير عام 149/4 6 دخل
إلى مطار القاهرة الدولى شابان فى مقتبل العمر . .. وكانا يبدوان من رجال
عدد كبير من دول العالم شرقا وغربا . . . من اليابان ؛ وحتى الولايات
المتحدة الأمريكية !
أما الأول فكان أسمر الوجه » ذا ملامح خشنة وملابس شديدة الأناقة تشى
بقدر هائل من الثراء المفاجىء . . . وكانت المهنة المدونة فى جواز سفره هى :
صاحب محلات كبرى تحمل اسمه المدون فى جواز السفر - فى حى من أكبر
أحياء القاهرة التجارية . . . وكان الثانى وسيما » ذا ملامح رقيقة وملابس
أنيقة فى اعتدال من يعرف معنى الأناقة » وكانت المهنة درق جور لط
هى : « مهندس تبريد » » بنفس المحلات التى تحمل اسم الأول .
كان واضحا أنه فى طريقها لعقد صفقة هامة للثلاجات وأجهزة
في عصر ذلك اليوم . حتى يلحقا بموعد هام فى الصباح بمديئة
الباكستانية التى تغادر القاهرة فى المساء إلى باريس » وذلك لتعذر وجود
بطبيعة الحال أن يغيرا الطائرة فى باريس » ليصلا فى فجر اليوم التالى
: ولقد حدث أثناء انتظارهما لموعد إقلاع الطائرة الباكستانية ١ أن فتح
مهندس التبريد حقيبة أوزاقه » وأخرج منها ورقة كان واضحا تماما أنها
ورقة تلكس - وراح يقرؤها على زميله فى اهتمام » ثم أخرج تذكرة السفر
مؤكدا أنهما سيصلان فى الموعد . . . غير أن بعد لحظات من المناقشة ؛
وأجهزة تبريد من ماركة ألمانية شهيرة » واستغرقا فى المناقشة تماما ؛ حتى
نادت فتاه المطار على طائرتها !
فى ذلك الوقت » كان مكتب رئيس هيئة الخدمة السرية فى جهاز
وكان رجلا ذا شجر رمادى ؛ عريض الكتفين كبير الرأس » أظهر مافى
مجهولة . .. فوق المقعدين الوثيرين المواجهين لمكتبه والملاصقين له 6
جلس رجلان يعبران الخطوات الأخيرة من ربيع العمر . . . على يمين
المكتب . جلس شخص رابع فوق مقعد يسمح له بأن يلقى بظهره الى
الوراء » وأن يعقد ذراعيه أمام صدره » ويطبق شفتيه بعنف من يعانى
كان الجالس خلف المكتب يمسك بيده تلك الرسالة الغامضة التى
وصلت فى صباح نفس اليوم إلى مدير جهاز المخابرات من « فراو
كانت الرسالة رغم قصرها البالغ تحمل للرجال معانى كثيرة فى
حاجة إلى تحليل » وفى حاجة أكثر إلى تقدير موقف . كان معنى
الحقيقة... وهى لاتستطيع أن تعرف الحقيقة إلا من « ديفيد »
لزمت الصمت طوال هذه المدة ؟ !
لماذا لزمت الصمت طوال مايقرب من شهرين ؟ !
كان السؤال فى حاجة الى إجابة حاسمة ودقيقة فى نفس الوقت.. .
فى نفس الوقت » ينبئان عن خوف حقيقى وقاطع . . .فالمظروف الذى
يجمل « البادج » الخاص باسم « ديفيد سمحون » - د .س . - هو
الدليل الوحيد على أن الرسالة قادمة من السيدة سمخون » ذلك أنه -
أى المظروف لايجمل اسما ولاعنوانا. . . فهو مظروف من الممكن لأى أحد
أن يحصل عليه من البيت أو المكتب أو حتى من المطبعة ...ثم إن
الرسالة نفسها مكتوبة على ورقة بيضاء ؛ وليست ورقة من نفس نوع
ورق المظروف ولاتحمل نفس «البادج » الذى يدل على صاحب
بالآلة الكاتبة !
إن المعنى الوحيد لكل هذا أنها خائفة الى حد التنصل من الأمر
كله إذا اقتضى الأمر !
ل يكون هذا الخوف , وهذا الاحساس بالخطر » هما التفسير
المنطقى للسؤال الأول ؟ ! وهو أنها انتظرت طوال تلك الأسابيع .
الأعين فى محاولة الاتصال بها التى رأى الرجال فور علمهم بوصول
الرسالة أنها لابد أن تتم بأسرع مايمكن والفعل » أوكلوا أمر
الاتصال الى شابين من شباب الجهاز المشهود لها بالكفاءة ؛ وسرعان
ماجهزت الأوراق وجوازا السفر ولقد قال أحد الرجلين الجالسين
على المقعدين المواجهّين للمكتب » إنها - أى الشابين الآن فى
المطار » وانهما لم يجدا وسيلة يصلان بها الى هامبورج فى الصباح » سوى
الليل بلا راحة .. . لكنما بالتأكيد ؛ لن يلتقيا بالسيدة سمحون إلإ بعد
ظهر الغد » وسيكونان قد حصلا على قدر مناسب من الراحة يجعل
ذهنيهما صافيين وقادرين على استيعاب الموقف وماقد يترتب عليه من
مضاعفات محتملة ! !
الجالس على يمين لمكب قد لقنهيا بكل الاحتيالات القائمة والتى
قد تحدث اثناء عملية الاتصال التى كان المفروض أن تتم فى صباح
اليوم التالى !
سمحون - لم يكن مفاجأة بالنسبة للرجال » وأنهم عرفوا بخبر الوفاة فى
نفس اليوم الذى حدثت فيه ... ومن بعض الكلمات التى تناثرث أثناء
ذلك اليوم السابع عشر من نوفمبر عام 197/8 » وأن جدلا على أعلى
مستوى فى الجهاز قد ثار حول سفر « عزيز الجبالى » هذا الجالس إلى
يمين المكتب معقود الذراعين مزموم الشفتين محتقن الوجه فلقد أصر
على الاشتراك فى تشييع الجنارة فى اليوم التالى 2 بحجة أنه : ١ لازم
واحد فينا يكرن جنبه قبل مايغيب جوه الأرض للأبد ! 6... كانت
الجملة تبدو حاسمة فى منطقها ؛ لكن البعض - ثمن اشتركوا فى الجدل
يومها كان يرى أن الشىء الذى حسم الأمر حسما نائيا + هو قول
عزيز الجبال :
« وعلشان يلاقى اللى يصلى عليه صلاة الجنارة قبل مايندفن ! »
كان ماطلبه فى واقع الأمر- ضد كل قوانين الأمن وكل الأعراف
قد تطير الى ألمانيا كى تشترك فى تشييع الجنازة » فلم يكن: ديفيد شارل
سمحون ؛ شخصية اسرائيلية عادية » بل كان رجل أعمال بارزا
درجة رفيعة داخل اسرائيل . . . ثم » لقد كان من الممكن أن يسافر أى
انسان آخر غير عزيز الجبالى كى يشيع الصديق الذى ذهب ٠ .وكى
يصلى غليه صلاة الجنازة حسب الشريعة الاسلامية » لكن المدهش فى
العوامل الانسانية تحت شرط واحد وصارم » وهو أن تتوافر كل عناصر
الأمن » وفى اقصى درجاتها » لعزيز الجبال .
ماه
كان عزيز بطبيعة الحال قادرا على أن يوفر هذه العناصر على أعلى
درجة من الكفاءة... ولذلك ؛ فقبل أن تغيب شحس ذلك اليوم
السابع عشر من نوفمبر عام 1417/8 » وقبل أن يصعد عزيز الى الطائرة
فى طريقه الى ألمانيا الغربية عبر مسارات مركبة ومدروسة بعناية فائقة ٠ .
كانت برقية شفرية قد خرجت من القاهرة لتصل إلى مدينة
« دوسلدورف »- حيث محطة الوصول بالنسبة لعزيز- حاملة نبأ
وصوله . :
هي عندما هبطت به الطائرة ىق مطار « دوسلدورف ل كن يركب
خطا داخليا إلى مدينة هامبورج القريبة من 8 بريمن » حيث كان يعيش
مرضاه طوال سئوات تزيد على ربع القرن . .. فى المطار التقى بصديق
« بريمن » » وكانت قبل وصوضما - « زيارة ؛ قد رتبت للسيد عزيز كى
يلقى نظرة أخيرة على الفقيد » وأن يعطى الفرصة كاملة . وفى أمان
تام » كى يصل عليه صلاة الجنارة حسب الشريعة الاسلامية !
رغم الحزن البالغ الذى كان يعتصر قلب عزيز على صديقه
يرتبوا كل شىء بدقة تبعث على الدهشة ....ففى الصباح المبكر لليوم
الثامن عشر من نوفمبر عام 147/8 ؛ كانت هناك سيارة سوداء فاخرة ؛
تابعة لمحل « الحانوتى » الذى كان مكلفا باعداد جثمان المرحوم
« ديقيد شارل سمحون »» وكان عزيز يدلف إليها وقد ارتدى بذلة سوادء
أنيقة وغالية الثمن » من هذا النوع الذى يرتديه الكبار فى مثل هذه ٠
وكان قبل أن يغادر مكمنه قد توضاً وصلى ركعتين على روح الفقيد
داعيا له بالرحمة . . .وعندما انطلقت السيارة فى شوارع « بريمن »
كان « السيد » الجالس فى الخلف يتمتم بايات من القران الكريم + حتى
اذا وصلت السيارة الى بيت المرحوم ديفيد شارل سمحون + وعند
الباب الخلفى » لا الأمامى » توقفت السيارة » وهبط منبنا عزيز
والبلدة » وكان يركب الى جوار السائق ! ! |
كان المساعد الذى اشترزك فى هذه الزيارة م مرتاح الضمير تماما ؛
رو الاد ده
ولكن لأنه كان يؤدى خدمة انسانية ودينية .© . فلقد قيل له - فى مساء
اليوم السابق » وبعد وصول رسالة شفرية كان مصدرها القاهرة إن
اليهودية ؛ يحتلج إلى طقوس معينة + وإن هذا السيد البادى الحزن
الصامت القابض على الكتاب المقدس ؛ هو واحد من أصدقاء
المرخوم » فوق أنه رجل من رجال الدين , . , وعلى هذاء فيا ان توققت
السيارة السبهاء أمام الباب الخلفى حتى فتح هذا الباب وظهر فيه رجلْ
مسن ؛ أنيق المظهر » بادره المساعد بالتحية فور رؤيته :
» ! صباح الخير فرائز ١
» ! صباح الخير يوهان ١
١ كيف حال فراو سمحون هذا الصباح ؛!ً!)ج
« لاتزال فى غرفتها ؛ وان كان الحزن سيقضى عليها ! »
« ماذا عن الصغيرين ؟ ! »
» ! سوف يحضران من المدرسة بعد قليل ١
« هل كل شىء جاهز ؟ ! »
أفسح فرانز شما الطريق :
قادهما فرائز العجوز - كبير الخدم فى البيت- إلى حيث الغرفة التى
يرقد فيها جثمان الفقيد . . وعند الباب » "همس المساعد فى أذن كبير