يرفضه النظام بالضبط مثلما يرفض سكان عمارة كلها أسر أن يسكن
تعرضت لملاحقة غرامية في الفترة الأخيرة فقررت أن تنهيها بإعلان
الخبر بهذه الطريقة بالضبط مثلما يفكر شاب علي الفيس بوك في أن
يحمي نفسه من ملاحقة المعجبات فيكتب في الستاتيو (فرحي الشهر
الجاي)؟هل شعرت بنية للإطاحة بك فقررت أن تعلن الخبر لأن العرف في
بلدنا الطيب هو عدم قطع عيش العريس الجديد؟ لا ولن أجرؤ علي
لأنه لم يكن مجرد نميمة سياسية منشورة في صحيفة مستقلة أو
في أنك ستقيم الفرح في استاد القاهرة وستطرح التذاكر قبلها بفترة كافية
في أن الفرح ستسبقه مباراة كرة قدم بين منتخب ٠0 ومنتخب
الساجدين؛ وأنه لن يكون هناك مطرب واحد يحيي الفرح؛ ولكن سيتم
تكليف عمار الشريعي وجمال بخيت بعمل أوبريت سيشارك فيه كل من
هو مقيد في نقابة الموسيقيين أو يعمل بتصريح مؤقت؛ علي أن يذاع
سيصحب تقطيعها عرض الليزر والدخان ستكون علي شكل مجلس
الشوري أكتر حاجة بتطلّع دخان في البلد؛ وأن الداخلية ستتكفل بإطلاق
الأعيرة النارية ابتهاجًا بك وأهو بالمرة تخلص علي حد مضايقها في
الزحمة. فكرت في أن القنوات الخاصة كلها ستضم الهواء في بث مباشر
موحد يتم خلاله تلقي اتصالات المهنئين وجمع النقطة؛ وأن بث الفرح
سيكون مباشرًا وعلي شاشات كبيرة في كل مكان وسيسبقه بث لتفاصيل
ليلة الحنة التي ستقيمها في القرية الذكية. فكرت في أن عقد القران
سيكون مناسبة لتأكيد الوحدة الوطنية بأن يعقد قرانك فضيلة شيخ الأزهر
شعبية وأنك ستشارك الشعب بهجة إحضار العروس من عند الكوافير»
وهنا فقط انتابني القلق وقلت: إذا كان موكبك في الطريق للعمل يعطل
موتوسيكلات يقودها أصدقاؤك وفي مقدمتهم الدكتور بطرس غالي
(علشان لو حد وقف في طريق الزفة يسب له الدين علي طول). فكرت
في أن أفضل من سيزين لك سيارة الزفة هو وزير البيئة بلا شك فهو
الوحيد القادر علي تغطيتها كلها بورد النيل. فكرت في اللحظة التي
سيطلب فيها الدي جي من أصدقاء العريس أن يلتفوا حوله
ليرقصوا..ستكون لحظة تاريخية عندما نري مجلس الوزراء كله قالعين
الجواكت وعاملين دايرة ويرقصون علي أنغام (أنا شارب سيجارة
في كل الأحوال وعلي الرغم من أن الخبر لا يخصنا وعلي الرغم من أن
حياتك الشخصية لا تدخل في نطاق عمل المتحدث الرسمي باسم الحكومة
المصرية؛ فإنني أتمني لك السعادة وأود فقط أن أذكرك بمقولة كمال
شعبية وزير النقل
هذه القصة مهداة للسيد وزير النقل وكلي أمل أن يستجيب للاقتراح
الملحق بها.
في طريقي من أسوان إلي القاهرة في قطار النوم رقم 81 استيقظت بعد
الأقصر علي صوت تأوهات قوية تكاد أن تنقلب صراحًاء خرجت
لاستطلاع الأمر فوجدت رجلاً في منتصف الخمسينيات يجد صعوبة بالغة
في التنفس؛ كان الرجل يشعر بأوجاع بالغة جعلته يضرب رأسه في
جدران القطار بقوة وكان مرافقه قليل الحيلة لا يملك شيئا سوي استخدام
من أزمة تنفس تستلزم أن يحصل علي حقنة معينة؛ سألته عنها فأخرج
لي العلبة فارغة تمامًاء ثم قال إن رئيس القطار وعده بأن يتوقف في
أسيوط ليحضر له الحقنة من أقرب صيدلية؛ كانت أسيوط علي بعد ثلاث
ساعات علي الأقل وكان الرجل في حالة صعبة وحرجة للغاية لدرجة أنه
مرافقه أن يدلك صدره ويجري له تنفسًا صناعيًا إن أمكن لكن الرجل
المريض رفض الفكرة؛ قلت له إنه بخير وأن ما به مجرد انزعاج
وشعور بالخوف لأنه وجد علبة الحقن فارغة؛ طالبته بالهدوء والصلاة
علي النبي وأن يقول الله كثيرًا من أعماقه؛ وقررت أن أبحث عن طبيب
في القطار لكن بلا جدوي.
طلبت من المرافق اسم الدواء واتصلت بزوج شقيقتي وطلبت منه أن
يحضره ومعه سرنجة وأن ينتظرني علي رصيف محطة سوهاج التي
تبعد ساعة ونصف؛ ثم أخبرت المريض بأنه سيحصل علي الدواء في
فترة أقل من التي يتوقعها عله يتماسك قليلاً. سألني بصعوبة عن الوقت
لو أنني أجيد قيادة القطارات لأسرع به ولا أتمهل كل قليل مثلما فعل قائد
بأننا علي وشك الوصول. وعندما استشعرت خطورة الموقف بحثت عن
أي مسئول في القطار فقادني عامل السفري إلي أمين شرطة سرعان ما
ماجابش الدواء؛ طلبت من الضابط أن يوقف القطار في أقرب محطة وأن
يطلب سيارة إسعاف لتنتظر المريض وتحمله إلي أقرب مستشفي؛ لكن
أمين الشرطة لفت نظره إلي أن الموضوع يعني تحرير محضر فسأل
المرافق إن كان يود عمل محضر أم سينزل بمريضه في أسيوط بشكل
ودي؛ نظر لي المرافق وكله حيرة ثم سألني فاضل قد إيه علي سوهاج؟
سيدي وزير النقل ربما لم تذهب إلي الصعيد في قطار من قبل لكن هذا
الحادث تكرر كثيرًا وربما يتكرر يوميًا في قطار يتحرك بين مدن المسافة
وقاتلة علي كثيرين تعرضوا في القطار لأزمة قلبية أو ذبحة أو حتي
غيبوبة سكرء فيا سيدي وزير النقل إذا كانت الداخلية تتكفل بوجود أمين
شرطة علي الأقل في القطار فلماذا لا يوجد طبيب أو علي الأقل ممارس
عام من خريجي الطب الجدد لإسعاف الناس في مثل هذه الظروف؛ ولماذا
لا توجد وحدة طبية في كل محطة من محطات الصعيد يتوقف عندها
القطار لإنقاذ شخص يحتضر؟؛ صدقني ربط السكة الحديد بخدمة طبية
متحركة وثابتة سيمنح الناس شعورًا بالأمان وسيحسب هذا المشروع
لإنجازاتك وربما سيكون أفضل إنجاز لوزير نقل في مصر.
لن أستطيع أن أشرح لك يا سيادة الوزير الشعور بالعجز الذي سيطر
علي كل الموجودين في القطار وفشلنا في العثور حتي علي طبيب أسنان
بالصدفة علي متن الرحلة؛ أو مشهد الركاب وهم يتعجلون الوصول إلي
سوهاج؛ صحيح أننا بوصولنا وجدنا زوج شقيقتي ينتظرنا بالحقنة لكن
الرجل كان قد لفظ أنفاسه قبلها بثوان قليلة.