ويل لى من الذين يطالعون
من بعدى هذه المذكرات !
سعد زغلول
كراس (18) صفحة (1981)
يسرنى أن أقدم للقارىء الكريم الجزء الرابع منمذكرات الزعيم
الوطنى الليبرالى الكبير سعد زغلول . وهو بتناول يوميات الزعيم
الكراسات رقم 78 و١1 و١7 و4١ و و33 على حسب الترتيب
الزمنى وليس الترتيب الرقمى .
ويعد هذا الجزء من أهم أجزاء مذكرات الزعيم الكبير » اذ
يتناول أهم حدثين فى حياة سعد زغلول السياسية حتى ذلك الحين
وهما استقالته من منصب ناظر الحقانية ؛ وانتخابه عضوا فى الجمعية
التشريعية نائبا عن الشعب , بكل ما مثله هذا التحول الكبير من
اعتماد على قوة الشعب بدلا من الاعتماد على قوة الوظيفة والمنصب ؛
ومن تحرر سعد زغلول من قيود النظام السيامى الذى كان جزءا
منه » والذى كان يتمثل فى قوة الأحتلال وقوة الخديو وقوة
الحكومة ؛ وانطلاقه فى العمل الشعبى الحقيقى الذى لا سلطان عليه
فيه سوى سلطان الشعب .
والترجمة لأبرز الشخصيات التى ترد فيه ؛ والتعليق على أحداثه
الا أن استقالة سعد زغلول تطلبت منا ما هو أكثر من ذلك ؛ وهو
تقديم تحليل لها ؛ اعتبرناه ضروريا فى مواجهة التحليلات التق سبق
تقديمها من بعض الأساتذة والكتاب المهتمين بالدراسة التاريخية .
وقد يدهش القارىء لهذا القول . لأن النص شاهد اثبات لا يقبل
الطعن ؛ وهو أمر صحيح ؛ ولكن الحقبقة أن بعض النصوص
فيها بالفهم والتحليل حتى يتسنى استنطاقها بما تريد البوح به . وهو
ماحدث بالنسبة لما كتبه سعد زغلول عن استقالته التاريخية .
بل إننا فى سبيل هذا الغفرض اضطررنا الى قطع أحداث
الكراسة 70 من منتصف الصفحة 488 . لكى نعرض الكراسة
رقم ١9 التى خصصها سعد زغلول للكلام عن استقالته بشكل
مختلف . اذ خشينا أن نمضى بأحداث الكراسة 0 إلى نايتها » التى
زغلول يتحدث مرة أخرى عن استقالته . وهذا العمل الذى
أقدمت عليه غير مسبوق ؛ لأن التقليد جرى على نشر الكراسات
كاملة بتتبعها الزمنى بالنسبة لمذكرات. أى زعيم . لا تقطيعها إلى
أجزاء . وفصل كل جزء منها عن الآخر بكراسة أو كراسات من
الناحية الشكلية على الناحية الفنية فى نشر المذكرات جناية فظيعة +
إذ ليس من المفروض فى القارىء أن يعود أدراجه بين الحين والآخر
إلى ما بدأ به وما انتهى من قراءته ؛ فإذا أمكن ايجاد نوع من
التسلسل الزمنى حتى على حساب الناحية الشكلية المتمثلة فى وحدة
الكراسة » كان ذلك أصوب من الناحية الفنية » طالما أن الثاحية
. العلمية متوفرة من حيث الحرص على اثبات النص كاملا ومحققا
ولعل طبيعة مذكرات سعد زغلول الخاصة هى التى دعت إلى
يتعذر معه من الناحية العلمية الصحيحة عرضها كاملة . وقد ضرينا
تحتوى على أحداث وقعت فى عام “107 وأخرى وقعت فى عام
و1404 و1417 . ويرجع السبب فى ذلك إلى طريقة سعد ٠8
زغلول فى كتابة المذكرات ؛ فلم يكن يكتب فى كراسة واحدة حتى
تنتهى 6 بل كثيرا ما كان يكتب فى عدة كراسات فى وقت واحد ؛
دائا » وهى أن سعد زغلول لم يكن يكتب للغير وإنما كان يكتب
تمزيق وحدة الكراسات ؛ حتى لا أمزق الوحدة التاريخية والتسلسل
الزمنى للأحداث ؛ وترتب على ذلك تقسيم الكراسة من هذا النوع
إلى أجزاء مرقمة ؛ كما ترتب عليه تقديم جدول جديد بالكراسات
مرتبة ترتيبا زمنيا ألحقته بنباية الجزء الأول من المذكرات .
على أن ما حدث فى هذا الجزء الرابع يختلف بعض الشىء عا
حدث فى الأجزاء الثلاثة السابقة ؛ فقد كان تقسيم الكراسات فى
تلك الأجزاء يتم على أساس زمنى ؛ ولكن تقسيم بعض الكراسات
فى هذا الجزء الرابع تم على أساس موضوعى . وقد ضربت المثل
الصفحة 488 لعرض الكراسة رقم 14 الخاصة باستقالة سعد
زغلول ؛ ثم تابعت عرض النصف الثانى من الكرسة ٠0 بعد انتهاء
وعلى كل حال فإن الكراسة ٠0 لها وضع فريد فى مذكرات
سعد زغلول © اذ هى بالغة التعقيد . وقد سبق أن نشرت الجزء
الأول منها فى الإجزء الثالث على قسمين : الأول من ص1٠ إلى
للترتبب التنازلى » إذ كان من المفروض أذ بمضى الجزء تنازليا من
ص ٠١5 إلى ١ ٠١44 ولكن الجزء الأخير من ٠١٠7 إلى 1٠١44
ورد قبل الجزء السابتى له من ٠١58 إلى ٠١٠4 .
وقد كان علينا تقسيم بقية الكراسة 0 فى هذا الجزء الرابع إلى
ثلاثة أجزاء أخرى : الجزء الأول ( وهو الثانى فى الترتيب ) من ص
الترتيب ) من ص 468 إلى ص 488 ١ ويتناول الفترة من 4؟ ابريل
7 إلى #١ مارس 1917 . والجزء الشالث ( وهو الرابع فى
الترتيب ) وقد قسمته إلى ثلاثة أقسام : الأول من ص 588 إلى
1 » ويتناول الفترة من ؟ إبريل ٠١١١ إلى يوم ٠١ أبريل 17ح1 6
الفئرة من م مايو إلى 8 يوليو سنة 19٠7 .
ومن ذلك يتبين صعوبة قراءة هذه الكراسة الفريدة . وليتصور
التقسييات السابقة » كيف كان يتسنى لأحد فهم ما فيها وفقا لترتيب
8 + التى قسمناها إلى ثلاثة أجزاء : الأول . ويتضمن يوم 77 يناير
٠ + والشانى » ويتضمن يوم أول مايو ١41“ + والثالث +
ويتضمن الفترة من ١١ سبتمبر ١416 إلى 16 سيتمبر 1816 .
يتضمن يوم 4 نوفمبر سنة 14٠١ ؛ والثانى » ويتضمن الفترة من ؟
ديسمبر سنة 1417 إلى 716 ديسمبر اسلة 1417 .
وقد قسمنا كذلك الكراسة 77 إلى قسمين : الأول ؛ ويتضمن
يوم 1١ ديسمبرسنة 1417 ( من ص ٠١7 إلى ص ؟١١٠)
ترتيب أحداث الكراسات » وترتيب صفحاتا تنازليا أو تصاعديا
إذ كان سعد زغلول يكتب فى نفس الكراسة مرة من اليمين إلى
اليسار ؛ ومرة من اليسار إلى اليمين كما هو الحال بالنسبة للكراسة
رقم 7١ ولكن الصعوبة تمثلت فى أن رداءة الخط قد جعلت
بعض الوقائع يبدو شبه مستحيل ؛ كما هو الحال بالنسبة لمسألة
«محمد بدران» التى استغرقت جهدا تجاوز الستة أشهر ! فلا أكاد
أصل إلى قراءة معينة للنص ؛ وأحاول تأكيد هذه القراءة فى ضوء
ماورد فى صحف تلك الفترة » حتى أكتشف أن القراءة كانت
خطأ ؛ وعلّ أن أعيدها من جديد ؛ حنى حفظتها عن ظهر قلب
ثم أخذت رموزها تتكشف تدريجيا .
وفى الواقع أن التجربة أثبتت أن ترك العمل فى النص بعض
الوقت . مع الاشتغال الذهنى فيه بين الفينة والفيئة يؤؤق ثمارا
الصحيح . والمشكلة أن النص يكون مفهوما بصفة كلية ؛ من
خلال معناه العام ؛ ولكن تتعذر كتابته لوجود بعض ألفاظ فيه لم
يتيسر قراءتها القراءة الصحيحة . ويمكن تشبيه ذلك بالقراءة فى
كتاب مكتوب بلغة أجنبية » فإن وجود بعض كلمات متناثرة مجهول
من السياق العام للكلام .
وقد واجهتنى هذه المشكلة فى الكراسة رقم ١4 التى سطر فيها
سعد زغلول مشاعره تجاه استقالته . فقد كان فيها عبارة طويلة
تعذرت قراءتها » رغم أن معناها العام كان يمكن استنباطه بشكل
من الأشكال » وتمضى على النحو الآ « إذا صح لبس البادية أن
تفضل سكن الخيام وأكل الكسرة ولبس العباءة مع الحرية على سكنى
القصور ولبس الحرير وأكل الخروف مع الاستعباد أفلا يليق بابن
العلم أن يتنازل عن حريته فى مقابلة مبلغ من النقود مهما كان
عظيا » إلى آخره . فلعمق التفكير فى هذه العبارة ؛ فإن العقل
الباطن خدمنى فى قراءتها أثثاء نومى بعد تفكير طويل ! لقد علق
سعد زغلول على استقالته بأنه إذا كانت بنت البادية تفضل حريتها
على سكنى القصور فلا يليق به أن يتنازل عن حريته مقابل مرتب
منصبه الكبير . والمشكلة أن كلمة « بنت » كانت تقرأ « لبس 6 ©
وبالتالى كان النص يهرب كالزثبق » ولكن الحصول على المعنى العام
للعبارة مكننى من قراءة كلمة « بنت » بعد أن كانت قراءتها في حكم
© 1446 المرحوم الباحث محمد حجازى ؛ الذى لقى ربه هذا العام
وكان ذا موهبة خاصة فى قراءة ما يغمض على الكثيرين قراءته من
طلاسم خط سعد زغلول ؛ وقد خدم قراءة مذكرات سعد زغلول.
خدمة جليلة رحمه الله رحمة واسعة . ومن هنا فإن قراءة هذه
وهذا الأمر يختلف عن عملية تحقيق المذكرات . التى هى
مسئوليتى الخاصة لا يشاركنى فيها أحد . بحكم العقد المرم بينى
أن يقتصر على شخصى دون أحد آخر . وهذا التحقيق يتضمن
التعبير » ولا يتضمن أية اشارة الى انتهاء موضوع وبداية موضو
المخاطب أو الغائب . ومن المعروف أن علامات الترقيم هى أشبه
الحال بالنسبة لمذكرات سعد زغلول . ومن هنا كان وضع علامات
الترقيم عملا بالغ المشقة ؛ لا يمكن أن يتم الا بعد فهم واستيعاب
كامل للنص ؛ لكى يمكن تقسيم العبارة بفصلات » أو إنهاؤها
بنقطة » وتطبيق قواعد وضع علامات الترقيم بدقة . وأود هنا أن
أقول إن علامات التعجب والاستفهام كلهاغير موجودة فى المخطوط
الاصلى وحالما نفس حال علامات الترقيم فهى جزء منها بالضرورة
وقد رأيت فى شروحى على النص أن أوفر عل 'القارىء مشقة
الرجوع إلى المصادر الأصلية » لتوسيع معلوماته فى هذه المسألة أو
تلك ؛ ٠ فاهتممت بتقديم حواشى مستوفاة ؛ وصل بعضهادالى عدة
أستعين بأحد من الباحثين فى نقل بعض النصوص من الجرائد » الى
أحددها له مسبقا » فانى كنت أنسب هذا الثقل له حتى يتحمل
أمانة علمية ؛ وإنما هو تحميل كل فرد بمسئولية عمله . أقول ذلك
لكثير من الباحثين والكتاب الذين ينسبون لأنفسهم.فضل أعمال لم
يشيروا بأية اشارة الى من نقلوا عنه النصوص التى لقى مشقة كبير؛
وقد رأيت أن أدع أيضا فى هذا الجزء بعض أشكال كلمات
المذكرات كما كتبها سعد زغلول دون تغيير » وهى الأشكال القديمة
زغلول « مسؤول » . ومثل « مسألة » التى يكتبها سعد زغلول
« مسئلة » وهو شكل جائز للكلمة ولكنه لم يعد مستخدما . كذلك
لا يجب ان يكتب إلا إذا كان ما بعد « أن لا » اسما وليس فعلا .
وقد قصدت بترك هذه الأشكال كما هى أن يعيش القارىء فى جو