"فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأحلاقهم توزن الأقوال والأخلاق
والأعمال وتمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال؛ فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة
البدن إلى روحه والعين إلى نورهاء والروح إلى حيانها!"".
وفاقت معرفة العارفين؛ حق حصل لأمته المومنين عموماً ولأولي العلم منهم خصوصاً من العلم
الناقع والعمل الصالح والأحلاق العظيمة؛ والسئن المستقيمة؛ ما لو جمعت حكمة سائر الأمم»
علماً وعملاً الخالصة من كل شوب إلى الحكمة الي بعث الله بما لتفاوتا تفاوتاً ممنع معرفة قدر
النسبة بينهماء فلله الحمد كما يُحب ويرضى!"".
"والحمد لله الذي أغنانا بشريعته الب تدعو إلى الحكمة؛ والموعظة الحسنة؛ وتتضمن الأمر
بالمعروف والأمر بالعدل والإحسان؛ والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي» فله المنة والفضل على
أبواب التوبة والمغفرة والرحمة؛ فأحب الوسائل إلى المحسن التوسل إليه بإحسانه؛ والاعتراف له
ثم ليُعلم أيضاً أن الله قد كرم بي آدم بأمور منها: العتقل الذي زينه به لكنه مع ذلك لا
يستقل بمعرفة الخير والشر إلا في ظل الشريعة الإسلامية؛ وما ضل من ضل من الفلاصفة
وقد "علم بالتجارب والخبّرة السارية في العالم من أول الدنيا إلى اليوم أن العقول غير مستقلة
+) 34/1 1( - ] اقتباس من كلام ابن قيم الجوزية في [ زاد اماد )١(
»)14/1( [قتضاء الصراط المستقيم] لشيخ الإسلام حرحه الله- )(
(©) [ هداية الحيارى ] لابن القيم -رحمه الله- (ص33) <بتصرف يس >.
(4) [ الاعتصام ] للشاطي (11/1)-
ف"لعقول لا تسُتقل بإدراك مصالحها دون الوحي!"".
وإن السلف من الصحابة ومن بعدهم قد قاموا بالجهاد في سبيل الله حت قيام -ومن ذلك
الجهاد باللسان والحجة والبيان- يعرف ذلك من يقرأ في سيرهم وأخبارهم "فهم الذابين عن
عنه كيد الشيطان وضلاله فضلهم بشرف العلم» وكرمهم بوقار الحلم» وجعلهم للدين وأهله
أعلابٌ وللإسلام والهدى مناراً وللخلق قادة وللعباد أئمة وسادة؛ إليهم مقرعهم عند الحاحة
وبهم استغائتهم -بعد الله- عند النائبة!"".
ومن أعظم الجهاد ما يكون به دفع المنكر باللسان والححة لمن كان أهلاً لذلك وكان
"فحماية الدين من العاديات» وكف عدوان المعتدين من أعظم وأخطر مهمات أهل العلم
مصارع أهل البدع والزندقة والكفر على أيديهم؛ حىق حصحص الحق وزهق الباطل.
.) 17 / ١ ( - اللصدر السابق )١(
() [هداية الحيارى ] - رص ؟؟ )-.
(©) اقتباس من كلام ابن جرير الطيري من مقدمة كتابه [صريح السنة] (ص17) بواسطة [صون المنطسق] - (ص88)
(8) أخرحه مسلم زفي صحيحه بشرح النووي 8/ 6917 برقم [44 ] - والحديث له قصة.
الحوار أصوله وآدابه وكيف دربي أبداءنا عليه؟ مقدمة البحث
فلا أقوى من سلطان الحجة؛ ولا أسطع من نور الدليل والبرهان» وهذا من أعظم ما عتاز
به دين لله الحق؛ إذ هو ححة وينة؛ ودليل وآية؛ وبرهان وهدى وشفاءً لما في
-عليهم الصلاة والسلام - وما غلبت ححتهم قطا"".
وقال المأمون الخليفة العباسي: "غلبة الحجة أحب إليّ من غلبة القدرة؛ لأن غلبة القدرة
تزول بزوالها وغلبة الحجة لا يزيلها شيء”".
وهو يلمح إلى أهمية الإقناع بالبوهان والدليل الذي هو ثمرة من ثمرات الحوار والمناقشة
فالجهاد أوسع وأشمل وأعمق من ذلك بكثير فهو يشمل: "جهاد العدو بالسيف» وجهاد البرهان
والحجة وقطع الخصم؛ وجهاد الكلمة والقلم؛ وجهاد النفس والشيطان" فجهاد العدو بالسيف
هو بعض أجزاء ومعاني الجهاد في الإسلام؛ فالجهاد بالسيف هو بالمعى الخاص لكلمة الجهاد»؛
ولا يعي هذا التقليل من شأن الجهاد في سبيل الله فلكل مقام مقال» ولكلٍ أهله وفرسائه.
والجهاد في سبيل الله -مع كونه قد تعطل في كثير من بلاد المسلمين إلا ما رحم الله- قد
تشوه عند كثير من الناس لا سيما الشباب منهم» اما يشنه الأعداء -وبخاصة المستشرقون
منهم- ضد الإسلام من حملات على مسلماته ومنها الجهاد هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى ما
تركته الأحداث الأخيرة؛ وما وقع فيها من تفحير وتخريب وإفساد» وإزهاق للأرواح الويثة؛
»-)11/1( [منهج الحدل والمناظرة ] للدكتور: عثمان حسن- )١(
.> الصدر السايق -(17/1)- نقلاًّعن ابن حزم في [ الأحكام ] - < بتصرف )1(
نقلاً عن الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي(111-111/7)+ - )١١ /1( المصدر السابق )©(
الحوار أصوله وآدابه وكيفذ دربي أبناءنا عليه؟ مقدمة البح
وبخاصة إذا ربطت هذه الأحداث بأشخاص وأشباح ينتسبون إلى الإسلام ويا للأسف؛ وقد علم
أن الإسلام لا يتمثل في شخص غير الني 4 » ولا يرتبط الدين بأي شخص بغد الني ف
أسباب منها: (طبيعة الحياة؛ ونوعية المأكل والمشرب) إذا انضاف هذا إلى قول بعض الحكماء
"الإنسان مدني بطبعه”'"؛ علم أن الإنسان لا بد وأنه سيخالط إخوانه وخلانه بشكل أو بآخن
والمخالطة تستدعي اختلاف وجهات النظر كما ذكرت»؛ وهذا بدوره يودي إلى ظهور المحاورة
والمناظرة: إما لإثبات حت أو إظهار دليل؛ أو دحض شبهة؛ وإزالة إشكال قائم» أو غير ذلك من
طرفان (كالحديث) فهو يُطلق على ما يجري بين اثنين أو جماعة!". وهذا معلوم وواضح بلا
إشكال إلا ما يذكر عن بعض الفلاسفة".
وقد جاء في فضل مخالطة الناس بقصد نفعهم ما روى عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- قال: قال رسول الله 4: "المؤمن الذي بُُخالط الناس؛ ويصبر على أذاهم؛ خير من
إذا علم هذا فلا يُقال أيضاً إن بين الأمر بالمحادلة بال هي أحسن منافاة للأمر بالقتال "فإن
من الناس من يقول: آيات المحادلة والمحاجة للكفار منسوخات بآية السيف؛ لاعتقاده أن الأمر
)١( انظر: المقدمة - لاين خلدون.
(1) كما في [ مس العلوم ] - للحموي - ( 3 / ١678 ).
(©) انظر: [ما اتفق لفظه واختلف معناه] لابن الشجري -(ص 48)-.
(8) انظر: الموسوعة اميسرة ( 3 / ٠١** ) + و[منهج الدل ولناظرة ] (1/ 697 ).
برقم (788 )» وحسنه الحافظ ابن حجر في [الفتح ] ( 3 / 1١86 )-
وانظر: [الصحيحة] للألباني (474) وصححه أيضاً أحمد شاكر في تعليقه على المسند برقم ( 8077
بالقتال المشروع يُناني المجادلة المشروعة وهذا غلط» فإن النسخ إنما يكون إذا كان الحكم الناسخ
مناقضاً للحكم المنسوخ؛كمناقضة الأمر باستقبال المسجد الحرام للأمر باستقبال بيت المقلس
حرا 0
فهذا لا يناقض الأمر بجهاد من أيِرٌ مجهاده منهي ولكن الأمر بالقتال يناقض النهي عنه
والاقتصار على المحادلة؛ فأما مع إمكان الجمع بين الجدال المأمور به؛ والقتال المأمور به» فلا منافاة
لا ينفع الأخرى» وأن استعمالهما جميعاً أبلغ في إظهار الهدى ودين الحق!'".
ويُشوهوه ويهمشوه؛ وللعلماء -رحمهم الله- في تزييف زعمهم وادعاءاقم مؤلفات ليس ها
موضع ذكرها أو الحديث عنهاء
وقد ظهر في هذا العصر ما يُسمى بز العلاقات العامة) والذي يبدو من معناه أنه أوسع
والحوار الذي هو موضع البحث شأنه كشأن غيره من قضايا الإسلام "لا يعكن تحقيقه إلا
بقواعد وأصولٍ عام وآدابٍ وأخحلاق رفيعة؛ مستنبطة من الكتاب والسنة تُساعد في إنجاح
الحوار وتحافظ على جوهره؛ وتضمن استمراره -بإذن الله- وتقضي على كثير من سلبياته»
وتنقيه من الأخطاء والشوائب الي يمكن أن تعصف به فتعطله عن مسيره؛ أو نموي به في مكان
)١( [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح] -لشيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله - (1/ 4-177 لا)
فكان لابد من ارتباط الحوار بالشريعة الإسلامية وأن يكون على منابر العلماء العارفين
البارعين الراسخين الذين قد عرفوا الشريعة ومقاصدهاء وقد ألموا بأدلتها وأحكامها؛ فهم ورثة
نفسه "فصحة الفكرة لا تستدعي بالضرورة نجاح المحامي في عرضهاء وكم من أفكار ينة
صحيحة خسرت المولة بسبب محاميها العاجزء وكم من أفكار منحرفة كتب لا الفوز في مكان
أو زمان أو مناسبة بسبب عاميها القدير» ونحن في محال الدعوة الإسلامية لدينا أعظم فكرة
وأصربما وأصحها وأصدقهاء ويبقى لنا المحامي القدير الذي يحسن عرض مادته النفسية بأحسن
الطرق لإقناع الآخرين هالا"".
والسنة ومقاصدهما- بشيء من آداب الحوار الذي هو نتيجة مخالطة الناس ومعاشرقي»؛ ويكون
على دراية بفنون الكلام من الفصاحة والبلاغة وما إلى ذلك؛» ومن كان كذلك مع صحة النية
والإخلاص فهو أحرى وأجدر أن تثمر دعوته» وهو بذلك أقدر على إنجاح أعماله ونجاح مهمته
-بإذن الله تعالى-.
ثم هناك أمر آخر يستدعي الاهتمام بموضوع الحوار والجدال بالبي هي أحسن؛ وهو ما يسره
الله لهذه الأمة في هذا العصر من سهولة الطباعة والتفنن في ذلك؛ وانتشار الكلمة وذيوعها من
أقصى المشرق إلى أقصى المغرب والعكس في مدة وجيزة؛ وأصبح هذا العالم» وكأنه قرية أو بجتمع
صغير من حيث تيسر المخاطبة والاتصال؛ خاصة مع ظهور "شبكة الإنترنت" والي
حطمت الحاجز الذي شيده ويشيده المستشرقون للحيلولة دون رؤية الإنسان الغربي لنور
وهذا الاتصال السريع -مع ما فيه من السلبيات العظيمة وبخاصة لمن لا بحسن استخدامه-
له فوائد عظيمة» حيث قد يُستخدم وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله والتعريف بالإسلام؛ فيجد
في الحديث الذي أخرجه الحاكم في *"مستدركه" قال : "لييلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار»
في الإسلام ويّذل به في الكفر* !" .
أكثر من حاجتنا إلى دراسته نظرياً؛ ومن الطبعي أن الجانب العملي ف الجانب العلمي
شأنه شأن غيره من العلوم والملعارف والآداب الي لا تحظى بالتطبيق العملي.
ثم الجدل بصفته طبيعة بشرية موجود مع وجود الإنسان؛ والأهم هو دراسته بآدابه وضوابطه
واقع دعوم وتعليمهم الخير للناس. ولا يعن ذلك أن هذا الجانب هو الوحيد من محالات الحوار
كتب الحوار في جانب الدعوة الإسلامية.
)١( مستدرك الحاكم ( 116/5) برقم ( 4771 ). وقال: "صحيح على شرطهما". وعزاه أيضاً للإمام أحمد الحافظ ابن
حجر في [إتحاف الهرة] (©/11) برقم (1470). وانظر: أطراف المسند له (1/+ 18) برقم ( 1714 )د
(9) أصل هذه الرسالة: عبارة عن بحث مطروح من قبل وزارة التربية والتعليم للعام 478 1ه/477١ ه باسم: "الحوار
ليس كذلك؛ بل وجد في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الحوار وكذلك وجد في تاريخ
السلف على امتداد القرون والأزمان من غير نكير؛ وفي مقابل هذه الطائفة من الناس طائقة
أخرى قبلوا الحوار بدون ضوابط وآداب وأصول وزعموا أن ذلك من حرية الرأي وطرحوا
الأدلة النقلية من الكتاب و السنقه وهذا عين الخطأء والوسسط هو الطلوب يل كلك
وهذا الموضوع -الحوار- وما يتعلق به قد كثرت فيه المولفات ما بين مطولات
والمختصر؛ ومنهم من يعني بالأصول والفروع والآداب والضوابط ومنهم من يقتصر على بعض
ذلك؛ ومنهم من تكون نقطة انطلاقة شرعية -وهذا هو المطلوب والمتحتم- ومنهم من
يفوته ذلك؛ ثم من كان من أرباب الحدل والحوار» وفرسان الكلمة والمناظرة يكون كلامه
إَ الكتابة في هذا الموضوع يتحاذبه أمور وال من شأنها أن تجعل الكلام مبسوطاً أو
ترا بحسب العقل والتحربة والعلم والمعارف والمراجع؛ وسعة الصدر للبحث وغيره» وتلك
الحوار أصوله وآدابه وكيف دربي أبنانا عليه؟ مقدمة البح
خطت البحث
وأما طريقي في هذا البحث فستكون -بعون الله وتوفيقه- على النحو التالي:
([)وضعت خطة لهذا البحث مكونة من مقدمة وأربعة أبواب؛ وخائمة.
الخلاف والحوار وحرية الرأي في الإسلام ]
الفصل الأول:- (معى الحوار في اللغة والاصطلاح]...
المبحث الأول: معنى الحوار في لغة العرب.
المبحث الثائبي: معى الحوار في الاصطلاح .
المبحث الثالك: كلمات ذات صلة بمدلول كلمة ( الحوار )-
الفصل الثاني:- [حرية الرأي في الإسلام )...
وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: الإسلام والحرية .
المبحث الثافبي: أنواع الحريات في الإسلام .
المبحث الثالك: حرية الرأي في الإسلام .
المبحث الرابع: بعض القيود الواردة على حرية الرأي في الإسلام.