المقدمة
نيه تبيان لكل شيء؛ وهو (دستور) المسلمين وحبل الله المتين وعروته الوثقى
لا انقصام لهاء من استمسك بها لن يضل أبداً .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسله رب العزة شاهداً ومبشراً
فإنَّ الدعوة إلى الله تعالى وإلى كتابه العظيم القرآن الكريم وتبليغ رسالته
وتحكيم شريعته )١( هي وظيفة من أعظم الوظائف ومهمة من أهم المهمات
كلف الله تعالى بها الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وعلى أتباعهم أجمعين.
هذه المهمة قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ) وهي أشرف منزلة
وأعلى وظيفة وأرفع مكانة وأثقل مسؤولية حملها الإنسان وانبل أمانة تعهدها
بعد أن أشفق عليه بها رب العزة والجلال في قوله«»: إِتَاحَرشْتَالْأَمَانةٌ
ب فقن هلها
)١( ذلك قول الله تعالى في ثلاث أيات من سورة المائدة.
وين لم يحكم هم الظالمونا"60.
() ذلك قول الله العظيم في سورة مريم.
(©) انظر سورة الأحزاب الآية رقم (0/0.
وقد قا محمد بن عبد الله [11]485) خير قيام وجاهد من أجل ذلك خير
جهاد وبِلّمْ الرسالة أجمل تبليغ وصبر على ذلك وتحمل المشاق والأذى
الشديد غير مبال بما ناله - وصحبه الكرام من أذى المشركين وعدائهم
قال عز من قائل:
الربت ل رفوتت لبس لاله
ولم يزل على ذلك زكِيةٍ] حتى أتاه اليقين وأكمل الله به النعمة وأقام
قال الله ع وجل : ))
واتبعوها فكان لهم النصر والظفر رغم قوة قادة الكفر وعبّاد والأصنام وكثرتهم
الكاثرة فتحقق وعد الله ونصره بقوله في القرآن العظيم ا 0
7 قال الله تعالى في سورة الأياء:
(9) انظر سورة الأحزاب الآية رقم (34).
(©) انظر سورة المائدة الآية رقم (0).
(4) قال الله عز وجل في سورة الجائية.
(ه) انظر سورة غاق الآية رقم (81)
قال بيكتول:
«القرآن هو الذي دفع العرب إلى فتح العالم ومكنهم من إنشاء امبراطورية
فاقت امبراطورية اسكندر الكبير والامبراطورية الرومانية سعة وقوة وحضارة
ثم قيض الله لهذا الدين العالمي الذي قام بالدعوة إلى الأمن والسلام
وحب الناس كل الناس قيض له أنصاراً من شعوب شتى وأمم مختلفة في كل
الأقطار والأمصار والبلاد كانوا نبراساً للدعاة ينافحون عن الإسلام ويذبون عن
حياضه ويدعون إلى اعتناقه بالحكمة واللين بلا اكراه يبرون من خالفهم
ويقسطون إليهم ويقاتلون من قاتلهم جهاداً في سبيل الدعوة إلى الإسلام
ودفاعاً عن النفس لحفظ النوع لايخافون في الله لومة لاثم .
قال رب العزة والجلال في محكم أيانه:!" لتبكائة
لقد تربوا على فهم معنى الحرية والأمن والحب والسلام والبر بمن خالفهم
والتوجيه والإرشاد والتعليم لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
إن أولشك الدعاة ضربوا أروع الأمثلة بالدعوة إلى الإسلام ونشر عقيدة
التوحيد فكان ذلك نبراساً للدعاة وكنزاً للدعوة لا ينضب معينه ولا تزال أمة
الإسلام بهذا القرآن محفوظة إلى ما شاء الله إلى أن يرث الله الأرض ومن
)١( انظر محمد نمر الخطيب كتابه مرشد الدعاة ص 49 الطبعة الأولى منشورات دار المعرفة بيرت
(1) انظر سورة الممتحنة الأيرقم (م)
(©) نفس السورة الآية رقم (4).
إنَّ جهاد محمد بن عبد الله كل ] وجهاد أصحابه وخلفائه ومن جاء بعدهم
يعطينا صوراً مشرقة تعد أعظم مثل يحتذى وأكبر حافز لمواصلة المسير في
الدعوة إلى الله العظيم إلى نشر دينه العالمي؛ دين الأمن والحرية والسلام»
بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر بالحوار
المتبادل بين المسلمين وغيرهم بأسلوب تربوي رفيع تتعدد صوره وأشكاله
بتعدد وساثله وجوانبه وأطرافه وطرقه.
لقد أدرك السلف الصالح من الدعاة إلى الله من هذه الأمة ما يجب عليهم
وما يفترض فيهم من القيام بنشر تعاليم الإسلام الحنيف التي تدعو إلى الحرية
والأمان والمحبة والسلام بكل وسيلة من الوسائل الممكنة توجيهاً وإرشاداً
وتعليماً وبث الدعاة وبعثها من الرجال والنساء وإرسال الرسائل والكتب
عصر ومصر وفي كل بلد وقطر» إنه لشيء يفوق الوصف ويذهل العقول أن
نرى راية الإسلام راية التوحيد والسلام ترفرف في الصين» في الهند» في كل
قال العلامة الشيخ محمد الدربعي :
«كان الإسلام لبناء دولة ونشر دعوة وإعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول
لله فلا عصبية لعرق ولا لوطن ولا لجنس بل إخاء كل الإخاء . فمن كان يريد
أن تنتشر دعوة الإسلام فلييق على هذا الإخاء .
.)4( انظ سورة الحجرالآية رقم )١(
ومن كان يريد إعلاء راية الإسلام فلييق على هذا الإخاء» .97
إن سر ذلك واضح جلي في نفوس أهل العلم ورجال الفكر من علماء
المسلمين فنحن خلف لسلف أثمة ديننا الحنيف نعلو به ونكافح من أجله
لقد كان المسلمون الأوائل سلف هذه الأمة أمة الرحمة المهداة من رب
العالمين إلى الأمم والشعوب كافة دعاة خير ومحبة وهداية وسلام حاملي
مصابيح النور تضيء الطريق للسالكين فيه.
قال الله تعالى في محكم التنزيل: # لسوت
اوعد 72د اا دا
نعم لقد كان المسلمود الأوائل يدعون بعلم وبصيرة إلى دين النور دين
واضح المعالم يحقق السعادة للناس كل الناس مؤمنهم وكافرهم لافرق بين
أبيضهم وأسودهم لأنهم عرفوا وفهموا معنى الأثر: «الخلق كلهم عيال الله
نعم إنهم يدعون بعلم وبصيرة إلى دين يحقق الأمن والحياة الكريمة لكل
الخلق يبشرونهم أن لهم في الآخرة جنات عرضها كعرض السموات والأرض
(1) من خطبة جمعة القاها الشيخ العلامة محمد الدريعي في 18/4/19 1ه في جامع الخيرية في الرياض.
(؟) انظر سورة النور الآية رقم (6؟).
أعدت لمن آمن بأن الله واحد لاشريك له إلهُ متفرد بالوحدانية متفرد بالربوبية
متفرد بالألوهية؛ متفرد بالعبودية ويحذرونهم من عذاب أشد من عذاب الدنيا
عذاب نار جهنم لمن عبد الأوثان والأصنام وعبد الطاغوت كل ذلك حباً في
الخير لخلق الله وخوفاً عليهم من العذاب الأليم والخلود في نار الجحيم.
وكان من أسباب نجاح هذه الدعوة أن الداعي كان عالماً بما يدعو إليه
حسن السيرة والسلوك حسن الأسلوب فصيح اللسان واضح البيان قوي الحجة
أذى وكان من أسباب ذلك أيضاً اتصاف الداعي بالأعمال الحسنة وتحليه
بالأخلاق الكريمة.
كل هذه الفضائل كانت من أقوى الأسباب والدوافع التي أدت إلى نشر
دعاة اليوم أن ندرك ويدركه المسلمون جميعاً في أصقاع الدنيا في هذا العصر
الذي طغت فيه المادية الفاجرة وبغى فيه الإلحاد السافر الماكر وتفنن في
أشكاله وألوانه وطرق بثه وبعثه في النفوس نفوس الأصدقاء قبل الأعداء من
المسلمين وغير المسلمين وإغراق العالم كل العالم في خضم أمواج متلاطمة
من المفاسد وفي بحر لا قرار له من الفتن وسيل عارم جارف من الهرج والمرج
إَّ الجهل بتعاليم هذا الدين العالمي وعالمية تعاليمه السامقة ومخالفة ما
جاء به الصادق الأمين لهو من أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف المسلمين
وأوطانهم .
لقد ضاعت بلاد الأندلس العزيزة وضاعت فلسطين الحبيبة وأحرق
المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين مسر ئاأرسول محمد بن عبد الله
الله ونشر شر تعاليم ا بالحكمة والمرة ال الحسنة
وكذلك وجب علينا أن نكون قدوة حسنة صالحة يُقتفى أثرها سواء كان
ذلك من المسلمين الذين أصبحوا غرباء عن دينهم أو غير المسلمين المغرر
© أهمية الدعوة.
© طرق الدعوة.
© وسائل الدعوة
© الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية وخاصة ما يتعلق بالحوار
المتبادل البناء المثمر من غير عنف أو سغسطة.
© ثم تحدثت فيه عن التربية الإسلامية لأن الدعوة إلى الإسلام هي في حد
الإيمان بأنَّ الله واحد لاشريك له وتحريرهم من عبادة العباد إلى عبادة
الواحد القهار رحمة بالعالمين جميعاً لقوله تبارك وتعالى في محكم التنزيل
.)178( انظر سورة النحل الآية رقم )١(
إن الدعوة مطلوبة من المسلمين عامة ولاسيّما من رجال الفكر وعلماء
الإسلام وطلاب العلم لتحقيق تلك الغاية النبيلة ونشر تعاليم الاسلام العالمية
ب الرحمة جميع سكان الأرض. وتحقيق الخير لهذه الأمة العظيمة
ثم أوضحت فيه أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبينت طريقة
الهادي البشير كيف كانت دعوته وأشرت إلى توجيه رب العزّة والجلال رسوله
الأمين إلى تلك المثل الفاضلة النبيلة .
فقال الله تعالى مخاطباً محمداً قله .
«أي يا محمد ما أنت على الناس بمسلط تجبرهم وتقهرهم على الإيمان
ذلك تطمين للرسول محمد [485] أنه غير مسؤول عن عدم اهتدائهم لأنه نما
فالدين الإسلامي ليس حكراً موقوفاً على رجال من المتفيقهة هذا يكفر
بعضاً من الناس ويدخلهم نار جهنم وذاك يلبسهم ثوب العابد المتسك
ويمنحهم جنات عرضها السموات والأرض لا وألف لا . الله الله عباد الله اتقوا
الله في عباده.
عمران الآية رقم .)11١(
() انظر سورة ق الآية رقم (45)
(8) انظر محمد مفيد بن عزة الخيمي كتابه عقيدة البعث والنشور في سورة قط (1) ص 4© منشورات مؤمسة
إن الداعية صورة للأخلاق حية وصورة للمثل العليا وضاءة تتجسد فيه .
© ثم ضربت أمثلة حية على ذلك من خلال سننه [86] القولية والفعلية
© ثم عرضت صوراً من دعوة السلف الصالح من التابعين وتابعي التابعين
من هذه الأمة العملاقة رضي الله عنهم وأجزل لهم المثوبة وأدخلهم جنات
النعيم وجعلهم على سر متقابلين إن جواد كريم . إنها محاولة جادة أسأل الله
العلي الأعلى أن يجعلها مثمرة قطوفها دانية لينتفع بها عامة المسلمين
فهي جهد حسبي فيه أنني أردت خدمة الدعوة والدعاة لرفعة أمتي ونشر
0 وتوتعوزيم "
وذلك من خلال كتابه العزيز الذي يعد مصدراً من مصادر المسلمين الرئيسة
في الدعوة والارشاد والتقنين واقتداءً بسنة أبينا إبراهيم بيم الخليل (ر88] واتباعاً
لسنة نبينا محمد [485] رسول الأمن والمحبة والسلام.
لمن أراد أن يسلك هذا الطريق راجياً المولى العلي القدير أن يعينهم على
فهم أبوابه ٠
كما أسأله تعالى أن ينفعني به يوم الدين وأن ينتفع به من قرأ وعمل به .
وإني :
أستغفر الله تعالى مما زلت به القدم أو طغى به القلم؛ واستغفر الله تعالى
من أقوالي التي لاتوافق أفعالي وأعمالي ؛ واستغفر الله تعالى من كل علم أو
.)9( انظر سورة الصف الآية رقم )١(