وتلين القلوب. وتشحذ الحهمم»؛ وتبدد الأنانيات أساس جيع المفاسد
والجرائم . .
أجل بحثنا عن كل ذلك؛ فلم نجد كتاباً يجمع المزايا ويخلومن
وقد حاول العلماء والدعاة والوعاظ من قبلنا تحقيق هذا الأمرء فاختاروا
كتاب والإحياء» للإمام الغزالي بعد تنقيته من الأحاديث الضعيفة والموضوعة
فإن الحق يقال إن هذا الكتاب إذا اختصر ومُقق وهذب. كان أعظم
كتاب وضع للوعظ والإرشاد وسرعة التأثير في النفوس. .+
وأول من قام بهذا الصنيع الإمام أبو الفرج ابن المجوزي؛ وهو العالم
«الإحياء» في كتاب أسماه: «متباج القاصدين» ونقاه من الهفوات قدر
«فاعلم أن في كتاب «الإحياء» آفات لا يعلمها إلا العلماء. وأقلها
اقتراهاء لا أنه اقتراها. ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع؛ والاغترار بلفظ
قال رسول الله ف .
وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام (بعض) المتصوفة الذي جعه
وندب إلى العمل به. ما لا حاصل له من الكلام في الفناء؛ والبقاء. والأمر
بشدة الجوع» والخروج إلى السياحة في غير حاجة» والدخول في الفلاة بغير
زاد؛ إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره" في كناب المسمى (بتلبيس
ثم قام العلامة أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدمي بدوره في
اختصاره مرة أخرى وسماه: «تختصر منباج القاصدين»؛ وقد طبع عدة
طبعات. اطلعنا على إحداهاء فوجدناها على الرغم من فائدته. لا يزال
جديدة؛ فلم يعباً بذلك. . فاضطررنا للقيام بهذا المشروع نصرة للإسلام
وتسهيلاً لمهمة الخطباء والمدرسين ورغبة في إرشاد المسلمين؛ وسعياً لتثقيف
أنفسهم بأنفسهم» وباشرنا العمل .
غير أننا بعد ذلك» وجدنا تلخيص علامة الشام جمال الدين القاسمي
رحمه الله تعالى وأجزل ثوابه لهذا «الإحياء» في كتابه «موعظة المؤمنين» أقرب
مختصر الإمامين ابن الجوزي والمقدسي .
الغالب لعدم الفائدة من ذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة. ولو بالتعليق
واجب على كل باحث. وقد اعتمدنا في ذلك غالباً على تحقيق الحافظ
)١( العوار بالفتح : العيب
«دار البيان» بدمشق طبعة جيدة محققة.
زين الدين العراقي في كتابه القيم «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في
تخريج ما في الإحياء من الأخبار» كما اعتمدنا أيضاً على المحدث محقق «مشكاة
المصابيح» ومحقق «الترغيب والترهيب»'» واستدركنا على الحافظ العراقي في
الأحاديث غير الصحيحة. .
ذكرنا كلامه في أول هذه المقدمة. مع أنه أبقى على بعضها في «محتصره»!
*- وحذفنا أيضاً من كتاب «موعظة المؤمنين» المسائل المتعلقة بأحكام
فقهية عن الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج ؛ كما حذف أكثرها الإمام
ابن الجوزي أو المقدسي لأنها مستفيضة في كتب خصصة لهاء وهي موضع
خلاف بين اللذاهب.
- وأئبتنا بعض مباحث وأحاديث وأشعارء رأيناها مفيدة؛ وقد
مزايا الكتابين المختصرين.
وعظمته» فهو من أهم أركان الإسلام بعد الإيمان بالله تعالى» وقد لام
)١( رمز: (مم) في هذا الكتاب يشير إلى محقق مشكاة المصابيح . و دمت» إلى محقق الترغيب
والترهيب. و (مج) إلى محقى الجامع الصغير للإمام السيوطي »
+ - في الطبعة المداولة كشير من التصحيف والخطأ صححاه في هذه
ميسراً للتعليم والتعلم» مشتملاٌ عل المزايا خالياً من الشوائب لاول
بقلب سَليم ».
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل الله على نبينا محمد
ونصلي ونسلم على نبي الحدى والرحمة؛ المبعوث بالكتاب والحكمة؛ خاتم
أما بعدء فإن موعظة الناس» والتصدي لإرشادهم في الدروس العامة؛
من الأمور المهمة» المنوطة بخاصة الأمة. إذهم أمناء الشرع ونور سراجه؛
ومصابيح علومه وحفاظ سياجه. وكان السلف يملون مما وقر في صدورهم
ابتدىء بجمع الهدي النبوي للأنام. ثم اتسع العمران وعظمت الحضارة؛
فأخذ ينمو التفريع والتخريج والانبساط في الفنون على نسبتها في الغزارة؛
المعول في بثه عليهاء والملجأ في تعرف حقائقه عليهاء وتنوعت في كل فن
مصنفاته؛ وزخرت من كل بحث قاين حتى حار طالبه في انتقاء
الأحسن» واستوقف كثرتها نظره الأتقن» وأصبح التبصر في أجودها
عنوان الذكاء»؛ والوقوف على أنفعها آية النباهة والارتقاء. ولا كانت عظة
أوجب الواجبات» وآكد المفروضات, لما أخذ الله على العلماء من الدعوة إلى
الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرء فيقف المدعوون على شرائعه تعالى
فيا أمر وزجر؛ ووعد وأوعد. وبشر وأنذر» فلزم الداعي إلى الله تعالى أن
الجمهور تأسيسه ولا برهان بعد عيان.
موضوع ذكرى الناس موضوع جليل» لا يصلح له إلا كل حكيم
نبيل. أتدري من المذكرء أو الواعظ» أو المرشد؟ هو إنسان حافظ لحدود
المدارك وتصحيح المعتقدات» وإبانة سر العبادات» وإماطة ما غشى الأفهام
القاصرة من غياهب الجهالة» وتراث الضلالة .
المذكر وارث محمدي؛ واقف على مقاصد التشريع وحكمته.؛ عالم
بمواضع الخلاف والوفاق» سائس لسامكيه مما يلائمهم من الأحكام. لا يصعد
التيسير» بل يسير بهم على جادة الحق وسواء الطريق .
المذكر ينشر العلم النافع بين الناس» ويحثهم على العمل به» ويخاطبهم
على قدر عقوهم؛ ويتنزل لإرشادهم إلى لغتهم»؛ يعاشرهم بالنصح +
ويخالطهم لتأليف قلويهم .
المذكر هو العامل الأكبر في إخراج الناس من ظلمات الجهالة إلى نور
بضوئه فلا فائدة في وجوده . وحق ما قيل : «لا يكون العالم عالاً حتى يظهر أثر
وأمته. فمن الواجب عليه أن يعلم وبعظ كما فعل رسول الله قَ8.
وعل الجملة فالمذكر لا بد أن يكون كاملا في علمه؛ كاملل في تعليمه»
وغير خاف أن مذكر الناس على قوة ملكته وسعة مداركه» يضطر إلى
الممدة» فإني لم أ ن المصنفات على كثرتها ما ألف لذكرى الجماهير مستوة
بحاجاتهم 0 آتياً على جميع كمالياتهم» مجرداً عن دقائق المسائل» قريب الأخذ
للمتناول. فيستعين به المذكرء ويهتدي به المستبصر. ولم أزل أترقب من
التدريس» كل كتاب نفيس» الأعوام الطوال: أن أنفع ما يقتبس منه عظة
المؤمنين مواضيع تنتخب (من إحياء علوم الدين) للإمام أبي حامد محمد بن
هذا الموضوع لم يصنف فيه؛ إلا أن أحسن ما لدينا لذلك هو «الإحياء» بعد
تجريده» فعددت ذلك من بدائع الموافقات» وأتذكر الآن أن أحد الأعلام في
دمشق أشار ار على من استشاره من المدرسين «بالاحياء» فأخذ المدرس في قراءته
التكلان
(1) هذا الشرط ليس باليسر غالب واشتراطه يبعد العلياء عن الوعظ ويجرم الشاس منهم وهو لم
يتوفر إلا في العصوم صلوات الله عليه وسلامه . قال تعال : ؤفائقوا الله ما استطعتم».
() في الأصل حاجياهم .
(©) هوالاستاذ الشيخ محمد عبده مفتي الديار اللصرية أيام كنا في ضيافته بمصر عام 1771
واستشرناء فأشار به» عليه الرحمة (القاسمي).
كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه ونى بالملائكة وثلث بأل ابا وفك و5
شرفا وفضلا. وقال الله تعالى رفع آللَّهُ لَذِينَ ءَامسُواً بن ّ
لمم تر (المجادلة: )١١ وقال الله عز وجل : ل
بنّ ل يلون (الزسر: 8) وقال تعالى ّ
ٍٍ 0 * (النساء : 8) رد حكمة في الواقع
إلى استنباطهم» والحق وتبتهم بوتبة الأنبياء في كشف حكم الله تعال .
وأما الأخبار فقال رسول الله بق «من يراد الله به خيراً يفقهه في
الدين ويلهمه رشده:'). وقال ف : «العلماء ورثة الأنياء") ومعلوم أنه لا
تفضيل العلم على العبادة والشهادة: «فضل العالم على العايد كفضلي عل أدنى
)١( ولفظ الحديث كما في البخاري ومسلم: «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين» دون زيادة
«ويلهمه رشده» وممنى يفقه في الدين : أي يعلمه القرآن والسئة.
حسن (مم)
رجل من أصحاي» فانظر كيف جعل العلم مقارناً لدرجة النبوة؛ وكيف
حط رتبة العمل المجرد عن العلم؛ وإن كان العابد لا يخلو عن علم بالعبادة
التي يواظب عليهاء ولولاه لم تكن عبادة وقال رسول الله كَقةٍ: «فضل العالم
لابنه: (يابني! جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك» فإن الله سبحانه يجي
القلوب بنور الحكمة كما يجبي الأرض بوابل الساء).
قال علي بن أب طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: ياكميل! العلم
خير من المال؛ العلم يجرسك وأنت تحرس المال؛ والعلم حاكم والمال محكوم
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الحمدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل أامرىء ماكان ينه والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً الناس موق وأهل العلم أحياء
تعْلمُودَ» (النحل: 17). وأما الأخبار فقوله كَل : : «من سلك طريقاً يطلب
(1) من حديث طويل رواه أبو الدرداء رضي اللَّه عنه وإسناده حسن (مم).
(©) من حديث رواه أبو الدرداء وإسناده حسن (مم)
(4) حكى الحافظ العراقى صحته عن بعض الأئمة وحسنه غير واحد.