يقول الله عزوجل «َلَين شَكرَتر لاد
الرسالة » فله الحمد في الأولى والآخرة ؛ وهو المرجو إذ وفق إلى الخير
أن يتقبل العمل إنه على كل شيء قدير.
ويقول النبي كَل ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله ) » فأقدم
شكري لكل من له فضل علي ٠
وعل رأسهم والدي الكريم الذي كان له علّ عظيم الأثر
بتوجيهه وتشجيعه » وكان لي فيه القدوة الحسنة في محبة العلم وأهله
والعناية به فجزاه الله عني خير الجزاء وأجزل له المثوبة » انه ولي ذلك
والقادر عليه . ١
كما أشكر الجامعة الإسلامية ممثلة في معاهدها وكلية الشريعة
لام
كما أشكر شيخي ومشرلي الأول فضيلة الشيخ حماد بن محمد
الأنصاري الذي كان الموجه الأول لي في الدراسات العليا وكان
لسلوكه ونهجه عظيم الأثر في نفسي » فجزاه الله عني خير الجزاء .
كما أشكر فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن مراد الأثري
المشرف على الرسالة الذي لم يبخل علي بتوجيهاته الكريمة ونصائحه
ساعات الإشراف ؛ فجزاه الله عني خير الجزاء ِ
كما أشكر كل من ساعدني في إتمام رسالتي بإعارة كتاب أو إبداء
رأي أو نصيحة من الإخوان والزملاء .
والله المسؤول أن يوفق إلى كل خير وأن يلهم كل سداد » وأن
يتقبل العمل ويجعله خالصاً لوجهه الكريم ؛ انه ولي ذلك والقادر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله
يضلل فلا هادي له » وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له +
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله » أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره
على الدين كله ولو كره المشركون .
واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين » الذي بلغ
الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى جهاده حتى أتاه
اليقين » وعلى آله وأصحابه الطييين الطاهرين رهبان الليل فرسان
وآووا ونصروا ؛ رضي الله عنهم وأرضاهم ورفع درجتهم والحقنا
بهم ؛ انه على كل شيء قدير .
أما بعد +
صراط الله المستقيم ونهجه القويم ؛ فاستجاب له من كتبت له
السعادة والنجاة » وعاداه ولم يؤمن به من كتبت له الشقاوة واهلاك .
وصدع نبي الله محمد كَل بهذا الدين كما أمره ربه عز وجل +
ودعا الناس إلى توحيد الله بالعبادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
وفرائض الإسلام ونهاهم عن الفحش والفجور وظلم العباد وسفك
الدماء » وبقي في الدعوة إلى الله حتى أتم الله عليه النعمة وأسبغ المئة
بإكمال هذا الدين» ول يقوف محمد كَل إل والدين عزيز بأهله, قد
ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ؛ فقام بهذا الأمر من بعده
الحسنة » فحملوا اللواء ونشروا دين الله عزّ وجل في أصقاع الأرض
فأظهر الله الدين أكثر بما ظهر وارتفع أكثر مما ارتفع وأنجز الله على
أيديهم وعده وأتم نعمته بإظهار الإسلام على الدين كله ولوكره
وطبق أصحاب محمد كَيَةٍ أوامر الله ودينه على أنفسهم وأهليهم
وما ولوا ؛ فمثلوا الإسلام خير تمثيل وما عرفت البشرية مجتمعاً
كمجتمعهم ؛ ولا أمة كأمتهم » وذلك لأنهم عاينوا نزول القرآن 6
وفهموا مراد الله عزّ وجل ومراد رسوله في في الأوامر والدواهي » فلم
يفرقوا بين القول والعمل » بل كان لسان حالم ومقالهم ( سمعنا
وأطعنا ) .
وكانوا كما وصفهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( أبر هذه
حلا .
السمحة » فخلف من بعدهم خلف ممن ولدوا في الإسلام ولم يعرفوا
الجاهلية » وممن دخل فيه من غير أهله بعد انفتاح العالم عليهم © ولم
تخالط حلاوته بشاشة قلويهم .
على الكيد للإسلام وأهله » فأظهروا التدين والتنسك . وأخذوا
يتحسسون مواضع الضعف في المسلمين حتى وقع عليها اليهودي
عبد الله بن سبأً » فتظاهر بالغيرة على الدين وأهله ؛ وحاول بث
سمومه وفتنته » لكن صده حائط الإيمان وتماسكه في كثير من الأمصار
الإيمان » فبث فيهم سمومه وعقد عليهم لواءه » فكان باكورة أعمالهم
ومقدم فتنتهم وشؤمهم قتل الخليفة الثالث ذي النورين عثمان بن عفان
رضي الله عنه .
وبقتله فتح باب الفتنة على المسلمين » وظهرت السبل والأهواء
فلم يمض على مقتل عثمان رضي الله عنه زمن يسير حتى ظهرت
الخوارج بأفكارها المنحرفة الجريئة على الله ورسوله » وأعيلها الفاجرة
فكفروا أصحاب المعاصي وكل من خالفهم ول يلتحق
بمعسكرهم معسكر الغلو والإفراط في دين الله والمروق من ملة
الإسلام » ثم كروا على عباد الله من الرجال والنساء والصبيان +
بزعمهم تدين وقيام بأمر الله .
ثم ظهر سبيل آخر ونحلة أخرى بأفكارها ومبادثها ؛ وهم
عقوم وعقول فلاسفة اليونان » وتركوا كتاب الله وراءهم ظهرياً .
فوافقوا الخوارج في ناحية وخالفوهم في ناحية » ولم يستطيعوا أن
يتجرؤوا على ما تجرأ عليه الخوارج من سفك الدماء .
أما موافقتهم الخوارج فهي في أن العاصي من أهل الملة يخرج
بمعصيته من الإسلام وخالفوهم في أنه لا يدخل في الكفر ؛ بل يبقى
في منزلة بين المنزلتين . ووافقوهم على أنه في الآخرة خالد في النار ولا
يغفر الله له . فحجروا واسع رحمة الله وتجرؤوا على فضل الله 6 ولا
حول ولا قوة إلا بالله تعالل .
وظهر في أثناء ذلك باطل آخر واجه الباطل بالباطل +
والإنحراف بالإنحراف » والبدعة بالبدعة » واجه الفلسفة بالفلسفة
والعقول المنحرفة بالعقول المنحرفة » ألا وهم المرجئة .
وقد تشعبت إلى عدة فرق ؛ فمنهم الغالي ومنهم دون ذلك »
فمتهم الذين يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر
طاعة » وهذا ينسب إلى غلاتهم . وهذا أقبح الأقوال وأفسدها
وأشدها خطراً على أهل الإيمان ونحلة الإسلام .
ومنهم الذين يقولون : أن الإيمان المعرفة فقط » وهم الجهمية
وهذا أيضا من أقبح الأقوال وأفسدها وأبعدها عن الحق .
ومنهم الذين يقولون : أن الإيمان هو القول باللسان فقط .
الفساد والبعد عن الحق .
ومنهم الذين يقولون : أن الإيمان هو القول والإعتقاد . وهذا
هو قول الأحناف ومن تابعهم الذين يسمون مرجئة الفقهاء ؛ وهذا
أقرب الأقوال إلى الحق .
ومنهم الذين يقولون : أن الإيمان التصديق فقط ؛ وهو قول
القرآن والسنة وعن السلف الصالح في تفسير الإيمان وبيان معناه .
وكان عند ظهور كل فرقة ونحلة باطلة عسكر من عساكر
الإيمان وأنصار الرسول وحماة الشريعة » يذبون عن دين الله وينفون
عنه زيف الزائفين وتحريف الغالين » يقدرون مقدار الباطل فيدمغونه
بالحق فإذا هو زاهق .
وكان أول مواجهة للباطل من الفرق المنحرفة في الإيمان بقيادة
الخليفة الرابع أبي الحسنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؛ حيث
حمل اللواء ضد الخوارج ومعه أصحاب محمد قَيةِ ؛ فقاتلهم عل
تأويله كما قاتلهم على تنزيله ؛ بعد أن أبان لهم الحق ببيانه ؛ فدحض
باطلهم وكسر شوكتهم في عهذده + فكانت من أوائل الوقعات بين أهل
الإيمان وأهل البدعة والفجور .
ثم تصدى لهم من بعده ولاة الأمور من الخلفاء والأمراء بالقتل
والتشريد والملاحقة . وتصدى م العلماء ببيان الحق وإظهاره
وتوضيح مراد الله ومراد رسوله من هذه الألفاظ العظيمة ولا يزالون
وكذلك كان موقف أهل السنة وعسكر الإيمان والفئة القائمة
على الح من الجهمية والمعتزلة والمرجئة وغيرهم من فرق الضلالة +
يواجهون كل باطل بقدره لا إفراط ولا تفريط .
عند
الإيمان شامل في كلام الله وكلام رسوله كَيَةِ وفهم الصحابة وعملهم
الأذى عن الطريق » وأن الفاسق من أهل الملة إذا لم يتب قبل الموت
الإيمان يزيد وينقص » وأن زيادته تكون بالطاعة ونقصانه بالمعصية .
وأظهروا قول السلف بالإستثناء في الإيمان وبينوا معناه واعتنوا عناية
خاصة بالتصنيف والتأليف في بيان الحق ليحيا من حي عن بينة
ويهلك من هلك عن بيئة .
فألفوا وصنفوا في الإيمان ومسائله نصرة للحق وإقامة للحجة
وابراءاً للذمة .
ومن المصنفات في هذا الباب :
كتاب الإيمان للإمام أحمد . وهذا الكتاب وان كان ليس خاصاً
في باب الإيمان ومسائله إلا أن الجزء الأكبر منه في الرد على المرجئة
والنقل عن السلف من الصحابة وغيرهم في أن الإيمان قول واعتقاد
وعمل وأنه يزيد وينقص » وإيراد الأدلة الشرعية على ذلك من القرآن
والسنة .
وكتاب الإيمان لأبي بكر بن أي شيبة الذي أبان فيه عن قول
السلف في الإيمان ومسائله ورد على أهل الباطل باطلهم .
وكتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام » وقد نحا فيه نحو
كتاب ابن أبي شيبة ورد فيه على المرجئة والخوارج والمعتزلة » وبين
الحق في مسألة الاستثناء في الإيمان وزيادة الإيمان ونقصانه .
الات
وكتاب الإيمان لابن مندة » الذي نصر فيه قول السلف ودلل
له بالأدلة الشرعية ورد على أهل الباطل والبدعة .
وكتاب الإيمان لأبي عمر العدني .
وكتاب المنباج في شعب الإيمان للحليمي » الذي ذكر في مقدمة
كتابه قول السلف في الإيمان ونصره ورد عل المبتدعة في الإيمان ثم
عقب على ذلك ببيان حديث ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ) على
التفصيل » فذكر شعب الإيمان وخصاله وأنها موزعة على أعمال
العظيم « شعب الإيمان » » وكذلك الشيخ عبد الجليل القصري في
كتابه « شعب الإيمان »
ثم تبع هؤلاء الأثمة في نصرة الدين والذب عن عقيدة السلف
الصالح القاضي أبو يعلى الفراء رحمه الله » فأظهر عقيدة السلف ورد
على أهل الباطل في كل ميدان ونصر الله ورسوله . وألف كتابه
« الإيمان » في نصرة عقيدة السلف ودحض باطل المبتدعة من الخوارج
والمعتزلة والجهمية والأشعرية وغيرهم ممن خالف الح في هذه المسائل
( وهو الكتاب الذي بحقق في هذه الرسالة ) .
ثم جاء من بعد هؤلاء وارث علم السلف وحامل لوائهم في
عهده المجاهد بسنانه وبيانه شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن
تيمية » الذي ألف وصنف في نصرة عقيدة السلف وتنقيتها مما أدخل
عليها أهل البدعة والزيغ . وألف في الرد على المبتدعة في الإيمان كتابه
« الإيمان » وبين فيه عقيدة السلف في مسائل الإيمان ودلل عليه بالأدلة
من القرآن والسنة .