قال تعالي "وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا
قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير
حساب "
قال ابن كثير ما مختصره:
فكانتت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها
وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتى صارت يضرب بها المتل بعبادتها في بني
جا و الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في
الصيف فيسألها ( أنى لك هذا ) فتقوا : ( هو من عند الله ) أي رزق رزقنيه
مريم والبشري بعيسي -علبهما السلام :
أن تجلس مريم في محرابها وتجد أمامها رجلا في خلوتها لا تعرفه ويبشرها
بغلام وهي العفيفة الطاهرة فهو موقف عجيب ولقد أثارها هذا حتي أدركت
أنه ليس رجلا ولكن ملك من ملائكة الله فكان منها التسليم والترحيب ولنتدبر
قال تعالي:
ولقد أحسن صاحب الظلال في تفسيره لهذه الأية في تقريب لطبيعة الموقف
قال " سيد قطب فى الظلال":
فهذا هو المشهد الأول - فتاة عذراء قديسة ؛ وهبتها أمها وهي في بطنها
لخدمة المعبد لا يعرف عنها أحد إلا الطهر والعفة حتى لتتسب إلى هارون
أبي سدنة المعبد الإسرائيلي المتطهرين - ولا يعرف عن أسرتها إلا الطيبة
سويا * وها هي ذي تنتفض انتفاضة العذراء المذعورة يفجؤها رجل في
خلوتها ؛ فتلجاً إلى الله تستعيذ به وتستنجد وتستثير مشاعر التقوى في نفس
الرجل ؛ والخوف من الله والتحرج من رقابته في هذا المكان
عند ذكر الرحمن ؛ ويرجع عن دفعة الشهوة ونزع الشيطان ل
الهزة الأولى
*قال:إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا * وليتمثل الخيال مقدار
الفزع والخجل وهذا الرجل السوي - الذي لم تثق بعد بأنه رسول ربها - فقد
تكون حيلة فاتك يستغل طيبتها - يصارحها بما يخدش سمع الفتاة الخجول ؛
*قالت:أنى يكون لي غلام ؛ ولم يمسسني بشر ؛ ولم أك بغيا ؟* هكذا
في صراحة وبالألفاظ المكشوفة فهي والرجل في خلوة والغرض من
مباغتته لها قد صار مكشوفا فما تعرف هي بعد كيف يهب لها غلاما ؟
وما يخفف من روع الموقف أن يقول لها: *إنما أنا رسول ربك *ولا أنه مرسل
ليهب لها غلاما طاهرا غير مدنس المولد ؛ ولا مدنتس السيرة ؛ ليطمئن بالها
لا فالحياء هنا لا يجدي ؛ والصراحة أولى كيف ؟ وهي عذراء لم
يمسسها بشر ؛ وما هي بغي فتقبل الفعلة التي تجيء منها بغلام !
غلاما إلا الوسيلة المعهودة بين الذكر والأنثى وهذا هو الطبيعي بحكم
التصور البشري
*قال:كذلك قال ربك:هو علي هين ولتجعله آية للناس ؛ ورحمة منا * ٠
فهذا الأمر الخارق الذي لا تتصور مريم وقوعه ؛ هين على الله فأمام القدرة
التي تقول للشيء كن فيكون ؛ كل شيء هين ؛ سواء جرت به السنة
وأته أراد أن يجغل هذا الحادث العجيب آية للناس ٠ وعلامة على وجوده
وقدرته وحرية
إرادته ورحمة لبني إسرائيل أولا وللبشرية جميعا ؛ بإبراز هذا الحادث الذي
يقودهم إلى معرفة الله وعبادته وابتغاء رضاه
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله تحمده ونستعينه ونستغفره » ونعوذ بالله من شرور أنفستنا ؛ ومن
عمزان : 167) :
الأجاب ب ل 17 )
فأن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدا - صلى الله عليه
ضلالة في النار
علي صفحات هذا الكتاب قصص لنساء خالدات مؤمنات يشهد لهن علي
ذلك القَرآن الكريم وصحيح السنة النبوية وقد استعنت في بيانها بتفسير ابن
كثير وصاحب ظلال القرآن ' سيد قطب- رحمهما الله تعالي
والقصص فيها من العبر والمواقف ما تشرح الصدور وتتير البصائر والعقول
بذلك انتهى الحوار بين الروح الأمين ومريم العذراء ولا يذكر السياق ماذا
كان بعد الحوار ؛ فهنا فجوة من فجوات العرض الفني للقصة ولكنه يذكر
أن ما أخبرها به من أن يكون لها غلام وهي عذراء لم يمسسها بشر ؛ وأن
يكون هذا الغلام آية للتاس ورحمة من الله أن هذا قد انتهى أمره ؛ وتحفقق
الحمل والولادة:
تأتي اللحظة التي تتمناها كل امرأة وهي لحظة الولادة ورؤية صغيرها الذي
ظل في رحمها تسعة اشهر تنتظر أن تحمله بين يديها لينسيها إرهاق الحمل
وأوجاع الطلق ولكن مريم - عليها السلام حالها كان مختلفاً لأن أبنها لم يكن
له أب ككل البشر من بعد آدم وحواء -عليهما السلام -فهو خلق بكلمة الله
تعالي وليس تعرف بعد كيف يستقبلها للناس وهي تحمل صغيرها وهي
العذراء الطاهرة ؟!
ورغم أدراكها لعظمة هذا الحمل وبركته وأن أبنها هذا معجزة ربانية ورسول
من رب العالمين إلا أنها أمام هذا الموقف حائرة وضعيفة؛ ولكن رحمة الله لا
قال تعالي:
ولنتدع صاحب الظلال يستكمل شرحه السهل الممتنع للقصة وهذه الآيات
ثم تمضي القصة في مشهد جديد من مشاهدها ؛ فتعرض هذه العذراء الحائرة
في موقف آخر أشد هولا:
وهذه هي الهزة الثالثة
تحمل النساء وتكون النفخة قد بعثت الحياة والنشاط في البويضة فإذا هي
علقة فمضغة فعظام ثم تكسى العظام باللحم ويستكمل الجنين أيامه المعهودة
؟ إن هذا جائز فبويضة المرأة تبدأ بعد التلقيح في النشاط والنمو حتى
تستكمل تسعة أشهر قمرية » والنفحة تكون قد أدث دور التلقيح فسارت
البويضة سيرتها الطبيعية كما أنه من الجائز في مثل هذه الحالة الخاصة
أن لا تسير البويضة بعد النفخة سيرة عادية ؛ فتختصر المراحل اختصارا ؛
ويعقبها تكون الجنين
ليس في النتص ما يدل على إحدى الحالتين فلا تجري طويلا وراء تحقيق
تواجه الحصانة والتربية والأخلاق ؛ بينها وبين نفسها ؛ فهي هنا وشيكة أن
تواجه المجتمع بالفضيحة ثم هي تواجه الآلام الجسدية بجانب الآلام
النفسية تواجه المخاض الذي *أجاءها *إجاءة إلى جذع التخلة ؛ واضطرها
اضطرارا إلى الاستناد عليها وهي وحيدة فريدة ؛ تعاتي حيرة العذراء في
أول مخاض ؛ ولا علم لها بشيء ؛ ولا معين لها في شيء فإذا هي
وتحس اضطراب خواطرها ؛ وتلمس مواقع الألم فيها وهي تتمنى لو
وفي حدة الألم وغمرة الهول تقع المفاجأة الكبرى:
التخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا ؛ فإما ترين من
ويرشدها إلى طعامها وشرابها ويدلها على حجتها وبرهاتها !
لا تحزني *قد جعل ربك تحتك سريا *فلم ينسك ولم يتركك ؛ بل أجرى
لك تحت قدميك جدولا ساريا - الأرجح أنه جرى للحظته من ينبوع أو تدفق
والرطب والتمر من أجود طعام النفساء *فكلي واشربي *هنيئا ٠ *وقري
أحدا فأعلنيه بطريقة غير الكلام ؛ أنك نذرت للرحمن صوما عن حديث
إننا لنتصور الدهشة التي تعلو وجوه القوم - ويبدو أنهم أهل بيتها الأقربون
في نطاق ضيق محدود - وهم يرون ابنتهم الطاهرة العذراء الموهوبة للهيكل
العابدة المتقطعة للعبادة يروتها تحمل طفلا !
شيئا فريا *فظيعا مستتكرا ثم يتحول السخط إلى تهكم مرير: *يا أخت
بعبادتك وانقطاعك لخدمة الهيكل فيا للمفارقة بين نلك النسبة التي تنتسبينها
*فأشارت إليه* فماذا تقول في العجب والغيظ الذي ساورهم وهم يرون
عذراء تواجههم بطفل ؛ ثم تتبجح فتسخر ممن يستتكرون فعلتها فتصمت
*قالوا:كيف تكلم من كان في المهد صبيا ؟*
ولكن ها هي ذي الخارقة العجيبة تقع مرة أخرى:
والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا ٠
فرقة وليس هو إلها كما تدعي فرقة وليس هو ثالث ثلاثة هم إله واحد
وهم ثلاثة كما تدعي فرقة ويعلن أن الله جعله نيا ؛ لا ولدا ولا شريكا
وبارك فيه ؛ وأوصاه بالصلاة والزكاة مدة حياته والبر بوالدته والتواضع مع
عشيرته فله إذن حياة محدودة ذات 1 وهو يموت ويبعث وقد قدر الله
له السلام والأمان والطمانينة يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ا
صلب شبيه عيسي ورحيل أمه :
ما ذكرناه سلفا من قصة مريم البتول هو ما جاء في القران والسنة الصحيحة
ولكن لا بأس بييان وجيز لختم القصة مما جاء في كتب التاريخ والتفسير
وكتب أهل الكتاب مما لا يخالف أو ينفيه القرآن والسئة من باب العلم
بنهايتها والله أعلم وأحكم
قال تعالي:
وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم
قال القرطبي:
قوله تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ) والمعنى : إني رافعك إلي
ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء ثم قالىو عن
سعيد بن جبير عن اين عباس قال : لما أراد الله تبارك وتعالى أن يرفع
عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وهم اثنا عشر رجلا من عين في
البيت ورأسه يقطر ماء فقال لهم : أما إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة
مرة بعد أن آمن بي ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي
في درجتي فقام شاب من أحدثهم فقال أنا فقال عيسى : اجلس ثم أعاد عليهم
فقال نعم أنت ذاك فألقَى الله عليه شبه عيسى عليه السلام قال : ورفع الله
تعالى عيسى من روزنة كانت في البيت إلى السماء قال : وجاء الطلب من
اليهود فأخذوا الشبيه فقتلوه ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتى عشرة مرة بعد أن