إلى أمي وأبي اللذين
وسُرًا غاية السرور لعملي في خدمة السئة النبوية الشريفة» 5 هذا
البحث من ثمار تشجيعهماء فإليهما أهديه شاكراً الله عز وجل نعمته
علي فجزاهما الله عني خير الجزاء.
مقدمة المحقق
وبعد؛ فإن السنة النبوية الشريفة هي الأصل الثاني من مصادر التشريع
الإسلامي بعد القرآن» والتلازم بينها وبين كتاب الله تعالى في فهم مقاصد الشريعة
جعلها متمة للقرآن ومفسرة لآياته ومفصلة لمجمله ومقيدة لمطلقه ومخصصة
سبحانه وتعالى كما حفظ كتابه على يد جهابذة العلماء المحدثين المخلصين”'"
حفظهم لها؛ جمعهم إياها في الدواوين والسنن والمصنفات والمسانيد والمعاجم
والأجزاء التي تلقاها المسلمون منذ القرون الأولى+ والقبول والعمل بما صح
نعم» نعم السعي والجهد عملهم على مر العصور في سبيل العلم
)١( المخلصين في دراستها وحفظها والاهتمام بهاء
والمعرفة؛ "والذي في تقديم السنة لنا بصورة نقية فيها الخير الكثير
خير الجزاء.
فباعتقادنا لصحة قواعد هذا العلم وسلامة منهجه؛ سلكنا مسلك
المحدثين ونهجنا منهجهم في مجال النقد والدراسة والبحث. ومن
أهم المجالات العلمية في عصرنا الحاضر هو تحقيق تراث سلفنا الصالح الذي
وحفظ الصحة والوقاية من الأمراض وطرق التداوي. واعلم أن الأنبياء الذين
أرسلهم الله إلى الناس مرشدين مدى التاريخ البشري قد عنوا بالمشاكل التي
تبليغ الرسالة الإلهية. وفي الحقيقة فإن التوصيات التي قام بها الأنبياء فيما
تى بالمواضيع المختلفة للحياة اليومية» يمكن تقييمها داخل إطار وظيفة
النبوة. وتحديد هذه التوصيات بحدود صحيحة فإنه'سيساعد على فهم
المؤسسة النبوية فهماً صحيحاً. وتجدر الإشارة إلى أن التدابير المستهدفة
لوقاية صحة الناس البدنية والروحية قد أخذت مكانتها بين وظائف الأنبياء
وتصرفاتهم الموافقة للفطرة البشرية بكامل معناهاء
إّ العالم البشري منذ بدء التاريخ» قد قام ببذل الهمم طوال مراحل حياته
بالبحث. ونتيجة لهذا البحث فقد طورت كل أمة مناهج للمداواة خاصة بهاء
وأبرز مثال لذلك هو ما حققته وطورته الحضارات القديمة من مناهج المعالجة
وقد أولى الإسلام أيضاً الاهتمام اللازم لعلم الطب الذي هو من أقدم
الطبية. فكان المسلمون يحلون مشاكلهم الصحية منذ عصور مستعينين بتلك
كان الوحي يأتي النبي #ق؛ِ في هذه المواضيع أيضاً؟ أم على العكس كان بعضها
مستمداً من الوحي ومواكباً للمبادئ الطبية الواردة في القرآن الكريم والبعض
إن المعلومات التي وصلت إلينا عن طريق الرواية في هذا المجال قد
تجمعت ضمن تراث الطب النبوي دون أي تمييز بينها فيما إذا كانت مستمدة
من الوحي أو ما هو حصيلة بشرية. وقد ألّف علماء الإسلام إلى يومنا هذا
مؤلّفات قيّمة فيما يتعلق بتراث الطب النبوي. إلا أن الشيء القليل من هذه
المؤلفات الني ما زالت مخطوطة قد حظي بالتحقيق وظهر إلى عالم العلم.
الوقائي؛ التداوي عن طريق الرقية والانتفاع بالأغذية والنباتات التي يرجى من
خلالها الشفاء وغيرها من الموضوعات.
ولهذا الكتاب مكانة متميّزة في مجال الطب النبوي وهو في الوقت نفسه من
وقد رأينا من المناسب أن نتخذ هذا الكتاب داخل إطار أطروحة
للدكتوراه كموضوع لعملنا التحقيقي انطلاقاً مما له من الميزات وما تمتع به
وقد قسمت الكتاب إلى قسمين:
القسم الأول: قسم إلدراسة: وفيه مدخل وثلاثة أبواب.
تناولنا في المدخل وضع علم الحديث في أواخر القرن الرابع وأوائل
القرن الخامس الهجريين» وذكرنا الخصائص المميزة للجهود الحديثية في هذا
العهد باختصار» إلى جانب المعلومات التي أعطيناها حول الأعمال القديمة
والحديثة فيما يتعلق بأبي نعيم الإصفهاني.
وقمنا في الباب الأول ببحث مرحلة دراسة أبي نعيم وأعماله التدريسية
داخل إطار حياته؛ ومكانته في علم الحديث وآرائه الاعتقادية ونظرته إلى
فإننا قد حاولنا إلقاء الضوء على مؤلفاته التي تناول فيها هذه العلوم
مستوعبين ذلك حسب الإمكان. ِ
أما الباب الثاني» فقد تمركز فيه بحثنا حول الطب النبوي وكتاب أبي
نعيم الموسوم بالطب النبوي. وفي إطار المدخل لهذا الباب» فإننا قد ألممنا
المضمار على الطب عند العرب في عهد النبوة ومصادر معلومات النبي لله
الطبية. ثم حاولنا استقصاء المؤلفات المتعلقة بمجال الطب النبوي. وقمنا بعد
ذلك بتعريف مخطوطات الكتاب الموسوم بالطب النبوي وذكرنا رواته
ومصادره ومنهج المؤلف فيه وبيّنا محتواه وقيمته العلمية. وتطرقنا في الأخير
أما تعليقاتنا في قسم الدراسة؛ فالأرقام التي تلت مصادر الحديث فإننا
قد أخذنا بنظر الاعتبار رقم الباب للبخاري وأبي داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه ورقم الحديث لصحيح مسلم وموطأ مالك كما في المعجم
المفهرس لألفاظ الحديث النبوي. وأما الإحالات المتعلقة بالمصنفات
الحديثية الأخرى فإنها تعني أرقام المجلد والصفحة.
قد أوردنا تواريخ وفيات الأشخاص هجرية وميلادية. ولم نورد
اسم المؤلف في التعليقات بل اكتفينا بذكر مؤلفاته كمصادر إذا اقتضت الحال.
وقد ألحقنا في نهاية الدراسة نماذج من النسخ الخطية المختلفة للطب
النبوي لتوثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
أما القسم الثاني فهو قسم التحقيق لنصوص الطب النبوي والتي قمنا
بإعدادها كمحور رئيسي لهذا العمل. وقد راعينا المنهج التالي في عملنا
)١ بيان مواضع الآيات بذكر أسماء السُوّر وأرقام آياتها.
") خرجنا الأحاديث والآثار وبيّنا درجتها من حيث الصحة والضعف
بالإضافة إلى ذكر أقوال المحدثين من المتأخرين والمعاصرين في ذلك. وإذا
كان أي حديث ورد في متن الكتاب قد ذكر في كتب الحديث التسعة
الشهيرة» أي البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه
وموطأ مالك والدارمي ومسند الإمام أحمد؛ فقد استغنينا عن إيراد أي مصدر
آخرء وإلا فقد تتبعناه في المصادر الأخرى وذكرنا أماكنها.
©) إذا كان هناك فروق لفظية بين نص الحديث الذي ورد في الكتاب
وبين النص الوارد في المصادر فإننا قد أشرنا إليها بلفظ : نحوه؛ وإن اتحد
الحديث فأشرنا بلفظ : مثله. وإن كان هناك نقصان في لفظ الحديث أوردنا
4) قد ترجمنا لغير المشاهير من الصحابة بينما لم نر حاجة إلى
التعريف بمشاهيرهم.
ه) قد ألممنا بالفروق الموجودة بين النسخ الخطية وصححنا الأخطاء
فيها من النسخ الأخرى واضعين بين إشارة /.../ وأما إذا كانت
الاستدراكات من المصادر الأصلية والتي تقدمته فقد ذكرناها بين الإشارة
)١ وللإشارة إلى النسخ خلال عملنا التحقيقي فإننا قد قمنا باستخدام
بعض الرموز الحرفية. فمثلاً قد رمزنا يحرف (ظ) إلى نسخة الظاهرية»؛
وبحرف (ل) إلى نسخة ليدن.
#) أما بالنسبة لأسماء الرواة الواردة في الأسانيد؛ فإنه إذا كان هناك
اختلاف بين التسخ فقد قيمنا بضبط الشكل الصحيح للاسم من خلال مراجعة
كتب الرجال والطبقات.
8) كما أننا وضّحنا الألفاظ الغريبة الواردة في ألفاظ الأحاديث وكتبنا
مرادفات المصطلحات الطبية.
4) قد ذكرنا مصادر الأشعار الواردة لغرض الاستشهاد بها بالإضافة
إلى ترجمة صاحب الشعر.
)٠ إذا تكرّرت الأحاديث الواردة في متن الكتاب أو أسماء الرواة؛
جديد حولها.
)١١ قمنا بترقيم الأبواب والأحاديث الواردة في الكتاب لكننا لم نرقم
ومتونه باللون الأسود الغامق.
)١“ قد أرفقنا الكتاب يفهرس عام يحتوي على: فهرس الآيات
القرآئية فهرس الأحاديث والآثار وفهرس الأشعار وفهرس المفردات اللغوية
والمصطلحات الطبية بينما نظمنا للمصادر والمراجع المستخدمة في قسم
الدراسة وفي عملي التحقيق والتخريج قائمة مستقلة؛ وللمراجع الأجنب
هناك شيء من النقصان؛ فليس هذا سوى ما تقتضيه الطبيعة البشرية من زلل
وتقييماتهم العلمية المخلصة حول هذا العمل.
ونسأل الله العلي القدير أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه؛ ويرزقنا
خدمة سنة رسوله الكريم» ونشرها والعمل بها طوال حياتناء وما توفيقنا إلا
وهذا ما أردنا أن نقول في هذه المقدمة؛ والله أعلم بالصواب وإليه
المرجع والمآب» وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليلة الجمعة #/جمادى الأول/477 ١ه
بية قائمة
أ علم الحديث في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريين:
لاشكٌ أنّ وضع علم الحديث في ذلك العهد؛ له علاقة بالجوّ الاجتماعي
الثقافي السائد في المجتمع الإسلامي حينذاك. وهذا الحافز ساري المفعول بالنسبة
إلى العلوم الإسلامية الأخرى أيضاً. ومع أنّ علم الحديث كان منذ العصور الأولى
الهجرية علماً تمحورت حوله اهتمامات الباحثين» أقول ومع ذلك فإنّه ازداد أهميةٌ
إليه في بيان مسألة حرّية الإرادة والقدر ورؤية الله وصفاته وقضية الإمامة وما
)١( انظر : .149 2 ,1981 عم لمفصة7 #الاماط هروما :عله7 من ناحية أخرى فَإِنّ الكاتب يرى
أنّ من الأسباب الهامة التي أسهمت في محاولات وضع الأحاديث؛ هو هذا الدور
وفي الحقي الرغبة في الحصول على أي شيءء؛ تزداد بقدر ما كان له من
منقذاً وقاموا بتنفيذ هذا العمل بالرغم من كل شيء. وهذا دليل على أنّ للحديث
فإن علم الحديث الذي بدأ يعيش عصرّه الذهبيّ في مجال التعليم
ن والتصنيف على حد سواء؛ اعتباراً من العصر الثالث الهجريّ؛ كان
؛ يُعدَ أهمّ العلوم الإسلامية في القرنين الرابع والخامس أيضاً.
وبالتالي فإنَ المحدّثين كانوا يشكّلون طبقة العلماء الأكثر أهميّة. بالإضافة إلى
أنهم كانوا يُعدَون أكثر الناس تأثيراً في البلد الذي يوطنونه. وكانت تُسجل
وفياتهم في سجلات عهدهم إلى جانب عدد قليل من وجهاء عصرهم"".
ويمكن ترتيب الخصائص المميزة لجهود علم الحديث في ذلك العهد
بة الحديث من أن تكون تابعة لعلاقة شخصية أو لإذن مسجل
الرحلات» بغية اللقاء برجال الحديث”"". وإذا نظرنا إلى تاريخ الحديث رأينا أنه
قد جرى النقاش في عهد الصحابة والتابعين حول مسألة جواز كتابة الحديث أو
الهجري أنّ الذاكرة غير ملبّية بالحاجة وعُدّت كتابة الحديث وتسجيله من خلالها
ضرورة لا مناص عنها. إلآّ أنّ الحصول على إجازة مأخوذة من أحد شيوخ
ونقله عن طريق الكتابة التي كان ينظر اليها نظرة شبهة وتشكك» يكتسب طابعاً
التي ظهرت في القرنين الثاني والرابع الهجريين» قد حدّدت ه علم الحديث
جيل المحدّثين الرحالين لأخذ الحديث مشافهة؛ بما فيهم أبو نعيم الإصفهاني.
تحررت أهلية ر
(9© انظر: المرجع الشابقء ص 898