لمهد 2
أستاذ الأدب الأندلسي والمفره
عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
- جامعة القاهرة
كانت قضية الحرص على سلامة اللغة وتنقيتها مما شاع على السنة الناطقين
بها من كل ما يختلف عن جادة الكلام الصحيح مما شُغل به علماء اللغة العربية متذ
عصر مبكرء فتوفر بعضهم على تاليف كتب تحصي اخطاء العامة وتنتدب لرد ما
وقع من لحنهم إلى الصواب, وهي الكتب المعروفة باسم «لحن العامة
وكان أول من ساهم في هذا اللون من التآليف في الأندلس اللغوي المشهور أب
بكر الزُبَيِْي الإشبيلي المتوفى سنة 7/4" ه تلميذ ابي علي القالي بكتابه «لحن
وقد كان لهذا الكتاب حظٌ عظيم من الذيوع والانتشار في الاندلس بدليل كثرة
الأسانيد التي روي بهاء وهو ما يشهد به أبو بكر ابن خير الإشبيليت 9لا ه
الذي سجل الروايات العديدة التي وصل إليه الكتاب عن طريقها [فهرسة ابن خير
ص 716 - ؟ ؟]؛ ونعرف من حديث ابن خير عن الكتاب أن للزبيدي تأليفين - وهو
نفسه قد اختصر الكتاب في جزء واحد حمله ابن خير إجازة بأسانيده السابقة
[فهرسة ابن خير ص 747 - 5/8 ؟].
وكان من مظاهر اهتمام اللغويين بالكتاب كثرة النّصوص المنقولة عنه في
العصور التالية سواء في المشرق أم المغرب, وقد أعانت هذه النصوص الوفيرة
على تصحيح ما اعتور المخطوطة الوحيدة لهذا الكتاب من اخطاء وتحريفات.
أما هذه المخطوطة فهي الموجودة في مكتبة رئيس الكتَّاب عاشر آفندي الملحقة
بالسليمانية بإستانبول تحت رقم .١17١ ومع ذلك فقد كانت قيمة الكتاب بصفته اول
تاليف اندلسي يعالج أخطاء العامة في ذلك القطر مما دفع الباحثين إلى الاهتمام به
ومحاولة نشره. فظهرت له طبعتان محققتان الأولى اضطع بها الدكتور رمضان
عبدالتواب (سنة )٠975 والثانية للدكتور عبدالعزيز مطر (سنة .)١478 وقد تنبّه كلا
الناشرين إلى النصوص المنقولة عن الزبيدي في بعض المصادر اللغوية المتأخرة»
الكتاب. وكان اهم هذه المصادر تصحيح التصحيف وتحرير التحريف لصلاح
الدين الصفدي (ت 1714 ه)؛ ثم المدخل إلى تقويم اللسان لابن هشام الفخمي( ت
اه ه)ء ولسان العرب لابن متظور (ت )؛ وشفاء الغليل للخفاجي (ت 1١34 ه).
هل النسخة المخطوطة الوحيدة التي تم على أساسها تحقيق النص تنتمي إلى
التأليف الأول أو الثاني للكتاب؛ فقد نصّ ابن خير في فهرسته (ص 46؟) على
والمشكلة الثانية هل تمثل النسخة المخطوطة الوحيدة للكتاب مختصراً له قام به
كاشفاً على تأليف «لحن العامة» ويّعين على حلّ المشكلتين المذكورتين. هذا الكتاب
هو «التهذيب بمحكم الترتيب لما نثره الشيخ ابو بكر بن حسن الزبيدي في كلا
وضعيه في لحن العامة بالأندلس» لأبي عمر احمد بن عبدالملك بن مروان بن شهيد
ومخطوطة هذا الكتاب الوحيدة محفوظة في مكتبة جستر بيتي بدبلن (إيرلندا)
تحت رقم 0187 . وهو كتاب لم يعرفه محققاً «لحن العامة» المشار إليها. ويعمل الآن
على تحقيق هذا الكتاب صديقنا المستشرق اللغوي الإسباني خوسيه بيريث لاثارو
الذي عرّف به ونشر مقدمته في مقال نشره في مجلة «القنطرة» (المجلد السابع
مدريد 1887 ص 1073 - 171). وقد كان لهذا المستشرق الجليل فضل تحقيق
كتاب المدخل إلى تقويم اللسان وتعليم البيان لابن هشام اللخمي (مدريد «194)
وقد كان أول من أشار إلى وجود هذا الكتاب المستشرق البريطاني أرثر جورج
آريري في فهرس المخطوطات العربية في مكتبة جستربيتي, ثم اشار إليه الدكتور
عقيل الظاهري.
على ان الإضافة التي تستحق التنويه والإشادة يقدمها لنا الباحث المغربي
الشاب عبدالعزيز الساوري في الكتاب الذي أسعدني أن أقوم بتقديمه بهذه
السطور. وعبدالعزيز الساوري من ذلك الجيل الواعد من شباب الباحثين, وقد
عرفت فيه شغفه بالتراث وحرصه على التنقير عن نفائس المخطوطات واستخراج
ما تحتويه من كنوز على نحو يبشر بأننا سنظفر منه بعالم راسخ القدم في ميدان
تحقيق التراث والبحث العلمي المتصل به.
وكان من توفيق عبدالعزيز الساوري حينما وقعت إليه مخطوطة هذا الكتاب أن
لحن العامة, وهي تبلغ في جملتها واحداً وعشرين نصناً
على أنه لم يكتف بإثبات هذه النصوص وإنما درس كتاب ابن شهيد دراسة فاحصة
فاستطاع أن يحل بعد هذه الدراسة بعض المشكلات المتعلقة بهذا الكتاب.
واول هذه المشكلات هي شخصية مؤلف «التهذيب بمحكم الترتيب»» وكان بيريث
لاثارو أول من اهتم بهذا الكتاب الذي يعمل الآن على تحقيقه قد رأى ان مؤلف
الكتاب هو الأديب الشاعر المشهور ابو عامر أحمد بن عبدالملك بن شهيد صاحب
التوابع والزوابع المتوفى سنة 431 ه. أما الكنيتان الواردتان مع اسم المؤلف
وهما ابو عمر في موضع وآبو بكر في موضع آخره فقد ظن المستشرق الإسباني
عبدالعزيز الساوري اعاد طرح المشكلة فتبيّن له أن الكتاب لا يمكن أن يكون من
عليهم جام سخريته في «التوابع والزوابع». أما الدكتور فؤاد سزكين فقد نسب
الكتاب إلى ابي عمر احمد بن عبدالملك بن شهيد جد الشاعر ووزير عبدالرحمن
الناصر الذي عاش في النصف الأول من القرن الرابع. وهو أمر لا يصع لآن
المؤلف ينبغي ان يكون منتمياً إلى جيل تال للزبيدي المتوفى سنة 119 ه.
وقد انتهى عبد العزيز الساوري بعد فحص الكتاب إلى ان مؤلفه هو ١
الحسن عبد الملك بن مروان الذي ترجم له ابن بشكوال ذا 1
إلى المنصور عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن المنصور بن أبي عامر احد ملوك
الطوائف وهو صاحب بلنسية التي حكمها بين سنتي 1١ و4067
واورد الباحث المغربي مقدمة الكتاب التي يتبيّن لنا منها منهجه في ترتيب مادته
رمشضات جد القواب وميد المزية سار ولي أي التأليفين المذكورين فقد استطاع
اخير ص 7؟3 - 3/8).
وبعد فإن هذا الجهد الذي قام به عبدالعزيز الساوري في هذا الكتاب جدير بكل
تقدير, وهو شاهد على ما نرجوه ونتوقعه من هذا الباحث المغربي الشاب من
دراسات وتحقيقات تجعله في الطليعة من الباحثين العلماء سدّ الله خطاه ووفقنا
د. محمود علي مكي
للاندلسيين مشاركة في التاليف مثل إخوانهم في المشرق, في المحافظة
والحرص على سلامة اللغة وتنقيتها مما شاع على السنة الناطقين بها من كلام
دخيل أو مختلف عن سنن الكلام العربي, في الأصوات او نظام الجمل أو حركة
الإعراب أو دلالة الألفاظ فتذكر هذه المؤلفات الخطأ المستعمل. والصواب الذي
ويعرف هذا اللون من التآليف باسم «لحن العامة»» وسميت كتب أخرى من هذا
التآليف بأسماء تلائم الغرض منهاء فمن هذه الأسماء: إصلاح المنطق. تثقيف
اللسان. تقويم اللسان. تصحيح التصحيف وتحرير التحريف, الجمانة في إزالة
الرّطانة, التنبيه على غلط الجاهل والنبيه. فصيع الكلام اغاليط الرواة) وما إلى
وكان الدكتور حسين نصار قد تعرّض لكتب لحن العامة أو التصويب اللغوي
بذَرو من القول في كتابه «المعجم العربي نشأته وتطورّه» (ط. دار الكتاب العربي ِ
ة 177/9 ه/ ٠857 م) بعنوان «كتب لحن العامة» (الجزء الأول من صفحة 97
واحصاها الدكتور عبدالعزيز مطر في كتابه «لحن العامة في ضوء الدراسات
اللغوية الحديثة» الذي وقف فيه عند نهاية القرن السادس الهجري ص 8# - ٠0
وأحصاها بعامة وعرّف بها الدكتور رمضان عبدالتواب في كتابه النّفيس «لحن
وول من ألف في لحن العامة أو التصويب (التصحيع) اللغوي في ١ الأندلس أبو
بكر محمد بن حسن بن عبدالله بن مذ بن محمد بن عبدالله بن بث بشر الرَبَيِْيِ
الإشبيلي الأنداسي المتوفى سنة 1714 ه, فقد صنّف كتاب «إصلاح لحن العامة
بالأندلس» لتقويم ما غيّره اهل عصره من كلام العرب, وتذكره المصادر مرة باسم
وهذه العناوين كلها لكتاب واحد. منه نسخة وجيدة بمكتبة «زئيس الككاب»
الملحقة بالسُكيمانية بإستانبول تحت رقم ١١7١ تحمل اسم «لحن العوام» في
مجموع يضمه وكتاب «غلط الضعفاء من الفقهاء» لأبي محمد عبدالله بن برى
المصري المتوفى سنة 587 هزه).
وهي مكتوية بخط النَسَنْخ بقلم محمود بن السيد يوسف الحسيب النسيب.
في القرن العاشر الهجري.
وتقع في 1© درق زاج 75 صفحة من الحجم المتوسط)ء وفي الصفحة تسعة
عشر سطراً في المتوسط» وفي كل سطر اثنتا عشرة كلمة تقريباً
وهي كثيرة التصحيف والتحريف غير مضبوطة الإعجام؛ أحياناً يترك واحياناً
يوضع في غير موضعه.
وقد وصفها الدكتور عبدالعزيز الأهواني بأنها سقيمة مصحفة لا تصلح وحدها
أصلاً لنشر الكتاب. وقال الدكتور محمود علي مكي: «إن هذه النسخة كثيرة
التحريف والخطأ مما يجعل نشرّ النّصَ على أساسها أمرأ من الصعوبة بمكان(».
ومع ذلك أقدم الدكتور رمضان عبدالتواب على نشرها وتصحيح عباراتهاء بمقابلتها
بالمطبعة الكمالية القاهرة الطبعة الأولى سنة 1674 م ثم حققه من بعده الدكتور
عبدالعزيز مطر بعنوان «لحن العامة» وطبعه مرتين (الأولى في الكويت 1678
والثانية في دار المعارف القاهرة 1981)
شرح لحن العامة للزبيدي ٍ
وشرح هذا الكتاب أبو عمران موسى بن علي بن عامر الجُدَامِي الإشبيلي
ويُعْرّف بالجَزَرِيَ») المتوفى سنة 171 هزم). ذكر في برنامج الرعيني ص 7١
الردعلى الزبيدي في لحن العامة
الإشبيلي السبتي المتوفى سنة /197* هل() في كتاب سما
يقول ابن هشام في مقدمة كتابه «والّف الزُبئْدِي - رحمه الله - في لحن عامّة زمانه.
ذلك. وما تعسف عليهم [فيه](١١) هنالك, وب ت ما وقع في كلامه من السهو والغلطء
وحظي هذا الكتاب بحظ وافر من النشر المجزء والعناية المستمرة المتواصلة
آخرها دراسة وتحقيق الأستاذ خوسيه بيريث لاثارو1.828:0 16:62 1086
الصادر في جزاين عن المجلس الأعلى للأبحاث العلمية ومعهد التعاون مع العالم
العربي في مدريد سنة 1١99٠ ضمن سلسلة المصادر الأندلسية رقم +
وقد نسب المرحوم العلآمة حسن حسني عبدالوهاب الصتمادحي إلى أبي
الحسن علي بن محمد بن علي بن يحيى بن عبدالله بن يحيى بن يحيى الغافقي
السبتي الشارّي المتوفى سنة 1449 ه؛ تصنيف كتاب «المدخل في تقويم اللسان»
مع صاحبه [أبي عبدالله] محمد بن حسن بن عطية [بن غاز]. وكلاهما من علماء
القرن السابع/ الثالث عشر للميلادء وذكر أنهما جمعا فيه كلام من تقدمهما؛ يعني
وهذا إنما هو مجرد وهم فقد اختلط الأمر على الأستاذ حسن حسني
أمر بنسخه وهو: «المدخل إلى تقويم اللسان وتعليم البيان» لمحمد بن أحمد بن
هشام اللخمي؛ مخطوط الأسكوريال رقم 94 من فهرس دارنبورغ؛ فظن أنه من
وقد حصلنا منذ سنتين على ميكرو فيلم من مخطوط عنوانه «التهذيب بمحكم
الترتيب لما نثره الشيخ أبو بكر محمد بن حسن الزييدي في كلا وضعيّه في لحن
العامة بالأنداس تاليف أبي عمر أحمد بن عبدالملك بن مروان بن شهيد الأنداسي»»
وهو الكتاب الذي سنتحدث عنه. ولا توجد منه إلا نُسخة خطية وحيدة محفوظة في
مكتبة جستربيتي بدبلن (عاصمة إرلاندا) تحت رقم 9183؛ ولم يشر إلى هذا الكتاب
لم يصل إليهم. ومع ذلك فأول من ذكره هو المستشرق أرثر جودج
أريري 218231511817 .1 8187111518 في فهرس المخطوطات العربية في مكتبة جستر
بيتي (0). ثم اشار إليه الأستاذ الدكتور فؤاد سزكين في كتابه «تاريخ التراث
العربي.501111717110145 150111577 فعلم 0155 0155011101175 رقال عنه:
«كتاب في اللغة العامية في الاندلس»(11)
وتقع هذه النسخة في 8 ورقة أي ١/8 صفحة؛ ومقاسها ابم١3 * بم ١ سم
وتتضمن كل صفحة ٠4 سطراً. وفي كل سطر حوالي ل إلى 8 كلمات. أما طريقة
والديواني وفي هذا الخط - بطبيعته - مزيج من النسخ... بمعنى أنه خط معتاد
واضح مقروء(10).
ويميل الأستاذ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري أنه من خطوط القرن السابع
وليس على هذه النسخة سماع ولا تملك أو توقيف, واكثر الفاظها مضبوط
بالشكل مع بعض الحواشي؛ ولا ندري على وجه التحديد متى نسخت؛ ومن قام
وجامع الكتابين ومربهما احمد بن عبدالملك بن مروان بن أحمد بن شهيد
الاندلسي. ويُكْنَى ابا عمر وابا بكرء والأولى أشهرهماء ولم أظفر بترجمة له في
المصادر الأندلسية المطبوعة والمخطوطة في قسم الأحمدين إلى الآن. وَاسنْكَائْسَ
الدكتور رمضان عبدالتواب بكلام ورد في طَرَّة عنوان هذا المخطوطر.»). فنسب
الكتاب إلى الشاعر ابي عامر احمد بن عبدالملك بن أحمد بن عبدالملك بن عمر بن
محمدبن عيسى ب هيد المتوفى سنة 117 ه صاحب رسالة التوابع
نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه في بعض مجالسه العلمية في بيته بمنيل الروضة
الشاعر الكاتب لانه توفي قبل عصر الزبيدي بقليل».
والواقع ان الكتاب ليس للشاعر ابي عامر بن شهيد معاصر ابن حزم وصديقه»
لان هذا اشتهر بهجاء ل ا
زم على الالحان, فهم يُصَرفُون غرائبها فيما يَجْرِي عندهم تصريف من لم يُرنَقَ
الصناعة إلا بتلك الآلة: فهو كالحمار لا يمكنه أن يتعلم صناعة
جاز أن يكون حمار يغني: (من البسيط)
ووهم الأستاذ فؤاد سزكين وهو يترجم لأبي عامر بن شهيد في كتابه «تاريخغ
التراث العربي»() فنسب الكتاب المذكور إلى جدّه أبي عمر احمد بن عبدالملك