في أسباب تمور بالمسلمين موراء يجمعها غايتان:
الأولى:- كسر حاجز (الولاء والبراء) بين المسلم» والكافر» وبين السني
والبدعي» وهو ما يسمى في التركيب المولد باسم : (الحاجز النفسي)»
فيكسر تحت شعارات مضللة: (التسامح)» و(تأليف القلوب)» « نبذ:
الشذوذ والتطرف» والتعصب »» « الإنسانية 6 ونحوها من الألفاظ
المسلم المتميزء وعلى الإسلام .
ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم» إلى غير ذلك مما
يعايشه المسلمون في قالب (أزمة فكرية غثائية حادة)» أفقدتهم التوازن في
حياتيم» وزلزلت السند الاجتماعي للمسلم : (وحدة العقيدة). كل بقدر
البصيرة» ووجد أهل الأهواء والبدع بحالاً فسيحاً لنثر بدعهم ونشرهاء
حتى أصبحت في كف كل لاقط وذلك من كل أمر تعبدي محدث لا دليل
فأمتدت من المبتدعة الأعناق» وظهر الزيغ » وعاثوا في الأرض الفساد»
وتجارت الأهواء بأقوام بعذ أقوام فكم سمعنا بآلاف من المسلمين» وبالبلد
من ديار الإسلام يعتقدون طرق ونش عاها الإسلام.
إلى آخرء ما هنالك من الويلات» التي يتقلب المسلمون في حرارتهاء
ويتجرعون مرارتهاء وإن كان أهل الأهواء في بعض الولايات الإسلامية
)١( عن « مذهب الانسانية » انظر: مذاهب فكرية معاصرة لمحمد قطب. ص/ 394-984
وفي معجم المناهي اللفظية حرف الألف.
ومقدمة / طه العلواني لكتاب: النبي عن الاستعانة والاستتصار في أمور المسلمين بأهل
الذمة والكفار لمصطفى الوارداني ,
لرشدهم فحمداًلله على توفيقه لكن من ورائهم سِرْبٌ يحاولون اقتحام
العقبة. لكسر الحاجز النفسي وتكثيف الأمية الدينية في ظواهر لا يخفى
ظهور بصماتها في ساحة المعاصرة وأمام العين الباصرة؟ .
والشأن هنا في تذكير المسلم» بالأسباب الشرعية الواقية مِنّ «الََّ
القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة» والتبصير في الدين»
وتخليص المنطقة الإسلامية من شوائب البدع والخرافات؛ والأهواء
والضلالات» وتثبيت قواعد اعتقاد السلف المتميزة على ضوء الكتاب
ومن أبرز معالم التميز العَقَدِي فيهاء وبالغ الحفاوة بالسنة والاعتصام
بهاء وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها:
نصب عامل (الولاء والبراء فيهاء ومنه : إبراز العقوبات الشرعية على
وهدايتهم» وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدع والضياع وتشييدا
للحاجزبين السنة والبدعة. وحاجز النفرة بين السني والبدعي » وقمعاً
للمبتدعة وبدعهم» يَتحجاً لهم وفاء عن الفساد في الأرض» وتسرب
علائق الأهواء ون شوائب البدع» جارية على منهاج النبوة وقفو الأثرء وفي
ظهور السنة أعظم دعرة إليهاء ودلالة عليها وهذا كله عين النصح للأمة.
فالبصيرة إذاً في: العقوبات الشرعية للمبتدع: باب من الفقه الأكبر
كبي وشأنه عظيم؛ وهو رأس في واجبات الأمر بالمعروف والنبي عن
المنكر» وأصل من أصول الاعتقاد بدلالة الكتاب» والسنة» والإجماع»
ولهذا نراه بارز المعالم في كتب اعتقاد السلف «اعتقاد أهل السنة والجماعة».
كل هذا تحت سلطان القاعدة العقدية الكبرى (الولاء والبراء» التي
تدور رحى العبودية.
وهذه العقوبات الشرعية التي كان يتعامل بها السلف مع أهل البدع
الرواية؛ والشهادة. والصلاة خلفهم وعليهم» وعدم توليهم مناصب
العدالة كالإمامة والقضاء» والتحذير منهم ومن بدعهم وتعزيرهم بالحجر
«أصول الإسلام لدرء البدع عن الأحكام».
وما في هذه الرسالة هو في خصوص الزجر بالهجر للمبتدع ديانة"»
لأهميته في : التميزء والردع» وعموم المطالبة به» ولأنه أصبح في الغالب من
الشرعية التي تحفظ للمبتدع كرامته سلا وتكشف بدعته بوصقهة
)١( هذه القاعدة مبحوثة في كتب الاعتقاد» وقد أفردت بمؤلفاته منها: تحفة الإخوان .. للشيخ حمود
التويجري» سبيل النجاة. . . للشيخ حمد بن عتيق» الولاء والبراء.'للشيخ محمد سعيد
القحطاني» الموالاة والمعادة للشيخ / محياس الجلعود؛ الولاء والبراء للشيخ عبدالرحمن
(7) للسيوطي رسالة باسم الزجر بالهجر » وللشيخ محمد الزمزمي بن محمد الصديق الغياري
رسالة باسم إعلام المسلمين بوجوب مقاطعة المبتدعين والفجار والظالين طبعت بتطوان بلا
تاريخ . رد بها على أخيه/ عبدالله في رسالته « القول المسموع في بيان الحجر المشروع -
على القبو وخدمة زاوية أبيه؛ في سلسلة يطول ذكرها من البدع المضلة» فيلغت السورة
الغضبية مبلغها من عبدالله فألف رسالة. « النفحة الذكية » هجر فيها دلالة النصوص على
الهجر وخرق إجماع الأمة عليه؛ وهي من الباطل الذي لا يلتفت إليه . والله الهادي إلى سواء
مبتدعاء مالم تكن مكفرة ؛ كبدعة : القدرلا"» والباب» والبهاء. . . وتحفظ
واجب باتفاق المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بيان وجوب النصح
لصالح الإسلام والمسلمين»:
« ومشل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسئة» أو
العبادات المخالفة للكتاب والسنة» فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم
واجب باتفاق المسلمين» حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي
ويعتكف أحب إليك أويتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصل
واعتكف فإنيا هو لنفسه؛ وإذا تكلم في أهل البدع فإنيا هوللمسلمين هذا
أفضل» فبين أن هذا نفع عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في
واجب على الكفاية باتفاق المسلمين» ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء
لفسد الدين» وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛
أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً) ه ..
الهجر الشرعي للكافر» والمبتتدع الضال ببدعته والعاصي المجاهر
بمعصيته؛ لكن صار نسج الكلام وجلب الروايات والنقول في «هجر
المبتدع»؛ لأن ضرره أعظم وخطره أشدء كما مَرٌ بك في كلام شيخ الإسلام
)١( ما أحسن ما فاله الحربي أب إسحاق رحمه الله تعالى : من لم يؤمن بالقدر لم يتَهِنّ بعيشه . انظر:
ولاية الله للشوكاني ص/ 343
() الفتاوي 78// 177-171
١ مقاصد الإسلام في المجر ١
٠ منزلة هجر المبتدع من الاعتقاد.
+ الأدلة عليه من الكتاب والسنة والإجماع .
إعمال الصحابة فمن بعدهم - له في مواجهة المبتدعة .
8 ضوابط الهجر في الشرع.
٠ التحذير من إشاعة البدعة.
فاللهم «ارزقنا هدياً قاصدا» ودجنبنا منكرات الأخلاق والأهواء
)١( اقتباس من حديثين مرفوعين رواهما ابن أبي عاصم في « السنة برقم / 0٠7 46 » وانظر: ظلال
الجنة 17/١ 45
المبحث الأول: مقاصد الإسلام في اهجر:
فوائد الهجر للمبتدع التي قصدها الشرع كثيرة؛ منها ما يعود إلى
والمقاصد الشرعية المحمودة» وهي على ما يلي:
١ - أن «الزجر بالهجر» عقوبة شرعية للمهجور» فهي من جنس الجهاد في
سبيل الله لتكون كلمة الله هي العلياء وأداءً لواجب الأمر بالمعروف والنبي
" بعث اليقظة في نفوس المسلمين من الوقوع في هذه البدعة وتحذيرهم.
- قمع البجدع وزجره» ليضعف عن نشر بدعته؛ فإنه إذا حصلت
مقاطعته» والنفرة منه؛ بات كالثعلب في جحره.
وتغرير بالعامة؛ (إذ العامي مشتق من العمى فهو بيد من يقوده غالب
فلابد إذا من الحجر على المبتدع استصلاحاً للديانه وأحوال الجماعة؛ وهو
ألزم من الحجر الصحي لاستصلاح الأبدان.
وبعد أن نقل الشاطبي رحمه الله تعالى بعض الآثار في النهي عن توقير
المبتدع قال:
« فإن الإيواء جامع التوقين ووجه ذلك ظاهر؛ لأن المشي إليه والتوقير
له تعظيم له لأجل بدعته؛ وقد علمنا أن الشرع يأمر زجره وإهانته
وإذلاله بها هو أشد من هذاء كالضرب والقتل فصار توقيره صدوداً عن
العمل بشرع الإسلام» وإقبالا على ما يضاده وينافيه . والإسلام لا ينهدم
وأيضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان بالهدم على
إحداهما: التفات العامة والجهال إلى ذلك التوفير, فيعتقدون في المبتدع
على بدعته دون اتبا ع أهل السنة على سنتهم .
إنشاء الابتداع في كل شيء.
وعلى كل حال فتحيا البدع وقوت السننء وهو هدم الإسلام
إعطاء ضمانة للسنن من شائبة البدع ومداخلتها لصفاء السنن. والله
وقال ابن بطة رحمه الله تعالى في «الإبانة 40/1١ : (اعلموا إخواني أن
البدعة والشناعة» وفتح باب البلية على أفثدتهم وحجب نور الحق عن
بصيرتهم فوجدت ذلك من وجهين : أحدهما : البحث والتنقير وكثرة السؤال
الاح
المبحث الثاني :- أنواع الهجر:
وهي ثلاثة:
الأول: الهجر ديانة؛ أي «الهجر لحق الله تعالى»» وهو من عمل أهل
التقوى في: هجر السيئة؛ وهجر فاعلهاء مبتدعاً أوعاصياً.
وهذا النوع من الهجر على قسمين:
صحبتهم إلا لحاجة أو مصلحة راجحة.
جيا» وقال تعالى «أوإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم
حتى يخوضوا في حديث غيره؛ وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى
مع القوم الظالمين6».
وفي الحديث أن النبي كَيةِ قال: « المهاجر من هجر ما نبى الله عنه »
١7 هجر تعزير: وهذا من العقوبات الشرعية التعبدية التي يوقعها المسلم
على الفجار كالمبتدع » على وجه التأديب في دائرة الضوابط الشرعية للهجر.
وهذا القسم هو الذي تدور عليه الأبحاث في هذه الرسالة المباركة.
وهذا النوع بقسميه من أصول الاعتقاد» والأمر فيه أمر إيجاب في أصل
الشرع . ومباحثه في كتب السنة والتوحيد والاعتقاد وغيرها .
)١( الفتاوي 78/ 71١ - 719 13 الك عر . فتح الباري 117/٠ . الترغيب
والترهيب 404/7 - 437 . الدرر السنية 711-7*8/6.
لات
تنبيه : في الكافر:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى .
(قال الطبري : قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي وقد
استشكل كون هجران الفاسق أو المبتدع مشروعاً ولا يشرع هجران الكافر
وهو أشد جرحاً منهها لكونا من أهل التوحيد في الجملة .
وأجاب ابن بطال: بأن لله أحكاماً فيها مصالح للعباد وهو أعلم بشأنها
وعليهم التسليم لأمره فيهاء فجنح إلى أنه تعبد لا يعقل معناه .
باللسان» فهجران الكافر بالقلب وبترك التودد والتعاون والتناصر لاسيا إذا
كفره» بخلاف العاصي المسلم فإنه ينزجر بذلك غالباء ويشترك كل من
الكافر والعاصي في مشروعية مكالمته بالدعاء إلى الطاعة والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر» وإنيا المشروع ترك المكالمة بالموادة ونحوها) ١ه" .
والظاهر ما قاله النووي رحمه الله تعالى من أن للمسلم هجر الكافر من
غير تقييد!" لما هومعلوم من الأصل الشرعي العام من تحريم موالاة الكفار
والتحذير من موادتهم وتعظيم ما يؤدي إلى ذلك» ونصب الأسباب الموصلة
إلى ظهور المسلم عليهم» كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
« لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق
فاضطروهم إلى أضيقه » رواه أحمد ومسلم وغيرهما والنصوص في تحريم
+ 447/٠١ فتح الباري )١(
443/1١ فتح الباري )(