الجري في ميدان نقلته؛ والبحث عن أحوال حملته؛ لأن ذلك هو
المرقاة إلى معرفة سقيمه من صحيحه؛ وتبين راجحه من مرجوحة؛
ولكل مقام مقال» ولكل محال رجال»!".
ومن أحسن تصنيف في علم الحديث وأبدع؛ وأكثر فائدة
وأنفع: «المقدمة الموقظة» للشيخ العلامة المحدث المؤرخ الفقيه شمس
الدين محمد بن أحمد بن الذهبي سقى الله بالرحمه ثراه؛ وجعل الجنة
سطورها على لطافة حجمها - غرر الفوائد ودرر الفرائد التي يجود
.)137 من مقدمة «الشذا الفياح» (ص )١(
(1) من مقدمة «النكت على ابن الصلاح؛ (111-171/1).
() من مقدمة «المقنع» (3-71//1).
بها قلم الإمام الذهبي في كتاباته وتعليقاته؛ إذ من المعروف أن كلام
الذهي دائماً يتميز بالإفادات الغالية؛ والتحقيقات النفيسة؛ والنكت
ولذلك رأيت فتح كنوزهاء وحلّ مشكل رموزها بتنقيح لطيف»
وتلقيح للفهم منيف» ساعياً في إفادة ما لا غنى عنه لأثمة الشأن
وطلبته من غير تطويل ممل» ولا تقصير محل؛ مع زيادات علمية
وكتيه
)١( من مقدمة أبي غدة للموقظة (ص9).
ضرع لق ل
ترجمة الإمام الذهبي
هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله.
ينحدر من أسرة تركمانية الأصل» وينتهي بالولاء إلى بني تميم.
ويكنى ب«أبي عبد الله شمس الدين».
ويلقب ب«الذهبي»؛ فإن والده شهاب الدين أحمد عدل عن
بالذهبي» ومن هنا عُرف محمد بلابن الذهبي»؛ نسبة إلى صنعة أبيه؛
«أما بعد؛ فهذا معجم العبد المسكين محمد بن أحمد... ابن
.)707 من أشهر مدن ديار بكر (معجم البلدان:4/ )١(
ويبدو أن محمداً اتخذ صنعة أبيه مهنة له في أول أمره؛ ولذلك
وتاج الدين السبكي'""؛ وابن كثير"". وقد عَرّف نفسه في مصر لابن
دقيق العيد ب«الذهي»!.
ولد ثالث شهر ربيع الآخر سنة (1177ه) في قرية كفر بطناأ*".
هبة الله القيسي.
# وأخذ عن عمته ست الأهل بنت عثمان وهي أمه من
الرضاعة وكانت قد حصلت على الإجازة من ابن أبي اليسر»
(©) «البداية والنهاية» (15/14).
(0) من قرى غوطة دمشق الشرقية.
شرح لقا قا اص ااا
وجمال الدين بن مالك؛ وزهير بن عمر الزرعي؛ وغيرهم.
تكرار عبارات فيها حرف الراء؛ فقد قال الذهبي رحمد الله: «وكان
رحمة الله عليه يدميني في النطق بالراء؛ فيقول: قل جرة براً؛ جرة
*# وجده لأمه علم الدين سنجر كان يسمعه بعض أخبار الدولة.
* وخاله علي كان من طلبة العلم» وقد روى عنه.
# وأبوه من الرضاعة إبراهيم بن داود كان له عناية بالعلم
والرواية أخذ عنه الذهي.
وَتَوَجّه الذي وهو صي بعناية عائلته إلى مجالس الشيوخ
وحلقات الحدثين» وأخذ عنهم» وسمع منهم:
* سمع وهو ابن عشرة سنين من صدر الدين بن الخطيب
«صحيح مسلم» بدار الحديث.
* وسمع وهو ابن ثلاث عشرة سنة من يوسف بن يعقوب
# وأخذ وهو ابن أربع عشرة سنة عن شيخيه: سعد الخير بن
اك _-لركل
وأجمعت مصادر ترجته على أنه بدأ طلب العلم بطريقة منهجية
في الثامنة عشر من عمره؛ فرحل إلى البلاد العامرة بالعلماء.
ورحل إلى مصر سنة (740ه)؛ وسمع في القاهرة»؛ ورحل إلى
١ أحمد بن إسحاق الأبرقوهيء المتوفى سنة (01/اه)ء
7 ابن فرح الإشبيلي» المتوفى سنة (144ه).
“7 ابن الظاهري؛ المتوفى سنة (143ه).
© أبو العباس الحجارء المتوفى سنة (6لاه).
- 0 أبو الفضل بن عساكرء المتوفى سنة (144ه).
١ إبراهيم بن داود الفاضلي المتوفى سنة (147ه).
ل برهان الدين الفزاري» المتوفى سنة (4؟لاه).ء
٠ ه الحافظ الدمياطي» المتوفى سنة (8 »لاه)ء
7 عبد الرحمن بن عبد الحليم سحنون» المتوفى سنة (146ه).
٠ سنقر القضائي الزيني؛ المتوفى سنة (؟/اه)ء
١ أبو حفص بن القواس» المتوفى سنة (1458ه).
١7 - ابن دقيق العيده المتوفى سنة (7+لاه).
8 أبو الحجاج المزيء المتوفى سنة (47لاه)ء
١ شيخ الإسلام ابن تيمية» المتوفى سنة (/1لاه)ء
علم الدين البرزالي» المتوفى سئة (4؟لاه)ء
وقد برع الذهي في جلة من العلوم منها:
١ علم القراءات.
وتلاوته؛ ودراسة علم القراءات؛ فأخذ ذلك عن كبار أئمة هذا الفن؛
وجمع ختمات بالقراءات السبع؛ وقرأ جملة طيبة من كتب القراءات
والتجويد حتى أصبح إماما مقرثا مجوّدا متقنا وعرفه علماء عصره
ددرن عند -
وقد ترك في هذا الفن كتابين هما:«التلويجات في علم
القراءات»؛ و«معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار».
١ علم الحديث.
توجه الإمام الذهبي منذ بداية الطلب إلى علم الحديث؛ ومال
إليه حتى طغى على تفكيره؛ واستغرق جل وقته؛ فرحل الرحلات
الكتب والأجزاء والمجاميع والفوائد والمسانيد والمعاجم والمشيخات.
وقد علم رحمه الله أن العمدة في علم الحديث على معرفة
وتعديلا» فتمكن منه غاية التمكن» فنبغ في معرفة الرجال» وأحوال
لمتفق والمفترق» والمؤتلف والمختلف؛
الكبار بالحجة والبرهان حتى دخل في كل باب من أبواب علم
الرواة» ونقد الأسانيد؛ ومعرفة
تاريخ
الإمام الذههبي شديد الاعتناء بتاريخ الإسلام؛ وقد ربط التاريخ
تراثاً قيماً نافع ولعل أاضخمها وأوسعها: «تاريخ الإلام ووفيات
فقد تناول تاريخ الإسلام من المجرة حتى سنة (0 ٠ لاه)ء
الفقهاء الذين لا عناية لهم بالحديث؛ وكان بصوراً بالمذاهب
والمقالات؛ لكن دون تقليد وعصبية بل كان مجتهدا.
يعد الإمام الذههي من المكثرين في التصنيف؛ وقد عد الحافظ
ابن حجر أكثر أهل عصره تصيفاً.
وقد تتبع الدكتور بشار عواد مصنفات الإمام الذهي؛ فبلغت
(1) مصنفاً؛ وذلك في مقدمته ل «سير أعلام النبلاء» (1/6/1-