6 صلاح الأمة في عَلوْ الهمة - المجلد الخامس
مريضه من الطعام والشراب 64
ولفظ أحمد عن محمود بن لبيد مرفوعًا ٠ إن الله يحمي عبده المؤمن
من الدنيا وهو يحب ؛ كما تحمون مريضكم الطعام والشراب ؛ تخافون
لح عمد ما أحد فز من اذ أن يف عله أو تي أله ؛ وفي فر
هذا الذلب بخصوصه في خطبة الكسوف بر بديع ؛ » فعض البصر يُورث نورًا
في القلب » ولهذا جمع الله سبحانه وتعالى بين الأمر به وبين ذكر آية النور ؛
فجمع الله سبحانه بين نور القلب بغْضٌ البصر » وبين نوره الذي مله بالمشكاة
لتعلق أحدهما بالآخرة فجمع النبي عَكْلهْ بين ظلمة القلب بالزنا وبين ظلمة الوجود
قال رسول الله عت : ٠ ليس شيءٌ غير من الله » من أجل ذلك حرم الفواحش
على نفسه ؛ ولا أحد أحبٌ إليه العذر من الله » من أجل ذلك أرسل الرسل 6
وفي الصحيح عنه من حديث أي هريرة : « إن الله يغارٌ والمؤمن يغار ؛
وغيرة الله أن يأ المؤمن ما حزم عليه ؛!
وعند مسلم : عن أي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عت :
« المؤمن يغار والله أشد غَيْرًا +
/٠١ صحيح : رواه أحمد والحاجم وصخّحه الألباني قٍِ صحيح الجامع رقم )١(
رواه الشيخان وأحمد والترمذي )(
صلاح الأمة في عَلْوْ الهمة - المجلد الخامس __ ١8
لك ؛ » فبحفي عليك ؛ » لا تشتفل بما خلقئه لك عن ما خلقتّك له » ٠ وفي أثر
آخر : « خلقتُك لنفسي فلا تلعب ؛ وتكَفَّتُ لك برزقك فلا تتعبٍ يا ابن
وأنا خيرٌ لك من كل شيء ٠ ويغار على لسانه أن يتعطل من ذكره ويشتغل بذكر
غيره » ويغار على جوارحه أن تتعطّل من طاعته وتشتغل بمعصيته ؛ فيقبح بالعبد أن
ل صلاج الأمة في عَلَوْ الهمة - المجلد الخامس
به من ليس من أهله ؛ » بل حال بينهم وبينه غيرة عليه » قال الله تعالى : وَجَعَلْنَا
قال تعال : هل وإذا قرأث القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون
بالآخرة حجابًا مستورًا 6 ( لإسراء : 2:٠ ؛ ١ قال السري لأصحابه : أندرون
ما هذا الحجاب ؟ حجاب الغيرة ولا أحد أغير من الله ؛ إن الله تعالى لم يجعل
ليس أمّد له("
نوع لطيفُ من غيرة الربٌّ سبحانه وتعالى :
قال ابن القيم : ١ وهاهنا نوع من غيرة الربّ سبحانه وتعالل لطيف
لا تهتدي إليه العقول ؛ وهو أن العبد يُفتَحُ له باب من لسر اا
والصفاء والوجود ذلةٌ ومسكنة وفقرًا وفاقه » وذ من هذا : أحبٌ إليه سبحانه
وتعالى ؛ وأنفعٌ للعبد من الجبال الرواسي » من ذلك الصفاء والأنس المجرّد
نسبة إلى الشبلي 2١١ هذا قوله في مدارج السالكين 473/3 » وفي روضة المحبين ص )١(
صلاح الأمة في عَلْو الهمة - المجلد الخامس ١
وتخطوءٍ : فالأخذ بها عندهم عين البطالة » منافٍ للصدق »
الدرجة الثالثة : ١ الصدق في معرفة الصدق ؛ فإن الصدق لا يستقم -
في علم أهل الخصوص - إلا على حرف واحد ؛ وهو أن يتفق رضا الحق بعمل
مُعَارًا فأحسن أعماله : ذنب » وأصدق أحواله : زور الأب ارط
ودع
قال ابن القم: «يعني أن (١ 3 فى المتحقق إنما يحصل ! لمن صدق في معرفة الصدق؛
فكأنه قال : لا يحصل حال الصدق إلا بعد معرفة علم الصدق
ثم غَرّف حقيقة الصدق » فقال: لا يستقم الصذق - في علم أهمل
الخصوص - لا على حرف واحد ؛ وهو أن يتفق رضا الحق بعمل العبد » أو
فالشيخ ذكر الغاية الدالة على الحقيقة التي يُعرف انتفاء الحقيقة بانتفائها ؛
لا أن رضا الله نفس الصدق ؛ وإنما يعلم الصدق بموافقة رضاه سبحإنه ؛ ولكن
من أين يعلم العبد رضاه ؟!
والتسلم للرسول عه ؛ في ظاهره وباطنه » والاقتداء به والتعبد بطاعته في كل
حركة وسكون » مع إخلاص القصد لله عز وجل ؛ فإن الله تعالى لا يرضيه من
أى أن يقبل من عبده عملًا أو يرضى به ؛ حتى يكون على متابعة رسوله عن ؛
9 صلاح الأمة في علو لهمة - المجاد انخاس
القلوب ؛ تمنعها من مطالعة الحق وقصده فإذا تمكّن من منزل « الإخبات »
وصحّة الإرادة والطلب » لم يطمع فيه عارض الفتئة
وقد قيل : من أخذ العلم من عين العلم ثبت ؛ ومن أخذه من جريانه
أخذته أمواج الثتبّه ومالت به العبارات » واختلفت عليه الأقوال
قال : ١ الدرجة الثالثة : أن يستوي عنده المدح والذم ؛ وتدوم لائمته لنفسه ؛
ويعمّى عن نقصان الخلق عن درجته » :
اعلم أنه متى استقرّت قدم العبد في منزلة و الإخبات 4 4 وتمكُن فيها ؛
ربّه » وضاز قليه مَطْرَحًا لأشعة أنواز الأسماء والصفات + وباشر حلاوة الإيمان
واليقين قلبه
والوقوف عند مذح الناس وذمهم علامة انقطاع القلب علو من لله
وأنه لم تباشره روح محبّته ومعرفته ؛ ولم يدق حلاوة التعلق به والطمأنينة إليه
وأما قوله ٠: وأن تدوم لائمته لنفسه » : فهو أن صاحب هذا المنزل
والمراد بالنفس عند القوم : ما كان معلولًا من أوصاف العبد » مذمومًا
وهذا أحد التأويليّن في قوله تعالى : هم ولا أقسم بالنفس اللواهة ز القيامة :3 2
قال سعيد بن جبير وعكرمة : تلوم على الخير والشر » ولا تصبر على السرّاء ؛
صلاج الأمة في غَلالهمة - المجلد الخامس _____ 0 ١١
وقال قتادة : اللوامة : هي الفاجرة
وقال مجاهد : تندم على ما فات ؛ وتقول : لو فعلتٌ ؛ ولو لم أفعل
وقال الفراء : ليس من نفس بَرَةٍ ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها ؛ إن
وقال الحسن : هي النفس المؤمنة ؛ إن المؤمن - والله - ما تراه إلا
وقال مقاتل : هي النفس الكافرة ؛ تلوم نفسها في الآخرة على ما فرّطت
في أمر الله في الدنيا
والجرم ب ومحقو و تلوت عليها : أن قنفس عات بي العيد وي لاج
وتعال إ:ِ
فالنفس جبل عظيم شاقٌ في طريق السير إلى الله عز وجل ؛ وكل سائر
لا طريق له إلا على ذلك الجبل ؛ فلا بد أن ينتهي إليه ؛ ولكن منهم من هو
شاق عليه ؛ ومنهم من هو سّهل عليه ؛ وإنه ليسير على من سه الله عليه
وفي ذلك الجبل أودية وشعوب ؛ وعقباتٌ ووهود ؛ وشولا وعوسج ؛
وعُليقٌ وشبْرق ؛ ولصوص يقتطعون الطريق على السائرين ولا سيما أهل الليل
77 صلا لأمة في علو الهمة - المج الخاص
ا فقت : يكون رجلا من قومي أحبٌّ ني ٠ وبيني وبين المشركين
رجل لا أعرفه ؛ وأنا أقرب إلى رسول الله عق منه ؛ وهو يخيلف المشي
وقد كني بان ؛ وشح في وجهه ؛ وقد دخل في وجْنّته حلقتان من حلق
وذهيتُ لأصنع متسجع كال «الحبيث عاك معي لسابرتي 5 مال : ففمل
رضي الله عنه من أحسن الناس هتما !0
فانظر - رحمك الله - كيف بلغ الأدب بأني بيد ؛ لا ينزع حلقتي
أدب طلحة الخير : طلحة بن عبيد الله :
يظهر ذلك جلي أثناء انسحاب رسول الله تت من أحد ؛ قال ابن
إسحاق : نمض رسول الله عن إلى الصخرة من الجبل ليعلوها ؛ وكان قد
ابن عبيد الله حتى استوى عليها
صلاح الأمة في عُلْوٌ الهمة - المجلد الخامس 41١
لقد أصاب العرّجّ إحدى ررجْلّي طلحة رضي الله عنه ؛ أثناء دفاعه عن
نبي عق ؛ ولمًا حمل طلحة النبي تل تكلّف استقامة المشي أدبًا مع رسول الله
عه ؛ لا يش على النبي عَْنهْ ؛ فاستوث رجه العرجاء لهذا التكلف ؛
فشفي من العرّج
أدب صدّيق الأنصار سعد بن معاذ رضي الله عنه :
لما وصل سيد الأوس سعد بن معاذ إلى مقر قيادة النبي تل في بني
قريظة ؛ قال له النبي عَهْته : ١ احكمْ فيهم يا سعد » فقال : إن رسول الله
تن أَحتٌ بالحكم فقال النبي عل : ١ قد أَمرَك الله أن تحكم فيهم 4 غير
أن سعدا - وقد علم حرص قومه الأوس على التسال في الحكم على حلفاتهم
لبود أب حب أن يستوثق من الجميع » ويأخذ عليهم العهد - الأوس وبني
فريلة - بأن حكمه إذَا سند يكون غير قابل للنقض أو النقاش ووقف سعد
ابن معاذ في المعسكر النبوي ؛ ووججّه حديثه إلى قومه الأوس خاصة » وإلى مَنْ
في المعسكر عامّة قائلًّا : عليكم بذلك - عهد الله وميثاقه - أن الحكم كا
وأشار إلى الخيمة التي فيها رسول الله عله فقال عليه الصلاة والسلام :
و نعم "ثم أشار إلى بني قريظة المحجوزين جانبًا في المعسكر ؛ ليستوثق
النساء وَالدّزَيّةَ ؛ وأن تقسَّم أموالهم ولمَّا نطق سعد بن معاذ بالحكم ؛ قال
له النبي عل : ١ حكمت فيهم بحكم اللر من فوق سبع سماوات 4
فانظر إلى أدب سعد أثناء الحكم » وإشارته إلى خيمة رسول الله حَْثَهٍ
)١45/7( سيرة ابن هشام )١(
17“ صلاح الأمة في عَلوَ الهمة - المجلد الخامس
وهو معرض عنها ؛ إجلالًا لرسول الله عل
أدب خطيب الأنصار ثابت بن قيس رضي الله عنه :
انظر إلى أدب خطيب الأنصار ؛ ثابت بن قيس بن ثيماس رضي الله
ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية ز الحجرات :3
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي َه افتقد ثابت بن قيس ؛
فقال رجل : يا رسول الله » أنا أعلم لك علمّه فأتاه فوجده في بيته مكنا
رأسه » فقال له : ما شأنك ؟ فقال : ل كان يرفع صوته فوق صوت النبي
أهل الجنة م!"
وروى الإمام أحمد ؛ عن أنس رضي الله عنه : لمَّا نزلت هذه الآية
و الحجرات :2 ) وكان ثابت بن قيس الشماس رفيعَ الصوت ؛ فقال : أنا الذي
كنت أرفع صوتي على رسول الله عله ؛ حبط عملي » أنا من أهل النار وجلس
فقدّك رسول الله عه ؛ ما لَكَ ؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي
َه وأجهر له بالقول ؛ حبط عملي » أنا من أهل النار فأتوا النبي عَكْثه ؛
ألخبروة با قال 2 فقال : ٠ لا » هو من أهل الجنة »
قال أنس : فكنا نراه يمشي بين ظهرانينا » ونحن نعلم أنه من أهل الجنة ؛