أن الإمكانات المادية محدودة فبأي التفاسير تتصح ليكون في
وكان الأمر يعرض على وجه آخر أحيانا ؛ فهناك المناهج التعليمية
والمقررات الدراسية في المعاهد العلمية والكليات اللتخصصة تحتاج إلى
الكتاب المقرر ليكون بين أيدي الطلاب ؛ والمرجع المعتمد الذي
يرجعون إليه عند الحاجة إلى التوسع ٠
كل ذلك كان يستدعي تقديم تعريف بأهم كتب التفسير ومناهج
وخلال تدريسي لمادة التفسير في المرحلة الجامعية في كلية أصول
الدين ومرحلة الشخصص لاحظت انقطاع الصلة بين الطلاب وبين
كتب التفسير . فكثير منهم لايعرف سوى تفسير فتح القدير
للشوكاني باعتباره المرجع المعتمد للمقرر في الكلية .وتفسير القرآن
العظيم لابن كثير باعتباره الكتاب المتداول بين العامة والخاصة .
وقد يحفظ بعضهم أسماء كتب التفسير مثل تفسير الطبري
والرازي والقرطبي ولكن دون أن يعرف عنها شيفاً » فضلاً أن يكون
على دراية بمناهج المؤلفين فيها ويملك القدرة على فهم عباراتهم في
كتبهم » وتحليل تراكيبهم والتعرف على مراميهم عند مناقشة القضايا
القرآنية .
ولعل جانباً من التبعة يقع على أسلوب الدراسة والتدريس في
مدارسنا وجامعاتنا في العالم الإسلامي » حيث تخلينا عن المنهج
الإسلامي في التلقي عن شيوخ العلم من خلال الكتب المعتمدة لهذا
الفن » لمعرفة أسراره من خلال عبارات أرباب هذا الشأن . تخلينا عن
المحاضرة » حيث يبسط المحاضر المعلومات للطالب ويجعلها لقمة سائغة
يتلقاها الطالب وهو بين الدائم والمسترخي . وربما أعطاه المحاضر في
نهاية المحاضرة أو في بدايتها أسماء بعض المراجع » التي قلما يرجع إليها
الطالب بل يكتفي بالوريقات التي دوّن فيها المحاضر معلوماته أو رؤوس
العناوين التي كانت مجال الحديث .
نظام الجامعة يمنع إعطاء المذكرات كان التحايل عليه من قبل الطلاب
بتسجيل محاضراته على أشرطة ثم تفريغها » أو تدوين المعلومات من
قبل أحد الطلبة المهرة في سرعة الكتابة ثم تكون هذه المذكرة المرجع
الأول والأخير بين أيدي الطلبة . وإذا كان الأستاذ من الحريصين على
مادته ولم يغيرها بين الفينة والأخرى » بقيت هذه المذكرة بين أيدي
الأجيال من طلاب الكلية .
كل هذه الأسباب وغيرها دفني وبعض الإخوة في قسم القرآن
وعلومه بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود
الإسلامية ؛ أن نفكر بطريقة نلزم فيها الطلاب بالرجوع إلى أمهات
كتب التفسير » لمعايشة عباراتها وأساليب مؤلفيها ؛ وبذل الجهد
الشخصي للتعرف عليها وتحليلها وإدراك مراميها .
فكان اقتراح وضع مادة ( مناهج المفسرين ) ضمن مقررات
التخصص في كلية أصول الدين وسرعان ماتبناه القسم ؛ ووضع المقرر
وفقراته . ولكن التطبيق أثار مشكلات جديدة ؛ فبين أيدي الطلاب
مذكرات للأساتذة التي شرحوا فيها مناهج المفسرين » كما أن كتاب
( التفسير والمفسرون ) للدكتور محمد حسين الذهبي ؛ وكتاب
(اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر ) للدكتور فهد الرومي » غطى
جانباً يسيرً من هذا الأمر . وبقيت الصلة مقطوعة بين الطالب
والكتاب المرجع الأساسي.حاولنا أن يكلف الطالب بتقديم اختبار
شفوي في نصوص يحددها أستاذ المادة من كل كتاب ؛ أو تكون
درجات الأعمال الفصلية على ذلك .
إل أن صعوبة التطبيق كانت العائق في كل ذلك .وفوجغت
القسم أرادوا أن يحملوني المسكولية باعتباري أول من اقترح وتحمس
لإدخال هذه المادة في المقررات .
وفي هذه الصفحات أحاول أن ألبي - بقدر الإمكان - هذه
الرغبات » وأن أجيب على تلك الاستفسارات » وأن أفيد طالب العلم
الراغب في الفائدة وأربطه بأمهات كتب التفسير من خلال نماذج
ومن خلال متطلبات شفوية وكتابية يقوم بتتحضيرها أثناء الفصل
الجامعي . ولا أزال أقول وأكرر في كل مجلس وعلى كل منبر أصل
إليه أن يعاد النظر في طرق التدريس للعلوم النظرية » فإن علومتا
والله أسأل أن يوفقني وإخواني العاملين في مجال خدمة كتاب الله
ينفع بذلك المسلمين ؛ إنه سميع مجيب .
تمهيد
في نشوء علم التفسير وأطواره
+ في عصر الرسول نمه .
+ في عصر الصحابة .
ظهور المدارس التفسيرية في هذا العصر » وأبرز رجالها.
+ في عصر التابعين .
توسيع دائرة التفسير ؛ ووجود نواة التفسير بالرأي » المدارس التفسيرية
في هذا العصر وأبرز رجالها .
-١ تعريفات
مناهج المفسرين
قبل البدء بذكر نشوء علم التفسير وأطواره » لابد من وقفة مع
تعريف المصطلحات التالية :
- التفسير » منهج » المفسر
- التفسير : لغة مصدر فسّره بتشديد السين » مأخوذة من الفسر
بمعنى البيان يقال : فسرت الكتاب بالتخفيف والتشديد أفسّره
وقيل إنه مقلوب من السفر بتقديم الفاء على السين » والمعنى واحد
فإن مادة السين والفاء والراء تدور حول معنى الكشف والتوضيح
والبيان (0.
وفي الاصطلاح : علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث
دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية .
. يقول ابن فارس : الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان الشيء وإيضاحه )١(
. 604/4 انظر معجم مقاييس اللغة
مناهج المفسرين :
هو مركب إضافي » ولتعريف هذا المصطلح لابد من تعريف
هذا النوع من العلم .
تعريف كلمة منهج :
ٍ نهج الطريق نهجًا ؛ ونهوجًا : وضح واستبان » ومنهج الطريق
والمنهاج كالمنهج » وفي التنزيل الحكيم ف( يلجعلا يدكم شرج يْرَمَةٌ
زيِنْمَجًاً » [المائدة : 48] ١
والمنهاج الطريق الواضح » واستنهج الطريق صار نهجًا
والنهج : البين الواضح » يقال : طريق نهج » وأمر نهج الطريق المستقيم
الواضح يقال : هذا نهجي لاأحيد عنه .
وفي حديث العباس : لم يمت رسول الله نه حتى ترككم على
طريق ناهجة أي واضحة بينة () .
النهج : هو الطريق الواضح في التعبير عن شئ أو في عمل شئ أو في
تعلم شئ طبقًا لمبادئ معينة وبنظام معين بغية الوصول إلى غاية
معينة 09
)١( انظر لسان العرب 387/9 وانظر مناهج المفسرين للدكتور - محمود النقراشي السيد
علي /17.
(3) انظر مناهج المفسرين للدكتور محمود النقراشي السيد علي ص ١7
والمفسر : هو الذي وجدت لديه أهلية الكشف والبيان عن معاني القرآن
الكريم حسب الطاقة البشرية .
وبعد أن أصبح هذا المركب علمًا على نوع من أنواع علوم القرآن
فيمكن تعريقه :
مناهج المفسرين :
القرآن الكريم حسب الطاقة البشرية .
؟ - نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين
0 ل [الإسراء نح / مح
ومن سننه في الرسالات أن تكون الرسالة بلغة القوم المرسل إليهم»
وأن يتحدث الرسول إليهم بما يفقهون . يقول الله تعالى: ف وَبآآرسلنَا
رسالاته أن يزوّد الرسول بمعجزة تكون برهان صدقه وسلطان حجته
0 ب ؛ لأن الرسول لايتميز بظاهره عن سائر الناس ظ( قُ ْنا
يتك 4 . ( الكهف : ]1١١ .
لتكون أبلغ تأثيراً في نفوسهم عندما يعجزون عن معارضتها والإتيان
بمثلها .
ولما كانت رسالة رسول الله ل إلى البشرية عامة في كل مكان
وإلى كل الأجيال مستمرة إلى يوم القيامة » اقتضت هذه الرسالة العامة
أن تكون معجزتها دائمة مستمرة إلى يوم القيامة تقيم الحجة على
كل الأجيال فكانت الحكمة متحققة في كونها معجزة معنوية
باقية تتحدى الأجيال إلى يوم القيامة وتثبت عجزهم عن
معارضتها ؛ وتقيم الحجة عليهم ؛ أن الذي جاء بها رسول صدق وأن
رسالته رسالة حق .