وصابرنا (إن الله مع الصابرين) ؛ معية الله شفاء من كل بلاء ؛ ودواء لكل داء +
وهي خير زاد في دنيا الفناء لعالم البقاء +
لقد أراد المؤلف وفقه الله وجزاه خير الجزاء بهذا الكتاب أن يربط إخوانه
المسلمين على كل حال بالله ؛ في حال القبض والبسط وفي حال الدخن والصفاء +
لقد ذكرنا المؤلف وفقه الله في كتابه هذا إلى مايجب أن يكون عليه المسلم في
لذلك جملة من آيات الكتاب العزيز ؛ وطائفة من الحديث النبوي الشريف ؛ يتبع كل
ذلك بنماذج مما صح عن الصحابة والتابعين + وكذا العارفين وسلف الامة الصالح
توجيهات الكتاب والسنة في هذا الباب +
وقد نحا في كل ماذكر نحو منهج الامانة في النقل فكان يشير لكل رواية إلى
راويها ولكل قصة إلى مصدرها ١ وإذا استنبط أحكاما بناها على مااستقصى من
اطلاعه على كتب الباب ؛ وقد يورد أحيانا من الروايات ما لا يرقى إلى درجة
الذي يؤيد الصحيح المقصود ولا يُخْلُ بالمنشود ولم يكن من باب الاستقلال بالحكم
أو الاستدلال بالضعيف لذلك فإنه حين يورد قولا من ذلك يتبعه بما هو أثبت منه +
كما أن المؤلف دأب على إحالة الاقوال إلى مصادرها كى يستزيد من أراد التوسع
في أبوابها +
ومجمل مايمكن قوله نحو الكتاب الذي بين أيدينا من زاويتى أنه مختصر مفيد
في بابه يحسن بكل مسلم أن يجعل في مكتبته أو قل في غرفة معيشته نسخة منه
أبعدته صوارف الزمن عن آخرته ٠
فأسأل الله أن ينفع به مؤلفه وقارئه والساعى على نشره » وأن يعلمنا ماينفضا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا +
عبيدالله محمد أمين كردي
المدينة المنورة
وتشكرك على نعمك التي لا تعد ولا تحصى ؛ وأعظمها نعمة الإسلام التي امتننت بها
علينا ؛ ثم نعمك بالسمع والبصر والفؤاد والصحة والعافية والجوارح والحواس كلها
واكتساب المنافع الحسية والمعنوية نعم تترى ؛ وفضائل لاتحصى ولانحصى ثناء عليك.
وقد جعل الله لهذه النعم بعض التمحيص والاختبار ابتلاء منه على شكر النعمة
تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا
صبر فكان خيرا له» . رواه مسلم +
وقال صلى الله عليه وسلم : «مايصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا
وقد جعل الله لنا حصناً نتقى به ؛ وملاذاً نفر إليه عند حلول المصائب والشدائد
ألا وهو الصبر وهو حبس النفس وضبطها وإلجامها بلجام الشرع ؛ ومدح الله
الصبر والصابرين في مواضع عديدة من كتابه وعلى لسان رسوله صلوات الله
وسلامه عليه ؛ وأخبر أن في الصبر الفلاح والجمع بين خيرى الدنيا والآخرة فمن
نتائجه وثمراته المخارج من المآزق ؛ قال تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً
بالاعداء قال تعالى : (فاصبر إن العاقبة للمتقين) +
ومنها : الظفر بالمراد قال تعالى : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني
ومنها الإمامة على الناس قال تعالى : (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لماصيروا).
ومنها : الثناء من الله جلت عظمته قال تعالى : (إنا وجدناه صابراً نعم العبد
ومنها : البشارة والصلاة والرحمة والاهتداء قال تعالى : (وبشر الصابرين
ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) +
ومنها : المحبة من الله تعالى قال الله عزوجل : (والله يحب الصابرين) +
ومنها : الدرجات العلا من الجنة قال تعالى : (أولئك يجزون الغرفة بما
ولقد حسيتنى أترك المجال لصاحب المؤلف العظيم الرجل الفاضل الذي مابرح
البشرية المتعلقة بالدنيا وملذاتها فينقلها إلى التفكر والتدبر والإقبال إلى الله سبحانه
والدار الآخرة +
وها نحن نعيش مع هذا الكتاب «شفاء الروح للمريض والمجروح» نعزى
أنفسنا بسير الصالحين والمحتسبين وكلام رب العالمين وهدي سيد المرسلين
صلوات الله وسلامه عليه مايحيط بنا من الاكدار والمصائب والامراض ونوائب
الزمان وطوارق الحدثان +
وحسب المؤلف ابداعه وجمعه لهذه الفرائد واقتناص هذه الشوارد ؛ وفي من
أعظم العبر وأجمل الفكر ؛ وهي مشتملة على آيات ومواعظ قرآنية وأحاديث نبوية
فيها الصحيح والحسن والضعيف الذي يحتج به أكثر العلماء في الرغائب والمواعظ
وسير عطرة من سير السادة الفضلاء من الصحابة والتابعين والعباد والزهاد +
نسأل الله أن يجعلنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا ؛ وأن يجملنا ويزيننا بحلى الصبر والإيمان وبرد
اليقين وغنى النفس عما في أيدي الناس والنظر والتعلق بما عندالله (ماعندكم ينقد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين المين ؛ وصلى الله وسلم على سيد الاولين
والآخرين نبينا محمد واله وصحبه أجمعين +
الدكتور : محمد المسعودي
الجامعة الإسلامية
المدينة النبوية
على صاحبها الصلاة والتحية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
أمابعد : فإن الله تعالل جعل الموت محتوماً على جميع العباد ؛ فهو
نهاية المء وغاية الاقتصاد من دار الاعتداد » قَذَّر مقادير الخلائق وأقسامها +
وبحث أمراضها وأسقامها ؛ قضى فأسقم الصحيح وعانى السقيم + وم من
صحيح مات من غير علة » وم من ومن صنو الوا ا
وهو الذي قسم عباده قسمير طائع وطاغي وجعل مآلهم إلى دارين :
النعم ودار الجحم » فلا مفرّ لأحد من او كك حا
لكل من عليها فا فسرّى فيه بين الحر والعيد + والصغير والكبير » والغني
والفقير: وكل ذلك بتقدير العليم الخبير وما يعمّر من معمّر ولا يُنقص من
عمره إلا في كتاب إن ذلك عل الله يسير» وقال قائل :
لو كان في الدنيا بقاء لماكن
وما أحد ينجو من الموت سالا
وسهم المنايا قد أصاب محمدا
صلوات الله وسلامه عليه
فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت » والحازم من بادر بالعمل قبل
حلول القوت » والمسلم من استسلم للقضاء والقدر » ولمؤمن من تفن بصب
الشواب على المصائب والنوائب والضرر +
ولا كانت المصائب والأمراض على اختلاف أنواعها من موت وغيه من
والآثار بما لمن أصيب : من المقامات ؛ والمحتسب الصابر عليها ببشارة الجنات +
قال بعض السلف : لو لا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس .
الملذوعين » وليكون سببا لسلوٌ الشخص عن الدنيا » ومرغباً له في الأخرى »
وسوله عل ؛ وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان الرجم -
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أبو طلحة
محمد يونس عبدالستار
الباب الاول
المسلم يؤجر على المرض
وعلى غير ذلك من البلاء والنوائب
المسلم يؤجر على المرض حتى الشوكة يشاكها
وعلى غير ذلك من البلاء والنوائب
عن أني سعيد الخدري وعن أبي هريرة - رضي الله عنهما - عن الى
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : أتيت النبي صل الله
شديداً » قلت : إن ذلك بأن لك أجرين ؟ قال : أجل ) ما من مسلم
(ا) قوله «من تصب ولا وَصَب» بفتحتين فيهما والأيل : التعب والألم الذي يصيب البدن من
جراحة وضييا + ولثاني : الم اللازم والسقم الداتم على مايفهم من النهاية . مرفاة +
قوله فلا أذى ولا غم» قال ابن حجر - رمه الله - ؛ الأذى كل ما لاللاثم النفس فهو
أعم من الكل + الظاهر أنه ختص بمايتأذى به الإنسان من غيو؛ ا أشار إليه قوله تعالى :
منه في القلب خشونة ؛ يقال : مكان حزن أى خحشن فالهم والحزن مايصيب القلب من الألم
بفوت محبوب إلا أن الغم أشدها » والحزن أسهلها » وقيل : الهم يختص بما هو آت » والحزن
بما فات . انتهى كلام ابن حجر +
(©) والحديث زواه البخاري في صحيحه : كتاب امرض دباب ماجاء في كفارة المرّض»
البخاري «كتاب المرضى باب ماجاء في كفارة المرض» +
فقلت : يارسول الله ! إنك توعك وعكاً شديداً » قال : أجل إلى أوعّك كا
في المرقاة : قال الطيبى : شبه حال المريض وإصابة المرض جسده ثم محو
السيّات عنه سريعاً بحالة الشجرة وهبوب الرياح الريفية وتنائر الأوراق منها فهو
تشبيه تمثيلي » ووجه الشبه الإزالة الكلية على سبيل السرعة .
قال ابن الملك : وفيه إشارة عظيمة لأ كل مسلم لايخلو عن كونه متأذياً
انتبى ماذكره في الرقاة .
وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال قال رسول الله فت :
مثل المؤمن كمثل الخامة (أى الغصنة اللينة) من الزرع تفيّها الرياح (أى تميلها
يمينا ومالًا) تصرعها مرة وتعدها أخرى حتى يأتي أجله ؛ ومثل المنافق
كمثل الأرزة - أى الصنوير - المُجذية لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها
مرة واحدة . متفق عليه كا في المشكاة «باب عيادة المريض وثواب المرض».
يعنى يصيب المؤمن من أنواع المشقة من الخوف والجوع والمرض وغيوها حتى
يأ أجله أى بموت .
والحاصل أن المؤمن لايخلو من علة وقلة أو ذلة كا روى » وكل ذلك من
علامة السعادة قاله ابن الملك يعنى بشرط الصبر والرضا والشكر .
وأخرج أحمد عن أي بن كعب مرفوعاً : مثل المؤمن مثل الخامة تحمر مرة
وتصفر أخرى . انتتى
وعن أي هردة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله «َتثة» : مشل
المؤمن كمثل الزرع لاتزال الريح تله ؛ ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء
ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزز لاتترٌ - أى لاتتحرك - حتى تُستحصد .
متفق عليه كما في المشكاة «باب عيادة المريض وثواب المرض» ٠
قوله «مشل المؤمن كمشل الزرع الخ» قال في المرقاة : ولعل الحكمة في
ذلك ماجاء عنه عليه الصلاة والسلام : أن الله تعالى أوحى إلى الدنيا أن تمرري
لمن وجنة الكافر -
عن إستعمال اللذات معروضة على الحوادث . انتى ماذكره
وعن أبي موسى قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم : إذا مرض العبد
أو سافر كتب له بمثل ماكان يعمل مقيماً صحيحاً . رواه البخاري ا في
المشكاة «باب عيادة المريض ثثواب المرض» ٠