ورمضان إلى رمضان مكفرات”') لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر » فتعين علينا
الفحص عن الكباثر + ما هي لكي يجتنبها المسلمون"؟ . فوجدنا العلماء
رحمهم الله تعالى قد اختلفوا فيها ؛ فقيل : هي سبع . واحتجوا بقول الي
صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم « اجتنبوا السبع الموبقات » فذكر منها:
الشرك بالله 6 والسحر » وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق » وأكل مال
اليتيم + وأكل الربا ؛ والتولي يوم الزحف » وقذف المحصنات الغافلات
والمؤمنات . متفق عليها» . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هي إلى
السبعين أقرب منها إلى السبع » وصدق والله ابن عباس !© . وأما الحديث
فما فيه حصر الكبائر ؛ والذي يتجه ويقوم عليه الدليل أن من ارتكب شيئاً من
هذه العظائم مما فيه حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة + أو جاء فيه وعيد في
الآخرة من عذاب أوغضب أو تهديد ؛ أولعن فاعله على لسان نبينا
محمد يَةِ فإنه كبيرة *© . ولا بد من تسليم أن بعض الكبائر أكبر من بعض .
آلا ترى أنه كَلةِ عد الشرك بالله من الكبائر ؛ مع أن مرتكبه مخلد في النار ولا
يغفر له أبداً . قال الله تعالى : ل إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء » . [صورة النساء آية 48]
() في نسخة : المسلم.
(©) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ؛ ورواه أبو داود والنسائي
(4) رواه عبد الرزاق والطبري في تفسيره عند قوله : « ان تجتنبوا كباشر ما تنهون عنه +
صورة النساء.
(5) والكبيرة كل معصية فيها حد في الدنيا أووعيد في الآخرة وزاد شيخ الإسلام : أوورد
فيها وعيد بنفي إيمان أو لعن ونحوهما . والصواب تقسيم الذنوب إلى كبيرة و٠
وإن الكبائر في الذنوب بعضها أكبر من بعض وقال ابن عبد السلام الشافعي لم أقف
للكبيرة على ضابط سالم من الاعتراض والضابط الذي قاله شيخ الإسلام وغيره من أنها
ما فيها حد أو وعيد أو لعن أو تبرؤ أوليس منا أو نفي إيمانَ من أسلم الضوابط ١ وعن
امعيد قال رجل لابن عباس : الكباشر سبع . فقال ابن عباس : هي إلى
السبعماثة أقرب منها إلى السبع ؛ غير أنه لا كبيرة مع استغفار ؛ ولا صغيرة مع
إصرار . وفي رواية عنه : هي إلى السبعين أقرب ؛ وعدها العلماء فبلغت سبعين أو
زادت على السبعين ١ ه.
الشرك بالله
فأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى وهو نوعان : أحدهما - أن يجعللله ندا
ويعبد غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو ني أوشيخ أونجم أوملك أو
غير ذلك » وهذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله عزّ وجل قال الله تعالى :
إن الله لا يَغِْرُ |
النساء آية 48]. وقال تعالى
تعالى : فَإنُ مَنْ يُشْرِدُ
فمن أشرك بالله ثم مات مشركاً فهومن أصحاب النار قطعاً » كما أن من
آمن بالله ومات مؤمناً فهو من أصحاب الجنة وإن عذب بالنار ٠ ري
الصحيح » أن رسول الله مه قال : « ألا أنبئكم بأكبر الكباثر- ثلانا -
قالوا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين 6 وكان متكثاً
فجلس فقال : ألا وقول الزور » ألا وشهاد الزور » فما زال يكررها حتى قلنا
بالله ؛ وقال و8: دمن بدل دينه فاقتلوه» الحديث").
والنوع الثاني من الشرك : الرياء بالأغمال كما قال الله تعالى :
أحداً [صورة الكهف آية 2111١
)١( متفق عليه.
() رواه أحمد والبخاري .
لقمان آية 17]. وقال
آلَار» [سورة المائدة
يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء . يقول الله تعالى يوم يجازي
تجدون عندهم جزاء 6 . وقال كن : ١ يقول الله : من عمل عملا
الصلاة والصوم لوجه الله تعالى فلا ثواب له9) » كما روي!*) عنه كَل أنه
قال: « مثل الذي يعمل للرياء والسمعة كمثل الذي يملأ كيسه حصى ثم يدخل
تري به ؛ فإذا فتحه قدام البائع فإذا هوحصى وضرب به وجهة +
ثواب له في الآخرة » قال الله تعالى : ف وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه
هباء منثوراً » يعني الأعمال التي عملوها لغير وجه الله تعالى أبطلنا ثوابها
وجعلناها كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يرى في شعاع الشدس . وروى ©
)١( قال العراقي : رواه أحمد بإسناد جيد عن ابن عباس والبيهقي في « الشعب ١ وابن
أبي الدنيا من حديث محمود بن لبيد وله رؤية ورجاله ثقات. قال المنذري جيد ورواه
الطبراني عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج
(1) رواه مسلم دون كلمة د وأنا منه بريء » وهي عند ابن ماجة بسند صحيح (عراقي)-
(©) متفق عليه من حديث جندب بن عبدالله بلفظ ١ من راءى راءى الله به ومن سمع سمع
الله به » وهوفي الشرغيب كما في الأصل هنا + والترمذي عن أبي بكرة رقعة +
( العراقي في تخريج أحاديث الاحياء ).
(5) جعله اين حجر في زواجره من كلام بعض الحكماء لا حديثاً نبوياً.
(3) أخرجه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي؛ وابنا عساكر والنجار والحسن بن سفيان» وذكره
في « الترغيب » بصيغة التمريض وهي : وروي عن عدي إلخ وذكره ابن الجوزي في
أن اصرفوهم عنها فإنهم لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة مارجع
أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك كان أهون علينا . فيقول الله تعالى :
الناس لقيتموهم مخبتين تراؤون الناس بأعمالكم خلاف ما تعطوني من
للناس ولم تتركوا لي - يعني لأجل الناس - فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما
حرمتكم من جزيل ثوابي ١ وسأل رجل رسول الله ما ؟ فقال كَل :
« أن لا تخادع الله » . قال : وكيف يخادع الله ؟ قال : ١ أن تعمل عملا
أمرك الله ورسوله به وتريد به غير وجه الله . واتق الرياء فإنه الشرك الأصغر +
وإن المراثي ينادى عليه يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء : يا
مرافي » يا غادر ؛ يا فاجر » يا خاسر ضل عملك وبطل أجرك ؛ فلا أجر
لك عندنا ؛ آذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع » . وسثل بعض
الحكماء رحمهم الله من المخلص فقال : المخلص الذي يكتم حسناته كما
يكتم سيئاته وقيل لبعضهم : ماغاية الإخلاص ؟ قال : أن لا تحب محمدة
الناس . وقال الفضيل بن عياض رضي الله عنه :.ترك العمل لأجل الناس
رياء + والعمل لأجل الناس شرك ؛ والإخلاص أن يعافيك الله منهما . اللهم
)١( ابن أبي الدنيامن رواية جبلة اليحصبي عن صحابي لم يسم ١ وإسناده ضعيقت
سورة النساء آية 47] . وقال تعالى دو
وقال النبي 8 : «. اجتنبوا السبع الموبقات 6 . فذكر قتل النفس
التي حرم الله إلا بالحق"» . وقال رجل للنبي 8 : أي الذنب أعظم عند
« أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك » . قال : ثم أي ؟ قال أن
)١( تمام الحديث: قيل : وما هن يا رسول الله؟ قال: د الشرك بالله ؛ والسحر » وقتل
النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق » وأكل مال اليتيم + وأكل السربا والشولي يوم
الزحف ؛ وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات » رواه البخاري ومسلم وأبوداود
والنسائي (المنذري) +
(1) رواء البخاري ومسلم بدون الآية؛ ورواء الترمذي والنسائي في رواية مع ذكسر
الآية ؛ كلهم عن أبي مسعود الأنصاري قاله المنذري في « الترغيب والترهيب 6+
حليلة جارك » فأنزل الله تعالى تصديقها : ل والذين لا يدون مع الله إلهاً
آخر ولا يقتلون النفس التي حرم لله إلا بالحق ولايزنون 6 الآية
وقال يي : « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار »
: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال «لأنه كان حريصاً على
قتل صاحبه 096
يقتتلان على تأويل ؛ إنما يقتتلان على عداوة بينهما وعصبية أوطلب دنيا أو
دفع عن نفسه أو حريمه فإنه لا يدخل في هذه + لأنه مأمور بالقتال للذب عن
باغياً أو قاطع طريق من المسلمين فإنه لا يحرص على قتله ؛ إنما يدفعه عن
الذي ذكرنا ؛ والله أعلم . 0
وقال رسول الله َيه : ١ لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب
بعضء”"؟ وقال رسول الله جَقَةٍ: «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب
دما حراماً! وقال صلّى الله عليه وآله وسلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة
في الدماء؛ وفي الحديث أن رسول الله بَيةِ قال: « لقتل مؤمن أعظم عند الله
من زوال الدنيا :© ؛ وقال كي : د الكباشر الإشراك بالله وقتل النفس
+ رواه أحمد والشيخان ه الزواجر )١(
(1) متفق عليه من حديث أبي بكر وهو قطعة من ( خطبة الوداع )+
(©) تمامه : وقال ابن عمر : من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك
الدم الحرام بغير حله . واه البخاري والحاكم وقال صحيح على شرطهما .
والورطات جمع ورطة : وهي المشكلة وكل أمر تعسر النجاة منه ( الترغيب )-
(©) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث ابن مسعود.
(4) رواه الننسائي والبيهقي من حديث بريدة وشاهده عند مسلم والنسائي والترمذي من
حديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً وموقوفاً . قال المنذري ورواه البيهقي والأصبهاني
ابن ماجة بإسناد حسن عن البراء بن عازب رفعه ١ ه
وقال بي : ١ لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها
لأنه أول من سن القتل » مخرج في الصحيحين» وقال فق «من قتل معاهداً
لم يرح رائحة الجنة + وإن رائحتها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً » أخرجه
فإذا كان هذا في قتل المعاهد - وهو الذي أعطى عهداً من اليهود
والتصارى في دار الإسلام فكيف يقتل المسلم . وقال بي ١ ألا ومن قتل
8 معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله ولا يرح رائحة الجنة وإن
ريحها ليوجد من مسيرة خمسين خريفا » صححه الترمذي وقال َه ١ من
أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين
رسول الله ل :ف كل ذتب عى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً أو
الرجل يقتل مؤمنا متعمدا 96 . نسأل الله العافية
) رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ( منذري )١(
(7) والنسائي عن اين عمرو رفعه كما ذكره المصنف في رسالته الصغرى في الكبائر +
والمنذري في الترغيب.
(©) وابن ماجة وفي إسناده مقال قاله المصنف في رسالته الصغرى . والأصبهاني كلهم عن
أبي هريرة رفعه ورواه البيهقي من حديث ابن عمرو رفعه . ذكره المنذري في الترغيب
بصيغة التمريض
(4) أخرجه النسائي والحاكم ؛ وقال : صحيح الإسناد ؛ وروى أبوداود ؛ واين حبان
وصححه عن أبي الدرداء رفعه ( ترغيب )
لأن الساحر لا بد وأن يكفر . قال الله تعالى :
وما للشيطان الملعون غرض في تعليمه الإنسان السحر إلا ليشرك به .
قال الله تعالى مخبراً عن هاروت وماروت :
مِنْ خلاقَ » أي من نصيب. [سورة البقرة آية ]1١7
وما يشعرون أنه الكفر فيدخلون في تعليم السيمياء"؟ وعملها وهي محض
السحر وفي عقد الرجل عن زوجته وهو سحر ؛ وفي محبة الرجل للمرأة
وبغضها له . وأشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال.
وحد الساحر : القتل ؛ لأنه كفر بالله أو مضارع الكفر . قال
النبي يَيهِ : « اجتنبوا السبع الموبقات » فذكر منها السحر . والموبقات
)١( في بعض النسخ ( الكيمياء ) بالكاف.
قول جندب . وعن بجالة بن عبدة!" أنه قال : أتانا كتاب عمر رضي الله عنه
قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة . وعن وهب بن منبه قال : قرات
في بعض الكتب : يقول الله عزّ وجل لا إله إلا أنا ليس مني من سحر ولا من
سحر له ؛ ولا من تكهن ولا من تكهن له ؛ ولا من تطير ولا من تطيرله
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ل ١: ثلاثة
لا يدخلون الجنة : مدمن خمر . وقاطع رحم » ومصدق بالسحر 8 . زواه
الإمام أحمد في مسنده”» . وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا قال
٠ الرقى والتمائم والتولة شرك 96 . التمائم : جمع تميمة وهي خرزات
وحروز يعلقها الجهال على أنفسهم وأولادهم ودوابهم يزعمون أنها ترد العين +
وهذا من فعل الجاهلية ؛ ومن اعتقد ذلك فقد أشرك . والتولة بكسر التاء
وفتح الواو : نوع السحر ؛ وهو تحبيب المرأة إلى زوجها . وجعل ذلك من
الشرك لاعتقاد الجهال أن ذلك يؤثر بخلاف ما قدر الله تعالى ©
و يي ؛ وقال : الصحيح أنه من قول جندب (زواجر)
() رواه البخاري +
() وابن حبان في صحيحه .؛ وأبو يعلى . والحاكم وصححه ؛ قال المنذري في
(8) رواه أحمد وأبو داود قاله المصنف في رسالته الصغرى ؛ وابن حبان والحاكم وصححاه
١ ترغيب )
١ فائدة ) قال المصنف في رسالشه الصغرى في آخر الكبيرة الشالثة : واعلم أن
الزجر فيه ولا الوعيد
فهذا الضرب فيه تفصيل فينبغي للعالم أن لا يستعجل على الجاهل بل ب
لهذا المسكير ائع الإسلام . والكبائر واجتتابها
واعتقدها فهو سعيد وذلك نادر . فينبغي للعبد أن يحمد الله تعالى على العافية . فإن <