في الاستعمال ؛ أو العدول عن وجه الصّواب ؛ أو اختيار ماخالف
الفصيحالراجيا'"؛ قد شغل علماء العربيّة منذ بداية عصور التأليف في
النصف الثاني من القرن الثاني الهجري ؛ ولفت نظرهم كل خطأ يشيع
على الألسن » فشرعوا يجمعون هذه الألفاظ , وينبّهون على وجه الخطأً
عند الباحثين والعلماء « لحن العامة ». واجتهد المحدثون كثيرًاً
في تقديم قوائم حصريّة لهذه المؤّفات , وتتبَّ جهود العلماء فيها على مر
وتداوله على السنة كثير من المتكلّمين , ولم ينج منه إل القليل من أهل
الفهم ؛ والخاصّة أصحاب المعرفة . وليس المقصود بالعامّة مايشيع في
استعمالنا : من أن عوامٌ الناس جُهَالُهم ومن لامعرفة له بالعلم واللغة »
فهؤلاء - في ظنّي - لايُسجل خطؤهم , ولا يحصر خروجهم عن اللغة »
ولا يؤاخذون بخطأً أولحن ؛ فنعتهم بعدم المعرفة كاف لعدم حصر
أخطائهم ؛ إذ الخطأ هو الأصل عندهم !".
(١)ينظر في معاني اللحن : الأمالي للقالي 30/١ واللسان والقاموس: لحن ؛ وما كتبه د.
رمضان عبد التواب في كتابه ؛ لحن العامة والتطوّر اللفوي» 9 ؛ وما كتبه د. عبد العزيز مطر
(؟) ينظر في معنى « العامة » ماكتبه د. مطر في كتابه 3٠ وما بعدها ٠
كما ينظر باب « تراث لحن العامّة » في كتاب د. رمضان 97 وما بعدها ٠ فقد تحدّث فيه عما
عرف من الكتب في هذا الموضوع ٠
وللمؤلّفات في لحن العامة وحصر أخطاء المتكلّمين أهميتها الكبيرة
في دراسة تاريخ العربية ؛ وتعرّف أشكال استعمال اللغة في عصورها
المختلفة . فالذي ألفناه في كتب الأئمَّة على اختلاف تخصنصاتهم عنايتّهم
بعرض المباحث والعلوم كما يجب أن تكون ٠» وهذه كما يقال: وظيفة المعلّم؛
الأخلاق والسلوك يعرض لنا مايلز زم أن يكون عليه المسلمُ , ولا يذكر لنا
شيئًا عن تعامل الناس مع مايتحدّث عنه . وواصفو أصوات العربية من
علماء التجويد واللغة يحدثوننا عن مخارج الأصوات وصفاتها . وأصحاب
القواع د النحوية . لكنّ لاأحد من هؤلاءيذكر لنا إلى أي حد ينطق
المتكلّمون في زمانه بهذه الأصوات الموصوفة ؛ أو يعرفون دلالات الألفاظ
وكتب لحن العامة تقدّم صورة مختلفة عن ذلك , ٠ فهي تورد لنا
ثيرة خالف المتكلّمون بها أصوات اللغة , أو صورة الألفاظ وبنيتهاء
التأليف, ولكن يلزمهم ذكر الخطأ ليوضّحوا صوابه ؛ وبيان مايستعمله
تصور عن اللغة في المكان والزّمان الذي كانوا فيه .
من جاء بعدهم اعتمد غالبًا على الكتب , وأخذ مادته من المصادر قبله»
ثم كان أهل العصور الأخيرة وأهل عصرنا يعتمدون في تصحيع الأخطاء
على مايشيع في الكتابةوعلى الأقلام ؛ لأناللسانفقدكثيرامن
السجستانيء أو أبو بكر الربيدي ؛ أو ابن مكّي الصقلّي. أو الحريري »
أخطاءً تشيع في عصورهم وبيئاتهم ؛ من مخالفة في بعض الأصوات »
أو في ضبط بعض الكلمات + أو تغيير في دلالة عدد من الكلمات » أن
تلفت هذه الأخطاء نظر هؤلاء العلماء وتزعجهم ؛ وتدفعهم إلى التنبيه عليها
وتصويبها ؛ كلّ هذا دليل على أن غيرها من الألفاظ يسير على قانون
فالإمام الذي يؤاخذ ببعض الأخطاء؛ والعالم الذي ينتقد في مسائل »
فنقول + كان أو بكر + محمد بن الحسن الزييدي الأنداسي أقدم من عي
بالحديث عن « اللحن» في الأندلس الإسلاميّة , ذلكم الوطن الذي مرعليه
قرون وهو رمز لقوّة المسلمين , وحبَّهِم للعلم والمعرفة ٠ وتسامحهم وحسن
معاملتهم لغيرهم ؛ وفيه في الوقت نفسه أقوى الإشارات إلى أن البعد عن
الدين , والتفقك والخلاف سبيل الضّعف والزوال.
المشرق. فرغب أن يعمل ماعمل المشارقة + فقد اطع على كتاب أبي حاتم
السجستاني الذي ألّفه في التنبيه على أخطاء المشارقة » كما اطّلع على
غيره , فأراد أن يجار هؤلاء الأئمّة ؛ وأن يفعل مافعلوه في لغة أهل
كبيران من أشهر المنيّين بلحن العامة : فقد كان تحقيق تحقيق كتاب الزييدي
جزءًا من الرسالة ااتي نال بها الدكتور عبد العزيز مطر رسالته للدكتوراه
من كلية دار العلوم بالقاهرة 1876م , ونشر الكتاب سنة 478١م بالكويت +
رمضان عبد التواب الكتاب ونشره في القاهرةسنة 1474م سما
«لحن العوام» , فكلانما عمل في الكتاب في فترة واحدة .
واعتمد المح ثّقان في ت 3 تحقيق كتاب الأهيدي على نسخة واحدة ؛
الكتاب عن هذه النسخة .
وكان مما لفت نظر المحفّْقين - ونظر غيرهما - أن المتآخّرين من
العلماء نقلوا عن الأُيدي نصوصًا كثيرة لاتوجد في هذه النسخة ؛ وظهرت
هذه النقول جليَّة في كتاب ابن هشام اللخمي« المدخل إلى تقويم اللسان »
التصحيف» الذي نقل عن تسعة من الكتب » ٠ كان كتاب الأيدي واحداً
فيما يقول - أن يسمه :« مختصر لحن العامة » وقد اجتهد المحققان في
وقد عَمِلْتُ في الأعوام؟ 8060-٠ ١ه في فهرسة مقتنيات جامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض من المخلوطات والمصوّرات
فيالنحووالصرفواللغفةوالعروضرا ",وكانتممصوراتمكتبة
«تشستربيتي» في دبلن عاصمة إيراندا قد ضمت إلى محتويات المكتبة .
بين كتابّي الأُبيدي في لحن العامة .
يذكر أن الزُبِيدي ألّف كتابين في لحن العامَّة ؛ وقد نقل لنا مقَّدَْتَيهِمَا .
كما وجدت النصوص كلها التي نُسبت لأبي بكر في المصادر موجودة في
إلى كتاب الزُبيدي
وأخذت أُمَنّي نفسي بتحقيق الكتاب ونشره ؛ وأقدم عليه ثم تشغلني
عنهأمور. .وتحدئت في أحد المجالس العلميّةعام4 همع بعض
الاصدقاء في شئون الكتب والمخطوطات , فذكرت قصة الكتاب , وحكاية
المخطوطة التي بين يدي » فطلب مني أحدهم أن أكتب عن الكتاب بحثًا أو
٠ وقد صدرت الفهارس في مجلدين عام 1 1ه عن الجامعة )١(
يخرج الكتاب.
الفاحصين ؛ ثم أخذ طريقه إلى النشر ؛ ليظهر في العدد الثاني من
المجلة في محرم ٠١ ١ه: وفيه تحدثت عن الكتاب وقصّته ؛ وعرّفت أن
هي الأوّل من التأليفين . ونشرت مقدمة الكتاب الثاني . وبعض النصوص
ثم يس الله تعالى لي من الوقت ؛ وأعانني على إنجاز الكتاب , ولكن
ظروف نشر الكتب اللتخصّصة ليس بالأمر اليسير» وإخراج كتاب لغوي
قضيّة شاقّة .ثم كان لي حديث عن الكتاب مع الأخ سعد بن عبد الرحمن
الرأشد , صاحب مكتبة المعارف الرّائدة , فتفضل بتشجيعي على إتمام
عبدالله بن مَْحِع «الرُِيدي . ولد أبو بكر حوالي سنة ست عشرة وثلاثمائة.
)١( لأبي بكر تراجم وافرة في المصادر:
ينظر وفيات الأعيان 7171/6 ومعجم الأدباء 179/18 وإتياه الرّاة /ر١1ء <
وتلقى العلوم المشتافة على أشهر أئمّة الاندلس في عصره : قاسم بن
وضيره ؛ وعلى سعيد بن فون ؛ وأحمد بن سعيد بن حزم » وأبي
عبدالله محمد بن يديى الربّاحي؛ وغيرهم .
وذاع صيت أبي بكر واشتهر ؛ فاستدماه المستنصر بالله من أشبيلية
مكانة , فتولّى القضاء ؛ وكان صاحب الشّرطة ٠
تلمذ لأبي بكر عدد من علماء عصره » منهم ولداه أبى الوليد محمد»
وأبوالقاسمأحمدءوالوزير الأديبإبراهيبينم حب الإفليلي»
وإسماعيل بن سيده ولد اللغوي المشهور صاحب « المخصنّص» و«المحكم».
وأثنى العلماء:كثيرًا على الأبيدي , ونعتوه بنعوت كثيرة تدلّ على
«كان أوحد عصره ني علم النحو وحفظ اللغة , وكان أخبر أهل زميانه
بالإهراب والمعاني واانوادر » إلى علم السّير والأخبار . ولم يكن بالانداس
وسير آعلام النبلاء 17/17 : وفي مقدمات كتبه المحققة مثل طبقات النحويين واللغوتين »
والاستدراك, ومختصر لعين ؛ بتحقيق الاستاذ عبد العزيز الحميد. حديث وافر عن المؤلف :
وقد آلف ال نكر سم من. الكتب , أشهرها :
التي عرّفت بالأبيدي و ونشر , ولكن - نصفه الأول - حقق
تحقيقًا علميا يد رسالة نال بها عبد العزيز الحميد رسالة الماجستير
من كلية اللغة العربية في جامعة الإمام + تحت إشرافي.
+ طبقات. النحويّين. واللغويّين. ,طبع أكثر من مرّة ؛ أشهرها بتحقيق
محمد أبو الفضل إبراهيم.
+ الأبنية. : أو الاستدراك. على أبنية سيبويه. .حققه المستشرق
1ه عن الطبعة السابقة رغم وجود مخطوطات له
مرتين واحدة بتحقيق د.أمين السيد وأخرى بتحقيق د. عبد الكريم خليفة
وبعد هذه الحياة الحافلة بالتعلّم والتعليم والعمل والبحثء توفي أبو
بكر الزَّبيدِي عام تسعة وسبعين وثلاثمائة .
كما يقولء وقوله حق- لايُجمع من المصادر , ولا يؤخذ عن الشيوخ ؛ بل
هو تدوين لما يُسمع , وحصر لما يُتداول ؛ ومثل هذا الاستعمالات لاتنتهي
وتلقّاه التلاميذ وتداولوه + وس وانتشرء ثم كان الشيخ على موعد مع
رواياته ؛ وقد يؤدي ذلك إلى التشكك في الكتاب والاضطراب ؟ لقد فكّر
أبو بكر فوصل إلى رأي سليم في هذه المسألة ؛ ألا وهو أن يؤلّف تأليقًا
آخر على نسق التأليف الأوّل ؛ ويذكر فيه مالم يذكره في سابقه ٠
وهكذا كان لأبي بكر كتابان في اللحن , الأوّل منهما - كما تقدّم -
كتاب كما هي فعرفنا سبب تاليف الزييدي للكتاب الثاني .كما أن العلماء
وصلاح الدين الصفدي ؛ نقلوا عن الكتابين لاعن واحد منهما , أوريما
نقلوا عن المؤآف الذي جمع الكتابين , ولكن نقلهما عن الكتاب الثاني هو
الذي أوقع المحقّقين في وهم أن تكون النسخة التي وصلتنا ناقصة .
وهذا يفره ابن خير الاشبيلي عندما ذكر: « « لحن العامة , لأبي بكر
الأبيدي. . التآليف الأول والثاني؛ حدّثني بهما شيخنا ... عن الوزير أبي
القاسم إبراهيم محمد بن زكريا ابن الإفليلي عن أبي بكر الأُبيدي...
وحذثني بهما ....00.
اماجامع الكتاين :
فقد جاء في مقدمة الكتاب : قال أبو بكر , أحمد بن عبد الملك بن
مروان بن أحمد بن شهيد الأنداسي . وعلى غلاف المخطوطة : تأليف الإمام
أبي عمر ؛ أحمد بن عبد الملك بن مروان بن شهيد الأنداسي . مسقطًا
وعند نقل الجامع مقدّمة كتاب الرّبيدي قال: قرأت على أبي الحسن »