مدال الأول
الحمد لله رب العالمين » والصلاة والسلام على سيدا ومولانا محماد
وعلى آله وأحابه أجمعين .
بعث الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام
للناس كافة ؛ فأدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد فى الله حتى جهاده ؛ حتى
جاء نصر الله والفتح ودخل الناس فى ذبن الله أفواجاً .
كان عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه مثالا حباً ونموذجاً رائعاً للفلق الكريم
والاستقامة والصدق والوفاء ؛ حتى لقبه أهل مكة ومن حوشا من العرب :
بالصادق الأمين .
غار ( حراء ) يتعبد » فبلغه رسالة الله » وتلا عليه أول آبات القرآن الكريم :
( إقرأ باسم ربك الذى خلق ؛ خلق الإنسان من علق . إقرأ وربك الأكرم +
الذى علم بالقلم + عل الإنسان ما لم يعم ) +
ومضى عليه أفضل الصلاة والسلام يدعو إلى الله على بصيرة ؛ ويبشر
وينذر متحملا من قريش التكذيب والتعذيب ؛ حتى أخرجه قومه من بلده
غير تبليغ رسالة الله أو بهلك دونها +
وبدأ حياته الجديدة فى قاعدة المسلمين الأولى : المديئة المنورة » لتكون
كلمة الله هى العليسا ؛ حشداً المسلمين ؛ وتنظم قونهم وإعداد القطط
لحماية الدعوة ونشرها بالحكمة والموعظة الحمئة +
لقد قضى الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام فترة حبانه المباركة.
منذ بعثته حتى التحاقه بالرفيق الأعلى فى مكة المكرمة موحداً من أجل
الجهاد وفى المديئة المنورة مجاهداً من أجل التوحيد » فلم يلتحق بالرفيق
الأعلى إلا وكانت شبه الجزيرة العربية موحدة نحت لواء الإسلام » بعد أن
أكمل الله دينه » وأنم نعمته » ورضى الإسلام ديناً للبشرية كلها حتى برث
الله الأرض ومن علا +
إن تعالم الإسلام هى عبادات شخصية هدفها أن يكون المسلم عنصراً
مفيداً فى المجتمع الإسلاى : يتحل بالخلق الرفيع » ويلزم بالمثل العليا +
وهى أيضاً فروض عامة هدفها خدمة المصلحة العليا المسلمين بالجهاد بالأموال
والأنفس فى سيل الله .
قال سبحانه وتعالى فى وصف نبيه الكريم : ( وإنك لعلى خلق عظم ) +
وقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) +
وقال : ( لا الشرك بالله ولا الإضرار بالناس ) » وقال ( لا يؤمن أحدكم
لقد جعل الإسلام من تعائمه الحلقية الرفيعة حارساً بقظاً أميناً فى وجدان
كل مسلم بحاسبه على كل تصرفاته الشخصية والعامة » لذلك بنى قضاء
الشيخين أنى بكر الصديق وعمر بن الخطاب - رضى الله عنما - بدون
عمل ما دام المسلمون متمسكين بتعالم الإسلام » وبهذا حقق الإسلام حلم
الإنسانية الذى لا تزال تحلم به وتلهث وراءه دون جدوى . . حلم المدينة
الفاضلة . .
وقد وضعت الحضارات القدمة والحديثة قوانين رادعة يسهر علها الشرط
والحراس وأصحاب السلطة » ولكن القوانين لم تردع أحداً لا تملك الوازع
الوجدانى الذى يأمر بالمعروف وينبى عن المنكر .
إن هذا العصر الذى نجح فى تطوبر العلوم التطبيقية والوصول إلى القمر »
أخفق فى تطوبر معاملات البشر أفرادا وأنما بعضيم لبعض . لذلك لا بزال
البشر بعيدين عن الكمال ؛ لآن حضارائهم اهتمت بظاهر الإنسان وحياته
المسادية بيبا اه الإسلام بباطن الإنسان وظاهره وياته المادبة والروحية
على حد سواء.
سمع رجل من ملوك الصناعة فى أكبير دولة صناعية أحد الدعاة المسلمين
يتحدث عن تعالم الإسلام الخلقية » فد رجل الصناعة وقال : « إننا
عجزنا عن إنتاج ما يطهر النفس البشرية ؛ نما أحوجنا إلى تعالم الإسلام +
وما أخسر الإنسان الذى يربح العام ويخسر نفسة » +
إن التعالم الفلقية فى الإسلام هى الى بحتاجها البشر فى كل زمان
ومكان وفى كل الظروف والأحوال ؛ لذلك كان الى صل الله عليه وسلم
خانم النبيين والمرسلين » وكان الإسلام خاتم الأديان .
ألرم الإسلام المسلم فرداً والمسلمين أمة بتعانمه الخلقية الفاضلة فى الحياة
الخاصة والعامة وفى السلم والحرب .
المسلم الحق لا يسرق ولا يكذب ولا بخون ولا بغش أحداً ولا إزنى
ولا برتكب الموبقات ولا يتعدى على أحد . سربرته كعلاتيته وعلانيته
كسريرته » لا يتكبر ولا يتعالى ولا يصغر خده للناس » ولا بمشى فى الأرض
مرحآً ء بحب لأخبه ما بحب لنفسه ؛ فى أمواله حق معلوم للسائل وامحروم +
تذوب مصلحته الخاصة فى مصلحة أمته العامة .
والمسلم الحق مخضع لتعالم الإسلام العسكرية مطيع لا يعمى + صابر
لا يتخاذل ؛ شجاع لا بيناء مقدام لا يتردد ؛ مقبل لا بفراء صامد
لا يتزعزع مجاهد لا يتخلف ؛ بخرض حرباً عادلة لإحقاق الحق وإزهاق
الباطل .
والمسلمون تخوضون حرباً لحمابة حرية نشر الدعوة ؛ لا يعندون على
أحد ولا يقاتلون إلا دفاعاً عن العقيدة والعرض والأرض + يعتبرون القتال
كفاح شرف لا يجوز أن يلجا المحاربون فيه إلى عمل أو إجراء يتناف مع
الشرف والحق والعدل والإنصاف ؛ فهم مقيدون باحترام العهد والأرفع
عن اليانة ؛ وماساة الجرحى والمرضى والأسرى والعنابة بهم © وعدم
التعرض بسوء لير المقاتلين من النساء والأطفال والشيوخ والرهبان والفلاحين»
بل تتعدى رحمتهم إلى مجال عالم النبات فلا يقطعون شجرة مثمرة + وإلى
مجال عالم الحيوان فلا يلحقون بها الأذى جرد أنها ملك الأعداء +
كما أن المسلمين مخرضون حرباً لتوطيد أركان السلام » لأن الإسلام
دين سلام : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح شا ) » وقال تعالى ( يا أبها الذين
آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ) +
ولكن السلام الذى يدعو إليه الإسلام + هو سلام الأقوباء لا سلام
الضعفاء ؛ فهو سلام لير الناس لا استسلام لصالح العدو .
عليه أفضل الصلاة والسلام ونى أيام الفتح الإسلاى العظم الذى امتد من
سنة إحدى عشرة الهجرية إلى سنة النتبن وتسعين الهجرية على الفئة الكثبرة
من المشركين وبهود والفرس والروم وأنم كثرة أخرى ء حتى هملت
دولة الإسلام فى فرة قصيرة من مر الزمن من الصبن شرقاً إلى قلب فرنسا
ما بأنفسيم انحسر مد الفتح الإسلاى العم + حتى أصبحوا ضعفاء بعد
قوة وأذلاء بعد عزة .
لقد انتصروا بالإسلام بما فيه من بذل وتضحية وفداء ؛ ولن ينتصروا
والعرب بالإسلام كل شىء ؛ والعرب بدونإسلام لاشىء وتاريغهم
البعيد والقريب خير دليل +
إن الرسول القائد هو قدوتنا وأسوتنا ؛ كما أن أصحابه كالنجوم بأيهم
وقد كان النبي . صلى الله عليه وسلم .. المثل الأعلى فى الخلق الكريم +
وكان إمام المحاهدين وقائد الغر الميامين +
صل الله عليه وسلم - القرآ ) +
وقال على بن أنى طالب بطل الإسلام : ( كنا إذا اشتد الطب واحمرت
الحدق ؛ اتقينا برسول الله - صل الله عليه وملم - ا يكون أحد أقرب
إلى العدو منه . ولقد رأيتى بوم « بدر » ونحن نلوذ برسول الله 6 وهو
وقد كان سبيله إلى غرس تعالم الإسلام فى النفوس والعقول معاً +
هو أن يكون الخال الشخصى لأصحابه + فعمل عملا دائباً فى بناء الرجال
وكانت له قابلية فذة فى اختيار الرجل المناسب للعمل المناسب » فلما التحق
بالرفيق الأعلى خلف بين المسلمين رجالا أفذاذاً فى السياسة والإدارة والعلوم
والقيادة قادوا المسلمين إلى انجد والسؤدد على هدى وبصيرة .
وقد قاد النى صل الله عليه وسلم » ثمانى وعشرين غزوة خلال
سبع سنين » إذ خرج إلى غزوة ( ودان ) وهى أول غزوة قادها الى
صل الله عليه وسلم - بنفسه فى صفر من السنة الثانية الهجرية ء وكانت
غزوة ( تبوك ) آخر غزواته فى رجب من السنة الثامنة الهجرية +
وقد نشب القتال بين المسلمين الذين كانوا بقيادته وين المشركين أو
هود بتسع من تلك الغزوات هى : بدراء وأحسد » والندق » وقريظة
والمصطلق » وخيير ؛ وفتح مكة ؛ وحنين » والطائف » ببًا فر المشركون
فى تسع عشرة غزوة منها بدون قتال .
وقد قاتل نحت رايته السوداء المربعة الشكل + طوضا ذراع وعرفها
ذاع ؛ فى وسطها هلال أبيض فتحته متجهه إلى الشمال باتجاه طرف الراية
بالعقاب ؛ لأن هذا الطائر هو أشجع الطيور وأكثرها إقداماً وعزة ؛ والعزة
فا أحرى المسلمين أن يقتدوا بالني الكريم صلوات الله وتسليمه عليه
فى سلوكه » تطيقا لتعالم الإسلام وفى القنال نحت رايته السوداء ؛ ليعود
إلهم مجدهم الضائع وتعود إللهم عزلهم وكراميم » وليرتفع راية الإسلام
الخالدة فوق المسجد الأقصى والأرض المقدسة .
رسول الله وعلى آله وا حابه أجمعين .
ولد النبى صل الله عليه وسلم يوم الإثنين عام الفيل لاثننى عشرة ليلة
مضت من شهر رييع الأول 200
أبوه : عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب
ان مر بن كعب بن لزى بن غالب بن فهر بن مالك إن النضر بن كنانة
بح بن مدركة بن إلياس بن مضر بن معد ن عدثان .
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة
معه عليه الصلاة والسلام فى جده كلاب . '
اصطف الله سبحانه وتعال كنانة من ولد إمياعيل + واصطى قربشاً
من كنانة ؛ واصطى من قريش بنى هاشم + واصطف التى صل الله عليه
وس من ى هاشم ؛ فهو عبر اناس سآ وخبرم ييا
مات أبوه وهو فى بطن أمه ؛ ولم يترك له من المال الاخمسة جمال
عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم فى البوادى + ليكون أنجب للولد »
تزيد على أربع سنوات .
وفى السنة السادسة من عمره » أخحرجته أمه إلى أخواله بالمدينة المثورة +
له رقة لم تعهد منه فى ولده .
وبعد سنتين من كفالته » توفى جده عبد المطلب » فكفله عمه أبو طالب
وفى السنة التاسعة + سافر إلى الشام السفرة الأول مع عه أي طالب +
وقد اجتمع رجال القافلة وهم بقرب ( بصرى ) بالراهب ( مخيرئ ) +
)١( يوافق مولده عليه الصلاة والسلام يوم 0* نيسان ( ابريل ) سنة ٠901م م
(1) قرية بين مكة و المدينة » رهى إلى المدينة أقرب .
وى سنة عشرين حضر حرب (افجار) وعى حرب كانت ين فريش
وحفائبا وين قيس وحلفائبا فى موضع بين مكة ولطائف يسبى (
وفى سنة خمس وعشرين سافر إلى الشام
خوبلد » وكانت تستأجر الرجال فى مالمها . وقد .
من حدائته © حتى مياه قومه بالأمين , وسافر معه ( ميسرة ) غلامها +
وفى سنة خمس وثلاثين جاء سيل جارف ؛ فصدع جدران الكعبة
بعد حريق كان قد أصابها » فعزمت قريش على ينانها ؛ وقد شهد الى
صل الله عليه وسلم بناءها وعمل فيه + 0
واختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود فى موضعه حتى كادوا
يقتتلون لذلك » ففصل هذا المشكل العظم الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة
والسلام » فإنه بسط رداءه وقال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ) +
وقد نش عليه أفضل الصلاة والسلام دون أن يكون عنده ما يستغنى به
لأهلها على قراريط(١) .
وكان عليه الصلاة والسلام إذا استغنى لجأ إلى ربه متعبداً حامداً شاكراً +
ركان يقضى أكثر أوقاته التعبدية فى غار حراء .
وبعد زواجه من خدمجة أم المامنين ؛ أعطى أكثر وقته للعبادة فى
صومعته المفضلة : غار حراء . لأن خدبجة - رضى الله علا - كانت غنية +
فكفته مشقة العمل ؛ فتفرغ لعبادة الله .
ليلق أى أجر )١(
من النبوة إلى افجرة
انقطع الى - صل الله عليه وسلم عن الناس وتفرغ للتعبد وامراقية +
لا برى رؤيا إلا جاءت كا رأى كفلق الصبح .
وقد اختار لعزلته غار ( حراء ) » فصار يتعبد فيه ليالى معلومة +
فتارة عشراً وتارة أكثر . وكان بأخذ لذلك الزاد » ومتى فرغ منه رجع
ليعلمه كيف يهدى قومه والناس أجمعين
وبدأ يدعو إلى الله مراً ؛ فكان أول من آمن به من الرجال أبو بكر
فلما تزل قوله تعالى :( فاصدع با تؤمر » وأعرض عن المشركين )6
كالرى بالحجارة ورى القذر على بابه ؛ وعزمهم على خنقه وقتله وكانا
يشند أذام إذا ذهب إلى الصلاة عند البيت .
وفى السنة الخامسة من النبوة » أمر التي صل الله عليه وسلم بامحجرة
إلى الحبشة تخلصاً من أذى قريش .
وفى السنة السابعة من النبوة » دخل البى الشعب مع أأى طالب وبق
هاشم والمطلب مسلمهم وكافر - ما عدا أبا لهب - وذلك عندما همت
قريش بقتله حين رأوا أن أمره فى ازدياد » وأن الإسلام قد فشا وانتشر فى
القبائل . ومسا علمت قريش بدخولم الشعب أجمعوا على منايذتهم وألا
فى جوف الكعبة .
وبعد دخول النى - صل الله عليه وسلم شعب أنى طالب ؛ أمر
أصحابه بالهجرة إلى الحبشة » وهى الهجرة الثانية .
وفى السنة العاشرة قام رجال من قريش ينض الصحيفة + فخرج الى
- صل الله عليه وسلم ومن معه بعد أن مكئوا فى الشعب نحو ثلاث سنوات
فى الجهد والجوع » لا يصل إلهم شى إلا سراً ؛ حتى أنهم أكلوا أوراق
الشجر +
عليه وسلم - أي أبو طالب بعد نحو شهرين من وفاة خديحة رضى الله عنها +
وكان أبو طالب يدرأ عن الي - صل الله عليه وسلم - الأعداء ويمنعه من
لسو وبعدوفاة أ طالب + نالت قريش من الي - صلى الله عليه ٠
وعاد عليه أفضل الصلاة والسلام إلى مكة المكرمة فدخلها فى جوار
المطعم بن عدى .
وى الحادية عشرة ؛ أكرمه الله بالإسراء والمعراج + أما الإسراء فهو
وأما المعراج فهو صعوده فى العالم العلوى ؛ وفيه فرضت الصلوات الحمس .
ولمسا رأى النى صلى الله عليه وسلم - أن يشآلم تسلم + خرج إلى
مواسم العرب ويعرض عليم نفسه + فكان منهم من برده رداً قبيحاً +
ومنهم من رده رداً حمنا .
. هر صسجد مكة )١(
. هو سجد القاس )3(