تقديم
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
لقد طالعت كتاب أخيئا العلامة البركة الشيخ الدكتور عبد الله عبد
الماجد الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
عن (الغرّابة) القبائل المهاجرة عن غرب إفريقيا إلى القطر السوداني الحبيب
السودان عامة وهي معلومات ستضيف حتماً إلى المكتبة العربية في
التاريخ والأنساب وعلم المجتمعات إضافة حسنة وهذه القبيلة «الفلانةة؟
هي قبيلة تنتشر في الحزام الواقع في جنوب الصحراء وتحاذي المنطقة
العربية وهي في غرب إفريقيا تنقسم إلى فروع منها فوتاديالو (ضياء الله)
والفوتاتورو والماسينا. ففرع الفوتاجالو المنتشر في أعالي غينيا حيث منابع
نهر السنغال من جبال الفوتاديالو وهذا الفرع كذلك موجود على ضفاف نهر
السنغال من الجهة الموريتانية والسنغالية ويوجد في الشمال الغربي لمالي
على شواطىء النهر ومئه المجاهد الكبير الحاج عمر صيدتال الذي أدار
الجهاد من مالي بعد أن درس العلم على كثير من المشايخ ومنهم مشايخ
وعلى منابع النيجر وحتى ني
والجملة فهذه القبيلة معروفة بالذكاء والشجاعة وبالبأس ومنها
مزارعون وهم الذين يطلق عليهم الفرنسيون 701700101818 التوكلار
ومنهم الرعاة أهل الماشية وهم الذين يطلقون عليهم 75101 والفلاني ٠
وقد تعرض الدكتور عبد الله بتفصيل فيما يخص نيجيريا إلا أنه يجب أن
نشير أنه وفي نفس الفترة وغرب هذه المنطقة وفي ماسينا بالتحديد شرق
مالي التي كانت تحكمها عاثلات ديالو 018170 وستفار 53017485
وباري 77 نشا الشيخ أحمد أحمد وهو من باري يسمع عن فتوحات
عثمان فوديه وبعد أن سافر 1805م حيث شاهد تلك الحروب وأعطاه
السلطان سوكتو الحاج عثمان فوديه لقب (شيخ) دخل في معركة مع
وهكذا استولى على مدينة جني وبعد ذلك أنشأ عاصمة (حمد الله) وأسس
مجلساً من أربعين عالماً ليساعده في الحكم وفي الغرب أيضاً على ضفاف
نهر السنغال في هذا التاريخ كان يقوم نظام الأئمة الفوتين كما أشرنا إليه
سابقاً وباختصار فقد قامت هذه القبيلة أو القبائل باعتبار أن التوكلار
70170010018108 إنما تجمعهم بالفلاني اللغة وباعتبار أن التوردو هم
إلى ضفاف نهر السنغال غرباً عبوراً بشمال مالي والسنغال وجنوب موريتانيا
وشمال غينيا.
وقد شرح أخونا الدكتور عبد الله عبد الماجد دورهم في القطر
السوداني الحبيب وذلك جزء من تاريخ الأمة الإسلامية وتاريخ الدعوة في
إفريقيا فجزاه الله خيراً فقد اطلع على كثير من المصادر العربية التي تحدثت
عن دور الغرابة القبائل الإفريقية المهاجرة إلى السودان ومنها قبيلة الفلاني
وقد استفدت من المعلومات التي ذكرها والأخبار التي جمعها والأسماء التي
وبخاصة عن كتاب (تاريخ أفريقيا السمراء من أمس إلى غد) -6ا0
(ع1101 1200108 035 1115701855 :2258230 المطبوع في باريس
7 م مكتبة هاتير 11847188 وكذلك من مقالات مورس لافوس
وغيرهاء
لقد اختلف في أصول شعب الفلاني ونعني هم من هم من يتكلم
اللغة الفلانية 1181180108 سواء كانوا من فرع توردودو 208000 أو
وخلاصة ما ذكرته المصادر الغربية والذي ترجحه الروايات أن التورو هم
017 هؤلاء التورو قدموا من سوريا عبر سيناء جبل الطور -
وهنا جاء اسم طورو وأنهم من أصول سامية بيضاء فعبروا إلى إفريقيا
وكان يطلق أميرهم دنا عكا هح01010161 وجاء إلى بلاد ماسين والحورض
والسهل الأفريقي وهم يسوقون قطعاناً كبيرة من البقر على ضفاف نهر
كثير من الروايات والنصوص المكتوبة في نسبهم إلى التابعي الجليل فاتح
أفريقيا وباني القيروان عقبة بن نافع الفهري"القرشي نجد ذلك في إنفاق
الميسور في بلاد التكرور للسلطان محمد بلو بن الحاج عثمان بن فوديه
سلطان سكوتو.
حيث صرح بأن عقبة بن نافع كان قد تزوج بنت ملك تورودو
بالأسرة كولي الوثنية التي كانت حاكمة في نهاية القرن (18) الميلادي ليحل
محلها حكومة إسلامية كان رئيسها الأول الإمام عبد القادر ينتسب إلى
عقبة عن طريق ابنه روبة 8017 أنظر ما كتبه موريس دي لافوتس
دين المساواة والمحبة والأخوة والوثام بين جميع الأجناس لا يا
عربي وعجمي .
ذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله
أتقاكم> أنه عليه الصلاة والسلام قال لثابت بن قيس رضي الله عنه: (أنظر
في وجوه القوم) فنظر؛ فقال: (ما رأيت)؟ قال: رأيت أبيض وأسود
خطب بمكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية
وتعاظمها بآبائها .
ضفاف نهر السنغال على الضفتين الموريتانية والسنغالية إلى جبال فوتاديالو
في غرب وشمال مالي وشرقها في بلاد ماسينا وفي النيجر ونيجريا معروفة
بالذكاء والشجاعة قد انتجت في تلك الفترة علماً أعلاماً. ويكفي أن قادة
والكتاب الذي نقدمه للقارىء يقرر ما هو واقع بالفعل من أن حدود
إلى وادي النيل من جهة الغرب قبل وبعد سقوط تلك الإمبراطوريات
عرباً كانوا أم أفارقة تبعاً لتقبلهم المبكر للثقافة الإسلامية وامتزاجهم بالقبائل
لقد استقر الإسلام في غرب أفريقيا في القرن السابع الميلادي (القرن
الأول الهجري) وليس في القرن الحادي عشر الميلادي على أيدي دولة
المرابطين كما هو متواتر لدى غالبية المؤرخين. وقد أشار أحمد باب مؤرخ
دولة السنغال إلى وجود )١7( مسجداً في مدينة غانا وهي حاضرة أول
الممالك الإسلامية الكبرى في مرابطين أفريقيا حوالي عام 30 هجرية (374
م) ولكن المرابطين كان لهم دور رئيسي في التاريخ الإسلامي لهذه
المنطقة. ليس فقط في نشر الإسلام بين الوثنيين بل أيضاً عقيدة المسلمين
الأفارقة الذين اعتنقوا الإسلام ولم يلتزموا بأحكامه.
وقد أورد المؤرخ المسلم أبو عبد الله البكري ٠044 - ٠١78( م
في كتابه (المسالك والممالك) عن رحلته إلى منطقة غرب أفريقيا أنه يندر
أن توجد مدينة من مصب نهر السنغال إلى لاغوس لا تكون إلا وبها الأئمة
وطلبة العلم. وفيها الفقهاء وحملة علم وقد اشتهر سلاطين مملكة مالي
(17 - 1581 م) بالحرص على بناء المساجد والاعتناء بها بل كان
سلطان (منسا موسى) أعظم سلاطين هذه الإمبراطورية 1797/0 - 17737 م)
وتذكر بعض الروايات وجود (1700) عالم مسلم في مدينة
يدل على سعة انتشار الإسلام في هذه البلاد”" لا شك أن الشعوب التي
هاجرت من غرب أفريقيا. واستوطنت سودان وادي النيل كانت متفاعلة
ومتفعلة بالثقافة الإسلامية ومتصهرة مع القبائل العربية والكتاب جملة
وتفصيلاً يدعو إلى محاربة العنصرية بقوة من أي جهة صدرت وإن تقسيم
أبناء البلد الواحد والوطن الواحد والشعب الواحد والهدف المشترك الواحد
)١( حسن عيسى عبد الظاهر الدعوة الإسلامية
محمد بن سعود الإسلامية الرياض ص 1٠١7
() المرجع السابق 107
غرب أفريقيا منشورات جامعة الإمام
إلى أولاد بلد. وإلى غرّابة أمر مستهجن حضارياً وبخاصة في العصر
الحديث عصر التكتلات الإقليمية والاديولوجيات المادية وسيادة الحضارة
الغربية والإصرار على هيمنتها على القارة الإفريقية في ظل ما يسمى بالنظام
العالمي الجديد والواجب الإسلامي يحتم بل يدعو كل مثقف في أي قطر
إسلامي إلى محاربة العنصرية بكل الوسائل والأساليب وفي هذا الوقت
بالذات إن لم يكن من منطلق سياسي فإن مصلحة شعوبنا ومستقبل أوطائنا
وقوة دفعها وتناميها في مجتمعاتنا المتطلعة إلى النمو الاقتصادي والتكامل
ألا فليعلم الجميع أن الدعوة إلى العنصرية كالدعوة إلى الإنسانية
دعوة إلى البديل عن الرباط الديني وتعرف هذه الفكر في الغرب بفكرة
الإنسانية وحده وتحرص على نبذ كل ما يسبب الفرقة والإنقسام من بعد
ذلك] وأهم ما يجب في الدعوة الإنسانية نبذه هو الدين.
فالكتاب في أسلوبه وعرضه محاربة للعنصرية والدعوات القومية
والوطنية بقوة. وإن كان قد أظهر دور (الفلانة أو الفلان) وتشخيص
من قبيل الإخبار بما تضمنته الوثائق التاريخية من مواقف لهم لا من قبيل
الافتخار والتعارض أو التظاهر والتمايز على القبائل الأخرى إظهاراً لدورهم
التأريخي المجهول في سودان وادي النيل والمعترف به في كل القارة
الإفريقية؛ وجعل التشابه بين قبائل السودان الشمالي الجعليين والدنقلة
والشايقية وقبائل الفلانة قوية جدا وظاهرة سواء في الناحية القتالية أو نشر
الإسلام أو التحدث بلهجات محلية.
وأكد صلة كل البيوتات الدينية الكبرى والقيادية في السودان. مثل
بيت الإمام المهدي والزعيم المرغني بقبيلة (الفلانة والفلانة) نسباً وصهراً
مما يؤكد أن الهوية السودانية التي ظهرت في عهد قيام مملكة (الفونج)
وتغلغلت في سلطنة دافور وقويت بظهوره الثورة المهدية وهي الهوية التي
سادت في دول وإمبراطوريات غرب أفريقيا مثل كانم وبرنوا وصنغي ومالي
ووادي وهوسا وهي الهوية التي صاغت الشخصية السودانية وأعطتها بعدها
الديني والحضاري في أتم صورة متمسكةٌ بتعاليم الإسلام منصهرة بالدم
العربي وأصالته وممتزجة بالمشاعر الأفريقية وسماحتها.
لقد كان السودان بحق (دائرة تفاعل بين العرب والأفارقة بل ومجال
الانصهار القومي لكل شعوب القارة الأفريقية ببعضها من ناحية ومع العرب
من ناحية أخرى).
وأخيراً ناشد الكاتب رجال الأقلام من السودانيين المثقفين
والمسؤولين إلى ضرورة إعادة كتابة تأريخ السودان في ضوء رؤية فاحصة
وعدم الاكتفاء بالنقل الشائع وعدم الاعتماد على آراء الرحالة الغربيين
والمستشرقين دون فحص وإنعام نظر.
وقد أضاف الكاتب إلى فصول الكتاب ملاحق من دراسات أكاديمية
متخصصة لا شك أنها أعطت الكتاب إلى جانب التوثيق العلمي البعد
التأريخي وفي نفس الوقت الاستكشاف المستقبلي.
بل إنه كتاب دعوة وثقافة وتاريخ واجتماع #ومن أحسن قولاً ممن
عبد الله شيخ المحفوظ بن بيه (لطف الله به)
أستاذ بجامعة الملك عبد العزيز كلية الآداب
وعضو المجلس العالمي الأعلى للمساجد لرابطة العالم الإسلامي
والوزير الأسبق لوزارة التعليم والعدل والتوجيه بموريتاتيا
لقد تصفحت كتاب الغابة ودورهم في تكوين الهوية السودانية لأخينا
فضيلة الدكتور عبد الله عبد الماجد إبراهيم فوجدت فيه معلومات تاريخية
هامة عندما تحدث بإسهاب عن أصول هذه القبائل التي أتت من غرب
الحضارة ومن المؤسف حقاً أن الأغلبية الساحقة من السودانيين وأنا كواحد
منهم يجهلون هذا التاريخ ولقد هيأ لي زيارة غرب أفريقيا في السنين
الماضية واطلعت على بعض كتب التاريخ التي كتبت عن المنطقة فهالني
الجهل الذي كنت أعيش فيه عن تاريخ تلك المناطق وشعوبها. مثلي مثل
كل سوداني متعلم. لقد أكد هذه الحقيقة فضيلة الشيخ محمد ناصر العبودي
نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في مقدمة كتابه عن النيجر يؤكد
لشعب الخرطوم أصالة تلك المجتمعات وتاريخها الطويل وحضارتها الفعالة
وما لتلك الشعوب من أمجاد ومآثر فاق الكثير والكثير من الشعوب» جاء
(فإن النيجر بلاد مسلمة خالصة للإسلام وأهلها كانوا من الإخوة
بل يكثرون من ذلك ويسمونهم بالسودان قبل أن يكتسب السودان العربي
الذي عاصمته الخرطوم ويصح أن نسميه بالسودان الشرقي الغربي ونقول
وتاريخهم القديم فيه من الأمجاد ما تقصر عن التطلع إليه أعناق شعوب