في أصول الدين لم يكونوا أئمة في ذلك لان ذلك معلوم مع قطع النظرعن
وأما قوذم إن الثناء على من اتبعهم كلهم » فنقول : الآية اقتضت
الثناء على كل من اتبع كل واحد منهم » كما أن قوله : ( والسابقون
والذين اتبعوهم في قوله : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد هم جنات
نجري ) وكذلك في قوله : ( اتبعوهم ) لأنه حكم علق عليهم في هذه
الآية » فقد تناوهم مجتمعين ومنفردين
وأيضاً فإن الأصل في الأحكام المعلقة بأسماء عامة البولها لكل فرد فرد
عن المؤمنين ) )١( » وقوله ( وكونوا مع الصادقين ) (1)
وأيضاً فإن الأحكام المعلقة على المجموع يؤتى فيها باسم يتناول المجموع
دون الأفراد » كقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسعآ) (؟) ؛ وقوله
(كنم خبر أمة )(+) » وقوله ( ويتبع غير سبيل المؤمنين ) » فإن لفظ الأمة
18: سورة الفتح آية )١(
114 : سورة التوبة آية )(
143 سورة البقرة آية )©(
0 سوزة آ ل عمران آية : 1٠
ولفظ سبيل المؤمنين لا ممكن توزيعه على أفراد الأمة وأفراد المؤمنين ء
بخلاف لفظ السابقين فإنه يتناول كل فرد من السابقين
وأيضاً فالآية تعم اتباعهم مجتمعين ومنفردين في كل ممكن © فمن اتبع
جماعتهم إذا اجتمعوا » واتبع آحادهم فيما وجد عنهم مما لم مخالفه
فيه غيره منهم ؛ فقد صدق عليه أنه اتبع السابقين » أما من خالف بعض
السابقين فلا يصح أن يقال اتبع السابقين » لوجود مخالفته لبعضهم » لا سيما
فإن اتباعهم هناك قول بعض تلك الأقوال باجتهاد واستدلال 6 إذ هم
مجتمعون على تسويغ كل واحد من الأقوال لمن أدى اجتهاده إليه ؛ فقد
سوغوا خلاف ذلك القول
نص يخالف قول أحد منهم ؛ فقد علمنا أنه لو ظفر بذلك النص لم يعدل
عنه » أما إذا رأينا رأياً » فقد مجوز أن مخالف ذلك الرأي
إلا فيما قد علم أنه من دين الإسلام بالاضطرار » لأن السابقين الأولن
خلق عظم ؛ ولم يعلم أنهم أجمعوا إلا على ذلك ؛ فيكون هذا الوجه هو
الذي قبله » وقد تقدم بطلانه » إذ الانباع في هذا غير مؤلر
وأيضاً فجميع السابقين قد مات منهم أناس في حياة رسول الله صل الله
عليه وسلم © وحينئذ فلا محتاج في ذلك إلى اتباعهم للإستناء عنه بقول
رسول الله صل الله عليه وسلم
التابعين لا يمكنهم اتباع جميع السابقبن 6 وأيضاً فإن معرفة قول جميع
السابقين كالمتعذر » وأيضاً فإنهم إنما استحقوا منصب الإمامة بكولهم
هم السابقين وهذه صفة موجودة في كل واحد منهم 6 فوجب أن يكون
إماماً للمتقين كما استوجب الرضوان والجحنة
وأما قوهم : ليس فيها ما يوجب اتباعهم » فنقول : الآبة تقتغضي
الرضوان عمن اتبعهم بإحسان » وقد قام الدليل على أن القول في الدين
بغبر علم حرام ؛ فلا يكون اتباعهم قولا" بغير علم » بل قولا بعلم ؛ وهو
من التقليد المحرم » فلم يقل أحد : إن تقليد العلماء من موجبات الرضوان
إلى قول غيره أو إلى اجتهاد جائز بالاتفاق » والشيء المباح لا يستحق به
الرضوان » وأيضاً فإن رضوان الله غاية المطالب ولاينال إلا بأفضل الأعمال
ومعلوم أن التقليد ليس بأفضل الأعمال » بل الاجتهاد أفضل منه » فعلم
أن اتباعهم هو أفضل ما يكون في مسألة اختلفوا فيها هم ومن بعدهم ؛
وأن اتباعهم دون من بعدهم هو الموجب لرضوان الله © فلا ريب أن
رجحان أحد القولن بوجب اتباعه » وقوشم أرجح بلا شك
وأيضاً فإن الله ألى على الذين اتبعوهم بإحسان » والتقليد وظيفة العامة »
علماء الأمة من هذه الآية أبخس الحظوظ
الرضوان » لآن الجزاء لا يقتضيه وجود الشيء وضده
فإما سخطه أو عفوه » والعفو بعد انعقاد سبب الخطيئة
إيجاب الاتباع يدخل فيه الاتباع بالأفعال » ويقتضي تحريم مخالفتهم مطلقاً ؛
فيقتضي ذم المخطىء » وليس كذاك ء أما الأقوال فلا وجه لمخالفتهم فيها
بعد أن لبت أن فيها رضى الله
الأفعال » فقد يكون رضى الله في الأفعال المختلفة وفي الترك بحسب قصدين
رضىالله لم يكن الحق إلا هو فوجب اتباعه
الرضوان ومن قبلهم » فما الدليل على اتباع من أسلم بعد ذلك ؟
قيل : إذا ثبت وجوب اتباع أهل بيعة الرضوان فهو أكبر المقصود »
على أنه لا قائل بالفرق » وكل الصحابة سابق بالنسبة إلى من بعدهم
الوجه الثاني )١( :
قوله تعالى : ( اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون ) () هذا
قصه الله سبحانه عن صاحب (يس ) على سبيل الرضا ببذه المقالة ؛ والثناء
على قائلها » والإقرار له عليها + وكل الصحابة رغي الله عنهم لم يسألنا
أجراً » وهم مهندون » بدليل قوله تعالىل : ( وكنم على شفا حفرة من
النار ) (©) الآية و« لعل » من الله واجب » وقوله ( والذين اهتدوا زادهم
هدى ) (؛) وقوله : ( سيهدمهم ويصلح بافم ) (*) وقوله : ( والذين
الوجه الثالث :
قوله سبحانه وتعالل : ( واتبع سبيل من أناب إلى )(9) وكل من الصحابة
منيب إلى الله » فيجب اتباع سبيله » وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله ؛
والدليل على أنهم منيبون إلى الله أن الله سبحانه قد هداهم » وقد قال تعالى :
١ أي من الأوجه الدالة على و جوب اتباع الصحابة رضي الله عنهم » كا في ص )١(
1١١ سورة يس آية )(
٠١٠ : سورة آل عمران آية ١)
)( سورة محمد آية : ١١7
(ه) سورة محد آية : ٠
(ه) سورة الشورى آية : ١3
الوجه الرابع :
فأخبر سبحانه أن من اتبع الرسول يدعوإل الله على بصيرة » ومن دعا إلى الله
على بصيرة وجب اتباعه لقوله تعالى فيما حكاه عن الحن ورضيه :
(يا قومنا أجيبوا داعي الله )")
الوجه الخامس :
قوله سبحانه وتعالى : ( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى )(")
قال ابن عباس في رواية أني مالك : هم أصحاب محمد صل الله عليه
وسلم » والدليل عليه قوله تعالل : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من
عبادنا ) (4) وحقيقة الاصطفاء افتعال من التصفية » فيكون قد صفاهم
الوجه السادس :
أن الله سبحانه شهد طم ألهم أوتوا العلم » بقوله تعال : ( وبرى الذين
أوتو العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ) (*) وقوله : (حتى إذا
32١ : سورة الأحقاف آية )(
سورة التمل آية : 4ه )©(
١7 6 سورة فاطر آية )4(
للإستغراق + وإنما هي العهد » أي العلم الذي بعث الله به نبيه صل الله
الوجه السابع :
قوله تعالى : (كنم خبر أمة أخرجت للناس ) (7) الآية شهد قم
سبحانه أنهم بأمرون بكل معروف » وبنهون عن كل منكر » فلو كانت
أمر فيها بمعروف ء ولا لهى فيها عن منكر ؛ إذ الصواب معروف ء والخطأ
منكر من بعض الوجوه » ولولا ذلك لما صح التمسك بهذه الآية على أن
الإجماع حجة
الوجه الثامن :
قال غير واحد من السلف : هم أصحاب محمد صل الله عليه وسلم ؛
ولا ريب أنهم أئمة الصادقين » وكل صادق بعدهم فيهم يأنم في صدقه ؛
بل حقيقة صدقه اتباعه هم » وكونه معهم ؛ ومعلوم أن من خالفهم في شيء
176 : سورة محمد آية )١(
(») سودة المجادلة آية : ١١
(©) سورة آل عمران آية : 1٠١
9" دورة التوية آية :8
أنه معهم بهذا القسط ؛ وهذا كا نشى الله ورسوله الإمان المطلق عن الزاني
والشارب والسارق » وهذا كما أن امم الفقيه والعالم عند الإطلاق لا يقال
من معه مسألة أو مسألتان ؛ وإن قبل : معه شيء من العلم فرق بن المعية
المطلقة ومطلق المعية » ومعلوم أن المأمور به الأول لا الثاني » فإن الله سبحانه
م يرد منا أن نكون معهم في شيء من الأشياء » وأن تحصل من المعية ما يصدق
عليه الاسم » وهذا غلط عظم في فهم مراد الرب من أوامره فإذا أمرنا
بالتقوى والبر والصدق والعفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحهاد
الوجه التاسع :
قوله تعالى : ( وكذلك جعلنا كم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس
ويكون الرسول عليكم شهيداً )١() ووجه الاستدلال بالآبة أنه سبحانه وتعالى
أخبر أنه جعلهم أمة خياراً عدلا” ؛ هذا حقيقة الوسط + فهم خير الأمم
يكونوا شهداء للرسل عل أنمهم بوم القيامة » والله سبحانه يقبل شهادتهم
عليهم فهم شهداؤه + وهذا نوه بهم + ورفع ذكرهم + وألى عليهم ؛
لأنه سبحانه لما اتخذهم شهداء أعلم خلقه من الملائكة وغيرهم بحال هؤلاء
الشهداء ؛ وأمر ملالكته أن تصلي عليهم + وتدعواهم © وتستغفر هم ء
والشاهد المقبول عند الله هو الذي يشهد بعلم وصدق + فيخبر بالحق ء
6 سورة البقرة آية :7 ١:٠
مستنداً إلى علمه به » كما قال تعالى : ( إلا من شهد بالحق وهو يعلمون ) )١(
فقد مخبر الإنسان بالحق اتفاقاً من غير علمه به ؛ وقد يعلمه ولا يحبر به ؟
فالشاهد المقبول عند الله هو الذي مخبر بد عن عام » فلو كان علمهم أن يفي
أحدهم بفتوى وتكون خطأ مخالفة لحكم الله ورسوله + ولا يفي غيره
قسمن : قسماً أفنى بالباطل وقسماً سكت
الوجه العاشر :
قوله تبارك وتعالل : ( وجاهدوا في الله حى جهاده هو اجتباكم
وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين
من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس )(7)
الآية » فأخبر سبحانه وتعالى أنه اجتباهم » والاجتباء كالاصطفاء 6 وهو
فيبذلوا له أنفسهم » ويفردوه بالمحبة والعبودية 6 وتختاروه وحده إفاً معبوداً
يسر عليهم دينه غاية التيسير + ول مجعل عليهم من حرج ألبنة ؛ لكمال
حبته هم ورأفته ورحمته وحنانه بهم 6 ثم أمرهم بلزوم ملة إمام الحنفاء
أبيهم إبراهم » وهي إفراده سبحانه وحده بالعبودية والتعظم والحب
)0 سورة الزخسرف آي خا
60 سورة الحج آية + قلا +