ابن تيمية
العرب تفعل لفلا يبلغ إلا وهو مختون - وله اختان في السابع ففيه قولان هما رواتان عن
أحمد» قيل لا يكره لأن إبراهيم ختن إساحق في السابع» وقيل يكره لأنه عمل اليهود
فيكره التشيه بهم وهذا -مذهب مالك؛ والله أعلم
(مسألةم كم مقدار أن يقعد الرجل حتى يحلق عانته
ونحو ذلك أن لا يترك أكثر من أربعين يوماً» وهو في الصحيح والله أعلم
شعرة قسط من الجتابة» فهل ذلك كذلك أم لا؟
(الجواب قد ثبت عن النبي (ص) من حديث حذيفة ومن حديث أبي هريرة رضي الله
ميتا) وما أعلم على كراهية إزالة شعر الجنب وظفره دليلاً شرعياً» بل قد قال النبي (ص)
للذي أسلم: وألتى عنك شعر الكفر واختتن»» فأمر الذي أسلم أن يغتسل» ولم يأمره بتأخير
الحائض بالامتشاط في غسلها مع أن الامتشاط يذهب يبعض الشعرء والله أعلم
في الإجبار على النكام؟
وأما إجبار الأب لابنته البكر البالغ على التكاح» ففيه قولان
كما هو مذهب مالك» والشافعي» وهو اختيار الخرقي» والقاضي وأصحابه والثاني: لا
يجبرهاء كمذهب أبي حنيفة وغيره» وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز بن جعفر» وهذا القول
هو الصواب
والناس متنازعون في مناط الإجبار: هل هو البكارة؛ أو الصغر أو مجموعهماء أو كل
منهما؟ على أربعة قوال» في مذهب أحمد وغيره والصحيح: أن مناط الإجبار هو
أن يتصرف في مالهاء فكيف يجوز أن يتصرف في بُضعهاء مع كراهتها ورشدها وأيضاًء
فإن الصغر سبب للحجر بالنص» والإجماع» فعليل الإجبار به» تعليل بعلة ثابتة بالنص
والإجماع
وأما جعل البكارة موجبة للحجرء فهذا مخالف لأصل الإسلام» فإن الشرع لم يجعل
ابن تيمية
البكارة سبباً للحجر في موضع من المواضع المجمع عليهاء فتعليل الحجر بذلك تعليل
بوصف لا تأثير له بالشرع
هل يؤخذ بتعيينهاء أو بتعيين الأب؟ على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد فمن جعل
العبرة بتعيينهاء نقض أصله» ومن جعل العبرة جتعيين الأب» كان في قوله من الفساد
والشرور والضرر ما لا يخفى
فان قيل: قد قال النبي (ص) في الحديث الصحيح: «الأيم أحق بنفسها من وليهاء والبكر
بنفسها من وليهاء دل على أن البكر ليست أحق بنفسهاء وليس ذلك إلا للأب والجد
وهذا عمدة المجبرين» وهم تركوا العمل بنص الحديث وظاهره؛ وتمسكوا بدليل خطابه؛
استكذان البكر» فلا بد من النطق وهذا قاله بعض أصحاب الشافعي وأحمد» وهو مخالف
لإجماع المسلمين قبلهم ولنصوص رسول الله (ص)» فإنه قد ثبت بالسنّة المستفيضة؛
بهما النبي (ص) بين البكر والثيت» لم يفرق بينهما في الإجبار وعدم الإجبار» وذلك لأن
البكر» لما كانت تستحي أن تتكلم في أمر نكاحهاء لم تخطب إلى نفسها بل تخطب إلى
وأما الثيب» فقد زال عنها حياء البكارة» فتكلم بالنكاح» فتخطب إلى نفسهاء وتأمر الولي
مأمور من جهة الثيب» ومستأذن للبكر» فهذا هو الذي دل عليه كلام النيي (ص)
وأما تزويجها مع كراهتها للنكاح فهذ مخالف للأصول والمعقول» والله لم يسوغ لوليها أن
يكرهها على مياضعة ومعاشرة من تكره معاشرته؛ والله قد جعل بين الزوجين مودة
ثم انه إذا وقع الشقاق بين الزوجين فقد أمر الله يبعث حكم من أهله» وحكم من أهلهاء
للشافعي وأحمد وعند أبي حنيفة
ذلك إلى نص خاص» ولكن إذا وقع الشقاق فلا بد من ولي يتولى أمرهما لتعذر اختصاص
أحدهما بالحكم على الآخرء فأمر الله تعالى أن يجعل أمرهما إلى اثتين من أهلهماء يفعلان
ما هو الأصلح» من جمع» أو تفريق بعوض» أو بغيره وهنا يملك الحكم الواحد مع الآخر
الطلاق» بدون إذن الرجل ويملك الحكم الآخر مع الأول بدل العوض من مالهاء بدون
وطرد هذا القول: أن الأب يطلق على ابنه الصغير والمجنون إذا: رأى المصلحة؛ كما هو
إحدى الروايتين عن أحمد» وكذلك يخالع عن ابنته» إذا رأى المصلحة لها
الذي بيده عقدة النكاح» كما هو قول مالك» وأحمد في إحدى الروايتين عنه والقرآن
وبضعها عاد إليها من غير نقص» وكان إلحاق الطلاق بالفسوخ؛ فوجب أن لا يتصف»ء
لكن الشرع جبرها بتتصيف الصداق لما حصل لها من الانكسار به» ولهذا جعل ذلك
وأحمد في الرواية الأخرى مع أبي حنيفة وغيره لا يوجبون المتعة إلا لمن طلقت قبل الفرض
والدخول» يجعلون المتعة عوضاً عن نصف الصداق ويقولون: كل مطلقة فانها تأخذ
وأوافك يقولون: الصداق استقر قبل الطلاق بالعقد والدخول والمتعة سببها الطلاق» فشجب
لبن تيمية
زيادة؛ وهذا القول أقوى من ذلك القول» فإن الله جعل الطلاق سبب الفعة» فلا يجعل
لكن يقال على هنا: فالقول الثالث أصحء وهو الرواية الأخرى عن أحمد: أن كل مطلقة
بالمعروف حقا وأيضاً فإنه قد قال: «(إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن
بتمتيع المطلقات قبل المسيس» ولم يخص ذلك بمن لم يفرض لهاء مع أن غالب النساء
يطلقن بعد الفرض
واستحللتم فروجهن بكلمة الله»
ابن تيمية
في مواضع أكثر من ذلك أنه يعلم ما يكون قبل أن يكون وقد أخبر بذلك في القرآن من
وللقصود أن يعرف الإنسان أنهم يقولون من الجهل والكفر ما هو في غاية الضلال فاراً
من لازم ليس لهم قط دليل على نفيه ولو قُدر شبهة تعارض ثبوت العلم فأين هذا من
بطلان قولهم: الثلاثة المذكورة في النحل هي البرهان والخطابة والجدل
ريب أن ما جاء به الرسول من الحكمة والموعظة الحسنة والجدل يخالف أقوال هؤلاء
الفلاسفة أعظم من مخالفته لأقوال اليهود والنصارى لكن المقصود أن الثلاثة المذكورة في
القرآن هي البرهان الصحيح؛ والخطابة الصحيحة» والجدل الصحيح» وإن لم تكن هي عين
ما ذكره اليونان إذ المنطق لا يتعرض لشيء من المواد» وما الغرض أن هذه الثلاثة هي
جنس هذه الثلاثة
مجرداً أو علماً [يقينياً] والوعظ في القرآن هو الأمر والنهي والترغيب والترهيب»؛ كقوله
وأيضاً فالقرآن ليس فيه أنه قال «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدله؛
بل قال ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم» وذلك لأن الإنسان له
فأفضلها أن يعرف الحق ويعمل به والثاني أن يعرفه لكن نفسه تخالفه فلا توافقه على
العمل به والثالث من لا يعرفه بل يعارضه
فصاحب الحال الأول هو الذي يدعى بالحكمة»؛ فإن الحكمة هي العلم بالحق والعمل
فالنوع الأكمل من الناس من يعرف الحق ويعمل به؛ فيُدعون بالحكمة والثاني من يعرف
كرفا
القسم الثالث العلم ا
لمى لكن تخالفه نفسه» فهذا يوعظ الموعظة الحسنة فهاتان هما الطريقان - الحكمة
واللوعظة وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا فإن النفس لها أهواء تدعوها إلى خلاف
إلى وإن عرفته فالناس يحتاجون إلى الموعظة الحسنة وإلى الحكمة فلا بد من الدعوة
وأما الجدل فلا يدعى به» بل هو من باب دفع الصائل فإذا عارض الحق معارض جودل
بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة»؛ وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن وقال في الجدال
دبالتي هي أحسن» ولم يقل «بالحسنة» كما قال في الموعظة لأن الجدال فيه مدافعة
ومغاضية؛ فيحتاج أن يكون بالتي هي أحسن حتى يُصلح ما فيه من الممانعة والمدافعة؛
والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل فما دام الرجل قابلاً للحكمة أو الموعظة الحسنة أو
المجادلة بعلم كما أن الحكمة بعلم وقد ذم الله من يجادل بغير علم فقال تعالى: ها أنتم
لله أن يحتج عليهم بالباطل لكن هذا قدر يُفعل لبيان فساد قوله وبيان تناقضه؛ لا لبيان
الدعوة إلى القول الحق والقرآن مقصوده يبان الحى ودعوة العباد إليه وليس المقصود ذكر
هذه فائدتها وهذا يصلح لبيان خطأ الناس مجملاً
ثم انهم تارة يجعلون النبوة إنما هي من باب الخطابة؛ وتارة بجعلون الخطابة أحد أنواع
من العلم والحكمة»؛ وأرادوا أن يشبهوا به كلام قوم» كفارُ اليهود والنصارى أقل ضلالا
القرآن بالتوراة والإنجيل لظهر خطأه غاية الظهور والجميع كلام الله تعالى فكيف بكلام
هؤلاء الجهال الملاحدة؟
الأزل والآخرة”؟
| وسكل عن حديث أنس بن مالك» عن النبي (ص» أنه قال: (سبعة
هذا الخبر بهذا اللفظ ليس من كلام النيي (ص؛ وأنما هو من كلام بعض العلماء» وقد
اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا
من أهل الكلام المبتدعين» كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم» وهذا قول
باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله؛ وإجماع سلف الأمة وأئمتها كما في ذلك من
الدلالة على بقاء الجنة وأهلهاء وبقاء غير ذلك مما لا تتسع هذه الورقة لذكره وقد استدل
طوائف من أهل الكلام والمتفلسفة على امتاع فناء جميع امخلوقات بأدلة عقلية لله أعلم
العقائد المسيحية
ا ١ تحقيق العقائد المسيحية:
في حقيقة النقل عن المسيح©
ومن حجة الجمهور الذين يمنعون أن تكون جميع ألفاظ هذه الكتب المتقدمة الموجودة عند
أهل الكتاب منزلة من عند الله لم يقع فيها تبديل» ويقولون انه وقع التبديل في بعض
ألفاظها أو يقولون انه لم يعلم أن ألفاظها منزلة من عند الله؛ فلا يجوز أن يحتج بما فيها من
الألفاظ في معارضة ما علم ثبوته: انهم قالوا التوراة والإنجيل الموجودة اليوم بيد أهل
الكتاب لم تتوائر عن موسى وعيسى عليهما السلام أما التوراة فإن نقلها انقطع لما خرب
يوجب تواتر جميع ألفاظها ولا يمنع وقوع الغلط في بعضها كما يجري مثل ذلك في
الكتب التي يلي نسخها ومقابلتها وحفظها القليل الإثنان والثلاثة وأما الإنجيل الذي
أملوه بعد رفع المسيح متى ويوحناء وكانا قد صحبا للسيح؛ ولم يحفظه خلق كثير يلفون
عدد الوائر ومرقص ولوقا وهما مم يريا السيح عليه السلام وقد ذكر هؤلاء أنهم ذكروا
بعض ما قاله المسيح وبعض أخباره وأنهم لم يستوعبوا ذكر أقواله وأفعاله ونقل اثنين وثلاثة
وأربعة يجوز عليه الغلط لا سيما وقد غلطوا في المسيح نفسه حتى اشتبه عليهم بالمصلوب