١ فة الله ع:
النهايتين: إلى الانحلال التام والفناء أو اليقظة والإحياء) '؟ ولكن مع الأسف انتهت إلى
ما نعرفه من انقسام الدولة الإسلامية الكبرى إلى دويلات عديدة؛ وعاصر ابن تيمية
دولة المماليك
وكان للشيخ دور بارز في مقاومة الغزو التتاري» وهذا يعطينا فكرة عن
ارتباط العقيدة بالعمل عنده وقد أفرغ ما في جعبته من آيات وأحاديث لحث
منهم إلى الفرار هربا من جحافل الجيش التتاري؛ الذي شرب من كأس النصر حق
الثمالة؛ وانتشى بروح السيطرة والتفوق
وفي مقابل الحرب والغزو الخارجي الذي ملا التاريخ بصفحات عديدة
للمآسي والكوارث الي أصابت العالم الإسلامي كانت هناك في الداخل تيارات
القلوب وتخلعها لكي يسلم الناس دون قتال يقول ابن كثير: (وأشاع المرحفون بأن
التتر وصلوا إلى حلب» وأن نائب جلب تقهقر إلى حماه» ونودي في البلد بتطبيب
قلوب لناب وإقبالّهم على معايشهم ّ
وممًّا زاد الأمر سوعا في ل العام -أي عام 8 الاك 1م حيث بدا
المجرة (حيث جعلوا يحملون الصغار في الوحل الشديد والمشقة على الدواب
والرقاب» وقد ضعفت الدواب من قلة العلف؛ مع كثرة الأمطار والزلق والبرد
الشديد والججوع وقلة الشيء) 18
الأعداء» مع ضعف المسلمين وبأسهم؛ ومما زاد الطين بلة الأحوال الجوية الي جرت
على غير المألوف وهنا يتجلى إنمان الشيخ» وتظهر آثار التشبع بالروح السلفية فعالة
قوية» وفي الوقت الذي كان بعض الفقهاء غيره يتركون دمشق فرارًا بأنفسهم
وعائلاتهم (إذ كان قد خرج جماعة من بيوتات دمشق؛ كبيت ابن صصري؛ وبيت
)١( د جمال الدين الشيال» تاريخ الدولة العباسية؛ ص85
() نفس المصدر ١٠١
| هل الخلق قديم أم مقدور >
الجانب الإنشائي في الفكر التيمي ب"
دليل الافتقار "
العلو والجهة م
التمييز بين لذات الدنيا ولذات الآخرة 75
ثانيًا: العالم 21
الخلق والإبداع بدلاً من الصدور عن الواحد ف
النًا: الإنسان 6
نظرية المعرفة مم
نظرية الكشف مم
أنواع النفوس 4
المبحث الثالث
الإطار العام الذي يضم المعرفة والسلوك 8
الخاتمة 9١
الفهرس 4
البحث الأول ١١
على القتال بدلاً من الفرار (وساق لحم الآيات والأحاديث الواردة قي ذلك» ونمى عن
الإسراع في الفرار» ورغب في إنفاق الأموال في الذب عن المسلمين وبلادهم
بضرورة تجهيز الخجيش لهذا الغرض» وجاء ضمن أقواله للسلطان في هذا الصدد: لو
وعندما حان أوان المعركة المرتقبة بأرض الشام» ووصلت جحافل التتار إلى
حمص وبعلبك؛ ولّم يكن جيش مصر قد وصل للنجدة بعد تخبط الناس ومسهم
الفزع والزعرء وعادوا يتحدثون عن التقهقر» ولكن ابن تيمية عاد ينفث من قوة
إيمانه في صدور الأمراء والجند» م ؤكدًا لهم التصرء متأولاً قوله تعالى: لأومن عاقب
ما عن تردد بعض المسلمين في حرب التتار لأنّهم أعلنوا الإسلام تظاهرًاء فقد
أوضح لهم شيخنا هذا اللبس»؛ إذ إن التتار عنده كالخوارج الذين خحرجوا على علي
بالمظالم والمعاصي يزعمون أنّهم أحق بإقامة الحق بين المسلمين
وح لا يدع بجحالا للشك في صحة رأيه لإدخال الطمأنينة والثبات في قلوب
المترددين؛ أعلن لهم في وضوح قاطع (إذا رأيتمون من ذلك الجانب -يقصد التتار-
وعلى رأسي مصحف فاقتلوني) !©
وقاتل الشيخ مع الجند» حاًا إيّاهم على الإفطار في شهر رمضان؛ لأن الفطر
)١( ابن كثير» البداية والنهاية؛ ج4٠ ص8 4
(7) نفس المصدر والصفحة
(7) نفس المصدر صض#١
(4) ابن كثير؛ البداية والنهاية؛ ج4٠6 ص؛ 7
ل فة الله عز
أقرى لهم وذلك تشبهًا بالمسلمين حين أفطروا عام الفتح تنفيذًا لتصيحة الرسول 5
ومات -رحمه الله- بسجن قلعة دمشق في العشرين من شوال سنة (/7/اه)
بسبب كيد بعض علماء عصره لدى السلطان الناضر وكان صديقا لابن تيمية؛
وكان يقول في سجنه: (المحبوس من حبس قلبه عن ربه؛ والمأسور من أسره هواه)
ومن المفارقات الملفتة لنظر الدارسين لحياته -كما لاحظ الشيخ محمد أبو
يستمدها من الناصر ما ألقى به في غيابات السجن»؛ فكان الدليل القاطع على أنه
كذلك يعلل نجاح خصومه بإدخاله السجن أكثر من مرة أنّهم كانوا يقومون
بالتدبير ليلا والاجتهاد بألا يسمع قوله؛ ولو سمع قوله ما استطاعوا له كيدًا
)١( من كتاب ابن تيمية؛ ص41) للشيخ محمد أبو زهرة ط دار الفكر العربي بدون تاريخ
المبحث الأول 1
المفاهيم الضرورية في قضايا العقيدة
سنبداً بعرض بعض المفاهيم الضرورية كمدخل للدراسة لاسيما في أمهات
المسائل الكبرى كفطرية المعرفة بالله عز وجل والتوحيد؛ وإثبات الصفات الإغية؛
والترجيح بين الآراء الدائرة حول الصلة بين الشرع والعقل» وإثبات أن ركائز أصول
الدين قد بينَّها الرسول ثَ## للصحابة رضي الله عنهم» بالأدلة والبراهين العقلية خلافا
الصحيح المجمع عليه بواسطة علماء الحديث والسنة أن الصحابة هم الأعلم والأحكم
في معرفة أصول الدين واستيعابها؛ لا الأجيال الي جاءت بعدهم وعندما افتقدت
هذه الأجيال طريقة الأوائل ولم يعرفوهاء اختلطت عليهم الصلة بين الشرع والعقل»
فسعوا إلى اختراع أساليب في البرهان والجدل مترجمة عن الفلسفة اليونانية؛ متخذين
لأنفسهم دور المنافحين عن العقائد بالأدلة العقلية ومن ثم ظهر في أبحاث الدارسين
مصطلح (العقليين) مقابل (النصيين)؛ بينما يوضح التحقيق العلمي الذي أجراه ابن
الفصل» أو التنازع بين الشرع والعقل» لأنّهم استدلوا بعقولهم كما أمرهم القرآن
الحكيم على صحة رسالة الرسول ته مع صحبتهم له عليه الصلاة والسلام والتعلم
والتلقي منه مباشرة» وفهمهم لأسرار اللغة العربية؛ واستجابتهم لأوامر القرآن الكر
بالنظر والتدبر وإعمال العقل
ظنوا أنّها عقلية تفوق أدلة الكتاب والسنة؛ بل أثبت من خلال حواره مع مخالفيه بأن
أدلة الشرع تتضمن الأدلة العقلية من الطراز الأكمل, ثم ذهب إلى إثبات ما هو أبعد
من هذاء فكشف النقاب عن عدم (معقولية) بعض هذه الأدلة كما سأي عند
الاستدلال على إثبات أن القرآن الكريم كلام الله عز وجل تكلم به؛ وإثبات سائر
صفاته وأفعاله تعالى
1 فؤالله عزو
العلم ضروري بوجود الخالق عز وجل:
يرى ابن تيمية أن العلم بالله عز وجل أمر فطري ضروري؛ ولهذا جاءت
بوجود الخالق وصدق رسله كما يظن المتكلمون والمتفلسفة؛ لكن من جحد الحق
أي أن معرّفة الله تعالى الفطرية في النفس البشرية يدعمها الرسول لل
ويفصلها؛ فهو المصدر الوحيد الحادي لمعرفة الله تعالى وعبادته لمن يرغب بإخلاص
ومن موجبات رحمة الله عز وجل وكرمه وحكمته أنه علّم الإنسان ما لم
يعلم» فإن أول ما أنزل الله تعالى: لاقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من
على اقرأ وربك الأكرم الذي عَلْم بالقلم عَلّم الإنسان مَا لَمْ يعلم»
فذكر أنه الأكرم وهو أبلغ من الكريم وهو المحسن غاية الإحسان؛ ومن
كرمه أنه علّم بالقلم» علم الإنسان ما لم يعلم» فعلمه العلوم بقلبه والتعبير عنها
حجة على من أنكر قدرة الله تعال» فإن من رأى العلقة قطعة من دم فقيل له:
هذه العلقة يصير منها إنسان يعلم العلوم بأنواعها لكان يتعجب من هذا غاية العجب
وينكره أعظم الإنكار» ومعلوم أن نقل الإنسان من كونه علقة إلى أن يصير إنسانًا
عالمًا قادرًا كاتبًا أعظم من جعل مثل هذا الإنسان يعلم ما أمر الله به وما أخبر به؛
() يعن باكتساب العلم النظري الطريقة الي أحدثها المتكلمون فقالوا بالحدوث والقدم
العقائد الإسلامية من حيث إثبات وجود الله عز وجل» وحدوث العالم
البحث الأول ٠
وجل إرسال الرسل من جنس البشر وبلسانهم (فهو أتم في الحكمة والرحمة» وذكر
ويستطرد ابن تيمية في شرح الأدلة؛ وهي الآيات والبراهين الي يحتوي عليها
القرآن الكريم ليعلمنا أنّها أدلة عقلية بصورة لا تقبل الشك؛ وتوصل إلى البرهان
هو دليل وبرهان وعلامة على ذاته وصفاته ووحدانيته عز وجل
لد لفت نظرنا تُ شيخ الإسلام إلى السمات العقلية لأدلة الشرع؛ وإذا كانت
إلى التقصير في فهم وتقدير ما جاء به الرسول كَل إذ أخرج المتكلمون والفلاسفة ما
تعلم دلالته بالعقل عن مسمى الشرع؛ وعندئذ حدث التنازع في معرفة الله وتوحيده
وأصول الدين:
أو يجب بالشرع ويحصل بالعقل؟
هي أن الأفعال مشتملة على أوصاف تقتضي حسنها ووجوبها وتقتضي قبحها
وتحريمها وأن ذلك قد يعلم بالعقل» لكن الله لا يعذب أحدًا إلا بعد بلوغ الرسالة
وبما يزيد الأمر وضوحًا أن أكثر الناس يقرون بأن الأحكام العملية تعلم
لط فة الله عزوح
بالعقل أيضًا؛ فبالعقل يعرف الحسن والقبح فتكون الأدلة العقلية دالة على
الأحكام العلمية أيضًاء ويجوز أن تسمى شرعية لأن الشرع قررها ووافقها أو
دل عليها وأرشد إليها
فكيف يسوغ وصف أدلة الأحكام العملية بأنِّها عقلية -بالإضافة إلى
كولما شرعية- ولا يسوغ إطلاق نفس الوصف على أدلة أصول الدين الي
تشتمل على أهم المطالب العالية كإثبات الرب عز وجل» ووحدانيته؛ وصدق
إنّها الأول أن تُعد شرعية عقلية في آن واحد؛ وقد بين الرسول قل الأدلة
والبراهين والحجج؛ وعلى المسلمين اتباعه في قضايا أصول الدين كاتباعه في قضايا
الفروع أي المسائل الفقهية في العبادات والمعاملات "
وكان الدافع الرئيسي لابن تيمية من كل ما تقدم هو إقناع المتكلمين
والفلاسفة أن أدلة القرآن والسنة كافية بذاتها لمعرفة العقائد الإسلامية والحتجاج بها
أمام المخالفين» وهو صاحب فكرة أن الأدلة الشرعية هي في ذاتما عقلية يمنا -أي
فصل بين الشرع والعقل» ولا حاحة لابتداع أدلة مستمدة من الفلسفة اليونانية
لاستخدامها في المناظرة والحجاج العقلي؛ وأن هذا الفصل لم ينشأً إلا بعد القرون
المفضلة الأول إذ كان أهلها على دراية تامة بنصوص الكتاب والسنة فهما واستيعاًا
بين الرسول يَ الأدلة والبراهين والحجج:
)١( وهو يرى من سياق عرضه للآراء أن معرفة الله عز وجل وتوحيده وأصول الدين تجب
وتحصل بالشرع مع التقيد بالتقسيم الذي يلتزمه عند تناوله للشرع بأنه يتفرع إلى ما هو
سمعي وما هو عقلي» وكثيرًا ما يتفق الدليلان الشرعي والعقلي معًا
وفي المسائل الفقهية من العبادات والمعاملات لا تحليل وتحريم إلا بموحب أوامر الشرع
الله و والسنة تذكر في الأصول والاعتقادات» وتذكر في الأعمال والعبادات وكلاهما
يدخل فيما أخبر به النبوات» ص67
المبحث الأول ١7
وقال الرسول 2 في خطبته يوم الجمعة بعرفة:
خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد؛ وشر الأمور محدثاثهاء وكل
بدعة ضلالة؛ هذا هو تعريف الهدي ووصف المهتدين
ولذلك فمن أقوال الإمام أحمد المأثورة (أصول الإسلام أربعة: دال ودليل»
ومبين ومستدل» فالدال هو الله» والدليل هو القرآن؛ والمبين هو الرسول 8 قال الله
الألباب الذين اجتمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم )0
ومن هذه الأدلة: الاستدلال على الخالق بخلق الإنسان فهي طريقة عقلية
من علقة -هذا لم يعلم ممجرد خبر الرسول ب- بل هذا يعلمه الناس كلهم بعقولهم
سواء أخبر به الرسول أو لم يخبر لكن الرسول تل أمر أن يستدل به ودل به وبينه
واحتج به فهو دليل شرعي لأن الشارع استدل به وأمرّ انيقل به وهو عقلي
لأنه بالعقل تُعلم صحته
وأيضًا يستدل ببدء الخلق على البعث وقدرة الرب عز وجل على المعاد
كقوله تعال: أإن كُنتم في ريب من البعث فإنَا خلقناكم من تراب ثم من نطفة
ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم6[الحج:]؛ ومثل قوله:
قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق