تأخذ جزاءها الحق وأن ترفرف أعلامها بين الناس أجمعين وأن تنحنى لها الهامات
إن هذه الحقيقة- انتصار العقائد فى نفوس أصحابها- تكملها حقيقة أخرى
وهى أن أهل الخير إن فاتهم تأييد أهل الأرض فلن تخذلهم فى كفاحهم المقدس
الموعود بيد أن للقدر الأعلى أسلوبا فى سوق النصر يعلو على مستوى العقول فما
تقول فى أمر ظاهره هزيمة وفرار وباطنه تأييد وانتصار؟؟ لقد كانت الهجرة خاتمة
سيئة لجهاد طويل فى مكة- هكذا بدا للسطحيين من الناس - ولكن القدر العزيز
جعل من هذه النهاية المحزنة نقطة التحول فى تاريخ الدعوة الإسلامية كلها وبداية
الفوز المكين والغلب الساحق
ذلك أسلوب القدر الحكيم لايزال يتكرر مع الزمن! شر فى باطنه خير وقتل فى
أعقابه حياة وتراجع يتبعه التقدم والانطلاق
( 7 ) التوبة :46
؟ - وعد بلمُور
هذا الوعد الوحيد الذى برت به إنجلترا
لقد وعدتنا سبعين مرة ة بالجلاء عن واديئنا ثم كذيت ووعدت اليهود أن تعطيهم
ماليس لها ولالهم ثم صدقت
وده نع هرد ليس تقول وفاها- لو مز فى رمفها - قل فق كلل
إنه صدق اللص على أن يبيع سلبه لمن يدفع فيه أغلى ثمن ولقد اتفق اليهود مع
العرب والغريب أن اليهود دفعوا الثمن المطلوب من جيوب العرب كذلك !!
محترفو السياسة كأننا رقيق فى سوق النخاسة
وإليك نص وعد بلفور المششوم نسب إلى مرسله مستر بلفور وزير الخارجية
البريطانية الأسبق إلى اللورد روتشيلد فى الثانى من نوفمبر سنة 1817
يسرنى جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك أنها تنظر بعين الرضا
والارتياح إلى المشروع الذى يراد به أن ينشأ فى فلسطين وطن قومى لشعب اليهود
وتفرغ خير مساعيها لإدراك هذا الغرض
وليكن معلوما أنه لايسمح بإجراء شىء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية
للطوائف غير اليهودية الموجودة فى فلسطين الآن أو بالحقوق التى يتمتع بها اليهود
فى البلدان الأخرى وبمركزهم السياسى
هذا هو وعد بلفور ولا يخفى على أحد أنه مثل للأساليب المعوجة التى تتلوى
فيها السياسة البريطانية وتنفرد كالأفعى اللثيمة فقد قررت كتابة أن تعطى فلسطين
لليهود وقررت كتابة أن ذلك لايضر حقوق العرب (!)
بل إن هذا النفاق الملفضوح كان فحوى التصريح الذى أذاعه السير هربرت
صمويل أول مندوب سام لفلسطين فقد أصدر بلاغا رسميا عقب تقلده منصبه
قال فيه :
(إن إنشاء وطن قومى لليهود لن يؤثر قطعياً فى حقوق الأهالى الدينية والمدنية)
وقد صدقت الأيام إنجلترا ومندوبيها السامين فلم يضر عربى واحد من إنشاء
وطن قومى لليهود نعم لأن إنجلترا الشريفة لاتكذب
والدليل على ذلك أن أهل فلسطين أصبحوا جميعاً لاجثين باثسين بل إن
السياسة العالمية تآمرت على ألا يكون هناك مايسمى فلسطين ووجه إنجلترا
الماكر يطل من وراء هذه المؤامرة القذرة
وبعد ما اقترفت الجريمة النكراء وغسل الساسة أيديهم من دمائها بقى مستر تشرشل
وحده يصيح وأنا صهيونى متعصب!! يقول ذلك فى سنة ١668 بعد ما أقام إسرائيل ٠
ومستر تشرشل كان وزيرا للمستعمرات سنة ١477 وقد أصدر بياناً يفسر فيه
الحالة السياسية بفلسطين يومثذ فاستنكر مخاوف العرب!! من جعل فلسطين
ملكة يهودية مؤكداً أن إنجلترا لم تفكر ولن تفكر فى محو السكان العرب ٠
إن مستر تشرشل رجل شريف وهو كالشعب الإنجليزى لايعرف الكذب ولا يبنى
إننا نعود إلى أنفسنا بعد هذه المأساة لنقول لها : إن اللص لا يلام وإنما يلام
الحارس الغافل ولنا الويل مادمنا غافلين
)١4( آية الأسبوع - ٠
كنت أريد شرح الآية الأخيرة فوجدت أن أقصر طريق للإبانة عن معناها
والدلالة على تفسيرها يكون بضم سابقتها إليها فإن المقصود من الآية الأولى تقديم
رائع للمقصود من الآية التى تليها
إن الله عز وجل يأمر بنصر الحق والنضال دونه ومجاهدة الكافرين بالنفس والنفيس
يتركوا الضلال يستعلى ويستعلن فلا يجد من يقمعه ويردعه كلا فرسالة الله أعز
فى حقيقتها وأعز لدى حماتها من أن يكون لها أمام الباطل منزلة السوء والهوان وهذا
بداهة يستتبع سيلا جاريا من النفقة المبذولة » وينابيع دافقة من الإيثار والتضحية وبيع
الدنيا بالآخرة وقد وجه المسلمون الأولون صراحة بهذه التكاليف الشاقة فى هذه
وماله ملقيا بنفسه وماله فى الهلاك وأومأت إلى أن الأمة التى تتراجع عن الموقف
الواجب فى ميدان الشرف والفداء لاتلبث قليلا حتى تدل وتخزى ثم يجر عليها
التاريخ أذيال العفاء ردوا العدوان وابذلوا فى سبيل الحق وإلا فالتسليم للعدوان
والشح بالأموال طريق الضياع والفناء والتهلكة فلا تلقوا بأيديكم إليها ألا ليت
المسلمين يدركون هذه السنة فى ازدهار الأنم واندثارها لاسيما وهم مع اليهودية
والصليبية فى حرب حياة أو مات
البقرة :تح ع ف1حا ) ١(
غير أن فريقا من المسلمين ظلم هذه الآية أقبح ظلم وفهمها أغبى فهم وظن أن الله
يقول لعباده : احرصوا على أعماركم فلا تعرضوها للاستشهاد فى سبيلى واحرصوا
على أموالكم فلا تضيعوها بالإنفاق فى سبيلى؟
عن أبى عمران قال : كنا بمدينة القسطنطينية فخرج إلينا صف عظيم من الروم فبرز
إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى الجماعة
فضالة بن عبيد فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل بينهم فصاح
الناس إنكم لتأولون الآية هذه التأويل - الخطأ - وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر
الأنصار لما أعز الله الإسلام » وكثر نا صروه -اقال عقا الى ساد دون علم
الرسول - إن أموالنا ضاعت » وإن الله أعز الإسلام - فلو أقمنا فى أموالنا وأصلحنا
إلى الَّهلْكَة وكانت الهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وترك الغزو
١ه - آية الأسبوع (15)
أنك اشتريت دواء يستشفى به من علة مؤذية فإذا بالدواء فاسد التركيب مخلوط
بالعناصر الخطرة ؛ كيف تكون المفاجأة إذا تناولته لتستريح فوجدت فيه الحتوف
والمعاطب؟ هذا هو بلاء الإنسانية من الدعاة الكذبة والعلماء المزورين تصور قومًا
عملهم أن يمهدوا الطريق إلى الله ويتعبوا فى قيادة الناس إليه ثم هم ينقلبون على
رسالتهم فيقطعون الطريق وينفرون الناس » ويأكلون السحت يقول الله تعالى فى
سبيل الله »"
تصور قومًا يكرهون الإيمان ويغتاظون إذا انشرح به صدر » ويتمنون من صميم
قلوبهم أن يبعد الناس عن الله » ويقعوا فى الشرك ود كثير من أهلٍ الكتاب لو
واطمثنانهم إلى مكانتهم أغلى عندهم وأهم من الدين وأتباعه م حسدا من عند
أنفسهم من بَعْد مَا تين لهم الْحَقٌ !") هذا الصنف الذى يحترف التدين على
غير عقيدة ويصطنع الدعوة على غير إخلاص ويثرثر بالإصلاح ويبارز الله بالعظائم
باسمهم المرتزقون من مواريشهم فإنهم يكثرون وتكثر معهم الأزمات الروحية
والضوائق المعنوية لأنهم طابور للشر يشتغل تحت راية الخير فلا تنتظر منه إلا الخيانة
والدسائس
حياتهم على خدمة الأغراض الحيوانية ولذلك جاء الحديث «أن الواحد منهم تندلق
أمعاؤه من بطنه فيدور فيها كمايدور الحمار بالرحى» أجل لقد دار حولها فى الدنيا
لافقا
7 - الإسلام وحده
نشرت «المصور» فى عددها الأخير هذا النبأ تتصادم اليوم نظريتان سياسيتان
خارجيتان إحداهما وهى القديمة - ترى أنه من المصلحة أن تظل مصر معنية
الارتطام مع بعض الدول الكبرى وأصحاب هذه النظرية لا يتوقعون إلى أمل فى
عدالة هذه الدول ولا فى إنصافها للقضية المصرية على أيه حال أما النظرية الثانية -
الجديدة - فهى ترى أنها فى حاجة الى التفرغ للقضية المصرية وإلى عدم التشويش
عليها بقضايا الآخرين وإن كانت عزيزة إلا فى حدود القدر المعقول من الاهتمام
ونظريتهم ترتكز على أن مثل هذه المهادنة قد تربح لمصر بعض الأصدقاء والأنصار
هذا الكلام لايجوز أن يمر فى هدوء بل إنه يتيح لنا فرصة لإبداء رأينا الصريح
فى قضايانا الخاصة وقضايا المسلمين عامة وقضايا المستذلين والمضطهدين فى بقاع
الأرض كلها مهما اختلفت ديانتهم وألوانهم ويجب أن نصف موقف حكوماتنا
وتحت عناوين مبهمة وبالقدر الذى تسمح به السياسات القومية المنكمشة فى
تخومها المنسلخة عن دينها والسياسات التى تتجاهل أحكام الإسلام وتستحى من
الظهور به فى مجامع العالم الضخمة وأقرب الأمثلة إلى أذهاننا أننا لما اعترفنا
من التعصب للإسلام ونعت علينا دول أوربا الفاجرة هذه العاطفة المعتدلة!!
والغريب أن ساستنا سارعوا الى الدفاع عن أنفسهم أمام الاتهام الخطير الموجه
اليهم! فقرروا أنهم لم يقفوا بجانب أندونسيا دفاعاً عن الإسلام وانتصاراً لأهله بل
احترام للحق المجرد واستنكار للعدوان المجرد دون النظر الى وحدة الدين بين
مسلمى مصر وجاوة (أندونيسيا) كان التمسك بالإسلام والانتساب إليه سببه
اجتماع أساطيل أوربا فى مياه اليونان وتحطيمها للأسطول المصرى وتخليصها اليونان
من سلطان الدولة التركية بدافع من الحمية الدينية المحضة فذلك أمر لا غبار
عليه وفى مأساة فلسطين حرصت دول الجامعة العربية على إقصاء الإسلام عن
ميدان السياسة وأعلنت أنها تدافع عن عرب فلسطين كبشر بائسين أكلتهم عصابات
اليهود ونفذت ولاتزال تنفذ خطتها فى إبادتهم وإرث أرضهم وديارهم وأموالهم وقد
ناشدت الجامعة المسكينة ضمير العالم المتحضر ليوقف هذه الكارثة الهائلة ولم
تجرؤ فى مناشدتها الطويلة أن تشير الى الإسلام بكثرة ولا أن تومئ من بعيد الى أن
هذا العدوان الصارخ يستفز النيام من المسلمين كلا والجامعة تشكيلة من الدول
السائرة فى فلك سياسى مرسوم بمهارة وآصرة العروبة بينها تحاصره اللاتينية بين دول
وجر علينا الفشل الذريع فى سلمنا وحربنا على سواء والعلاج ما هو؟ وأين
السبيل إليه؟ والعلاج فى أن نبنى سياستنا الخارجية على دعائم إسلامية بينة
وأن نعود إلى الإسلام فى باطن أمرنا وظاهره وأن ننبذ سياسة التأرجح والميوعة أمام القوى
لإهلاكنا ولن يستطيع جبار مهما أوتى من سلطان أن يقصم عرى الأخوة بين مسلمى
الصين ومسلمى الغرب ومسلمى هذا الوادى ثم هوتمشى مع رغبات أوربا والغرب عامة
فى تفتيتنا دويلات متقاطعة تشغل إحداها بششونها عن الأخرى بل لعل الغرب يطمع
فى أن يضرب بعضنا بالبعض مادامت آصرة الدين قد شلت تماما عن العمل! وليس
ذلك بمستبعد فإن أوربا صنعت ذلك بنفسها قديما وحديثا
وهذا الكلام ينطوى على أمل باطل فى عدالة موهومة ؛ لابل هو ينطوى على
مساومة خسيسة فى سوق ملعونة إذ كيف نرتضى لفرنسا بالإغضاء عن المذابح
الشنيعة التى توقعها اليوم بالمغاربة؟ وهل نتوقع من القدر إذا اقترفنا هذا الجرم -
منطق الإسلام فهذا كتاب الله يفرض علينا أن نحقق العدالة حيث كنا وأن ندعو
إلى الإنصاف في كل محفل لا نبالي بقلة أو كشرة ؛ بصداقة أو منداوة » بغتى أو
منطق الرجولة والخلق فهل من الرجولة والخلق أن نشتغل أذيالاً لسماسرة المروءات