كلام قصيرٌ يغني عن كثير ؛ لأن العلوم الآن كثيرة عند الناس ؛ فيحتار المرء :
ماذا أتعلم ؟ بماذا أبداً ؟ نقول عليك بعلم الكتاب و علم السنة » فلا تأي لنا
الإمام أحمد رحمه الله
و حين نقول الكتاب و السنة » فهما يشهد بعضهما لبعض ؛ و الرسول صلى
السنة تبين القرآن و تفصل بجحمله و توضح معانيه ؛ و أما بفعله فقد سعلت
عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم عن خلق النبي صلى الله عليه و
خلقه القرآن "
مجاز إلا أنما تعبير دقيقٌ و جيَدٌ عن أخلاق الرسول صلى الله عليه و سلم و
أفعاله و أقواله
فلا تعدو أن تكون تفسيراً للقرآن و تفسيراً للحديث ؛ و لا ينبغي أن يشتغل
و لمذا لما تشاغل النامنئ بأقوال الرجالي ظهر مصطلح أهل الفقه و أهل
الحديث و تيّا ؛ و الواقع أنحما شيءٌ واحد ؛ ما الفقه إلا علمُ الكتاب و
الخطابئ و غيرهم التفريق بين أهل الفقه و أهل الحديث ؛ بل هما شيءٌ واحد
و لم يعتبر العلماء رحمهم الله أن المقلّد تقليداً محضاً عالم » حتى قال ابن عبد
لبَر : " أجمعوا على أن المقلّد لا يعد من العلماء " ؛ و قال الإمام ابن
القيّم رحمه الله : " العلم هو المعرفة الحاصلة بالدليل " ؛ و الدليل آية أو
حديث أو إجماع ؛ فهذا هو العلم ؛ أما كونك سمعتَ فلاناً يفتي بكذا ؛ و
لا يستطيع إلا التقليد ؛ أما طالب العلم فلا
الصفة الثالثة / الإخلاص و النَّة :
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث عمر المتفق عليه : " إنّما
الأعمال بالنيات " ؛ و يقول أيضاً في الحديث الآخر المتفق عليه عن ابن
عباس و غيره : " لا هجرة بعد الفتح و لكن جهادٌ و نية " ؛ أي يعبد الله
و يقول الزهري - و هو من خيار التابعين - : " ما عُبدَ الله بشيءٍ أفضل
فأنت تعبد الله تعالى بحذا
و يقول سفيان الثوري : " لا أعلم بعد النبوة أفضل من العلم " ؛ لأن
العام هو وريث النبي » و الأنبياء لم يووا ديناراً و لا درهماً و لكن وَرَنُوا العلم
جاء أبو هريرة رضي الله عنه إلى أهل السوق و هم يتبايعون و يتشارون ؛
فقال : " أنتم هاهنا و ميراث النبي صلى الله عليه و سلم يُقسّم في
قال : فماذا رأيتم ؟ قالوا : رأينا قوما يعلَّمونَ القرآن و قوماً يعلمون التفسير
و قوماً يعلمون الحديث ! قال : و هل ميراث رسول الله صلى الله عليه و
و يقول ابن وهب - و هو من تلاميذ الإمام مالك - : " كنتٌ عند مالك و
بي أحل ال تيد جل ل فقا الما ماك 3 على رطلك: ١ ترفق ! ليس
الذي تقوم إليه - يعني من التنفل قبل الفريضة - بأفضل مما تقوم عنه إذا
صخّت النية "
إذن فالعلم عبادة » و لا بِذَّ لطالب العلم و هو يتناول العلم من أن يشعر بأنه
حقوقهم و ما أشبه ذلك من ألوان العلم و صنوفه
و هذا الوصف ؛ وصف الإخلاص و النية هو من أخص معان الربانية (
ولكِن كُونواً زَتَنيِينَ ) » أي إرادة وجه الرب تبارك و تعالى فيأخذ الإنسان
و يدع » و بها يبارك الله تعالى في العلم و بهما يثمر العلم و ينفع
و أنت تجد الذين نفع الله تعالى بعلمهم ليسوا بالضرورة هم أذكى الناس و لا
أكبر الناس عقولاً » و لا أكثر الناس علماً أيضاً ؛ و لكن بارك الله تعالى في
علمهم و نفع الله به لأنه كان فيه الإخلاص ؛ و هناك علمٌ غزيرٌ و لكن ما
الصفة الرابعة / خلق العلم و أدبه
عليه و سلم حيث كان أعظم العلماء على الإطلاق ؛ و مع ذلك إذا وجِدْتَ
ففي محال العلم هو البحر لا يدرك ساحله ؛ لكنّك تجده أيضاً متواضعاً مع
فيضحكون و يتبسم عليه الصلاة و السلام
و قد كان له من الحيبة و الوقار في في نفوسهم الشيء العظيم » حتى إنه سها يوماً
من الأيام في صلاته كما جاء في الصحيحين و سلم صلاة الظهر أو العصر
و عمر أخص أصحابه هابا أن يكلماه ؛ حتى قام رجحل يقال له ذو اليدين ؛ و
قال : يا رسول الله أ قصرت الصلاة أم نسيتَ ؟ قال : لا ما نسيثُ و لم
تقصر ؛ قال : بل نسيت ! فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : نعم ؛
فاستقبل القبلة و صلّى ركعتين ثم سلِّم ثم سجد للسهو ثم سلم عليه الصلاة و
السلام
الصفة الخامسة / مخالطةٌ الناس بالحسنى :
من الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بحا الربانيون مخالطة الناس بالحسنى ؛ و
التخلق معهم بالخلق الفاضل » لقوله تعالى : ( بِمَا كُُمْ تُعَلُمونَ الْكِتَابَ )
أي تعلمون الناس © و كيف تعلمونم و أنقم في أبراجكم العاجية ؟ و كيف
أيوابكم ؟ و كيف تعلموضم و أنتم معنزلون منعزلون عنهم ؟
هذا لا يكون ؛ فلا بد من مخالطة الناس و قد جاء في حديث عند أصحاب
السنن و هو صحيح عن ابن عمر أو غيره أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
يخالط الَّانَ و لا يصبر على آذاهم "
إذن لا بد من مخالطة الناس مخالطةٌ فيها اقتصاد ؛ فيعطيهم قدراً من وقته ؛ نحن
لا نقول للعالم دخ أعمالك و علمك و مشاغلك و أمورك ؛ و تفرع للناس ؛
لا ؛ هذا لا يكون و لا يطالبٌ به أحد بل هو مما لا يستطاع ؛ لكن لا بد أن
همومهم و شؤوتنحم
و من عجيب و بديع ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله أنه ِنَم الناس في
المخالطة إلى أربعة أصناف ؛ قال : " فمن النّاس من مخالطته كالغذاء ) و
كالداء » و الداء كما تعلم أنواع » منها مرضٌ عضالٌ لا يشفى منه الإنسان ؛
و منها أمراض كوجع الضرس ؛ بمجرد ما تقلع الضرس يزول المرض و هذا مثل
كذلك إذا قلعته زال الألم ؛ و من الأمراض الحمّى ؛ التي لا تكاد تفارق
يتكلم فتستفيد و لا بالذي يسكت فيستفيد هو ؛ فلا يفيد و لا يستفيد ! و
دينك إما بضلالة أو ببدعة "
فعليك أن تختار لنفسك و تعلم أن فضول المخالطة لا خير فيها ؛ يكثر القيل
و القال و الغيبة و الجاملة و التصنع ؛ و ريما كان طول المخالطة سبباً في
المباعدة و المفارقة و اكتشاف العيوب ؛ فيتحول ذلك إلى نوع من العداوة ؛ و
لهذا جاء في حديث روي مرفوعا عند الترمذي و غيره و روي موقوفا على علي
يوماً ما " أي اقتصد في الحبٌ و البغض و المخالطة و العزلة
إذن العالم الركانِ ليست مهمته التعامل مع الكتب فقط ؛ فتلك وظيفة سهلة
؛ و لكن مهمته قيادة الناس إلى ربمم عز و جل و توجيههم و مشاركتهم في
و لا يجوز أن تخلو الساحة من العلماء العالمين العاملين المخلصين » لأن
ما يسمونه " تحرير المرأة " ؛ فأفسدوا نساء المسلمين باسم الدفاع عن حقوقهنٌّ
! فلماذا لا يتولى أمر الدفاع عن المرأة العلماء العاملون المخلصون ؛ فيدافعون
عن المرأة ضد كل ظلم أو ضيم يقع عليها دفاعاً بالشرع لا بالهوى ؛ و
يكسبون المرأة إلى صف الإسلام و المسلمين ؟؟
و هم أيضا الأشرار الذين تبنوا قضايا الأطفال و النشء و أعدوا لحم البرامج و
عليه و سلم ؛ فلماذا لا يتولى أمر الدفاع عن قضايا الطفل ؛ العلماء العاملون
المخلصون أو من يلوذ بحم و يسمع كلمتهم ؛ حتى يربوا الأطفال على المنهج
الصحيح » منهج الكتاب و السنة ؟؟
و الأشرار الذين ادعوا أنحم ينادون بتصحيح أوضاع العمال و الدفاع عنهم و
لن يجدوا من يدافع عنهم أصدق لحجة و أصح منهجاً من حملة الكتاب و
السنة لو تصِدّوا لهذا و اهتموا به و دافعوا عن حقوق العمال بالحقٌ لا
بالباطل
الأشرار الذين طالبوا بتحسين الأوضاع المعيشية للناس فتبعهم في ذلك الفقراء
العلماء الربانيون هم المدافعون المتولون لشؤون الناس من الفقراء و العمال و
العلوم التي يتعاطاها أي شيء تكون ؟
بل بلغ الأمر أنه في وقت من الأوقات في مجتمعات المسلمين كانت بعض
وسائل الإعلام تتناول العا لم بالسخرية به فتظهر هذه السخرية في التلفاز أو في
كاريكاتير ينشر في جريدة أو في مقرر مدرسي ؛ فلا يجد العالم من يغضب له
٠» لأنه ترك ججحال المجتمعات للأشرار !
و آلافٌ النّاس في كل بلادٍ الإسلام عندهم عاطفة دينيةٌ » و لو أن أحداً
يوت الرسول على الله علي سلم ؛ فدل على أن أصل هذه العاطفة الدينية
موجود » و لكنها تحتاج إلى بعثٍ و إثارةٍ و تحريك ؛ و الذي يستطيع ذلك هو
العالم الذي يتكلم فيسمع الناس متى أقام الجسور بينه و بينهم » إذن لا بد من
المخالطة على منهاج النبوة
الصفة السادسة / العزة بهذا العلم
و الترفع عن الأعراض الدنيوية » و لهذا الله عز و جل قال في الآية نفسها : [
أوتٍ الحكم و أوتيٍ النبوة » ماذا ينظر إلى الدنيا ؟