١ الفصل الأول: أهم الأحداث التاريخية حتى نزول الوحي
المبحث الثَّاني
أصول العرب وحضارتهم
قم المؤرخون أصول العرب ثلاثة أقسامٍ بحسب السّلالات الي انحدروا!'"منها:
وهي قبائل عاد ؛ ولمود ؛ والعمالقة » وطسم » وجديس + وأتيْم وججرهم
وحضرموت + ومن يتّصل بهم َ ولح ا ٠ واضمحلت من الوجود قبل الإسلام 6
7-العرب العاربة:
وهم العرب المنحدرة من صلب يَعْرْب بن يَشْجْب بن قحطان ؛ وتسمَّى بالعرب
القحطائيّة”" » ويعرفون بعرب الجنوب”* » ومنهم ملوك اليمن ؛ ومملكة معين + وسبأ ؛
المعروفون بالعرب المستعربة » أي الذي دخل عليهم دم ليس عربياً ؛ ثم 7 تم اندماج بين هذا الدّم
وبين العرب » وأصبحت اللّغة العربيّة لسان المزيج الجديد
وهؤلاء هم عرب الشمال ؛ موطنهم الأصلي مكّة ؛ وهم : إسماعيل عليه السلام وأبناؤه؛
والجراهمة هم الذين تعلّم منهم إسماعيل عليه السلام العربيّة؛ وصاهرهي ونشأ أولاده عرباً
)1778( انظر: فقه السيرة النبوّة ؛ للغضبان » ص 46 وينظر الشكل (1) في الصفحة )١(
(©) فقه الثيرة » للغضبان 6 ص 49
(4) مدخل لفهم الشيرة ؛ ص48
(5) الشيرة النبوية ؛ لأبي شهبة (47/1)
الفصل الثالث: الجهر بالدعوة , وأساليب المشركين في محاربتها 4
كان على نهج الأحناف : ولمًا سمع بالنَِّيٌ كَيةِ قدم إلى مكّة ٠ وكره أن يسأل عنه حتى أدركه
ثانية ٠ وحدث ث مثل ذلك في اليل الالثة + ثم سأله عن سبب قدومه » فلمًا استوثق منه أبو ذرٌّ؛
أخبره بأله يريد مقابلة السول 8 » فقال له عارع: فإله حي + وهو رسول الله » فإذا أصبحث؛
فتبعه » وقابل الرّسول 8 » واستمع إلى قوله فأسلم » فقال له النََّيُ كلةٍ : «ارجع إلى قومك
حتَّى أتى المسجد » فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله ؛ وأنَّ محمداً رسول الله » وثار
القوم حتَّى أضجعوه : فأئن المئاسن بن عبد المطلي ٠ فحذّرهم من انتقام غفار ؛ والَّعوْض
ليعلم له علم الي #8 ويسمع من قوله » ثم يأتيه » فانطلق الأخ حتَّى قدم إليه » وسمع من
قوله » ثم رجع إلى أبي ذزّ فقال له : رأيته يأمر بمكارم الأخلاق » وكلاماًما هو بالشعر » فقال:
ما شفيتني”'' مما أردت*” ؛ وعزم على الذّهاب بنفسه لرسول الله ل » فقال أخوه له : «وكن
-١ شيوع ذكر رسول الله كي بين القبائل » واكثر مَنْ ساهم في ذلك مشركو قريش ؛ بما
الخذوه من منهج التحذير والّشويه لرسول الله كَةٍ » ولمّا جاء به + حنَّى وصل ذكره قبيلة غفار
الدّعايات » فيقبل كل ما تنشره قريش » ولذلك أرسل أخاه يستوثق له من خبر رسول الله كَلةٍ ١
٠_شدّة اهتمام أبي ذو بأمر الوّسول كَةٍ » فلم يكتف بالمعلومات العامة الي جاء بها أخوه
أنيس ؛ بل أراد أن يقف على الحقيقة بعينها؛ حيث إِنَّ مجال البحث ليس عن رجل يأمر بالخير
»)7851( مسلمّء كتاب الفضائل » باب من فضائل أبي ذرٌ ؛ رقم (1474) » والبخاريُ رقم )١(
() صحيح الثيرة الوب ١ + لإبراهيم العلي + عن 2/8
17١ الفصل الثالث: الجهر بالدعوة , وأساليب المشركين في محاربتها
والغربة عن الأهل ؛ والوطن في سبيل الحقّ فأبو ذرّ ترك أهله؛ واكتفى من الزاد بجراب ؛
وارتحل إلى مكّة لمعرفة أمر الثبوة!'"
َ الاحتياط والحذر قبل التُطق بالمعلومة : حين سأل علي رضي الله عنه أبا ذزٌ رضي الله عنه
الحذر » فاشترط عليه قبل أن يخبره أن يكتم عنه 6 وفي الوقت ذاته أن يرشده : فهذا غايةٌ في
مدقا ليد كينا » فهذه تغطية أمنية لتحؤكهم تجاه المقرٌ (دار الأرقم) هذا إلى جانب
يحدث في أثناء التّحوُك
الأمنيّة 6 وعلى مدى توافر الحنّ الأمنيّ لديهم ؛ وتغلغله في نفوسهم »؛ حتّى أصبح سمة مميّزةً
ليثل هذا ادق بالا كان معد اليطة » بعد أن أصبح للأمن في عصرنا أهميةٌ بالغة في زوال
عامَّة؛ والمعلومات الأمنيّة خاصَّة تباع بأغلى الأثمان » ويُضَّحََى في سبيل الحصول عليها بالنفس
وما دام الأمر كذلك ؛ فعلى المسلمين الاهتمام بالنَّاحية الأمنية؛ حنَّى لا تصبح قضايانا
1 انظر : الوحي وتبليغ الرّسالة ٠ د يحبى اليحبى + (ص ١ - 97)
() انظر: في السّيرة النَُّويّة قراءة لجوانب الحذر والحماية + د إبراهيم علي + ص 88 6 94
الفصل الثالث: الجهر بالدعوة , وأساليب المشركين في محاربتها 1١١
مستباحة للأعداء 0 وأسرارنا في متناول أيديهم!'؟
صدق أبي ذزٌّ رضي الله عنه في البحث عن الحقّ » ورجاحة عقله » وقرَّة فهمه ؛ فقد
أسلم بعد عرض الإسلام عليه
4-حرص رسول الله كَل واهتمامه بأمن أصحابه » وسلامتهم ؛ حيث أمر أبا ذو بالؤجوع إلى
٠١ شجاعة أو بي ذزٌ رضي الله عنه ؛ وقؤّتهة في الحىّ فقد جهر بإسلامه في نوادي قريش ؛
جائزاً والتحقيق : أنَّ ذلك مختلفٌ باختلاف الأحوال والمقاصد » وبحسب ذلك يترئبٍ وجود
الأجر ع ةا
١١ - كان موقف أبي ذرٌ رضي الله عنه مفيداً للدّعوة ؛ ومساهماً في مقاومة الحرب الَفسيَّة
شجاعة ورجولة أبي ذل رضي الله عنه وقدرته على التحلل » فقد سالت الثماء من جسده له
١" مدافعة العبّاس عن المسلمين » وسعيه لتخليص أبي ذرٌّ من أذى قريش » دليلٌ على
حذِّرهم من الأخطار التي ستواجهها تجارتهم عندما تم بديار غفار!""
إلى قومه ؛ واهتمٌبصلاح ؛ وهداية الأهل ؛ ودعوتهم للإسلام » فبدأ بأخيه » وأمّه وقومه
4 انظر: دروس في الكتمان ؛ لمحمود شيت خطَّاب 6 ص )١(
48 انظر : الوحي وتبليغ الرّسالة ؛ ص )(
(©) فتح الباري » شرح حديث رقم (3831)
الفصل الأول: أهم الأحداث التاريخية حتى نزول الوحي 1
- وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال ل
قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغني عن علي بن أبي طالب في زمزم [البيهقي في الدلائل
(1/ 47 -44) وابن هشام (191/1 -103)] وقد وزد في فضل ماء زمزم أحاديث كثيرةٌ » قمنها:
ما رواه مسلمٌ في صحيحه في قصّة إسلام أبي ذرٌّ رضي الله عنه: : أنَّ رسول الله كل قال : «إنّها
وروى الذَّارقطنيٌ [(1717)] والحاكم [(1/ 477)] وصحّحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن
لا وإ شريج قطي طببك ب« عه ل ررمي درف “ججزيل » وسقي اه إساميل؛ قال الشيخ
ثانياً: قصَّة أصحاب الفيل!*':
[سورة الفيل] ٠
)0 طعام طعم: أي: تشبع شاربها
(ه) ينظر الشكل (* ) في الصفحة (301)
() كلمة تقال لثّاقة إذا تركت السّير (فتح الباري: 6/8 37)
() الحّت: أي : تمادت على عدم القيام وهو من الإلحاح فتح الباري (776/8)
الفصل السّابع: دعائم دولة الإسلام في المدينة 4
وصفات المدحة السَّلبيَّة لا تذكر في مقامها إلا إذا كانت ممكنة الوقوع ؛ فيكون نفيّها عنصراً
من عناصر المدح المقتضية إحلال ما »سيد المدحة المشدفة!"
فإذا قيل في وصف الأنصار بعد وصفهم بحب بحبّهم المهاجرين : « ولا يَحَدُونَ فى صُدُورِهِمٌ
الفضائل ؛ وهو إيثارهم على أنفسهم بكلٌ مكرمة » ولو كانواهم في أشدٌ الحاجة إليهال"
تاريخها البعيد الحيق ؛ ولا في تاريخها الذّاني القريب » تلك هي ثمرة الإيثار على النففس ء
(و) ثم وُصِفُوا بالفلاح على جهة الاختصاص به في مقابلة اختصاص المهاجرين بالصّدق في
عزائمهم » والإخلاص في إيمانهم » فقيل فيهم بعد تقرير: : أّهم بهذا الإيثار صقت نفوسُهم من
المواخاة + من تح الأمسالل؟ لي قام بها رسول الله كي أول ما استقرّ في مقامه ١ وأخذ في بناء
من المهاجرين » والأنصار ؛ وكان ذلك المكان الطّاهر + والعمل الشَّريف الخالص لوجه الله
تبارك وتعالى أنسب الأمكنة لبدء المؤاخاة » لما فيهما من اقتضاء الرافقق » والّعاون
والتعاضد والتّواسي ؛ والناصر » والتوائد » وتقوية آصرة الأخوّة الإيمانيّة ؛ فآخى
رسول الله كَل بين العاملين معه في بناء المسجد ألاً » ثمّ آخى بين قوم آخرين في دار نس ؛
(؟) المصدر السابق نفسه
(©؟) المصدر التّابق نفس (43/7)
(4) انظر: محمَّدٌ رسول الله كَئةِ » لمحمّد الصَّادق عرجون )48/7(
1 الفصل السّابع: دعائم دولة الإسلام في المدينة
وتكوّر ذلك منه كن 6 حتَّى استوعيت المؤاخاة عدد طلائع المهاجرين + والأنصار وكانوانحو
بعض أسماء المهاجرين والأنصار مكّن تآخوا في الله:
أبو بكرٍ الصّديق رضي الله عنه وخارجة بن زهيرٍ وعمر بن الخطّاب » وعتبان بن مالكٍ
وأبو عبيدة بن الجرّاح » وسعد بن معاذ وعيد الرّحمن بن عوفٍ » وسعد بن الوبيع
والأبير بن العوام » وسلامة بن سلامة بن وَقْشٍ وطلحة ابن عُبيد الله » وكعب بن مالكٍ
وسعيد بن زيدٍ + وأبئُ بن كعب ومصعب بن عميرٍ 6 وأبو أيوب خالد بن زيد وأبو حذيفة بن
عتبة بن ربيعة نّْ وعبّاد بن بشر بن وقش وعقار بن ياسر 6 وحذيفة بن اليمان وأبو در
الفارسي » وأبو الدّرداء وبلال مؤذّن رسول الله كي » وأبو رُوَيّحة عبد الله بن عبد الوحمن
١-آصرة العقيدة هي أساس الارتباط:
الموالاة إلا لله 0 ولرسوله 4 وللمؤمئين 0 وهو أعلى أنواع الارتباط ُ وأرقاه؛ إذ يتّصل بوحدة
العقيدة + والفكر » والؤوح!*'
إَِّ الولاء لله ؛ ولرسوله قي ؛ وللمؤمنين من أهمٌ الآثار » والنّتائج المترئبة على الهجرة ؛
لْصَؤَّوَأسَ لح ئس ين أحات إن عسل عبر سل الا كان تالس لك بده يل اق
ل ل بين المؤمنين فقط قال تعالى : : # إِنما الْمُؤْمِنود و
)٠٠٠/؟( » المصدر السابق نفسه )١(
(©) انظر: ابن هشام )١١1-٠١4/7( » والسيرة النّبويَّة » لابن كثير (374/7)
الفصل السّابع: دعائم دولة الإسلام في المدينة 51
والكافرين من المشركين » واليهود » والتّصارى » حتَّى لو كانوا آباءهم » أو إخوانهم ٠ أو
للكافرين ًُ من أعظم الذثرت::
وقال تعالى : ما الجا د وم ب> انهم بالْموَدَة وَقَدَ كَدَرا يما
كثيرةٌ وردت في تحذير المؤمنين » ونهيهم عن طاعة أهل الكتاب خاضَّة ؛ أو اتخاذهم أولياء ؛
أو الؤكون إليهم”'"
قال صاحب الظّلال : «هذا النّداء موجه إلى الجماعة المسلمة في المدينة » ولكنَّه في الوقت
المناسبة الحاضرة ا ذاك لتوجيه هذا النداء دين آمنوا: أنَّ المفاصلة لم تكن كاملةً ؛
ولا حاسمة بين ؛ بعض المسلمين في المدينة » وبعض أهل الكتاب وبخاصَّةٍ اليهود ؛ فقد
وصحبةٍ »6 وكان هذا كله طبيعياً مع الوضع التّاريخي » والاقتصادي ؛ والاجتماعيٌ في المدينة
قبل الإسلام بين أهل المدينة من العرب » وبين اليهود بصفةٍ خاصَّةٍ » وكان هذا الوضع يتيح
الصوص القرآنيّة الكثيرة
417 انظر: الهجرة في القرآن الكريم » لأحزمي جزولي © ص )١(
117 الفصل السّابع: دعائم دولة الإسلام في المدينة
ونزل القرآن؛ ليث الو عي اللأزم للمسلم في المعركة التي يخوضها بعقيدته ؛ لتحقيق منهجه
الجديد في واقع الحياة؛ ولينشئ في ضمير المسلم تلك المفاصلة الكاملة بينه وبين كل من
السماحة الخلقيّة + فهذه صفة المسلم دائماً + ولكنّها تنهي الولاء الذي لا يكون في قلب المسلم
من طبيعة الأشياء » لهم لن يكونوا أولياء للجماعة المسلمة في أي أرضي » ولا في أي تاريخ ؛
وقد مضت القرون تلو القرون 6 ترسم مصداق هذه المقولة الصّادقة 6 ولم تختلٌّ هذه القاعدة
لا الحادث المفرد » واختيار الجملة الاسميّة على هذا الحو » #بنَضُممْ أرَزِآه بم تن 6 [المائدة: 0
وقد نهى الله - سبحانه - المؤمنين عن اتخاذ المنافقين أولياء؛ وذلك لأنَّ من أبرز صفاتهم
لكين أل ين مون امن يتوت عِسَخر ةن ةف جيم (النساء 174-77
ونهى المولى عزّ وجل عن الصّلاة عليهم » أو القيام على قبورهم قال تعالى : # ولا
وحدَّد المولي - عزّ وجل - لِلذين آمنوا جهة الولاء الوحيدة ٠ التي تف مع صفة الإيمان
وجهادهم لا يكون إلا لإعلاء كلمة الله فحقّقوا ذلك كله في أنفسهم ٠ وطبّقوه + على حياتهم :
فمخّضوا ولاءهم ٠» وجعلوه لله » ورسوله ؛ والمؤمنين ؛ وأصبح تاريخهم حافلاً بالمواقف
الرّائعة » التي تدلٌ على فهمهم العميق لمعنى الولاء » الذي منحوه لخالقهم ١ ولدينهم ؛
وعقيدتهم ؛ وإخوانهم
)411/7( في ظلال القرآن )١(