ولعل من ان الأسباب التي نراها وراء هذا الغلاء البشع هو أن مقدرات العالم الإسلامي -في
هم في الأساس المسئولون المكلّفون بحمايتها من النهب والسرقة! أي كما يقول المثل المصري
الشهير: !حاميها حراميها" وأحيانا يكون النهب والسرقة بالقانون ودون مخالفات تستوجب الملاحقة!
ومن ابرز أمثلة ذلك الأجور المبالغ فيها لكثير من المسئولين
فالمفترض في كل مؤسسات العالم "المحترم" أن راتب أعلي سلطة في المؤسسة لا يجب أن يزيد
على خمسة عشر ضعفا لراتب اصغر موظف في الشركة؛ وان وجود فوارق اكبر من هذا امر يربسخ
الإسلامي فإننا نجد أن راتب أعلى سلطة في معظم المؤسسات قد يزيد على راتب اضف موظف
باكثر من الف ضعف!! وهذه النسبة ليست مبالغة مني؛ بل هي واقع مرير تعيشه الأمة الإسلامية؛
فالكثير من المسئولين في العالم الإسلامي يتقاضون راتبًا شهريًا يتجاوز الخمسين ألف دولار (دون
مبالغة)؛ وهو راتب أعلى من رواتب معظم المسئولين في أكبر دول العالم!
هذا غير المخصصات لكل سول من سيارات وسفريات وعلاج على حساب الدولة وأراض وحفلات
وترفيه وهدايا وجوائز وغير ذلك؛ وامثلة النهب بالقانون كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها
وما الفارق بين النهب والسرقة؟!
النهب هو الاستيلاء على أموال الغبر وأملاكهم في وضح النهار ودون خفاء (عيني مس 7
البناء والكهرباء والتعلية للأدوار, ومثل إتاوات القبودل في بعض الكليات العسكرية؛ ومثل إتاوات التعيين
في بعض المناصب المرموقة؛ او التبشيجح في الانتخابات؛, وغير ذلك من صور
وتجبرة
وأمَا السرقة فهي السيطرة على مقدرات الشعب والأموال العامة من وراء الستار, مثل عمليات
الاختلاس والرشوة والتلاعب بميزانيات المشروعات الكبرى؛ ولن تجد صحيفة يومية في بلاد الإسلام
هذا الفساد الرهيب في معظم بلاد العالم الإسلامي يبتلع أي زيادة في الإنتاج؛ ويضيّع كل فرصة
للخروج من الأزمة
فساد الإدارة؛ ولنبداً في الكلام عن إدارة الفساد!! بمعدى أن الفساد أصبح أمرًا
وبداية وقبل التحليل فإندي أقول للقراء: إنني لست درويشا يطلب من الناس أن يكتفوا بحلقة ذكر أو
قيام ركعتين ثم تنفرج الأزمة بإذن الله إنني أعلم أن هذا مخالف لسئة الله في التغيين فمع أهمية
الذكر والصلاة وعظمتهما إلا أنه لا بد أن يصاحبهما عمل كثير
إن الدين الإسلامي دين شامل متكامل لا يصلح أن تأخذ منه وتترك؛ بل علينا أن نقبله كاملاً وعندها
إن الدين الإسلامي يأمرنا ان نتقن أعمالناء وأن نتفوق في كل مجال فإذا بنا نطالع الإحصائيات التي
تقود: إن المسلمين لا يعملون أكثر من نصف ساعة يوميًا في المتوسط إذا حسبنا الإجازات
والاستثناءات, وتضييع الأوقات؛ والعمالة الزائدة؛ والبطالة المقنعة وغير المقنعة؛ وتمثيلية الحضور
والانصراف
كوارث لا حدٌّ لهاء ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل على المستوى الاجتماعي والأمني كذلك؛
بسبب ترسخ الكراقية بين الأغنياء والفقراء وما أروع ما روي عن رسود الله 1 حين علل مشكلة
والدين الإسلامي يأمرنا بنجتب الربا؛ لأنه يزيد الغني غنى؛ ويزيد الفقبر فقراء وفيه ظلم فادح
للمحتاجين؛ وقد بلغ تحريم الربا في الإيسلام درجة عظيمة حتي عدهٍ ربنا مجارية له ©» ولرسولعٍ د قال
والدين الإسلامي يأمرنا بالمساواة أمام القضاء بين جميع النابس, فلا غني ولا فقير, ولا حاكم ولا
نتوقع الهلكة قال رسول الله »: "أنّها النلس؛ إنما أهلك الَّذِين قبِلكم أنه مكَانُوا إذا سرق فيهم
الشريف تركو وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد؛ م الله لو أن فاطمة ينت محمد سرقت
ونحن نشاهد التباين العجيب في قرارات القضاء في بلاد العالم الإاسلامي وما أغرب المفارقة حين
صدر حكم بالسجن عدّة أعوام على من يطالب بالإصلاح في نفس اليوم الذي صدر فيه حكم بالبراءة
على من بيتعامل في الدم الفاسد!!
إن أمثلة البعد عن الدين لا تُحصَى في مقا واحد؛ ولن يُصلح لله تآ حال أمة تتور فقط من أجل لقمة
العيش؛ ولا تحرك ساكنا عند تغييب شرع الله
إن الله 11 يربط ببشسكل واضجٍ البركة في الريق وإنخفاض الأسعار بطاعته 2 أوامره سبحانه؛ فيقودل
في سورة الأعراف: 1 ولو أن ؛ آهل الغرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن
أَيِمِنهم يكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بيتهم"[4]
إنه في هذه الحالة الإيمانية المتردية لا نستغرب أن يحدث الغلاء؛ وأن ترتقع الأسعان وسوف تتعدد
في غير ذلك من صور الإهلاك
إن الأسيباب قد تتعدّد أمام أعيننا لكن يبقى السبب الرئيسي للأزمة هو بُعدنا عن خالقنا ورازقناء
ونسأن الله أن نَعِر الإنسلام وَالمسلمين
د راغب السرحاني
[ البجارزي: كتاب المطالم باب التهتى بعير إن صاحبه (3343)؛ مسلم: كتاب الإيمات؛ باب نيان
نقصات الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نقي كماله (57)
[2] رواه الطبراني في الأوسط برقم (3579)؛ والصغير برقم (453), وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب
الحدود باب قطع السارق الشريف وغيرة والنهوي عن الشفاعة في الحدود (1688)
[4] رواه ابن ماجه (4019) ترقيم عبد الباقي, وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1761)؛
وفي صحيح الجامع (71978)