الفصل الثالث: قيام دولة المماليك 313
حين يستولي أيبك على غزة؛ ثم يتم الاتصال بينهما؛ ويقوم الجيشان بعد ذلك بهجوم
وخمسمائة مقاتل إلى يافا واستولى عليها دون مقاومة وكانت تحت الحكم الأيوبي!,
بينما تقدم الجيش المملوكي بقيادة فارس الدين أقطاي» نحو غزة؛ وعسكر في
الصالحية؛ ويبدو أن الناصر يوسف علم بأنباء هذا التحالف» وما أعده من خطط لطرد
الأيوبيين من بلاد الشام» فتحرك على وجه السرعة؛ ليحول دون التقاء الحليفين فأرسل
قوة عسكرية من أربعة آلاف مقاتل عسكرت على تل العجول قرب غزةء وبعد أن
سيطرة الأيوبيين على غزة ظل المماليك في الصالحية» وظهرت بين الطرفين بوادر
احتكاك واستمر كل منهما يتحفز بالآخرء حتى أضحت المواجهة المكشوفة وشيكة
الوقوع؛ لكن الصلح تم بين الطرفين في أوائل (651ه/1253م)؛ فما الذي تغير على
4- الخليفة العباسي وسعيه في الصلح: الواقع أنه لم يقدر للعداء بين
الأيوبيين والمماليك أن يستمر في هذه الآونة؛ وذلك بسبب ظهور خطر جديد هدد
المسلمين جميعاً في الشرق الأدنى وتطلب منهم أن يتحدوا وهو ظهور المغول الذين
اكتسحوا العراق ورصلت طلائعهم قرب بغداد؛ ولم يبق من قوة في العالم الإسلامي
يمكن أن تدعم الخليفة سوى الشام ومصرء فأعاد الخليفة تسيير رسوله نجم الدين
البادرائي لإعادة الصلح وتثبيته بين الناصر يوسف والمعز أيبك"*"؛ وتمكن رسول
الخليفة من عقد صلح بينهما تقرر فيه:
- اعتراف الناصر يوسف بسلطة أيبك؛ وبسيادة المماليك على مصر وبلاد الشام
حتى نهر الأردن» على أن تدخل مدن غزة وبيت المقدس ونابلس والساحل الفلسطيني
اعتراف المماليك بسيادة الأيوبيين على بقية بلاد الشام
10 تاريخ الأيوين في مصر روبلاد الشام؛ ص: 399
(2) المصدر نفسه؛ ص: 399 (3) المصدر نفسه؛ ص: 399
(4) المصدر نفسه؛ ضص: 399
(5) العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (1/ 400)
314 المبحث الثاني: سلطنة المماليك بين شجرة الدر وعز الدين أيبك
والواضح أن موجة الرعب التي أثارها المغول أثناء زحفهم من جوف آسيا باتجاه
العالم الإسلاميء وأخبار وحشيتهم جعلت الطرفين يستجيبان بسهولة لدعوة الخليفة؛
وكان المعز أيبك قد استغل انتصاره على الناصر يوسف وازدياد خطر المغول
وتهديدهم لبلاد الشام ومصرء فتخلص من شريكه في الحكم؛ وهو الأشرف موسىء
2م واستقل بالسلطنة!"
ومهما يكن من شيء فقد اتضح للملك الفرنسي واللاتيني أنه بوسع المسلمين في
الصليبية؛ وأن يعملوا على مضايقتها بشتى الوسائل وكان الصلح التي تم بين الناصر
والمعز أيبك في صفر (851ه/ أبريل 1253م) بمثابة ضربة وجهت إلى قلب القوى
ما يشغل باله؛ لتلقين الفرنج درساً قاسياً”*"» وكان من الطبيعي أن يبدأ الصدام بين قوات
كل من الناصر يوسف ولويس التاسع» بعد أن كشف الأخير عن نياته واتخذ من أمراء
مصر حلفاء له ضد خصومهم في الشام؛ وساعد على ذلك أيضاً أن قوات صاحب حلب
كانت ترابط قبالة غزة على مقربة من المعسكر الصليبي يافاء ومع أن هذا الصدام لم يكن
القوات الناصرية للصليبيين وولاياتهم بعد إقرار الصلح بينها وبين مصر!»
لقد فشل لويس التاسع في الاستفادة من الانشقاق الذي حدث بين الشام ومصرء
إلا أنه اضطر أخيراً إلى العودة إلى فرنساء فغادر فلسطين في ربيع الأول سنة (852م/
إيذاناً باضمحلال الروح الفرنجية العسكرية وموتها فيما بعد في وقت كانت تكابد فيه
طور النزع الأخير"
5 - تمرد القبائل العربية ضد المماليك في مصر: ومن المشاكل التي اعترضت
(1) تاريخ الأيوبين في مصر والشام؛ ص: 400
(2) العدوان الصليبي على بلاد الشام؛ ص: 192
(3) المصدر نفه؛ ص: 200
(4) معاهدات الصلح والسلام بين المسلمين والفرنج؛ ص: 78
الفصل الثالث: قيام دولة المماليك 315
السلطان أيبك» هي ثورة بعض القبال العربية أو ما يسمى بالعربان - في مصر سنة
(1253م) من المعروف أن القبال العربية استوطنت مصر بعد الفتح الإسلامي وتأثرت
بالبيئة المصرية الزراعية وأخذت تتحول تدريجياً إلى شعب زراعي مستقر؛ ولا سيما
في أقاليم الصعيد والشرقية؛ وأطلق عليهم اسم العرب المزارعة؛ وكان هؤلاء الأعراب
يقومون بفلاحة الأرض على مقربة من القرى القديمة الآهلة بالفلاحين من أهالي البلاد؛
غير أنه يلاحظ أن هؤلاء الأعراب كانوا يتمتعون بمركز اجتماعي أعلى مرتبة من
سيما إبان الحروب الصليبية؛ وكان مشايخ العربان تقع عليهم تبعة حفظ النظام في
القرى والأرياف كذلك مساهمتهم في الإنتاج الزراعي ودفع الخراج» وكان تعسف أمراء
المماليك في تحديد أثمان المنتجات الزراعية واحتكارها والتلاعب في أسعارها أحياناً؛
من الأسباب التي دفعت بهؤلاء المزارعين العرب إلى القيام بشررات متعددة طول العصر
المملوكي؛ وهذه الثورات عرفت في الكتب المعاصرة باسم «فساد العربان»» وكانت
تنتهي في العادة بهزيمة العرب»؛ نظراً لبراعة المماليك في فنون القتال"» وتجريد
العرب من وسائل الدفاع المؤثرة
ففي منشور صدر في عصر المماليك جاء ما يلي: فلا يمكن أحداً من العربان
تجارة وصناعة فخذ بالقيمة ما عند التجارء واقمع بذلك نفس الفجار وأخرم نار العذاب
على من أخرم لعمل ذلك النارا" وورد في منشور آخر ما يلي: ولا يمكن أحداً من
العربان بجميع الوجه القبلي أن يركب فرساً ولا يقتنيه ويكفي بذلك الأيدي المعتدية فإن
المصلحة لمنعهم من ركوبها مقتضية ومن وجد من العربان خالف المرسوم الشريف
من منعه من ركوب الخيل كائناً من كان ضرب عنقه وأرهقه من البطش بما أرهقه
ويرجع أسباب الصراع القائم بين العرب والمماليك؛ إلى أن المماليك الذين
(1) قيام دولة المماليك الأولى؛ ص: 129
(2) صبح الأعشىء نقلاً عن: تاريخ القبائل العربية؛ محمود السيد؛ ص: 124
(3) المصدر نفسهء ص: 125
316 المبحث الثاني: سلطنة المماليك بين شجرة الدر وعز الدين يبك
استولوا على الحكم لم يكونوا من أهل البلاد وإنما كانوا مجرد وافدين لأغراض حربية؛
فحسبء كما أنهم لم يرتبطوا مع الشعب المصري بروابط المصاهرة والنسب؛ وظلوا
منعزلين عن أفراد الشعب» ومع ذلك فإنه إذا كان للمماليك دور فعال في الدفاع عن
الذي كان للمماليك ولذلك فقد رأى العرب أنهم أحق من المماليك الغرباء بحكم
فصر " فقامت الثورات ضدهم واستخدم المماليك في قمع تلك الثورات وسائل
متعددة تنطوي على القسوة والقهرء من وسائل قتل وتعذيب معروفة في ذلك العهدء وقد
أدت هذه السياسة إلى هجرة عدد كبير من المزارعين إلى المدن الكبرى بغية التسول أو
السرقة أو الاشتراك في المنازعات والاضطرابات الداخلية التي كانت بين أمراء
رسعي بعض القبائل العربية للقضاء على حكم المماليك ولد ردة فعل لديهم مما جعلهم
يستخدمون سياسة العنف والقسوة في قمع الثورات خوفاً على سلطانهم وأول وأخطر
ثورة قام بها الأعراب أيام المماليك» هي الثورة التي قاموا بها في عهد السلطان أيبك
التركماني عام (651ه / 1253م) وأسباب هذه الثورة ترجع إلى عوامل اقتصادية وسياسية
الفساد والاستهتار وزيادة الضرائب» إلى درجة أن بعض المؤرخين أمثال المقريزي وأبي
في الحملة الصليبية؛ عملوا ما تقشعر منه الأبدان وتشيب منه الرؤوس»؛ وفصلنا كثيراً
من أعمال الفرنج في كتبنا السابقة عن الحروب الصليبية؛ وقد حاول بعض المؤرخين
أن يقدم لنا صفحات التاريخ المملوكي بلون أسود مظلم قاتم؛ ومع اعترافنا بالحقيقة
المرّة أن تمزقاً كان يقوم بين طوائف المجتمع في عهد المماليك؛ وبين الأمراء
القرآن فيه روح الجهاد والاستشهاد
)1 تاريخ القائل العربية؛ د محمود اليد ص: 125 126
)2 السلوك (280/1)ء النجوم الزاهرة (7/) قيام المماليك؛ س: 10
الفصل الثالث: قيام دولة المماليك 317
إن من التجني أن ننسى الدور الرائد الفذ الذي قام به الظاهر بييرس والمظفر قطز
في قيادة جيش إسلامي وقف كالطود الشامخ في وجه الزحف التتري» الذي كان
اندحار الغزاة وهزيمة المعتدين بوحدة الصف ودافع الإيمان الصادق المتين”" إن
معركة عين جالوت تمثل مَعْلَمَاً مضيثاً في خضم الظلمات ومثلها معالم أخرى» كتحرير
بلاد الشام من المشروع الصليبي في عهد المنصور بن قلاوون؛ والمدارس التي بنيت
والمكاتب التي أوقفت والمساجد التي شيدت وصرح الخير والبر والمرحمة؛ والحركة
وهذا ما سوف نعرفه في هذا الكتاب بإذن الله تعالى
الحقيقة أن هناك تجاوزات حدثت في عهد المماليك» منها: استخدام العنف غير
الفطرة”"وتزعم تلك الثورة الشعبية شريف علوي وهو حصن الدين بن ثعلب الذي طمع
في السلطنة؛ وصرح بأن ملك مصر يجب أن يكون للعرب وليس للعبيد الأرقاء"؛
وأقام دولة عربية مستقلة في مصر الوسطى؛ وفي منطقة الشرقية بالوجه البحري؛ وكانت
قاعدة هذه الدولة بنواحي الفيوم في بلدة تعرف بذروة سريام أو ذروة الشريف «نسبة إليه؟
وتقع بين النيل وترعة المنهى التي هي الآن بحر يوسف""
واتصل الشريف حصن الدين بالملك الناصر يوسف الأيوبي صاحب الشام يطلب
مساعدته في محاربة أيبك في ذلك الوقت؛ إذ كانت رسل الخليفة المستعصم قد تدخلت
لحسم النزاع بينهما وكان العرب يومئذ في كثرة من الرجال والخيل والمال بفضل الله ثم
مشاركتهم في حروب الصليبيين» فكوّنوا جيشاً كبيراً والتفوا حول زعيم حصن الدين
وحلفوا له واضطر السلطان أيبك أن يرسل حملة تأديبية للقضاء على هذه الثورة؛ ومن
(1) تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبثاء ص: 180
(2) النجوم الزاهرة (13/7)
(3) القبائل العربية؛ ص: 131
(4) التعريف بالمصطلح الشريف؛ ص: 188
30 المبحث الأول: الجذور التاريخية للمغول
في النصف الأول من القرن الثاني عشر الميلادي «السادس الهجري» كان ينزل
شمال منشورياء ومنغوليا؛ وتركستان؛ قبائل بدوية متأخرة تتخذ من الرعي والصيد مهنة
المؤرخ أن يفصل بشكل قاطع بين هذه المجموعات؛ وذلك لأن صلات معيئة قامت
-١ القبائل التركية:
- قبيلة توركش : وهذه القبيلة من أشهر القبائل التركية في الغرب» وكان رؤساؤها
العرب المسلمون بقيادة «نصر بن سيار»» ومن ولاة الدولة الأموية في عهد «هشام
ابن عبد الملك» عام (121ه 739م)
- قبيلة القرغيز: وهم من الترك الذين كانوا ينزلون في أعالي نهر «ينسي)؛ وكان
أميرهم يلقب ب «خاقان» اشتهروا سياسياً حوالي سنة (250ه 840م)؛ حينما
تغلبوا على «الأويغور» من منغوليا ولكن «الخطاء هزموهم وطردوهم من منغوليا
في أوائل القرن الرابع الهجريء ثم احترفوا الزراعة؛ وبعد ذلك خضعوا للمغول
زمن «جنكيز خان؛» سنة (8 1م
- قبيلة الأغوز «الُز في اللغة العربية»: وهم من القبائل التركية وذكرتهم نقوش
«أرخون» في القرن الثاني الهجري «الثامن الميلادي» باسم «التغزغز» أي القبائل
العشرة لأنهم كانوا يتألفون من عشر قبائل دخل «الغز» إلى البلاد الإسلامية في
نهاية القرن الرابع الهجري «العاشر الميلادي» وينتمي السلاجقة إلى قبيلة «الغز»؛
- قبيلة القارلوق: أصبحت لهم أهمية سنة 149ه 7663م حينما احتلوا وادي نهر
(1) العالم الإسلامي والغزو المغولي؛ص: 24
318 المبحث الثاني: سلطنة المماليك بين شجرة الدر وعز الدين يبك
أقطاي من القاهرة بخمسة آلاف فارس من خيرة المماليك وتوجه إلى الشرقية حيث
كانت أكبر مظاهر العصيان» وعلى الرغم من قلة عدد المماليك بالقياس إلى العربء
تغلب المماليك بسبب تفوقهم الحربي ومهارة قائدهم أقطاي؛ وتهدمت المقاومة العربية
حصن الدين طليقاً وأقام حكومة مستقلة هناك ولم يتمكن أيبك ومن جاء بعده من
سلاطين من القبض عليه؛ إلى أن خدعه السلطان بيبرس البندقداري وقبض عليه وشنقه
تغلب على أحد العناصر المهددة لقيام دولة المماليك واستقرارها في مصرل؛ وذكر
المقريزي في السلوك أن من نتائج ثورات العرب ضد المماليك: أن تبدد شمل عرب
مصر وخمدت جمرتهم من حيعذا"
6 خطر زملاثه المماليك ومقتل الفارس اقطاي: ومن العوائق التي هددت
حكم أيبك ودولته الناشثة؛ خطر زملائثه المماليك البحرية وزعيمهم فارس الدين
يعمل على تقوية نفسه» فأنشأ فرقة من المماليك عرفوا بالمعزية نسبة إلى لقبه «الملك
المماليك البحرية من ثكناتهم بجزيرة الروضة؛ وعزل الملك الأيوبي الطفل موسى
احتياطات شكلية لم تقلل من خطر أقطاي وزملائه البحرية ويجمع المؤرخون على أن
أقطاي وصل إلى قمة المجد خصوصاً بعد تغلبه على ثورة العرب؛ وأصبح لا يظهر في
مكان إلا حوله حرس عظيم من الفرسان المسلحين كأنه ملك متوجء وكانت نفسه ترى
(2) التعريف بالمصطلح الشريف؛ ص: 188:؛ قيام دولة المماليك؛ ص: 132
(3) قيام دولة المماليك؛ ص: 132 (4) تاريخ القبائل العربية؛ ص: 133
(5) قيام دولة المماليك الأولى؛ ص: 133
(6) المصدر نفسه؛ ص: 133
الفصل الثالث: قيام دولة المماليك 319
وتلقي المصادر التاريخية الضوء على القوة التي كان يمارسها ويتمتع بها أقطايء
فالمقريزي يقول عنه: واجتمع الكل على باب الأمير فارس الدين أقطاي؛ وقد استولى
على الأمور كلهاء وبقيت الكتب إنما ترد من الملك الناصر وغيره إليه؛ ولا يقدر أحد
يفتح كتاباً ولا يتكلم بشيء؛ ولا يبرم أمراً إلا بحضور أقطاي لكثرة خشداشية”"
وابن تغري بردي يقول عنه: فإنه كان أمره قد زاد في العظمة والتفت عليه
المماليك البحرية؛ وصار أقطاي المذكور يركب بالشاويش وغيره من شعار الملكء
تزويجه من أحد أميرات البيت الأيوبي» وهي ابنة الملك المظفر تقي الدين محمود ملك
وصار نائب المملكة للمعزء وكان بطلاً شجاعاً جواداً؛ مليح الشكل؛ كثير التحملء
بحيث إنه قال: اخلوا لي القلعة حتى أعمل عرس بنت صاحب حماة بهال*'؛ وفهم منها
المعز أنه مستهدف لإزالته من الحكم فقرّر التخلص منه؛ واتفق مع مماليكه على ذلك
يبتدرونه بسرعة؛ فلما وردته إلى أقطاي رسالة المعز بادر بالركوب في نفر يسير من
مماليكه من غير أن يعلم أحد من خشداشيته”*"؛ لثقته بتمكن حرمته؛ وطلع القلعة آمناً
ووثب عليه المماليك المعزّية فأذاقوه كأس المنية!*" وكان قتله يوم الاثنين حادي
(1) الجبهة الإسلامية في مواجهة المخططات الصليية؛ ص: 412
(2) النجوم الزاهرة(7/ 410 11)
(3) قيام دولة المماليك الأولى؛ ص: 133
(4) سير أعلام النبلاء(23/ 197)
(5) خشداشيته: الزميل في الخدمة
(8) نزهة الأنام في تاريخ الإسلام؛ ص: 220
320 المبحث الثاني: سلطنة المماليك بين شجرة الدر وعز الدين ايبك
فأحرقوه؛ وخرجوا منه نحو الشام؛ فسمي من يومئذ الباب المحروق”*» وقصد البحرية
الملك الناصر صاحب الشام ليكونوا عنده ولما أصبح المعزء بلغه هروبهم من المديئة
وذخائرهم وشؤونهم وخزائنهم» واستتر من تأخر منهم؛ وحمل من موجود الأمير فارس
أقطاي الجمال المستكثرة من الأموال ونودي على البحرية في الأسواق والشوارع»؛ وتمكن
الملك المعز من المملكة وارتجع ثغر الإسكندرية إلى الخاص السلطاني؛ وأبطل ما قرره
من الجبايات» وأعفى الرعية من المصادرات والمطالبات
وأما البحريّة؛ فإنهم وفدوا على الملك الناصرء فأحسن إليهم؛ وأقبل عليهم
وأعطى كلاً منهم إقطاعاً يلائمه؛ ثم عزم على قصد الديار المصرية؛ فجرد عسكراً
الباردة بالقرب من العباسية؛ وانقضت هذه السنة وهو مخيم بهال*» وفي هذه السنة
وصل الشريف المرتضى من الروم ومعه بنت السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو
صاحب الروم» وكان الناصر قد خطبها لنفسه؛ فزفت إليه بدمشقء ودخل بها واحتفل
وتدخل الخليفة العباسي من جديد بين الأيوبيين والمماليك ووصل نجم الدين
البادرائي للتوسط بين الطرفين ونجح في تجديد معاهدة الصلح على أن:
- يستعيد المعز أيك ساحل بلاد الشام
(1) نزهة الأنام في تاريخ الإسلام؛ ص: 220
(2) المصدر نفه؛ ص: 220؛ دراسات في تاريخ مصرء سحر عبد العزيز؛ ص: 239
(3) المصدر نفسه؛ ص: 221
(4) التحفة الملوكية في الدولة التركية؛ يبرس المتصوري؛ ص: 360