من اللواحق غير الاشتقاقية"
فالأطفال الإغريق يلعبون «الكرة» أو شد الحبل أو لعبة الحرب
أو رمي الحجارة» أو ملك القلعة ويمكن القول إن الاستقلال
النحوي الكامل لتلك اللواحق هو رمز للطبيعة غير المشتقة لمفهوم
اللعب وفي مقابل هذا التحديد الفريد والنوعي لألعاب الأطفال
تعبر بها عن اللعب عموماً أولى هذه الكلمات هي الكلمة اليونانية
«بيديدا"» وهي الأكثر ألفة وشيوعاً؛ ودلالتها اللغوية واضحة إذ
تعني (ما يخص الطفل أو ما للطفل»» لكن سرعان ما يتم تمييزها بنير
خاص عن الكلمة التي تعني كل ما يتعلق بالسلوك «الطفولي"»
ومع ذلك فإن استعمال كلمة «بيديد» ليس مقصوراً إطلاقا
ضروب اللعب؛ فثمة الفعل «يلعب!"»؛ وئمة الاسم ويعني «دمية
(1) على أحسن الفروض يمكنا أن نخمن و جود صلة مامع كلمة (اندوس) ومن ثم تستدل
على أصل إندو جرماني أو ايغي (نسبة إلى لغات منطقة بحر ايغة) فتلك النهاية تأخذ
صورة اللاحقة الفعلية في كلمات مثل (أليندو) و(كوليندو) اللتين تعنيان الدوران
حول محور أو تقليب الرأي وهما تنويعات على كلمتي (اليو) و(كوليو)ان فكرة
اللعب تبدو ذات صدى باهت منا (مثلنط ,وثلة , مممثانط , معمئلة , 106005)
«(الكتفلتط) ولفنوط (4)
الأطفال!"» ناهيكم عن دلالته على اسمي الألعاب وأعظمها
قداسة؛ كما سبق ولاحظنا في أثناء تطرقنا لفقرة من فقرات محاورة
سائر ما يتعلق بزمرة الكلمات المعبرة عن اللعب من شيوع لخلو البال
من الكدر والسرور المجاني وبالمقارنة مع الكلمة اليونانية «بيديا©
فإن الكلمة الأخرى المعبرة عن اللعب ألا وهي «أثيرو أو أنورما)"
تبقى على مبعدة كبيرة من مفهوم اللعب» ذلك أنها تشي بفكرة ما
هو عابث أو تافه من الأعمال
وبالرغم من ذلك» يظل هنالك محال فسيح وعظيم الأهمية في
مصطلحاتنا يندرج تحت بند اللعب لكن كلا الكلمتين الإغريقيتين
مجال المباريات والمنافسات إذ يعبر الإغريق عن هذا المجال الفسيح
فائق الأهمية في حياتهم بكلمة «أغون»" التي تعني الصراع ويجدر
بنا القول في هذا المقام إن جانباً أساسياً من مفهوم اللعب مستتر في
قمصنطة , طاح (3)
قصل , 0ا0نوط (4)
(00طام (5)
بالسؤال عما إذا كان الإغريق على صواب في التمييز اللفظي بين
المنافسة واللعب صحيح أن عنصر «انعدام الجدية»؛ وعامل الهزل
الخالص لا تعير عنهما كلمة الصراع «أغون» تعبيراً صريحاً كقاعدة
لعبت دوراً هائلاً في الثقافة الإغريقية وفي الحياة اليومية لكل مواطن
ومجيداً من الحضارة الإغريقية تحت مفهوم «اللعب»
واقع الأمر أن تلك هي وجهة النظر التي تبناها الأستاذ
لامني بولكستاين على إدراج المنافسات الإغريقية بصورة غير
والتفاهة؛ وبذلك تندرج تحت تصنيف اللعب ويستطرد الأستاذ
بولكستاين ليقول: «حين نكون بصدد الكلام عن الألعاب الأولمبية
فإننا وبشكل لا واع نستعين تمفهوم لاتيني يعبر عن تقييم روماني
للمنافسات والمسابقات المذكورة وهو مفهوم يختلف جذريا عن
تقييم اليونانيين القدماء أنفسهم» وبعد أن يُعدد بولكستاين قائمة
طويلة من الأنشطة الصراعية التي تثبت هيمنة الدافع التنافسي على
سائر وجوه الحياة لدى الإغريق يستنتج ما يلي: «وكل ذلك ليس له
غامرة وتحلل من كافة القيود
وهذا القالب الشعري المنبشق من أقدم رياضات التودد والإثارة
أساسي وعتيد؛ شأنه شأن الشعر النابع من الطقوس الاحتفالية
ولقد أمكن للأستاذ «دي جوسلين دي يونغ» بجامعة ليدن أن
يقدم مجموعة زاخرة من الشعر الاجتماعي الصراعي الذي لا يزال
وبابر»ا" في أرخبيل جزر الهند الشرقية ولا يسعني إلا التوجه
بالشكر للمؤلف على بالغ كرمه وعطفه حين سمح لي باستعارة
بعض النماذج من كتابه الذي لازال مخطوطة لم تطبع بعد يؤدي
من الإنشاد التجاوبي يعرف باسم «إنغافوكا»!" حيث الرجال
يجلسون في مواجهة النساء ويغنون أغانيٍ قصيرة؛ البعض منها
مرتجل بينما يصاحبهم في ذلك النقر على الطبول
أو الغيظ وبمكن التمييز بين خمسة قوالب منها على الأقل فهي إما
في قالب مقطوعة شعرية ونقيضهاء أو في قالب التهجم الشعري
والتهجم المضاد أو في قالب من السؤال والجواب؛ أو قد تأخذ
صورة التحدي والاستجابة وأحياناًما كانت تأخذ شكل الأحاجي
والألغاز وأكثر نماذج «الإنغافوكا» أصالة هو قالب «الاستغماية» أو
الأطفال في ألعاب «الغميضة» ويبرز العنصر الشعري الشكلي في
التقفية أو السجع» بترديد ذات الكلمة أو تنويعة من تنويعاتها لربط
البيت أو اللقطع بالبيت النقيض أو اللقطع المعاكس
أما العنصر الشعري النقي الخالص فيتمثل دائماً في التلميح لا
الألفاظ نفسهاء حيث غالباً لا حل للمعنى أو الدلالة الواضحة ومثل
هذا القالب من الشعر لا يمكن توصيفه واستيعابه إلا بلغة ومفاهيم
اللعب على الرغم من أنه يخضع لنظام عروضي ووزني دقيق
أما من حيث المحتوى فإن هذه الأغاني تتضمن تلميحات العشق
والغرام» والقليل من العظة حول الحصافة والفضيلة وبعض النكات
الخبيثة اللاذعة ومع أن ثمة ذخيرة متوافرة من تراث عروض هذا
القالب فإن بيت القصيد ظل بالنسبة لهؤلاء الأقوام في ارتجال هذه
الأشعار وإبداعها الفوري التلقائي وحتى النماذج القديمة تتعرض
هي الأخرى للمزيد من الإضافات اللماحة والتنقيحات المستمرة
وهؤلاء الأقوام يقدرون البراعة الفنية حق قدرها وليس بينهم من لا
يتمتع مهارة فنية أيا كان نوعها
وتأتي هذه الأشعار لتذكرنا بترجمات أشعار «البانتون6!"
الماليزية من حيث الوجدان والمزاج الشعري» هذه الأشعار التي لابد
شعر «الهاكاي»* الياباني البعيد جغرافياً إلى حد ما قد أثر على شعر
والركائز الشكلية ولكنها تتضمن مشادات كلامية مطولة بين عائلتي
العريس والعروس خلال حفل لتبادل هدايا الزرفاف
تماماً من الشعر عند أقوام «جزيرة ويتان» وهي جزيرة من بين جزر
والعفوية فالسكان القاطنون في جزر البابار يغنون أكثر من أولنك
المقيمين في جزر بورو؛ سواء مجتمعين على عمل يؤدونه أو منفردين
يؤدي كل منهم عملاً يخصه فالرجال الجالسون في أعالي أشجار
الجوز يستخلصون النسغ (العُصارة التي تجري في نسيج النبات
وبغض النظر عن معايير الحلال والحرام أو الخير والشر التي
تكتنف بعض أنواع اللعب؛ فإن عنصر التوتر المصاحب لأي لعبة
يعطيها صبغة أخلاقية؛ معنى أن اللعبة تتحول إلى وسيلة لقياس قدرة
المرء على التحمل كما أنها تعكس مدى شجاعته وتماسكه وقدرته
على التذكر ولكن أهم خاصية في اللعب هي قدرة اللاعب على
الالتزام بالمعايير الروحانية والقيم الأخلاقية لأن الرغبة المحمومة في
تحقيق الفوز يجب ألا تنسيه قواعد اللعبة إن القواعد التي تحكم
كل لعبة تشكل حجر الزاوية في مفهوم اللعب والجدير بالذكر
أن ثمة قواعد تحكم جميع أنواع اللعب وتحدد الطريقة التي تجرى
بها الألعاب في هذا العالم المؤقت البعيد عن مجريات الحياة اليومية
وقواعد اللعب ملزمة ومفروضة بشكل قاطع على كل لاعب؛ فذات
مرة قال ابول فاليري»ل"" (1871 - 1945) قولاً عابراً ولكنه قول بليغ
يتم تجاوز قواعد اللعب أو تجاهلها ينهار عالم اللعب بأكمله؛ وعندما
يُطلق الحكم صَفارَة النهاية ينفك السحر» وترجع الحياة إلى سيرتها
واللاعب الذي يتجاوز قواعد اللعب ولا يحترمها يتسبب
في إفسادهاء وهناك فارق بين اللاعب الذي يفسد اللعبة بسبب
(1)شاعر وفيلسوف وكاتب فرنسي
تجاوزه لقوانينها واللاعب الذي يتعمد خداع الآخرين والإيقاع
بهم» فالأخير ليس سوى لاعب - من بين أعضاء فريق-- يدعي أمام
الجميع أنه منخرط في اللعبءكما يزعم كذباً أنه قد وقع تحت تأثير
سحر اللعب وتكمن المفارقة في أن المجتمع يتساهل مع اللاعب
المخادع ولكنه يتعامل بشكل مغاير مع اللاعب الذي يتمرد على
قوانين اللعب فاللاعب المخادع بمارس خداعه خلسة وبعيدا عن
أنظار المشاهدين بينما اللاعب الذي يتعمد إفساد اللعب عن طريق
التمرد على قوانينه يقوم بذلك علناً وعلى مرأى من الجميع» ولذلك
فهو يتسبب في تدمير عالم اللعب بأسره وعندما ينسحب اللاعب
المتمرد من ميدان اللعب فإنه يؤكد على هشاشة هذا العالم الذي
انخرط فيه بشكل مقت في أثناء اللعب مع الآخرين ومعنى آخر
فإن خروج اللاعب من اللعبة إلى العام الحقيقي يتسبب في إفسادها
عن طريق سلبها أهم خاصية تميزها وهي سمة التوهم أو الوهم
(1110500» فاللعب نوع من الوهم الجميل ولذلك يقوم المجتمع
ممعاقبة اللاعب المتمرد على قوانين اللعب من خلال طرده خارج
اللعب أو استبعاده لأنه يمثل تهديداً لوجود مجتمع اللعب بأسره؛ وفي
ألعاب الأولاد يكثر الخارجون على قوانين الألعاب
وفي مجتمع اللعب الصغير يتم استبعاد كل من يتسبب في إفساد
اللعب سواء بسبب تمرده (085800000» على قوانين اللعب أو
لأي أسباب أخرى مثل الخوف وعدم الجرأة على مواصلة اللعب
يجب استبعاده وفي عالم الجد أو في العالم الحقيقي يتم التساهل
مع المخادعين والكذابين والمنافقين أما الذين يقررون الاختلاف
مع قواعد اللعب التي وضعها المجتمع فإنهم يُتهمون بالضلال
والزندقة والكفر والإلحاد والإيمان بالبدع والخزعبلات أما من
بمارسون الخداع أثناء اللعب فإنهم لا يُعاملون بالطريقة نفسها
ولذلك نجد أن الذين يفسدون قواعد اللعب قد يلجأون إلى إقامة
مجتمعات خاصة بهم تحكمها قوانين لعب جديدة» وهذا ما يحدث
القانون والمتشردون والقبلانيون'" وكل الذين ينتمون إلى منظمات
سرية وفي الواقع فإن كل المتمردين على قواعد اللعب الاجتماعية
على قوانين معينة؛ وأهم شيء هنا هو عنصر اللعب المتغلغل في كل
الظواهر الاجتماعية والإنسانية
وتسعى جماعات اللعب إلى الاستمرارية في البقاء حتى بعد
انتهاء اللعب في محاولة للبقاء بشكل دائم بالتأكيد لا يمكن إنشاء
() القبلانيون: بعض أحبار اليهود والمسيحيين من أصحاب العقيدة القبلانية التي تفسر
«الكتاب المقدس» على أساس صوفي