لعراء إن لم يكن الشعر عن هؤلاء وحول هؤلاء ولصالح هؤلاء:فعمن يكون؟
إن لم ينتصر الشعر لمن هجرتهم الدنيا فلا شعر ولا شعراء! ! صحيح أن الرواد لم
يطفلوا هذه النماذج كليّةٌ كما وجدنا المومس العمياء عند السِيّاب وبائع الليمون
ولاعب السيرك عند أحمد عبد المعطي حجازي وسواهماء لكن الفارق 2 هؤلاء
التتين خلال تجربة عريضة مقفلة القوص هذه التجارب وسواها ترد بحسم على
مقولة إن الشعراء الجدد نسوا الموضوع واحتفوا بالذات وحدها ورغم أن هذه
عين 'الذات* + كما أن الذات طوال الوقت تتفاعل وتؤثر وتتأثر بالموضوع مم
على تهمة غياب «الوضوم اعمال الثاة: بل أن تجارب أخرى مثل ديوان
الملابس + والأقمشة هي الذات والمكلْم والفاعل فقطع الملابس تولد وتنمو
وتمرض وتتألم و وتموت لا وجود لذات الشاعر مطلقا في مجمل الديوان
تقوله وتبثه لنا من هموم وأوجاع وشكوى وهو ما تفعله الشاعرة الإنجليزية جو
شابكوت في معظم قصائدها إذ تتكلم عن لسان فقاعة الصابون وقارورة الدواء
والعنزة وثمرة الطماطم وفي شعرية كهذه لابد أن تتراجع مركزيةٌ اللغة
وعلياؤها تتوإضع وتتخلى عن زخرفها وأناقتها حتى ب شق الشكل والمقتموت»
وما أيقنا كل وواحد صجيم الا فصو فيغدو الكلام عن البسطاء ء بسيطا لا
ومن ثم توجّب أن يكون الحديث عنهم بلغة "كل يوم" هؤلاء الشعراء يعرفون
أن الشعر لم يعد يأتي من المجاز ومن اللغة بقدر ما هو مخبئ وكامن في الحياة
في حاراتها الحلفية الظلمة؛ , في البيوت الصفيح والأحراش والعشش وفي كل
مكان تنأى عنه الشمس؛ غير العادلة أبدا
« كتاب اليوم « 9
المجمال في مفردات لم يكن لها مكان ة في الشعرية القديمة من قبيل : "الثمل-
القمل -الغرباد ن- الجدري- الخ فالجمال لشم ي لا يتأتى من المفرداتء بل من
العلاقات بين المفرداتء تلك التي تخلق حال الشعرية ورغم جذدية الديوان
'تاويل ' ل "كلما ضحكت/ غيمة مرجاه/ا أطفا البرق في فمها
« كتاب اليم « 4
شعرية الفكرة والنكوص عليها ٠
ص حين أمشي الآن/ جسدي في جيبى/ وروحي ظلام' يطالعنا هذا
لمشهد السيريالى» الذي لا يخلو من شقاوة وطفولة؛ على الغلاف الخلفى لديوان
"يأتي الليل ويأخذثى * للشاعر الإماراتى أحمد راشد ثاني» اللصادر مؤخرا عن
دار * النهضة العربية* في بيروت ثم نواجه مقتطفا للشاعر الفرنسي ايف بونفواء
وضعه الشاعر كتصدير للديوان؛ يقول: 'أمس فى سيادة الصحراء/ كنت ورقةً
الشعر بأدواته وألعاي بين ضدين في انفصالهما اكتمال واستقلال لكل منهما
على حدة لكن في اندماجهما معا ذوبانًا للنقيضين معاء وغيابً لفردية كل واحد
متهماء لصالح التحور إلى كيان ثالث مختلف هو واحد صحيح جديد؛ #و
الحياة وأما النقيضان فهما الصحراء وقطرة الماء فالماء يفقد الصحراء خصوصيتها
وخصوية وسرعان ما يتأكد حدسنا حينما لا نكاد نعثر على قصيدة واحدة فى
الديوان تخلو من معجم الماء أو ما يدل عليه: البحبر- الموجة- المطر- النورس-
ومنذ القصيدة الأولى ' خورفكان؟ وهي مدينة تجبلية بالإمارات المصحدة تطل
على المحيط الهندي؛ ومسقط رأس الشاعرء بيصافحنا الماء؛ 'ماء يجري بين
للعيون كشرفة/ ولم ينسها إلا الصحيح/ الغربان تصرخ ' لكن هذا المحمّل
م١ « كتاب اليوم م«
الموت/ الحياة» سوف يتسرب إليناء كقراء؛ عبر لعب طفولي مرح حين نتخيل
الشارع يتحسر تحت قدم العابر كلما خطا خطوة مثلما يمكن أن نشهد في فيلم
مكانها العميق في مخيال القارئ بقدر ما تحمل من غرابة ومزاح ممزوجين بأسى
وتراجيدية تكاد تنحو النحو الإغريقي المغرق في مأساويته من أمثلة هذه الصور
نوايا للطريق كير يعوة/ ويتبعني" ؛ ' أدع المطر ينمو على الأرض'ء '
حينها أغلق الهواء ركبتيه/ في وجه البحر/ وأنتج أقفاصا للصخور'» 'وتركت
الأمواج/ ويسقط ' "هذا العالم المادي المرح الذي فيه تقفز الأشياء وتركضٍ
وتلعب وتقف لتسقط؛ مقعم بالحياة والتمرد وكأنه يسعى إلى احتلال مكانة
تأخذ الموجودات الجامدة دورها في حمل إرث هذه الأرض المغبونة ورسالتها
وكما الشاعر مفتونٌ بتامل البحر وعوالمه مفتون كذلك بتأمل فعل الكتابة
والكتابة عن الكتابة وبوسعنا أن نلمس التواشج الفلسفي والجمالي بين الكتابة
وبين البحر لما فيهما من مستويات وأعماق ومجاهل وأسرارء يجهد الشاعر في
مشارفتها فى الحال الأولى» كما يجهد الغواص في سبرها بالحال الثانية هذا من
ناحية؛ ومن ناحية أخرى قد نؤول الأمر تأويلاً عدميا قانطا حين نحدس أن
يقوم من على الأمواج/ ويسقط * لماذا الكتابة تصارع كل هذا الموات الذي
ينتظرها؟ حتى أن السطر لا يقوى على الوقوف فوق الموج إلا للحظة واحدة ثم
يسقط بوسعنا كقراء أن نتحصد العديد من الإسقاطات السياسية والسوسيولجية
التي تشير إليها هذه الشعرية بسبابَّة الاتهام وكما الديوان غزير بمعجم الماء»
غنى كذلك بمعجم اللغة والألسنيات وفعل الكتابة: "العبارة- السرد- اللعثمة-
« كتاب اليوم « ٠١١
في بحر الكتابة ولا عجب إذ نعرف أن شاعرنا باحثٌ لغوي دارس للتراث مثل
وبروست وفوكثر وفرجينيا وولف؛ ورأينها مثلها كذلك في مسرح العبث عند
هارولد بنتر وصمويل بيكيت وسواهماء لكنهاء من جهة أخرى» لعبة بلاغية
وقال بعض البلاغيين إن هذه أبلغ "جملة قيلت في القرآن لأنها تقف على الحافة
الحرجة بين الشك واليقين حيث سبا بقطتها لم تشا أن توكد ولم تشأ كذلك
أن تنفى ؛ أن ما تراه هو عرشها تماما بعدما غير جنود الملك سليمان من الجان
هيشته بتبديل أمكنة بعض أحجاره الكريمة كذلك من التركيب الجديدة لدى
نلحظ زيادة حرف العطف و" الذي يعد زائدا عن الحاجة على مسستوى المعنى
المعنى؛ لكن الشعر ليس معنى بل إيقاع وتركيب ومفارقة للمألوف من
الأرض تتكلي عدا بعض الكتب الثقافية البحثية والنقدية
دواوين
« تلصص , اليوم على الأمس ٠
بعمد انتهائنا من قراءة رواية “التلصلى* ٠ للروائي المهسري '
إيراهيم ' 6 الصادرة مؤخرً عن دار ' المستقبل العربي*؛ بحا لنا أن سال 1
هو ' تلصلص" صب صغير على عالم الكبار؟ أم هو "تلصص” رجل» من جيل
الستينياتء على طفولته البعيدة؟ مفردة “التلصص * في الاحتمال الأول محجمية
خالصة لا مجاز فيها أما في الثاني فلها محمول 'فللفي مجازي”* لكن كلا
الاحتمالين قائمان بالأحرى مؤكدان بأدلة نلملها عبر السرد أما الاحتمال
الأول فقائم لان الصسبي الصغير لا يني؛ في مَشاهدٌ عدة؛ يضع عينه على ثقب
مفتاح الباب لكي يستكشف عالم بار" الغآمض بكل ما يحمل من آلغاز
وعجائب لاسيما فيما يختص بعوالم المرأة وجسدهاء منفردة أو في علاقتهاً
الحميمة بالرجل ما تفعله المرأةٌ في جلستها الخاصة حين تشرع في تنظيف
وصديقه يتكلمان حول الصَبيّةٍ التي تاق لها الرجل الكهل وراح يتخيلها في
أحلامه تؤانس ذكورته ثم تلصص الصبي على والده فيما يضاجع الخادمة
بعدما أرهمهما أنه ذهب إلى الملدرسةء؛ ثم يندس نحت طاولة الطعام ليراقب الإ
العيون جلبها من كتاب *شمس المعارف” لذي يحففظ به أب كلام ماري
للقضاء د على المستعضيات من الآمور مثل العجز الجنسي وعدم المقدرة على الحفظ
والأمراض وهلم جرا كثيرة ة هي مواقف ' التلصص * التي مارسها ذاك الصبي
الذي يحاول أن يحرق المراحل لكي يتطلّم؛ مبكراء على عوالم البالغين المبهمة
* جريدة «النهار» لبنان 77/ 7/7 "١ وسجلة أدب وتقذ مد ازيل ا بن
المت ةفسلا مات د ذ م اتمسدماا اناس اا قا مام د ا لي ا ا ست ب
« كتاب اليوم « ٠١
أما الاحتمال الثاني فتؤكده الانعطافة المدهشة التي مثلتها هذه الرواية في المسيرة
الإبداعية العريضة التي بدأها صنع الله إبراهيم عام ,1433 وهو الكاتب الثوري
المنشغل طوال الوقت بالهم السياسي وكشف فساد المجتمع والنظام الحاكم تجلى
أمريكانلي؛ ذات؛ نجمة أغسطس وغيرها ثم تجيء هذه الرواية لتكون ما يشب
"الانعطافة* الحادة في المسيرة بطبيعتها الفنية المؤدلجة؛ وكأنها ' إشفاقة" إنسانية
"يهدهد' بها الكاتب نفسه عبر استدعائه ذاكرة الطفولة التي غيبها نصف قرن من
الزمن هى إذن رواية سير-ذاتية أما دليلنا على ذلك فصورة الغلاف التي تمثل
فوتوغرافيا *للطفل * صنع الله إبراهيم مع أبيه (عرفته من عينيه اللتين لم يغيرهما
الزمن؛ سيما وقد تكلم السارد عن هذه الصورة واصمًا بزة الطفل الزرقاء ذات
الشريط الأصفر) والشاهد أن الرواية لا تمثل فقط تلبصصًا من المؤلف على
المرحلة التي لم نعشها في أربعينيات القرن الماضي في عصر الْلَكيّة المصرية
أتقن صنع الله رسم العالم من خلال عيني طفل في طور التعرّف على الوجود
وقانونه فمعظم الرجال والنساء ستلتصق بهم صفةٌ *طويل- طويلة'» وهنا ذكاء
الوصف ١ فصيلى لحشرة صغيرة تتجول على الحائطء وصف طريقة طهو القهرة
التركية؛ وصف نجعدات صفحات الكتاب الضخم وغلافه؛ وصف دقيق لجسد
المرأة وانثناءاتها وهي تجلو جسدها إلى آخر تلك الالتقاطات الدقيقة لكن الطفل
ينمو في إثناء الأحداث ينمو دون أن يخبرنا الراوية صراحة بذلك نلمس نموه
حين تَحِد أشسياء على عوالم الطفل مثل مواد دراسية جديدة كالجبر والكيمياء
ضئيل' سوف تظهر ما يشي بأن الطفل قد طالت قامته وبدأ مرحلة الحكم النسبي
على أحجام البشر ِ
الراوي غير عليم يحكى الأحداث وقت حدوثها ولا يعلم مالات الأحداث
و مقدرات الشخوص والأحداث لي عم لوج مجال عيني الصبي أو سمعه
لا وجود لها: "بتشوف نبيلة يا خويا؟/ - أيوه / -وإزيها؟/ - والله / يتوقف
١1 » كتاب اليوم «
المُغْتَى والحاء
من أسرار لان الطفل/ الراوية أَفْصيَ عن مكان الحوار وتتتهي الرواية بغير
إغلاقة تقليدية عند نقطة كان يمكنها أن تتقدم أو تتأخر نقطة مبهمة على خط
الزمن حين يطلب الأب من ابنه القلم الرصاص ليكتب له موضوع الإنشاء
الرواية تضصحرك بين اثنين من البنى السسردية كلتاهما توسلت صيغة الفعل
المضارع وكان الكاتب يقول : أنا لا أحكى زمن ماض؛ بل أنا انتقلت إلى
الماضي بكُلتِي لاحيا فيه فهلموا 0# البنية السردية الأولى تناول
له أمهات بديلات وأما البنية السردية الشانية» وظهرت بالفونت الأسود الغامقء
فكانت ذكريات عارضة يتذكرها الطفا ل مع أمه؛ الغائبةه أو مع شخوص أو
جراء أشياء تحدث في الحاضرء الذي هو ماضء تكْرُ الصبي بماض مركي
لصغر سنه؛ تستدعي كلمة مشابهة لهاء لياه من معجم الطفل يقول الأب
الال ب ال كنا الفطاح ال فقد ربطه بأقرب كلمة تماثله في الحروف مما
تحسب للمسؤلف لأنها جعلتنا بالفعل نستعير عين الطفل وأذنّه ومنطقّه البريء
الولبا الرشيق بين هاتين البنيتين وتيمة التداعي الحر وتركيب الزمن الماضي
ابيط على الماضي المركب يجملنا نصلف الرواية في غمانة "تيار الوعي ' على
نحو ما ' أتابع حركاته ينتصب واققًا ٠ ينحني يدعك ركبتيه يخلم الشال
الصوفي والروب يزبح حمالتي البنطلون عن كتفيه يجلس على حافة السرير
الحذاء واغورب يلب ن جورب ضوفيا طويلا ٠ يرقع ساقه اليمنى ويجذب
البنطلون يثني الساق الثانية ينهض واققًا يخلع الكرافتة والقميص يظل
بالقائلة الصوفية ذات الكمين والكلسون الصوفي الطويل ٠ يدس قدميه في
القبقاب يعلق ملابسه في الشماعة ينحني مباعدا ما بين ساقيه يقك رباط
حزام الفتق الذي يدور بوسطه وبين فخذيه يجره بصعوبة ويلقيه فوق المكتب
متتهدا في ارتياح * هذه العين التي تلتقط أدق الأشياء ولا تسمح لتفصيلة واحدة
بالهروبء وهذه الجمل البسيطة المتحررة من الروابط وأدوات العطف (وء ثم
« كتاب اليوم « لإ
وهذا الحياد في الرصد والوصف غير الحمل بوجهة نظر أو أحكام قيمة؛ ال
المقدرة المكينة على حكيى تاريخ مصر وعربدات الملك وسياسات الأحزاب
الأب واحد وهو بطل الرواية دون منازع لكن الأمهات كثيرات: مأماً
العقلية فيستحضرها عبر تداعيات الذاكرة وعبر الجارات اللواتى غدون أمهات
بديلات هي رواية 'البحث عن الأم'؛ دون تصريح بذلك والآم قد تكون
الوطن وقد لا تكون