وقيل : كانوا على وجل من أن ينزل الله - تعالى - فيهم ما يهتك أستارهم » ويبيح
وقوله - تعالى - : هم الْعَدو؟» استثناف “أ : هم الكاملون فى العداوة
والراسخون فيها ؛ فإن أعدى الأعداء العدو المداجى
يٍٍ فاحَدَرَهم لكونهم أعدى الأعداء ,ولا ته تغترن بظواهرهم 0
وقوله - سبحانه - : ف الهم اللهُ أن يُوْفَكُونَ » دعاء عليهم بالطرد من رحمة الله
- تعالى - وتعجيب لكل مخاطب من أحوالهم التى بلغت النهاية فى السوء والقبح
عن ابن عباس أن معنى ف قَاتَلَهم الله »: : طردهم من رحمته ولعنهم » وكل شىء
فى القرآن قتل فهولعن (
العقلاء ؛ وعجبهم » إذ كيف ينصرفون عن الحق الواضح إلى الباطل الفاضح ؛ وكيف
يتركون النور الساطع ؛ ويدخلون فى الظلام الدامس ؟!!
ووصفتهم بالصفات التى تخزيهم » وتكشف عن دخائلهم المريضة
قال - على - ؛ وذ قل لم الا بطر كم رسول لله وا روس وأيهم
١١ ص ٠١ تفسير الألوسى ج 8 ص ؟١١ (؟) تفسير ابن جرير ج )١(
يقفا
وقد ذكر الملفسرون فى سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة » فصلها الإمام ابن
كثير - رحمه الله - فقال ما ملخصه :
وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل فى عبد الله بن أبىّ بن
سلول وأتباعه » فقد ذكر محمد بن إسحاق ؛ أنه لما قدم النبى ييخ المدينة بعد غزوة
أحد ؛ قام عبد الله بن أب ؛ والرسول لي يخطب للجمعة ؛ فقال : أيها الناس ؛
له : اجلس يا عدوالله ؛ لست لهذا المقام بأهل ؛ وقد صنعت ما صنعت - يعنون
مرجعه بثلت الناس دون أن يشتركوا فى غزوة أحد -
فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأنما قلت بُجْرًا - أى : أمزا منكرا -
فلقيه رجال من الأنصار بباب اللسجد ؛ فقالواله : ويلك ما لك ؟ ارجع
للنبى يستغفر لك رسول الله بل فقال : والله ما أبتغى أن يستغفر لى
وفى رواية أنه قيل له : لوأتيت رسول الله يل ؛ فسألته أن يستغفر لك ؛ فجعل
ثم قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - ما ملخصه : وذكر ابن إسحاق فى حديثه
عن غزوة بنى المصطلق - وكانت فى شعبان من السنة الخامسة من الهجرة - أن غلاما
لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه - اسمه الجهجاه بن سعيد الغفارى تزاحم على ماء
مع رجل من الأنصار اسمه سنان بن وبر ٠
فقال سنان : يا معشر الأنصار + وقال الجهجاه : يا معشر المهاجرين فغضب عبد
الله بن أب - وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم - وقال : أوقد فعلوها ؟!! قد
نافرونا وكاثرونا فى بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش - يعنى المهاجرين - إلا
كما قال القائل : «سمن كلبك يأكلك» والله لثن رجعنا إلى المدينة » ليخرجن الأعز
منها الأذل
فذهب زيد إلى رسوله الله لخ فأخبره الخبر ٠
فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ؛ مر عباد بن بشر فليضرب عنق عبد الله بن
فقال ب : فكيف إذا الناس تحدث يا عمر » أن محمدا يقتل أصحابه ؟ لا ؛
ولكن ناد يا عمر فى الناس بالرحيل
فلما بلغ عبد الله الى اك انوع تسرل كك يي أتاه فاعتذر إليه » وحلف
بالله ما قال الذى قاله عنه زيد بن أرقم
وراح رسول الله جَيٍ مهجرا فى ساعة كان لا يروح فيها » فلقيه أسيد بن الحضير 6
فقال له : يا رسول الله » لقد رحت فى ساعة ما كنت تروح فيها
فقال رسول الله بي أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبئ ؟ زعم أنه إذا قدم المدينة
أنة سبح سَيخْرِجٌ الأعز منها الأذل
اس : فأنت يا رسول الله العزيز وهو النليل ٠
وانما خرج رسول الله فى هذا الوقت الذى لم يتعود السفر فيه » ليشغل الناس
عن الحديث ؛ الذى كان من عبد الله بن أب
قال ابن إسحق : ونزلت سورة المنافقين فى ابن أب وأتباعه » فلما نزلت أخذ
رسول الله بأذن زيد بن أرقم ثم قال : هذا الذى أوفى الله بأذنه
ابن إسحاق : وبلغنى أن عبد الله بن عبد الله بن أب بلغه ما كان من أمر أبيه ٠ فأتى
رسول الله فقال له : يا رصول الله بلغنى أنك تريد قتل أبى فإن كنت فاعلا ؛
بوالده متى ؛ وإنى أخشى أن تأمر غيرى بقتله ؛ فلإ تدعنى نفسى أن أرى قاتل أبى
يمشى على الأرض فأقتله ؛ فأكون قد قتلت مؤمنا بكافر » فأدخل النار
فقال َي : «بل نترفق به ونحسن صحبته ؛ ما بقى معنا»
وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما : أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة » وقف عبد
الله بن عبد الله بن أبّ على باب المدينة » واستل سيفه » فجعل الناس يمرون عليه
هاهنا حتى يأذن لك الرسول الله عَيْخٍ فإنه العزيز وأنت الذليل
فلما جاء رسول الله 8 وكان يسير فى مؤخرة الجيش شكا إليه عبد الله بن أبى ما
والآن وبعد ذكر جانب من هذه الآثار التى وردت فى سبب نزول هذه الآيات ؛
نعود إلى تفسيرها فنقول وبالله التوفيق
قوله - تعالى - : ف( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم # بيان
والقائل لهم : ف تعالوا ييستغْفر لكم رسول الله » جماعة من المؤمنين » على سبيل
والمراد باستغفار رسول الله لهم : توبتهم من ذنوبهم » وتركهم لتفاقهم ّ
وإعلان ذلك أمامه 3 لكى يدعوالله - تعالى - لهم بقبول توبتهم
وقوله : ف( لَوُوَا رءُوسَهُم من اللى بمعنى الإمالة من جانب إلى آخر يقال لوى
فلان رأسه » إذا أمالها وحركها » وهو كناية عن التكبر والإعراض عن النصيحة
أى : وإذ قال قائل لهؤلاء المنافقين : لقد نزل فى شأنكم ما نزل من الآيات القرآنية
قبول توبتكم ما كا من فولاء لمنافقين » إلا 8 تكبروا ووا قي طقيائهم وب
رءوسهم استهزاء وسخرزة من لجسو :
ورآيتهم 4 أيها الخاطب ( يَصُدُونَ أى : يعرضون عن النصيحة وهم
كل الى وتوجة : «روى أنه لما صدق الله - تعالى - زيد بن أرقم فيما أخبر
به عن ابن أبى » مقت الناس ابن أبى» وقال له بعضهم : امض إلى رسول الله لخ
واعترف بذنبك » يستغفر لك » فلوى رأسه إنكارا لهذا الرأى » وقال لهم : لقد أشرتم
)١( لمعرفة هذه الآثار بالتفصيل راجع ابن جرير ج/؟ ج الا » وتفسير ابن كثير جم ص ١١١
موصولة الحمل ؛ أو كان الرجل فقيرا
ففى مثل هذه الحالات يباح تحديد النسل » بل إن بعض العلماء رأى أن التحديد
حق الزوجين فى هذه الحالة أن يمنعا النسل بل ذهب كثير من أهل العلم إلى إباحته
مطلقا »
والجواب : نعم هناك فتاوى متعددة صدرت فى هذا الموضوع ٠ نكتفى بإيراد
واحدة منها :
فى الخامس والعشرين من شهر يناير سنة ١977 - أى : منذ ما يقرب من ستين
عاما - ورد إلى دار الإفتاء المصرية » سؤال هذا نصه : «رجل رزق بولد واحد ُ
ويخشى إن هو رزق أولادا كثيرين » أن يقع فى حرج من عدم قدرته على تربية الأولاد
والعناية بهم » أو تسوء صحة زوجته لكثرة ما تحمل وتضع » دون أن يمضى بين الحمل
والحمل فترة تستريح فيها » وتسترد قوتها » فهل له أو لزوجته أن يتخذا بعض الوسائل
التى يشير بها الأطباء » ليتجنب كثرة انسل » بحيث تطول الفترة بين الحمل ُ
فتستريح الأم » ولا يرهق الوالد 9
وقد أجاب فضيلة المرحوم الشيخ عبد المجيد سليم - مفتى الديار المصرية فى ذلك
الوقت - بقوله : «اطلعنا على هذا السؤال » ونفيد بأن الذى يؤخذ من نصوص الفقهاء
الأحناف » أنه يجوز أن تتخذ بعض الوسائل لمنع الحمل ؛ على الوجه المبين
رابعا : أمن المصلحة أن تصدر الدولة قانونا لتنظيم الأسرة ؟
والجواب : ليس من المصلحة ذلك فى تقديرى ؛ لأن مسألة تنظيم الأسرة من
المسائل الشخصية التى تتعلق بالزوجين وحدهما » والتى تختلف من أسرة إلى أسرة
الاختلاف بين الناس فى شعون دينهم وفى شئون دنياهم ؛أمرقديم -١
وهذه الحقيقة قد أكدها القرآن الكريم فى كشير من آياته + ومن ذلك قوله -
أى : ولو شاء ربك بها ريسل ال اليعين عل ف لوس » أن يجعل
مانع » ولكنه - سبحانه - لم يشأ ذلك ؛ ليتميز الخبيث من الطيب » ولا يزال الناس
الذين أصابتهم رحمة ربك » فاهتدوا إلى طريق الحق » فإنهم لم يختلفوا فى أصل من
أصول الدين الحنيف » بل عرفوا طريق الخير فاتبعوه ٍ
واعلم أن الحكمة الإلهية قد اقتضت أن يكون الناس مختلفين ؛ وأن رحمة ربك
التقى وسعت كل شىء ستشملهم »ما دام اختلافهم من أجل الوصول إلى الحق
والصواب وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - 1 و شاء الله لجمعهم على
أى : ولو شاء الله - تعالى - جمع الناس كلهم على الدين الح لجمعهم ؛ ولكنه
أن صب التاس من أجل نصرة الحق سيوع الفذلة + أمر نستلزمة ماع الناس :
قال - تعالى - : ( واراان الاين الس و الما الأ واي
أى : ولولا أن الله - تعالى تلقل الاليق ,فق الاق »لفسدت الأرض :
ولعمها الخراب » لأن أهل الباطل إذا تركوا من غير مقاومة استطارت شرورهم ؛ ولكن
الله - تعالى - صاحب الفضل العظيم على الناس أجمعين ٠ اقتضت رحمته أن يوفق
المصلحين لمقاومة المفسدين ؛ وأن يمنحهم الحجة والقوة » التى عن طريقها تكون الغلبة
لأهل الحق على أهل الباطل
على حسب ظروفهما وأحوالهما ؛ وما يتعلق بالزوجين لا تعالجه القوانين » وإنا خ
وسيلة لتنظيم الأسرة » فهم الدين فهما سليما ؛ وإشاعة هذا الفهم بين جميع أفرا
الأمة © وإنى أرجح أن على رأس الأسباب التى جعلت بعض الناس يتهاون فى مسأل
تنظيم الأسرة ؛ هو عدم الفهم السليم لأحكام الدين » ولشئون الدنيا » والاستخفاف
بالمسئولية نحو الأبناء
خامسا : هل تتعارض الدعوة إلى تنظيم الأسرة مع قوله - تعالى - : ف الْمَال والنو
والجواب : لا تتعارض الدعوة إلى تنظيم الأسرة ؛ مع هذه النصوص الكريمة ؛ متى
الحياة لديا لأنه لم ينكر أحد من العقلاء أن المال الحلال + والذرية الصالحة » هما زينة
الحياة الدنيا » إلا أن الأولاد إذا لم نحسن تزبيتهم » قد يكونون فتنة + كما قال -
سبحانه- : نما أموالكم وَأَوْلادُكُم فته > وقد يكونون أعداء كما فى قوله- سبحائه - :
فالأولاد قد يكونون زينة » وقد يكونون فتنة » وقد يكونون أعداء وتنظيم الأسرة
متى صاحبته النية الطيبة » والمقاصد الشريفة ؛ كان عونا للإنسان على أن يكون
الأولاد قرة عين للإنسان
ولا تتعارض الدعوة إلى تنظيم الأسرة مع قوله - تعالى - : فإ ولا تَقَلُوا أولادكم
خشية إملاق نحن نََرقَهِمْ وَإَاكُمْ لأنه ما قال عاقل إن تنظيم الأصرة قتل للأولاد ؛
من آيات » تنهى عن قتل الأولاد قبل ولادتهم وبعد ولادتهم » كما كان يفعل الناس
ولكن ذلك لا ينافى الأخذ بالأسباب ؛ والسعى فى سبيل الحصول على الرزق ؛ إذ
أن هذا الرزق قد جعل الله - تغعالئ - له وسائل «من سلكها فيج » ومن أهملها
وفى الحديث الشريف : « لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير
تغدو خماصا وتروح بطانا» *
ومن أقوال عمر بن الخطاب يَيَةُ : «لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق » ثم يقول
اللهم ارزقنى ؛ وهو يعلم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة»
ثم إنى بعد ذلك أتساءل فى حسرة ؟ هل الناس - فى مجموعهم - يؤمنون بهذه
والجواب : إن واقعهم العملى الذى نشاهده يخالف أقوالهم ؛ بدليل ما تراه من
وظيفة لأولاده ؛ أو يلحقهم فى كلية معينة ؛ بأسلوب يتنافى مع العفاف ومع الكرامة
الإنسانية التى تدعو الإنسان إلى أن يكون اعتماده على الله - تعالى - وحده ولا
يتعارض تنظيم الأسرة - أيضا - : مع الحديث الشريف الذى يقول : «تناكحوا
وفى أداء ما يجب عليها 1
فالقلة خير منها
سادسا : هل تنظيم الأسرة يتنافى مع الإيمان بقضاء الله وقدره ؟
والجواب : ما قال عاقل : إن تنظيم الأسرة بالمعنى الذى ذكرناه يتنافى مع الإيمان
بقضاء الله وقدره ؛ لأن تنظيم الأسرة ماهو إلا لون من مباشرة الأسباب التى أمرنا الله
- تعالى - بمباشرتها لتنظيم حياتنا وهذه الأسباب قد تنجح وقد لا تنجح قد
تتخذ المرأة وسائل منع الحمل لفترة معينة ؛ ومع ذلك يأتى الحمل » كما أن المريض
الشفاء » وقد لايؤدى إلى ذلك ونحن مطالبون - دينيا وعقليا - بمباشرة الأسباب
وحذه ؛ ورحم الله القائل :
إنما الغيب كتاب صانه عن عيون الخلق رب العالمين
ليس يبدو منه للناس سوى صفحة الحاضر حينا بعد حين
وإذًا » فتنظيم الأسرة لا يتعارض إطلاقا مع الإيمان بالقضاء والقدر لأن ماقدره
لسعادتنا » ثم بعد ذلك يسلك الله - عز وجل - بنا مايشاء «ألا له الخلق والأمر تبارك
الله رب العالمين»
هذه كلمة مركزة عن مسألة تنظيم الأسرة من الناحية الدينية ؛ وكل عنصر من
عناصرها كان فى إمكانى أن أجعله فى صفحات ؛ ولكن «حسبك من القلادة ما
أحاط بالعنق »