"- الحملة العسكرية التى قام بها المغول كانت حملة عسكرية قوية ومنظمة ومتفوقة
فى شتى المجالات مما أدى إلى نجاح خطتهم العسكرية؛ ومما كانت تتميز به
تلك الحملة وهى ميزات يفتقر إليها الجيش العباسى بطبيعة الحال ومنها:
- تنظيم فرق الاستطلاع والجاسوسية: فقد اندس من عملائهم الكثيرون بين
بالخبرة والثقافة والذكاء ومعرفة الطرق ومداخل البلادء وقد اعتمد عليهم قائد
سرية فى غاية الدقة والأهمية بنى عليها خطته العسكرية التى قام بها ضد
المسلمين» ولا غرو فى ذلك فقد كان هؤلاء الجواسيس يرتدون ملابس التجار
صادف الحملات المغولية وفتوحاتهم السريعة إبان القرن السابع الهجرى ولا
أكون مبالغا إذا قلت إن حكام المسلمين وشعوبهم المتمثلة فى التجار والمسافرين
وخاصة فى المشرق الإسلامى قد لعبوا دورا بارزا فى نجاح تلك الحملات
المدمرة ضد بلاد المسلمين
*- وفى المقابل كانت الخلافة العباسية فى بغداد تفتقر إلى وجود جيش نظامى
قوى» فقد كان سلطات الخليفة الفعلية تنتهى فى حدود مدينة بغداد حيث
تقوى على الوقوف أمام الغزو المغولى كما أن مسألة سقوط الخلافة العباسية
نحو بلاد المسلمين
يس انوازل إلكبر افا لت الإسلاماة
4- اتسمت الجماهير العربية بالسلبية التامة إزاء هجمات المغول لأراضيهم فى بغداد
ثم الشام» فلم يتحمس منه م أحد لحمل السلاح ثم الذهاب لقتال الغزاة فى
سبيل الدفاع عن الإسلام وأرض الدولة المستباحة» أو عن خليفتهم رمز الدولة
أو عن الخلافة الإسلامية حصن الأمة ومعقلها وسبب عزتها ووحدتها عبر
العصور الزاهية وعلى ما يبدو أنهم أدركوا أن هذا الأمر يخص الحكومة
بنكبة بغداد ويأتون إلى مصر فزعين مضطربين من هول ما سمعوه؛ وتركت
الجماهير العربية مدينة بغداد تواجه مصيرها المحتوم دون أن تتدخل أى قوة
إسلامية لإنقاذ الموقف أو أن تدافع عن الخلافة الإسلامية رمز الولاء الدينى
والقومى والوطنى
لتحارب بجانبهم ضد إخوانهم المسلمين» وهى أعداد غفيرة مزودة بالقادة
والجند والسلاح والمؤن كاملة قدمها الحكام المسلمون فى كرمان وفارس
والموصل وآسيا الصغرى لتشارك بصورة فعلية فى الغزو العسكرى المغولى تحت
وجماعات من أراضى العراق وإيران وبلاد ما وراء النهر والتركستان كانت قد
جندت كقوات تخدم فى الجيش المغولى وتقوم باعمال حفر الخنادق وردم
الأنفاق وجلب الحجارة وجذوع التنخيل وسحب المتجنيقات وجلب الماء
والعلف إلى غير ذلك من اعمال تخدم المقاتل المغولى
-٠ كما ارتكبت القوات المغولية الغازية أعمالا وحشية يندى لها الجبين وتتقطع
لها نياط القلوب؛ فقد ذبح أكثر من مليون رأس مسلم؛ وكم بقرت بطون
العديد من النساء الحوامل» وقد وصلت بهم القسوة مداها فى قتلهم لخليفة
الازلة الأولى: نكبة بغداد على أيدى المغول عام مسر
بالجبال وإننا لنجد فى زماننا المعاصر ما هو أفظع وأقسى بما ارتكبه هؤلاء المغول
فقد شاهدنا فى حرب العراق وأفغانستان أعمالا بشعة تأباها الإنسانية ويرتكبها
أناس بدعوى الديمقراطية والحرية» وأنهم أبناء حضارة ورقى وتقدم؛ فما أفسى
هؤلاء وهؤلاء وما أبشع ما يقومون به» فالاستعمار واحد قديمًا أو حديثًا
رابعا؛ تحليل لبعض القضايا المتعلقة بسقوط بغداد:
القضية الأولى: غفلة الخليفة المستعصم: إن من الأسباب الرئيسية لسقوط بغداد
غفلة الخليشة المستعصم ذلك الرجل الذى تولى الخلافة وهو غير كفء لهاء فقد
ترك الأمور لوزيره الشيعى ابن العلقمى ولم يحاول أن يتفهم الأمر أو يعقله وإنما
مستنير البصيرة إذ اختار وزيره من الرافضة أو الشيعة على الرغم من أنه سنى وقد
كان هذا الوزير خبيثا حريصا كل الحرص على زوال الدولة العباسية ونقل الخلافة
إلى العلويين ثم كيف لهذا الخليفة بعد أن استكثر من الجند حتى بلغ عدد عسكره
مائة ألف ويعرف أن بغداد مهددة من التتار يقطع أرزاق الجند ويسرح الكثيرين
منهم؟ وتشير المراجع إلى أن هذا الخليفة كان دائما مشغولا عن أعباء الحكم
بمجالس الرقص والغناء وشرب الخمرء وقد روى بعض مؤرخى العصر عن الخليفة
المستعصم بالله كثيرا من الروايات التى تثبت غفلته وسوء حاشيته وسوء أخلاقهم
وطبائعهم» فقد كتب ابن الطقطقى مؤلف كتاب الفخرى عن خليفة المسلمين
المستعصم: «كان شديد الكلف باللهو واللعب وسماع الأغانى لا يكاد مجلسه
أثار ذلك الرعية والعامة من المسلمين فكتبوا الرقاع وفيها أنواع التحذير من الأشعار
عنه أنه كتب إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه جماعة من ذوى
الطرب وفى تلك الأثناء وصل رسول القائد هولاكو إلى الخليفه يطلب منه أن
وإذا كانت التوراة قد أغفلت هذا فإن القرآن الكريم قد سجل تلك الأحداث
لغتهم وكتابتهم ومعتقداتهم حتى حوالى سنة ألف وأربعمائثة قبل الميلاد حينما
سعوا إلى مراع جديدة فى مصر مقتفين على الأرجح أثر الغزاة الهكسوس
وعندما طرد الهكسوس من مصر تأزم موقف الذين جاءوا لحمايتهم إذ
وقد وصفها القرآن بقوله تعالى: (وَقَال الْمَلاً من قوم فرعون ندر موسئ وَقَوْمَه
فَاهرُونَ » [الأعراف: ]7١/ وقوله تعالى أيضا: « إن فرعون علا في الأرض
تعرضوا للحرق فى معبدهم بينما كان صلاح الدين الأيوبى رحيمًا بهم فعندما
استعاد القدس عام 87١١م أذن لليهود بالعودة للمدينة المقدسة؛ ومن هنا وحسبما
أشارت الروايات فإن عودة اليهود إلى فلسطين لم تكن قائمة إلا على إثر حملات
الاضطهاد والملاحقة فى أوروبا ولم تكن عودتهم إليها بدافع من حنين إلى وطن
الأجداد
وقد نهد الفرن الخانس تكسي اليلادى مجزة بق يبوه أشيأيا يس سويد
الأندلس وتعنت محاكم التفتيش بينما اتجهت الأكثرية الساحقة منهم إلى فرنسا
وهولندا وإيطاليا ومصر وقبرص والبلقان وتركياء ففى عام 1840م لم يكن فى
فلسطين سوى ١١ ألف يهودى من أصل مجموع السكان البالغ ٠ 9* ألقا وفى عام
وصلوا إلى 79 ألقّا من أصل 9٠٠0 ألف» وقد أتت حملات الاضطهاد
فى روسيا عام 1887م بموجات متتابعة من يهود هولندا ورومانيا
يز مسن إنوازل إلكبراوفاة تاي الإسلاءاق
ومع ظهور الصهيونية وكتاب تيودور هرتزل حول الدولة اليهودية الذى أصدره
عام 3م والذى تحدث فيه عن الحقوق التاريخية للشعب اليهودى اضطرت
الصهيونية آنذاك إلى تزييف التاريخ كما زيفت التوراة من قبل يقول جارودى فى
كتابه «كشف أحلام الصهيونية وأضاليلها» إذ يتحدث مستفيضا عن تزييف
الصهيونية للتاريخ لتبرير العدوان وكيف ابتكر اليهود فكرة العنصرية التى
استخدمها النازيون ضدهم يقول: «لم يكن العبرانيون هم الشاغلون الأوائل لأارض
فلسطين بل كانوا بين كثيرين غيرهم من شعوب الهلال الخصيب ولا يستطيعون
بحال من الأحوال المطالبة بوضع استثنائى لهم فى سياق هذا التاريخ الطويل إلا أن
الصهيونية كعادتها أخضعت أحداث الماضى بالتلاعب والتحريف حيث لم يكن
لتاريخ اليهود فى تلك المنطقة إلا تواريخ عابرة بل نادرة وربما يكون العبرانيون قد
أ- احتلال اليهود لأرض كنعان فى عهد يوشع وقد حدث ذلك فى القرن
٠ ى م» وقد تحدثت عنها التوراة» وهذا التوغل ما لبث أن حول إلى حرب
مقدسة وإلى غزو لاستئصال شأفة الأعداء» والقائمون بهذا التحويل هم لاهوتيو
القرن السادس فى إعادتهم لكتابة التاريخ طبقا لأغراض سياسية محددة
ب- سنوات حكم داود وسليمان ومجموعها ١7 سنة
أما بقية التاريخ فلا أثر له؛ ويقول جارودى: وكأن شيئا لم يحدث فوق هذه
أيضا خلال قرابة ألفين آخرين بدءًا من «باروكوشيه» وحتى إنشاء دولة إسرائيل
18م وهكذا يرى جارودى أن علم الأجناس يؤكد أن الفلسطينيين هم أحق
بالأرض من يهود الشتات
زات انيت السايبدون وسقوط القدس اند معدم ل
ولعلنا نعود إلى التساؤل الذى عنونا به تلك الوريقات: من يملك الحق فى إرث
إبراهيم الخليل؟ عرفنا من الاستعراض السابق لحقيقة اليهود أنه لم يكن لليهود
وجود أصلا إذ كانوا خلال جميع مراحل التاريخ أحد مركبات الفئات السكانية التى
لم تكن تشكل بمفردها أصولاً عرقية فهل هناك دليل على ذلك؟ إن البدو الرحل أو
الرعاة الذين هاجروا متجهين نحو كنعان من أجل الاستقرار كانوا آراميين هاجروا
من شمال الفرات ومن شرق الأردن ومن شبه الجزيرة العربية؛ فهم ساميون بحكم
لغاتهم السامية لا بحكم عرقهم أو دمهم» فمثلا العرب والإسرائيليون اليوم يطلق
العبرانيون الآتون من مصر وقت الخروج فقد كانوا فئة اجتماعية مهمشة وليست
وقد كانت مملكة داود وسليمان متعددة الجنسيات حفية بالأجانب ونزعاتهم
الدينية وعندما سمح البابلى أحشي روش لمنفيين من اليهود فى بابل بالعودة بقى
معظمهم فى بلاد ما بين النهرين حيث شكلوا جذور أسرية فإذا ما أضفنا إلى ذلك
طرد الرومان الإسرائيليين المتمردين سنة ٠ لام لاتضح لنا تآكل الجذور اليهودية
العبرانية فى تلك المنطقة وهى كنعان
٠ 7/ 1414م قائلا: «إن يهود فلسطين لا يشكلون سوى أقلية لا تذكر واليهود
كالنصارى والمسلمين اتجهوا بحماسة وإيمان إلى إدخال الشعوب فى دينهم بل إنهم
قبل العهد المسيحى أدخلوا فى ديانة موسى الموحدة بالله ساميين آخرين كالعرب
ويونانيين ومصريين ورومانيين بأعداد كبيرة؛ «ثم نشط التبشير اليهودى فى آسيا
جارودى ص17 )١(
يس انوازل الكبر اف لتر الإسلاماة
القضية الرابعة:
هل العلمانية شرط ضرورى للديمقراطية؟
الواحدة والخيار الوحيد الذى لابد منه للمجتمعات» والتجارب الحالية ومن هنا
نتساءل: إذا كانت العلمانية تحول دون حرية التفكير فى الديمقراطية نفسها
والحقيقة أن العلمانية تحمل جملة من التناقضات أبرزها دعوتها إلى حرية
الاجتماع الدينى الذى يقود فى نهاية المطاف كما هو الحال الراهن إلى زيادة رقعة
الدين والدعوات الدينية للتدخل فى الشأن العام والسياسة باعتبار أن للدين دور
مهما يمكن أن يؤديه فى السياسة كما حدث فى تركيا اليوم حيث إن حزب العدالة
الاجتماعية وهو ذو مرجعية دينية إسلامية قد تفوق على سائر الأحزاب فى
الانتخابات الأخيرة التى أجريت فى تركيا وأثبت خلالها الإسلاميون نجاحا باهر
وتفوقا رائعًا إلى درجة أنهم انفردوا بتشكيل الحكومة التركية وهذا يثبت أن للدين
دورا مهما فى حياة المواطئين لا غنى عنه وقد تتقارب العلمانية مع الديكتاتورية
فيبدو التناقض واضحًا تحت مسميات عديدة كما هو الحال فى فرنسا وانجلترا من
حيث قضية حجاب المرأة المسلمة وغير ذلك من قضايا تخص المسلمين وتتعلق
بالدين الإسلامى
وبناء على المسألتين السابقتين نعود لمناقشة عودة الدين وبأى معنى يعود ولكى
ندرك ذلك ينبغى علينا أن نرى الظاهرة الدينية بمنظار جديد وأن نبتعد عن الآراء
تفسيرات جديدة لبعض المسائل الدينية التى تساعد على الارتفاع بواقع الناس
الوجود الدينى المتعاظم والمؤثر بشكل كبير فى السياسة والاجتماع إن هذه الرؤية
تعزل مفهوم الدين نفسه لتقتصر على الممارسات القابلة للتوصيف فقط هذه رؤية
انل لرايعت إسقاط الخلافة الإسلامية ترح “22
قد تكون محكومة على الديانات بشكل عام فى أوروبا أما عالم الإسلام فهو
مختلف تماما عن ذلك»؛ فالعلاقة بالدين فى الأساس هى علاقة فردية أولآً ثم
يكون لها أبعادها الاجتماعية الظاهرة فى الأسرة ثم المجتمع ثم الدولة ويرى
باتريك ميشيل أن تفسير عودة الدين يجب أن يتصل بنهاية الاستقطاب بين
الشيوعية والرأسمالية كنظم وليس كدول فقط» وهو ما أدى إلى إعادة طرح فكرة
الدين من جديد ومع إعادة تشكيل العالم فإن هناك مشكلة وأزمة فى الهوية؛ فقد
أدت خلخلة الهوية إلى نوع من الحماس الدينى لأن الأحاسيس والمشاعر اتجهت
لاعم الموارد الرمزية التى لا تزال باقية والتى تعطى معنى للعالم بعد هذا الطرح
نستطيع أن نقول: حرى بمبداً العلمنة أن يلقى فى مقبرة النظريات الفاشلة توقيع
«جون فول» أستاذ التاريخ الإسلامى وتاريخ العالم فى جامعة جورج تاون
بواشنطر "١!
)١( للمزيد يرجع إلى كتاب العلمانية تحت المجهر للدكتور عبد الوهاب المسيرىء وكتاب الإسلام والعلمانية
للدكتور يوسف القرضاوىء وكتاب العلمانية بين الخرافة والتخريب للدكتور يحيى هاشم فرغل ء كذلك
مقال نهاية العلمانية للدكتور يحيى هاشم فرغل وهو منشور على الإنترنت
ثانيًا: يهود الدونمة وتآمرهم على الخلافة
تركيا بعد اضطهادهم وطردهم والمسلمين على أيدى محاكم التفتيش الأسبانية؛
«سالونيك» الواقعة فى ممتلكات الدولة العثمانية آنذاك» وإلى سائر المدن التركية؛
بعد أن تعرضوا لمخاطر البحر وقراصنته وكادوا يهلكون جوعا
والدونمة كلمة تركية مركبة من جزءين: الأول (دو) بمعنى اثنين وهى فارسية
الأصل والثانية (نمه) بمعنى نوع؛ ومعنى الكلمة بجزءيها كما أرادها الأتراك الفرقة
القائمة على نوعين من الأصول «النوع اليهودى» و«النوع الإسلامى»'' + وقد
أطلقوها على تلك الفرقة اليهودية التى تظاهرت بالإسلام وأضمروا اليهودية
وعاشوا بين الأتراك بوجهين وكأنهم يعنون بها المرتد أو الملحد أو الزنديق» ومن
ثم صارت لقبًّا شائمًا لتلك الجماعة اليهودية التى سكنت منطقة الغشرب من آسيا
الوسطى والتى ساهمت إسهامًا كبيرًا فى تقويض أركان الخلافة العثمانية
وظاهرة الازدواجية الدينية عند اليهود ليست بغريبة عليهم» فقد وصفهم بها
القرآن فى أكثر من موضع ف وَقَانت طَائقَةٌ مَنْ أَهلِ الكتَاب آمنوا بالذي أُنزل عَلى
ولم تسلم الديانات الإلهية من تلك الظاهرة اليهودية وقد اندس نفر منهم إلى
الديانة المسيحية الصافية وتظاهروا باعتناقها وهم ما يزالون على كفرهم حتى