حاب
وجل * أطلعه الله عليه بالقدر الذى أرادة الله لحكمة أرادها *
ولخير أراد تحقيقه ومن ثم ؛, لم يكن لسيدنا موسى صبر على
الصالح الذى أوتى هذا العلم والذى خفى أول الأمر على سيدنا
تصبر على مالم تحط به خبرا) فسيدنا موسى نبى صاحب
شريعة يحكم بالظاهر أما سيدنا الخضر فعالم علمه الله
من لدنه علماً بباطن الأمور وأوقفه على بعض الأسرار
والعلم بباطن الأمور مرده إلى قوة النفس وصفائها فهذا
العلم الربانى ثمرة الإخلاص والتقوى ويسمى «العلم اللدنى»
يورثه الله من أخلص العبودية له ولا ينال بالكسب والمشقة فى
الاطلاع وإنما هو هبة الرحمن لمن خصنه الله بالقرب
والولاية والكرامة
منها كل عبد صالح الخير وينعم بنعم الله فى الحياة الدنيا
وقى الْآخرة:
تلك هى جنة الخير - التى تألق وازدهر فيها ربيع قلب
سيدنا موسى من خلال لقائه بسيدنا الخضر عليه السلام ثم
انتقل سيدنا موسى عليه السلام من جنة الخير إلى جنة الزكاة
كما جاء فى قول الله تعالى : «خيراً منه زكاة وأقرب رحما» -
وجنة الزكاة هى جنة أصيلة فى حياة الإنسان حيث لا
يقبل إنسان عند الله إلا إذا دخل من جنة الزكاة وإقامة الصلاة
الإنسان يزكيه بالكلمة الطيبة ويزكيه بالأمنية الحلوة ويزكيه
بالخير والنعيم تلك هى حياة أهل الزكاة وهى حياة ليست
قاصرة على من يخرجون أموالهم لأداء فريضة الزكاة ؛ لكنها
أشمل وأعمق من إخراج الأموال ويهذا يشترك فيها كل الناس
فقراء وأغنياء حينما يتمنون لغيرهم الأمانى الطيبة ويفرحون
بما أنعم الله على الناس من نعم
ومن خاضها فإن الله سبحانه وتعالى يزكّيه ويتجاوز عن
سيئاته إنها شجرة الشفاعة فى الأرض ؛ التى جعلها الله من
أجل التزكية وإبراز العمل الخير حتى وإن كان ضئيلاً
وهناك فارق بين من يعيشون فى هذه الجنة فى حياتهم ٠
وبين من يتصيدون أخطاء الناس ويحقدون عليهم ويتمنون زوال
النعمة منهم من خلال الحسد والنقمة , وهؤلاء ولا شك خارجون
عن هذه الجنة لأن من يحيا فيها لابد أن يكون طاهر القلب
صافى الروح مطمئن النفس عظيم المروءة
وحينما تخوض النفس الإنسانية فى هذه الجنة فإنها ترى
الورود المتفتحة والأزهار اليائعة التى هى الصفات الحميدة
والأخلاق الربانية على هذه الأرض ؛ فيتبواً منها الطالب حيث
تلك هى الجنة التى جعلها الله فى حياة الصالحين ليتبيّوا
أجر العاملين
نلتقى بكلمة «وأقرب رحما» وهى كلمة الرحمة أو جنة الرحمة
فى حياة القلوب الصالحة حيث تعيش القلوب على مدد من رحمة
ريها وما أقرب القلوب الصالحة إلى الرحمة واللين والعطف
الله عليه وسلم عن رب العزة فيما يختص بالرحمة - مامعناه -
إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة أنزل منها رحمة
واحدة وأمسك بتسع وتسعين رحمة ؛ هذه الرحمة الواحدة هى
الرحمة التى جعلت الوحوش تطعم صغارها والأم تعطف على
وليدها , فلو علم الكافر ماعند الله من رحمات مااستيأس من
دخول الجنة
والرحمة -: إحدى الجنات الواسعة الثى شبيها الله سيحائه
والرحمة فى فروعها ستر وليست فضيحة إنسانية
وليست حيوانية سلام وليست حرباً خير وليست شراً طعام
وليست مجاعة أمن وليست خوفاً تلك من أمثلة حياة
الرحمة فى هذه الجنة التى جعلها الله على هذه الأرض لكى
الله سبحانه وتعالى يقول : «وأقرب رحما» ويقول المنفلوطى : (لو
تراحم الناس ماكان بينهم جائع ولا مسكين ولا عريان إلخ) ٠
وإذا كانت حياة الرحمة أى جنة الرحمة قد استهدقت القلب
والفؤاد فإن الله سبحانه وتعالى لا يحرم أحداً من هذه الجنة
على الأرض حتى ولو كان جباراً شقياً ومفتاح الجنة موجود
فى الأرض كما ورد فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إلى العذاب والراحمون يرحمهم الرحمن
تلك هى رسالات الصالحين والرسل والأنبياء وحياتهم على
هذه الأرض يتنسمون من أريج الجنة ويلتمعسون من جودها
وكرمها , وهم لا تزال أقدامهم تسعى على تراب هذه الأرض
سيدنا موسى عليه السلام من خلال الآية القرآنية
وتستطرد آيات القرآن شارحه تأويل سيدنا الخضر لواقعة
الجدار فيقول :
«وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة ويكان تحته
كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما
ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك , ومافعلته عن أمرى ذلك
يتحرك فأراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل له وظيفة من
الوظائف - وحينما يقوم الجماد بوظيفة ليست هى أصلاً موكولة
إليه , فإن ذلك يعبر عن فساد شامل فى هذا المجتمع - الذى
يئس فيه الرجل الصالح من ائتمان أحد من أهل هذه القرية
على حفظ الأمانة والعمل بالوصية ؛, وهذا الفساد يبدى واضحاً
من تلك المعاملة التى استقبل بها أهل تلك المديئة كلا من
سيدنا موسى وسيدنا الخضر عليهما السلام فقد رفضوا
والبعد عن العقيدة والنقص فى"الأخلاق الحميدة التى من طابعها
الكرم والإيثار وإكرام الضيف من أجل هذا أصبح الجدار قيمة
فى عالم الحفظ وصيانة الوديعة ٠ حيث ارتضاه الرجل الصالح
مكاناً آمناً لحفظ أمواله
وحينما دخل سيدنا الخضر وبصحبته سيدنا موسى
عليهما السلام تلك القرية تحركت طبيعة الحياة الروحية فى
أعماق سيدنا الخضر مع خطواته فى تلك البلدة - فحينما يمر
الخضر عليه السلام على بلدة بأكملها فإن القلوب والنفوس
مامن شىء إلا ويسبح بحمد الله ولكن أكثر الناس لا يفقهون
كيف تسبح هذه المخلوقات وتلك الخلائق ؟!
فكان لغلامين يتيمين فى المدينة : أفضى على وجدانه الملهم
وجدانه الملهم بما يعانيه ذلك الجدار من جراء حمل الأمانة التى
وحفظه للوديعة من أجل غلامين يتيمين لأب صالح فى تلك
القرية من منطق أن الأبوة الصالحة تنفع الأبناء اليتامى
المستضعفين فى الأرض
وكان تحته كنز لهما فما برح الخضر عليه السلام أن
تفاعلت همته من أجل بناء ذلك الجدار , بل ذلك الصرح العظيم
الذى يمثل الحفاظ على الأمانه فى المجتمع الإنسانى وذلك
واضح فى التعاليم القرآنية المباركة التى تستهدف - الغيرة
الشديدة فى الحفاظ على الأمانات والعهود دون تبديد أو
برعم صفير لياخذ حقه فى الإنبات والرعاية واليتامي
الصالحون براعم جديدة تحتاج لكل صون ورعاية من أجل
استمرار الخير وتدفق الحياة فى نقاء وصفاء حتى لا يشقى
إنسان أى يحرم من لطائف الرحمن فلم يكن حفظ الرجل
الصالح للوديعة فى ذلك الجدار إلا لاستشراء الفساد وانعدام
روحانية يستغيث بها من أجل إقامته , فإن هذه الصرخة
ماهى إلا أثر صالح من أنفاس العبادة الصادقة والذكر
المستديم لرب العالمين من أجل رجل كتبه الله من الصالحين
يتعقب الأبناء فى مجال حياتهم طالما نشأوا صالحين طيبين
ولقد عنى القرآن عناية فائقة بكل غلام يتيم ويكل إنسان
يحيا على هذه الأرض أشبه مايكون باليتيم من أجل الحفاظ
على كل ضعيف وكل مستضعف على هذه الأرض
جا طول هم
تلك هى الرسالة الخالدة والرحمة الخالصة التى أرادها
الله سبحانه وتعالى أن تكون فى الأرض وفى السماء
نتاج حلال وليس من كسب حرام وقد امتزجت فيه القيم المادية
بالقيم الروحانية لأنه أثر من آثار الصالحين فى الحياة
وتأكيد واضح للميراث الروحى وهى الميراث الحقيقى الذى
تتأكد حقيقته بالأخلاقيات المتمئلة فى العبادة والتدين الحقيقى ,
كل ميراث يستخلفه الرجل الصالح لذريته فى الأرض ؛ وذلك هو
ميراث الأنبياء والرسل والصالحين على الأرض
الصلاح والتقوى كانت همة سيدنا الخضر عليه السلام فى
إعادة هذا الجدار أو ذلك البناء إن هذا العمل يشير إلى إقامة
صرح الخير على هذه الأرض طالما كانت هناك المقومات
الصادقة التى تدعم كل عمل خير وكل اتجاه حميد
فأراد ريك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما: أقام
سيدنا الخضر ذلك الجدار صوناً للأمانات وحفظاً للعهود , وترك
ويستخرجا كنزهما وسوف تتحرك الهمم فى زن ,سمح لهما
سد فيلات
تأثير روحى يعمر الأرواح من أجل يقظتها فى الموعد الحقيقى ,
حينما تتفتح المدارك وتعى العقول وتقوى العزائم
تلك أمثلة مصغرة للآثار الروحية فى الأفراد والجماعات
من أجل النهضة الروحية والإقدام الصادق لحماية راية الله فى
الأرض من خلال جنود الأرض الذين ألحقهم الله سبحانه
وتعالى بمعسكر جنود السموات
رحمة من ربك : ذلك هو العمل الحقيقى لسيدنا الخضر فى
كل موقع وفى كل مكان إنه عمل مستمر يمثل وظيفة الرحمة
الحقيقية فى بعث الهمة الروحية وإظهار الحكمة الخفية
وإصلاح مالم يستطع العقل ولا الدهر إصلاحه وتلك الوظيفة
وهبهم الله سبحانه وتعالى الحكمة والمعرفة القائمة على الأسرار
الدفينة التى وضحت معالمها من خلال ذلك الحوار العظيم الذى
دار بين قطبى الخلافة سيدنا موسى فى نبوته الكبرى ؛
وسيدنا الخضر فى صلاحه وحكمته العظيمة
ومافعلته عن أمرى : ومن أجل هذا يستمر سيدنا الخضر
فهو ليس له إرادة ولا غاية فى تحقيق مارب أى شهوة على
الأرض فيقول مذكراً سيدنا موسى عليه السلام بل موضحاً
لأتباع الإسلام قول الله تعالى : «ومافعلته عن أمرى ذلك تأويل