وتوضح هذه الاعتبارات أن التراث الثقافى الأدبى فى العصور الوسطى الباكرة ؛ باستثناء
بعض الأعمال الشعرية الشعبية الألمانية مثل ملحمة البيوولف 3608012 (التى يحتمل أنها
إليه ؛ وريما كان السبب الرئيسى فى أن آداب العصور الوسطى الباكرة لاتستحوذ على
الأساقفة ومقدمو الأديرة فى العصر الحاضر مساو فى ضآلته لاهتمامهم بما كتبه أسلافهم فى
العصور الوسطى الباكرة
وبسبب الطبيعة الكنسية التى ميزت ثقافة العصور الوسطى الباكرة ؛ ينبغى دراسة
مؤلفات أولئك الكتاب الذين عرفوا باسم "آباء الكنيسة" والذين تعرف أعمالهم بالتالى باسم
أدب آباء الكنيسة ؛ على اعتبار أن أولثك الكتاب هم المفتاح إلى فهم فكر العصور الوسطى
الباكرة ذلك أنه حتى القرن الثائى عشر كان علماء الكنيسة يعملون دائما داخل إطار
(7) البيولف !انا300 أو البيوفولف ملحمة جرمانية تدور حول بطل اسكندنافى عاش فى العصور السحيقة
؛ وقد ظلت هذه الملحمة محلاً للتداول الشفوى على مدى عشرات سنين؛ وريما عدة قرون ؛ ثم جمعت أشعارها
ودوتت فى منتصف القرن الشامن تقريباً على يد قسيس النجلو- سكونى ؛ وهذه الملحمة حافلة بأثار شتى من
المصادر الأخرى ؛ وقد تأكدت بعض أحداث الملحمة رشخصياتها بورودها فى المصادر التاريخبة التى ترجع
إلى القرن الخامس ؛ والملحمة تضم فى ثناياها كما مدهشاً من أعلام وأحداث العصور الوسطى الباكرة ؛ كما
تكشف عن النظرة الجرمانية التلقائية للأشيا ء وطريقتهم الطبيعية فى التعبير ٠ ويرى بعض الباحثين أن أن
ماذكره تاكيتوس فى القرن الأول عن أحوال الجرمان يجد تأيبداً له فى أبيات ملحمة بيولف التى تعتبر مصدراً
محترما من مصادر معلوماتنا عن النظم الجرمانبة فى وقت الغزوات حين كانت السيادة وعصبة الحرب قد
صارت محور الحياة الجرمانبة على نحو أشد تركيزا ما كانت عليه عند نهاية القرن الأول - انظر
والجدير بالذكر أن الكتابين قد أوردا مختارات من ترجمة الملحمة ؛ كما أن هناك ترجمة كاملة لها -
«لأفكار الواردة فى الكتاب المقدس كما فسرها آباء الكنسة ؛ ووفقا للاهوت والنظريات
التعليمية ؛ والمذاهب الأخلاقية والفلسفة السياسية ؛ وفلسفة التاربخ التى تشمئتها كتابات
أباء الكنية وقبل أن ندين علماء العصور الوسطى الباكرة بسبب هذا الموقف الشكرى
المحافظ؛ ينبغى أن نتذكر أن هذا الأدب الذى كتبه آباء الكنيسة لم يكن دوره كخافية ثقافية
دوراً ضثيلا فعلى العكس من ذلك كان آباء الكنيسة اللاتين الأربعة الكبار - أوغسطين
وجيروم ؛ وأميروز قرب نهابة القرن الرابع والبايا جريجورى العطليم عند نهاية القرن السادس
- قد تركوا لنا قدرا ضخما من المؤلفات التى طرحت مناقشات مثمرة حول معظم المسائل
المتعقلة بكنيسة العصور الوسطى ٠ ولم يحدث حتى القرنين الثانى عشر والثالث مشر أن كان
هناك أحد يمكنه أن يقاريهم فى المستوى : وحتى القرن الثانى عشر كان علماء الكنيسة
يعتبرون أنفسهم مجرد أقزام يجلسون فوق أكتاف آباء الكنيسة الدمالقة ؛ وبطبيمة الخال لم
يكن رجال الكنيسة فى المصور الوسملى هم وحدهم الذين تناولوا أدب آباء الكنيسة بالتبجيل
والاحترام الكامل , فقد ظل تأثير آباء الكنيسة ؛ ولاسيما القديس أوغسطين , قويا حتى
يومنا هذا ؛ فالكل يعرف مقدار مايدين بد لوثر )١9١ وكالفن(*١) لأوغسطين ؛ بيد أن الشىء
نفسه يمكن أن بقال يمن علماء اللاهوت فى عصرنا المالى من أمثال كارل بارت يف13 160:1
للكتاب المقدس إلى اللغذ الامجليزية فى القرن السابع عشر ا«نمدوا كثيرا على الترحمة
عرضه لغض البابا لبو العاشر والامبراطور شارل الخامس إمبراطور الدولة الرومانيه المقدسة ؛ فحرم من
ثمة حاجة لوجود مطائفة حاصة برجال الدين لأن كل مسيحى يمكنة أن تكون رحل دبن ؛ وقد أستدمر ذهب لوثر
فى ألمانيا فى نهامة الأمر ؛ ببد أنه كان يعتمد فى صراعه على النبلاء وأهمل شأن عادة الشعب (المترجم)
اضطهاد ذراسدوا الأول ملك فرنسا الكاثوليكى الملتعسب وقد امتارب حركة : ون كالفن باشمامها بجميع
<ركة كالدن انتشارا وا! فاق انتثار مذهب لوثر بكثير (المترجم)
اللاتينية المسماة بالفولجاتا هادع 1/01 التى قام بها جيروم؛ وقد نقول إجمالا أن أدب آباء
الكنيسة غنى بالفروض ٠ والمفاهيم والارشادات المتسلقة بكل جوانب الحباة تقريبا ولم يكن
الناس الذين اعتبروا أوغسطين وجيروم وأمبروز وجريجورى علماء ثقاة يرجعون إليهم حمتى
أر جهلاء ؛ فقد كان آباء الكئيسة اللاتين مفكرين ذوى إطلاع واسع ؛ وتقوى عميقة ,
وحكمة كما تميزوا بعمق التفكير الذى كان بعلن عن نفسه بوضوح بين الآونة والأخرى
ويجدر بنا أن نتذكر أنه فى أوائل العصور الوسطى لم يكن فى الساحة الثقافية مايتائس أدب
آباء الكنيسة فى مجال التأثير الفكرى ؛ ولم تكن هناك ثقافة راقية خارج الكنيسة ؛ وفى
الداخل لم تكن ثمة حركة تقلل من شأن أدب الآباء مغل تلك الحركة الاحيائية للفكر الأرسطى
فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر
وهكذا فإذا كنا بصدد البحث عن مصسطلح يصف ثقافة أوربا العصور الوسطى الباكرة
بإيجاز فلن نستطيع إلا أن نستخدم عسارة " تراث آباء الكنيسة المهدى -د0 - 1ه8:0150
1180 إذ كان نص الكتاب المقدس بطبيعة الحال , هو نقطة البداية لكل تظرية ؛ فقد كان
الكتاب المقدس بشابة المنبع الوحيا وأساس كل فكر وعقيدة (فى ميادين التاريخ ؛ والفكر
السياسى ؛ والعلوم ٠٠ وما إلى ذلك) وكان كل ما بتنافض مع الكتاب المقدس لايحظى
بالاحترام فعلى سبيل المشال ؛ لم يكن بوسع أحد أن يمتقد بخلود المادة ؛ لأن سفر التكوين
يسحدث عن خلق العالم من العدم وعلى أبة حال ؛ كان الكتاب المقدس ؛ كما فسره آباه
الكنيدة فى مؤلفاتهم الضخمة هو المرجع الأساسى لكل الأفكار فعن طريق ترجمة الكتاب
المقدس دخل حش كامل من الاتجاهات الفكرية التى طورها آباء الكنيسة فى فكر العصور
الوسطى
فسا هى هذه الاتجاهات السائدة فى فكر أباء الكنيسة اذا كان استمادهم على الكتاب
مكنا ولمعل التفسير المججازى لالكتاب المقدس ضرورة : وهو ماعرف باسم نظربة العقيدة :
مستوى عامة الناس , ومستوى المثقفين من علداء الكنيسة ؛ وهى النظرية التى نشأت أصلا
فى رحاب الكنبسة الشرقسة أصبحت نظرية شائعة فى الكنيسة اللاتينية فى العصور الوسطى
الباكرة بفضل آبا , الكنيسة ؛ ولاسيما أوغسطين وعلى الرغم من أن هذه النظرية لم ينتج
فإن هذه النظرية سهلت سبيل الوصول الى لاهوت متطور على أساس من التفسير المجازى
للكتاب المقدس
وهناك اتجاه ثان يتعلق بفكر آباء الكنيسة ميز بين المسيحية اللاتينية الغربية ووجهة نظر
الكنيسة اليونانية الشرقية ففى أوربا الغربية ركزت الكنيسة على الجوانب الأخلاقية
والقانونية للعقيدة أى العلاقة بين الله والانسان , وهو مايميزها عن الكنيسة اليونانية
الشرقية التى اكدت على البحث فى طبيعة المسيح وهو ما أدى الى كثير من الهرطقات
والانتسامات وببدو هذا الاتجاه واضحا تمام الوضوح فى مؤلفات ترتوليان أول اللاهوتيين
اللاتين الكبار ؛ فعلى الرغم من عدائه للثقافة الكلاسيكية ؛ لم بستطع أن بغض البصر عن
جميع انجازات الفكر الرومانى لقد كان ترتوليان من رجال القانون قيل أن يعتشق المسيحية ؛
وفى كتاباته أخذ الفكر المسيحى يتسم بالطابع القانونى الذى قدر له أن يؤثر بعمق فى مفهوم
العصور الوسطى عن العلاقة بين الفرد والكنيسة من ناحية ؛ والذات المقدسة من ناحية أخرى
وفى كتابات ترتوليان - كما هو الحال فى كثير من المؤلفات اللاهوتية فى العصور الوسطى -
يبدو المسيح شبيها بالأباطرة الرومان وهو يفرض مطالب محددة على رعاياه ؛ كما يصدر
القوانين التى لايمكن انتهاكها خوفا من قسوة العقاب وتمثل التراث الذى خلفه ترتوليان من
بعده فى المفهوم القانونى للخطيئة باعتبارها دينا لابد من الوفاء به أمام الرب الشبيه
بالامبراطور وقد سار أوغسطين وجريجورى فى هذا الاتجاه ؛ وربطه كل منهما برؤية
الكنيسة فى العصور الوسطى ؛ حتى بات هو الرأى الأكثر شيوعا فى التعبير عن الخطيئة فى
آداب العصور الوسطى
هذا المفهوم القانونى يفسر السبب فى أن العهد القديم كان أكثر جاذبية بالنسبة للناس فى
أوائل العصور الوسطى من الأناجيل إذذ أن الفن والأدب فى العصور الوسطى الباكرة
يصوران المسيح كاميراطور يحكم فى القضايا أى كإله للقانون والعقاب اما الصورة التى
يبدو فيها المسيح وقد برح به الألم والوجد ؛ والعذراء بجواره حزينة باكية ؛ فلم تداعب خيال
الأدباء والفنانين فى العصور الوسطى الا عندما قامت الحركة الرومانسية الكبيرة فى القرن
الثانى عشر ؛ وعندها فقط غلبت صورة المسيح ومريم العذراء كما وردت فى العهد الجديد
يسددوا أى عجز من ذمتهم ؛ وبفضل هذا النظام البالغ القسوة وغيره من الالتزامات - مغل
إجبار الرجل على البقاء فى مهنة أبيه ؛ وعلى دفع ضريبة ثابتة القيمة بغض النظر عن حالته
دقلديانوس وقسطنطين حفظت كيان الامبراطورية من السقوط على مدى قرن من الزمان إلى أن
صارت الكنيسة قوية بالقدر الذى يمكنها من تولى قيادة المجتمع فى القرن الخامس وعلى أية
حال , فقد كان الدواء ؛ الذى وصف للامبراطورية ؛ أكثر سوما من الداء
فى تناولنا لمختلف النظريات التى عالجت تدهور الامبراطورية وسقوطها ينبغى علينا أن
نحدد بدقة ماهو المقصود إذ يجب علينا أن نوضح ما إذا كان المقصود هو تدهور الحضارة ؛
أم المثل الأعلى للامبراطورية ؛ أم الدولة الرومانية ذاتها لقد أثار اضمحلال الامبراطورية ٠
باعتبارها حضارة ؛ الجدل الأكبر بين المؤرخين وفى وسعنا ؛ من غير شك ؛ أن تستبعد
الأسباب المنافية للعقل مثل تلك التى ترجع سقوط الامبراطورية الى موجات وباء الملاريا ٠
رأن نتجاوزها إلى نظريات أكثر عمقا حول تدهور الحضارة الرومائية
يوضح بعض الباحثين أن روح الحضارة القديية نمت وتقدمت فى المدينة - الدولة 18ه51-إ11©
التفسير سليما ؛ ولكنه يهتم بالسببية الوسيطة فقط ويهمل الأسباب النهائية فما الذى أدى
إلى تدهور الحضارة ؟ وثمة نظرية أخرى تقول إن الاستشراق هو سبب الانهيار الرومانى ؛ لقد
كان هناك بالفعل استشراق عن طريق التزاوج ؛ ولكن التغير الذى نتج عن ذلك لم يكن ذا بال
وأهم من ذلك بكثير هو الاستشراق الأخلاقى والثقافى ؛ أى تسرب روح جديدة وحضارة جديدة
من الشرق إلى كيان العالم الرومانى وهذه النزعة الصوفية الجديدة جعلت الناس يتخلون عن
اهتمامهم بأمور هذا العالم رمن الواضح أن ثمة تغير فى قيم العالم الرومانى ومثله قد حدث
بين عام ١١ وعام ٠ ٠م ؛ ونتج عن ذلك أن افتقد المجتمع العناصر القيادية الحقة , فالرجال
الذين كانوا بتمتعون بمقدرة عظيمة ؛ مثل أمبروز 110100052 وأوغسطين 02اقنازتن/ ؛, كان
من الممكن أن يعتركوا الحياة السياسية لو لم يكرسوا أنفسهم لخدمة الكنيسة ؛ وهم الذين
يرى ميخائيل روست فت زف !180810151701 1101001 ؛ أعظم مؤرخى الامبراطورية
الرومانية ؛ أن تمرد الجماهير هو سبب التدهور إذ أن أفراد الطبقات الدنيا من الكادحين
والعبيد - أو ذرياتهم على الأقل - ارتترا إلى أعلى المناصب رتمكنوا من السيطرة على الجيش
والحكومة ؛ ولم يكن لهذه الطبقات بطبيعة الحال حظ من التعليم فى العصور الكلاسيكية كما
كان مفهومهم عن المثل الأعلى الامبراطورى غامضا ؛ ولم يكن لديهم الوعى الكافى لاحترام
حرية الفرد والقانون هؤلاء الرجال ذوو الأصل المتواضع والمجهول وصلوا الى مواقع السلطة
فى القرنين الشالث والرابع ؛ وعجزوا عن فهم تقاليد الصفوة التى كانت تسيطر على
الإمبراطورية فى القرن الثانى ولم تستطع حضارة الصفوة التى عرفها العالم القديم أن تقاوم
استقطاب الجماهير لها ويكمن الضعف فى نفسير روستفتزف فى أنه يقدم صورة واضحة
قاطعة “للجماهير" فى مواجهة "الطبقات" لقد حدث بالفعل أن تولى السلطة فى أواخر عصر
الامبراطورية رجال من الكادحين والفلاحين , رغم بقاء الكثيرين من أفراد الطبقة الارستقراطية
فى المناصب الحكومية ؛ الا أن هؤلاء القادة الجدد للطبقة الدنيا لم تكن لديهم أية رؤية طبقية
خاصة ؛ ومن المؤكد أنهم لم يعتبروا أنفسهم قائمين بشورة طبقية
أولهما : أن تدهور الحضارة القديمة بدأ منذ الحرب البلوبونيزية ؛ وما تاريخ الامبراطورية بأسره
إلا خاتمة لإخفاق الحضارة اليونانية وثانيهما ؛ أن الحضارة الرومانية , شأنها شأن كل
أن تبوأت الكنيسة المسيحية مكانتها ؛ وأن أصبحت الديانة المسيحية بمشابة الشرنقة التى
سوف تخرج منها حضارة أوربا القادمة وبينما تبدو النظرية الأولى غير معقولة فإن الثانية
تحصيل حاصل ؛ برغم أنها نظرية مفيدة وتفسر سبب التدهور إلى حد ما الا أن مجرد رصف
ماحدث فى عبارات فضفاضة لايعتبر شرحا للسبب
وأخيرا ؛ فإننا قد نأخذ فى اعتبارنا نظريات أخرى ثلاث عن أسباب إنهيار الحضارة
الرومائية ؛ ولكنها نظريات تحمل فى طياتها بذور الحقيقة تتعلق النظرية الأولى بوجهة نظر
الأخلاقيين فى العصر الفيكتورى عن فساد الحياة التى عاشتها الطبقة الحاكمة الرومانية
باعتبارها سبب الاضمحلال والحقيقة أن رجلا من رجال الكنيسة فى أواخر القرن الرابع يدعى
تلك "الحياة الفاسدة" التى عاشها معاصروه واعتبرها سببا لتدهور الامبراطررية ويمكن الرد
بأنه ليس من المؤكد أن الحياة الشخصية للطبقة الحاكمة أصبحت بالضرورة أكثر حطة فى
العصور الامبراطورية المتأخرة ؛ إذ كان حكام الامبراطورية المبكرة يتصفون فى أحيان كثيرة
بالضعة والفساد وكانت الدعارة واحدة من أكثر المهن الرومانية رواجا رتنظيما , كما كان
الشذوذ الجنسى متفشيا فى أوساط الأرستقراطية الرومانية على سبيل تقليد المجتمع
اليونانى؛ وفى عصر الامبراطور أوغسطس أشار الشاعر هوراس 140:02 فى إحدى قصائده
إلى أن يفضل الغلام على المرأة فى كل وقت ولم يقدر المؤرخون النتائج الاجتماعية المترتبة
على الفساد الجنسى حق قدرها وفيما يتعلق بالامبراطورية الرومانية فإن السؤال يمكن أن
بطرح عما اذا كان للاعارة والشذوذ الجنسى تأثير سلبى على أداء العائلة الأرستقراطية
لوظائفها فقد ساهمت العائلة الارستقراطية مساهمة قوية للغاية فى أعمال الجمهورية
الاجتماعى ؛ فهو من أعراض نساد النظام الاجتماعى والأخلاقى وعجزه عن أداء وظيفته فى
المجتمع ويجدر بنا أن تلاحظ أن الشذوذ الجنسى تفشى بين الصفوة الحاكمة فى مجتمعين
آخرين عانيا من التدهور السريع ؛ وهما العالم العربى فى العصور الوسطى وانجلترا فى القرن
العشرين
وفيما يتعلق بالنظريات العامة للتدهور والسقوط ؛ نأتى الى كتاب عظيم هو كتاب
"المسيحية والحضارة الكلاسيكية" لكرشرين 0000 08 وقد نشر سئة 9746 ولكنه لم
يلق من المؤرخين الاهتمام الذى يستحقه وانطلاقا من رؤية كوشرين الأوغسطينية الجديدة ؛
يرى أن العيوب الأساسية للفكر الكلاسيكى كانت هى العقبة الكؤود فى سبيل استمرار
الحضارة ؛ فبسيب الايمان الساذج بقوة العقل الانسانى اللامحدودة خرج القادة السياسيون
والثقافيون للحضارة الكلاسيكية عن نطاق قدراتهم وحاولوا أن يخلقوا النموذج والمثل الأعلى
عقلى فى الطبيعة الانسانية ؛ مثل الغرائز الحيوانية والايمان بالمقدسات التى استبعدتها نظرتهم
الضيقة الى الأمور ويختتم كوشرين نظرينه بتأييد وجهة النظر المسيحية "الأوغسطيئية" عن
الطبيعة البشرية وليس من الضرورى أن تكون للمرء حماسة أحد أصحاب النظرية
الأوغسطينية عن الطبيعة البشرية ؛ مثل كوشرين ؛ لكى يعترف بأنه قد أبرز بحق أن الرؤية
الخاطئة للطبيعة الانسانية (والتى افرزتها الحضارة الكلاسيكية) كانت سببا أساسيا فى عجز
قادة العالم الرومانى عن التعامل الواقعى مع المشكلات السياسية والاجتماعية والثقافية التى
فرضت نفسها على عصرهم ٠
”ؤثمة موضوع جدلى ثالث - إلا أنه يساهم فى تفسير تدهور الحضارة الرومانية - ركزت
عليه البحوث والدراسات الحديثة ؛ ومؤداه أن الامبراطورية الرومانية لم تحقق سوى التجميع
السطحى لحضارات عالم البحر المتوسط ففى شرق المتوسط بصفة خاصة ؛ لم تكن هناك غير
صفوة قليلة العدد من سكان المدن اتخذت لنفسها الصبغة الرومانية على حين ظلت جماهير
السكان متمسكة بشخصيتها اللغوية والدينية التى ترجع فى أصلها الى عدة قرون قبل ذلك
وما أن بدأت الحكومة الامبراطورية تعانى من المشكلات العسكرية والاقتصادية ؛ وحين بات
السلام الررمانى مسف عدت أقل جدوى ونفعا ء عادت هذه القوميات تفرض نفسها فى قوة
لنفسها الصبغة الرومانية وفى القرئين الرابع والخامس كانت قد اجتذبت جماهير السكان
بعيدا عن الولاء للنظام الرومانى ويقال فى هذا الصدد أيضا أنه حتى بعض أفراد
الارستقراطية الرومانية القديمة لم يتوافقوا أبدا مع السلطة القبصرية ؛ وعملوا بحذق على
تقتويض دعائم الولاء للمثل الأعلى الامبراطورى فى قلب العاصمة الامبراطورية نفسها ونتج
عن هذا التخريب الذى قام به السكان الوطنيون والارستقراطيون الرومان أن تحولت السلطة
الإمبراطورية الى مجرد واجهة لا أكثر ؛ كما تحول الأغنياء والفقراء الى قضايا داخلية بعيدة
عن السلام الرومانى وحين نشهد بأنفسنا فى أيامنا هذه مدى ضحالة التغلفل الحضارى
الأوربى فى آسيا وافريقيا فى ظل حكم الإمبراطوريات الحديثة ؛ يمكن لنا أن نقدر أن عملية
صبغ العالم بالصبغة الرومانية ها لم تكن اكثر من مجرد تسرب ضحل واجهته
مقاومة الحضارة الوطنية القديمة
أيا كانت فعالية هذه النظريات المتضاربة ؛ فمن الواجب التأكيد على أن اضمحلال
الامبراطورية الرومانية كمثل أعلى لم يحدث بشكل كلى على الاطلاق , إذ كاد المثل الأعلى
الامبراطورى أن يختفى خلال القرون الخامس والسادس والسابع فى الغرب ولكنه بقى قويا
فى الشرق متمثلا فى الامبراطورية البيزنطية وتم إحيازه فى الغرب فى القرن التاسع فى
امبراطورية شارلمان وخلفائه وبعد استمرار فكرة روما فى العصور الوسطى أحد الموضوعات
كان امبراطور القسطئطينية يعتبر نفسه امبراطورا رومانيا يخضع له كل من عداه , وبعد القرن
السادس لم يعد هناك أساس واقعى للمفهوم البيزنطى عن الاميراطورية ؛ فقد كان أفضل
ماتوصل اليه الحاكم البيزنطى هو الاحتفاظ بموقع مزعزح فى جنوب ايطاليا حتى بداية القرن
الحادى عشر
وفى الغرب ؛ إبان فترة الغزوات الجرمانية ١١ 40- 78) ؛ كانت فكرة روما واهئة للغاية
وحفظتها الكنيسة المسيحية والبابوية بصفة خاصة ؛ إذ أن البابا ٠ بوصفه أسقف روما ؛ اعتبر
تطلعت البابوية إلى ملك غربى يعيد بناء الامبراطورية فى الغرب ؛ وبعيد بناء السلطة
والوحدة السياسية الى البلاد الكاثوليكية اللاتينية , وهو الإحياء الذى تم فى عهد شارلمان
مقدمة المترجم رجام »هعرد مياه ل مه م باع لفة مارو اوه م فيا ة وعم بنع هيعوت ألا
-١ موجز تاريخى ا ا ل ا أ
-٠“ موضوعات التاريخ الوسيط الباكر ووو و ود وم عض ودج ردير أل
الجزء الأول : المصير الرومانى ؛ من القرن الثانى حتى القرن الخامس
الفصل الأول : الاضمحلال والسقوط ا
-١ الامبراطورية الرومانية فى القرن الثانى بعد الميلاد ا د ل
-٠ المطلب الدينى للعالم الرومانى ا مد جم عوجي جه وي ال
الفصل الثانى : الامبراطورية المسيحية والكنيسة المسبحية 0
-١ تشكيل الكنيسة الكاثوليكية تف ب دج روه نوه بد روص جع جه وسو أله
+٠“ الامبراطورية الرومانية المسيحية م مه مع لاع عي بصع يمينا عم وي لا
الفصل الغالث : بناء المسبحية اللاتينية تجو حم ااه اج الماع وجوه وحد ومو ا
؟- الموضوعات الرئيسية فى فكر آباء الكئيسة اللاتين م تل
الجزء الغانى ؛ تحول الحكومة والمجتمع فى أوربا من القرن الخامس حتى القرن الثامن
الفصل الرابع : عصر الغزوات الجرمانية و5 ا يي
-١ الجرمان معام وو ع عع واو مقف ولام مو امم وا واوا بو عدم عو عر وو 66ل
"- القرن الأول للغزوات الجرمانية همده وو جود جه موجه بوجوب لأفلا