من غايات الله في بعث الرسل وإنزال الكتب هو العدل وهي غاية قبل الإيمان والعبادة لما سبق أن ذكرنا
بالْقِسْط .. الآية (35 من سورة الحديد» فهنا يخبر الله أن من الغايات الكبرى الي
من أحلها بعث الله الرسل وأنزل الكتب هو أن يقوم الناس بالقسط» ومنها ما سبق من كون العقل حجة
في ذم الرذائل الإنسانية للعروفة؛ فكل أمم الأرض قبل الإسلام وبعده تدم الظلم وتمدح العدلء بل حق
والظلم كما قرر حرية الإيمان والكفر.
رأينا أنه في الغاية الأولى ( الابتلاء) هي واقعة اضطراراً وقدراء وقد علل الله بما سبب خلق السموات
والأرض والإنسان» ورأينا أن الغاية الثانية (العدل قد علل الله بما إنزال الكتب وإرسال الرسل؛ وقاد
قدمناها على غاية الإمان لأنه لا خيار بين العدل والظلم» ولا حرية للظالم أن يظلم بل هو ملزم بالعدل
وقضية الإيمان قضية مركزية في الرسالات السماوية؛ والإيمان عدة قضايا تتفاوت من حيث الأهمية -
الابتلاء والاستعداد له» لأنه يعرف أنه يضحي ويصبر ليحصل على رضا الواحد الأحد الذي ابتلاه ورآه
أهلاً للاختبار وكذلك من آمن باليوم الآخر يعرف أن عمله في الدنيا ان يترك سدى» وأن هذه الدنيا
والذي سيكون فيه التعويض الأو عن كل مظلمة لحقته أو صديق فقده أو مكانة تبوأهاء ففي الآخرة
العزاء الكاقي عن كل مفقود في الدنيا من المعنويات والمحسوسات؛ فالإيمان بلا شك من أكبر دلائل
فيها بضميره وصدقه وشهادته لله ونصرته للعدالة ..الحخ» وهذه الأمور تكلف الإنسان كثراً من الخسائر
الله واليوم الآخر ويفضلها على كثير من مسائل الإيمان الأخرى حت الإيمان بالرسل والكتب المنزلة»
الأنبياء والكتب لنزلة ولللائكة لأسباب؛ أولحها لأن كل ملة من هذه الملل لا تؤمن بأنبياء الملة الأخرى
ت نحائمم؛ وكذلك قوله تعال في حى أهل
( وهو الأخلاق العللية من عدل وصدق وبر..) فقد
ولكن الواقع السياسي أراد أن يحصر النجاة بدين ثم عذهب م سبعين مهيا زعي مدني السللة؛ كما
في الحديث الذي رواه معاوية: (قال ابي صلى الله عليه و سلم : إن أهل الكتاب تغرقوا في دينهم على
اثنتين و سبعين ملة و تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين كلها في النار إلا واحدة و هي الجماعة)*!
يا اي ا شرح العقيدة الواسطية - (700©) : ( أُحْرَ
*(الستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهي في اللحيص - (ج ١ / ص 618)
هذا هو الأثر السياسي القديم الذي يسير عليه الواقع للذهبي» فنسير الأجيال خلف ما كتبه الأسلاف»
وينقل الأسلاف ما رواه السلاطين؛ وكتاب الله في الحالتين غير حجة! ولا يلتفت إلى مثل الآية السابقة»
وإنما يتشغل المسلمون في طريق عمرو بن شعيب أو صفوان بن عمرو السكسكي» وهؤلاء نما رووا ما
بثه قصاص السلطة ورواهم؛ وأصبح الناس يتدينون بما وضعه السلطان ويعرضون عما نطق به القرآن»
بيان شرعك؛ واعصمنا من الشيطان وذويه.
إذن فالأمان على محوريته إلا أنه مسائل بعضها أهم من بعض؛ وكلها من كبار ما أوجبه الله ولكنه مع
العبادة» والعبادة شاحنة للإعان» كما أن الإيمان عامل شاحن للعدالة » والعدالة اختيار موفق للابتلاء..
من هنا عمل الواقع السياسي على تغفيل البشر وصرفهم عن الترتيب هذه الغايات لما يترتب عليها من
كشف للخلل السياسي والنقافي» وبالتالي العمل الخاد على إصلاح الوضع» فم صرف الناس إلى العبادة
المحضة الخامدة الي تغفل عن وظيفتها في شحن الإيمان الذي ينتقل إلى الواقع العملي من توظيف قدرات
الإنسان العقلية والعملية والروحية في زرع الفضيلة والإبداع وإمائها على الأرض؛ لكون استخلاف الله
للإنسان على الأرض واستعماره فيهاء وهذه الغايات الأربع فيها حديث طويل لا يتسع له المقام هناء
وللأمانة الم أجد أحداً من قبل رتب هذا الترتيب» وجل الدراسات المعاصرة يستجيب لمسألة العدل فقط
تجاوباً مع لغة العصر أما أن يقرر معن الابتلاء التدرج من الحواس إلى العقل والضمير إلى ثمرة ذلك فلم
لولا أقفال التقليد والعوائد وضغط الواقع الفكري والسياسي ْنَا يعَلُرُونَ لْقرْآنَ أ على قوب
والغاية العبادية لا تتناقض مع غاية الابتلاء ولا العدل ولا الإيمان» فمن لا يعبد إلا الله يكون قد مر
جمراحل الابتلاء والإيمان والعدل» والعبادة هنا أل من الصلاة والزكاة والصوم والحج.. فالعبادة ألا
فقد عبد الله ومن لم
يفعل هذا فلا أدري هل عبادة الله تتفق مع التعبد بظلم الناس والركون إلى الظلمة أم لا؟ سياق الآيات
(9ه» فمن عطل العقل لفتوى أو عقيدة؛ أو قتل الأبرياء لفتوى أو عقيدة أو ظلم
الناس لفتوى أو عقيدة؛ أو أكل أموال الناس لفتوى» أو عطل سمعه وبصره وأعرض عن آيات الله النيرات
والجواب: لا اللهم إلا إن كان في مستوى عقلي ضعيف يرفع عنه التكليف العقلي والقلبي والبصري
ولي ا
العبادات لا غايات وأهداف ووظائف:
ثم إن العبادات الشهورة من صلاة وصوم وحج .. لا أهداف وغايات أبعد منهاء وليست غاية في ذاقاء
وإنما هي ممنزلة الشحنات الإمانية البني تساعد المؤمن على الاتصال بالله والتعللق به وقطع كل الحبال
البشرية الي تحول بين الإنسان وبين الصعود إلى السماء؛ وهذا ظاهر في الآيات الكرعة؛ فالصلاة مثلاً -
وهي أشهر العبادات العملية- عد الله يذكر لا أهدافاً أبعد مما يتصور أكثر الناس» فأكثر الناس يصورون
فائدة الصلاة وغيرها من العبادات للإنسان نفسه» إذ تشحنه بالطاقة اللازمة لتخطي للوائع البشرية
والأهواء الذاتية؛ لتنظر إلى أهداف الصلاة (والهدف مقدم على الفعل) يقول تعالى: ( ني أن الل ا له
بالمعى القرآني للذكر وليس بالعن اللفظي»
) وهنا لابد أن يكون المستعان
عليه أعلى غاية و أن من المستعان به؛ فعندما أستعين بالقلم على الكتابة فالكتابة هي الغاية الأبعد»
والآية تشير إلى الغاية الأول (الابتلاء وفروعه) ولذلك قرن بين الصبر يضر شحن الطاقة يد
أعلى السقف والصبر أساس البناء» وقوله تعالى ا اوج إل
ل ل المي لوي
والصلون في عصرنا الله يعلم حاشم؛ فغاية ما يطمع الناس منهم ألا تأمرهم صلاهم بالنكر فما من
خطبة في مساجد المسلمين بما فيها - للسجد الحرام والمسجد النبوي - إلا وتريحف قلوب للسلمين في
مشارق الأرض ومغاربما خحشية من صدور منكر من الفتوى أو التحريض والضيق الأفقي والتكفير رغم
إذن فهذا للثال لعبادة واحدة من العبادات الي أمر الله بهماء رأينا أنه يمكن أن تكون عبادة حية تبي
الأرض وأهلها بشرط تؤدي وظيفتها» من ذكر الله والمر بللعروف والنهي عن المنكر» ومعرفة علة تشريع
الله لها من آيات القرآن الكريم أولى من معرفة واجباتها وسننهاء لأنه بمعرفة على تشريعها تكون خالصة
كما يمكن أن تكون الصلاة جرد ممارسة عبادية جافة جامدة مضللة للمسلمين مفرقة ينهم إذا دخاتها
الأهداف السياسية والذهبية والبشرية» فالفرق بين الصلاتين هو نتيجة للفرق بين عبادة الله وعبادة البشر
وبقدر ما نقترب من القرآن الكريم ونبتعد عن كثير من الأحاديث الي تحجبنا عن القرآن أمكن معرفة
العيادات وغاياتها ووظائفهاء وبقدر انغماسنا في الأحاديث صرفتنا عن الغاية من وضع كثير من
الأحاديث إنما هو التشويش على الوظائف التي بينها القرآن الكريم» والواقع السياسي من عهد بي أمية
أشغل الأمة عن القرآن الكريم بالأحاديث والروايات والإسرائيليات والآراء لأن القرآن الكريم مب على
تفعيل الطاقات والإيجابية التماعلية في الجتمع فهذه الحيوية تشكل خطراً على أي واقع ظالم مستبد؛ فكان
لابد من بث الروايات الضرار لإرجاع الفرد إلى سابيته» ليبقى في بيته وبيكي على خطيئته ويدع الدنيا
لأهلها! فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها”!
العبادات حاجة للبشر :
فأسهمت في حياة الضمائر والعقول والحواس والأعمال» أما إن أشرك للسلم مع الله غيره في صلاته
الآية نعرف صحة الحديث القدسي الذي في الصحيح - (الجمع بين
4©)- يقول الله : ( أنا أغى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته
تأمر بمعروف إلا إذا رضي عنه السلطان والذهب؛ وهذه علة العلل عبر تاريخنا الإسلامي؛ إذ جردنا
بدقائق الفقه والفتوى في هذه العبادة أو تلك؛ وتم بناء للذاهب على هذه للفاخرات قفتم نزع أرواح
العبادات» ومن أهمها الصلا؛ فأصبح المسلمون كالخشب المسندة لا روح فيهم إلا من رحم ريك
والأحشاب لا تحرر إنساناً ولا تقيم حضارة .
الإكراه لا يتتاسب مع الغايات الكبرى من خلق الكون:
إذن فالإكراه على الدين يخالف مبداً الابتلاء ومبداً العدل ومبداً الإمان ومبداً العبادة» نعم في موضوع
الحقوق يخلف الأمرء لأن العدل واجب» وإيقاف حرية الظالم حت لا يتعدى إلى ظلم غيره واجب؛ ثم
* وهو حديث رواه الترمذي وغيره وصححه بعضهم» وهو منكر والأثر السياسي عليه ظاهر» ومن تدبر أحماء رواته عرف قريمم من السلطة» والقرآن يرد
قد تكره الظالم على العدل لأن الظلم أمر خارج إلى الموارح فتمنعه من التععدي؛ ولكن الإمان والكفر
والنفاق أمر قلي واختصاصه بالابتلاء أبلغ.
وعندما نقول إن الله عز وجل شرع حرية الاعتقاد وحرّم الإكراه في الدين» فإننا لا نعي أنه يباح شرعاً
لمن شاء مشروعية الطعن في الدين؛ أو أنه يستوي عنده من آمن بالله ومن كفر به أو أنه يفضل الأديان
ورا الإلحاد على دين الإسلام المحمدي» نعم من حقه أن يعتقاد ما يشاء ويرى ما يشاء ومن حقنا
كمسلمين أن نقول إن آراءه واقواله باطلة؛ فكون اعتقاده للشيء أو قوله به لا بعنْ الإقرار بصوابه»
ولكن يعن أنه ليست هناك عقوبة شرعية تهرض عليه إلا اليل يا والبرهان والحدال بال هي أحسن؛ بل
بق الأديان الي تسمى
العيسري أو الوسوي إلا أن الواقع يعرفه ح أهل الكتاب أنفسهم بأن الأناجيل والتوراة والتلمود
والزيور دخلها من التحريف والزيادات والطمس ما لحقهاء وأما من حيث الصدر الإلحي والخطوط
العامة» فلأنبياء كلهم دينهم الإسلام مع اختلاف في بعض التشريعات يما يتناسب مع تطور البشر
وخصائصهم» وامتاز دين الإسلام المحمدي بأنه خاتم الأديان» وأن القرآن الكريم محفوظ كنص خالص
حيث المدعوين ومن حيث نسخه لبعض الأحكام السابقة الي كانت تصلح لأزمان متقدمة أو كانت
خاصة بقوم دون قوم..الخ» مثل تحريم بعض الطيبات على اليهود من باب العقوبة لا من باب التحريم
كَثِرًا (17) [النساء]ء فمثل هذه الأحكام للوقتة زات من دين الإسلام الخاتم» فجاء الإسلام برقع
بعض الشرائع السابقة لأن الله وضعها عقوبة وتأدييا؛ وكانت تلك الأحكام والشدائد ضرورة تأديية
والتأديب له مدة معينة؛ والبشرية كالمخلوق الواحد؛ ينمو و يتعلم ويتأدب ويتطور» ويكافاً..ال» قال
قبل الله كعقوبة؛ أو رهبانية ابتدعوها ما كتبها الله عليهم"» والرسالة الخاتمة لابد أن تنجنب الأحكام
للتشابه» ومعرفة كل منهما معرفة نسبية؛ تختلف من قراءة لأخرى» من قراءة توسع ال محكمات وأخرى
توسع لمتشابه» وهذا التنوع في القراءة إيجابي» يجب ألا يزعج أحداً مادام له وجه من الشرع أو اللغة أو
كما أن من حق الدين الخاتم أن يحاصر الظلم في أضيق نطاف» ويسط سلطته على الأقوام والشعوب الي
تتتهج الظلم والاضطهاد والإكراه في الدين» وهذا هو المعى الذي لم تأخذ به أغلب الدول الإسلامية
عبر التاريخ؛ ويجب أن يكون هذا محل الخلاف معهاء إذ أن تلك الدول لتسلطها وظلمها وعجزها عن
قراءة الإسلام قراءة صحيحة؛ فقد أشاعت أن الإسلام يبيح إكراه الناس على الدين حبق ولو لم يكونوا
محاربين» وحاولت هذه السلطات تقليص الحانب الحقوقي في الإسلام إلى أقصى حدء لكوتها لا تستطيع
أن تفي بتلك الحقوق؛ فحصلة الظلم الذي كانت تتحمله في كينونتها لا يجتمل وجود جيران من العدل
والقسط والحقوق» وأهملت أن الهدف الرئيس من بعث الرسالات إنما هو العدل لا الإمان» (لَمَاْ أُرْسَْنًا
اْسْطٍ [الحديد/ه؟]» إذن فهدف
الرسالات هدف عالمي إنساني يقره كل عاقل» وليس من أهدافه الإكراه على الدين؛ لكن إذا وجدت
قبيلة أو دولة تتتهك حقوف الإنسان ولا تعترف بالتعدد الدين والثقاقي فيجب على للسلمين قتال هؤلاء
" وقد لا يصدق البعض إقا عرف أن عادة الرعيان النصازى في الوطل المي إل الوم لا يتزوحو» وخذه رغبانية ما كه لله عليهم عقلاً شع فأ
زيزٌ )4٠( [الحج] » انظر كيف جعل المساجد (رمز الإسلام) آخر الرموزء ليؤكاد
أن القتال ضد الظالمين واللضطهدين هو واجب المسلمين» وليس القتال لإكراه الناس على اعتقاد؛ نعم قاد
بيسط الإسلام سلطته في عهد النبوة على أقوام أو قبائل لا يلتزمون بالعدل» وإنما يبقى فيهم القتل والثأر
والسلب والنهب والسرقة ...الحخ؛ فهذا حت قائم إلى اليوم لأي سلطة قوية قادرة » ويقر به العقلاء» وإنما
يبقى الخلاف في للعبار أو الخد الذي يسمح للدولة العادلة أن تتدخل في شئون الدولة الظالة أو القبيلة
الظللة .. وليس أن تتدخل في شعون الدولة الكافرة أو القبيلة الكافرة.. وهناك فرق ظاهر بين الأمرين.
نعم تأي بعض الآيات القرآنية بالأمر بقتال الكفار والمشركين» ولكن لو تأملنا كل الآيات الكريمة في
هذا الباب لوجدناها تقيد من يجب محاربتهم بقيود تفيد بأهم محاريون معتدون» وقد ذم القرآن الكفر
والكافرين الخضوعهم أولاً لأنظمة ظالمة قبل كوكم يعتقدون غير دين الإسلام» لكنه خصص العقوية
للمعتدي والظالم وليس لصاحب الدين المخالف لدين الإسلام ( إضافة إلى أن مصطلح الكفر في القرآن
الكريم قد يختلف عن مصطلح الكفر الشائع).
وابتلي الإسلام أيضاً بمنافقين بعضهم معروف مشهور وبعضهم تلفظ بالكفر علا ولكن الم يعاقيهم
(الاستابة) أصل لا في كتاب الله ولا سنة رسوله على كثرة ما وردت اللفظة في كتب الفقهاء وفتاوى
للفتين وسيوف السلاطين» ولكن هذا كله لا علاقة له بالنص الشرعي وإنما علاقته بالواقع التاريخي الذي
هدف الكتاب:
هذا الكتاب حقوقي؛ وهدفه في فرع من الحقوق؛ وهو معرفة حت المخالف في الدين فضلاً عن للخالف
في الرأي» ومعرفة هذا من النصوص الشرعية أولاً» وخاصة من القرآن الكريم قبل الأحاديث الشريفة؛ (
وإن كنا لم تحمل الأحاديث في هذا للبداً مما اتفق مع القرآن الكريم) ولكن يبقى ترتيب المصادر الشرعية