ضرورة العلم
من مساره هو مشروع ساحر مثير, بل إن الارتقاء في المعرفة الطبيعية
يتوقف قبل كل شيء على إيجاد منفذ إلى ما يمكن تخيله وإن لم يزل غير
ومحاربين ورهبان؛ وعباقرة وحمقى؛ ومستبدين وعبيد ؛ ومحسنين وبؤساء؛
ولكن ثمة سمة يشترك فيها أفضلهم مع كبار الكتاب والموسيقيين والفنانين.
وهي الإبداع. فعقول الناس تفضل السير في الدروب المألوفة؛ أما إبداع أي
شيء جديد كل الجدة فينطوي على قدر هائل من الصعوبة.
وفي حالتي الإبداع الفني والعلمي, يأتي الخيال في المرتبة الأولى- وهو
إطار أطروحاته الشخصية ومعطيات الثقافة التي يعيش في وسطهاء فإن
على العالم أن يلتزم بقوانين الطبيمة والحقائق التي يتوصل إليها زملاؤه
العلم؛ كل ما عليك فيه هو أن تكون على حق». إن كبار العلماء والفتانين
يشتركون أيضا في سمة أخرى. وهي أنهم ينصرفون بكليتهم إلى بحوثهم
فرنوارا"" مثلا كان يرسم كل يوم من أيام حياته. وعندما جعل تقدم
السن أصابعه عاجزة عن الإمساك بالفرشاة؛ بسبب داء النقرس الذي
أصابه؛ استعان بشخص لكي يربط له الفرشاة بيده. أما هايدن فكان
يستيقظ مبكرا كل صباح ليؤلف ألحانا موسيقية. وإذا خانته الأفكار. كان
يمسك بسبحته ويصلي لكي ترسل له السماء إلهاما جديدا . كما أعاد
تولستوي كتابة قصة «الحرب والسلم» سبع مرات. وعندما سل نيوتن كيف
توصل إلى استبصاراته الصائبة أجاب: «إنني لا أترك المسألة تغيب عن
عقلي أبداه.
لن نجني الكثير من تتبع العالم في جهوده اليومية. ولكننا نجني الكثير
من تقصي آثار التفاعلات الفذة بين المعرفة النظرية والمهارات اليدوي
وتقصي النسيج الذي يجمع بين اللقاءات الشخصية والمشاهدات العرضية
والمزاج والحالة النفسية؛ والصدمات التي تتوالى إلى أن تصنع الاكتشافات.
لا يزال هناك ما يقال بشأن اكتشاف السبب في أن هناك آخرين. عميت
بصيرتهم عن التقاط ما حاولت الطبيعة أن تقوله لهم؛ على الرغم من أنهم
إن العلم الحقيقي يزدهر أكثر ما يزدهر؛ فيما يشبه البيوت الزجاجية:
في الحروب؛ فتصبح الغلبة للأعشاب الطفيلية الضارة؛ كذلك يكثر
حين تُعرض للنقاش في البرمان البريطاني قضايا عامة تتعلق
تجارية؛ يتوقع عندئذ من أعضاء البرمان أن يعلتوا مصالحهم بشأنها
أو لنشآت الطاقة النووية. ولكن ليس لدي أي مصلحة ترتبط بأي واحدة
ن أكتب عن العلم أتوهم أن لدي ببغاء جاثمة على كتفي تنادي بين
آمل أن تكون تحنيراتها الصاخبة قد ساعدتني على جمل هذه المقالاث
ضرورة العلم
(1) ««هله »10 عالم بعلم الحيوان (بريطاتي من أصل لباني 1915 . 1987) وأحد رواد علم
(2) الإشارة هنا إلى التضاد الذي قال به الكاتب 5 :© .© بين نوعين من الثقاقة في العضر
(3) مصور فرنسي مشهور يتتمي إلى المدرسة الاتطباعية في التصوير (زمتاستنسموسا).
(4) مؤلف موسيقي الماني يوصف بأنه أبو التأليف السيمفوني» وقد ألف أكثر من مائة سيمفوثية.
القلع وحذب هو القايز على
النضوب: والبلدان الفتية
التي تتضور شعويها
هناك من يجرؤ على
تجاهل العلم؟ لفتحن تلتمس
العون منه في كل أمر
ولا وجوذ في المستقيل إلا
مرو
أول رئيس وززاء للهند بعد
هل العلم ضروري؟
أحقا إن البحث العلمي هو أنبل مساعي العقل
جميعا بالفن2اء؟ وهل أفسد العلم جودة الحياة؟
لكي تتحققوا من أن قضم آدم لتفاحة الممرفة
كان فيه أعظم فائدة لحواء؛ يكفي أن ترجعوا إلى
زمن جدتكم. تذكروا مثلا كيف بدأ تولستوي روايته
آنا كارنينا : «كان كل شيء في منزل أوبلونسكي
المربية؟ إن الأميرة دولي لم تتجاوز بعد الثالثة
والثلاثين. ومع ذلك هي أم لخمسة أطفال على
قيد الحياة ولطفلين متوفين. فكثرة الحمل أحالتها
بها. كانت النساء في أوروبا القرن التاسع عشرء
وحتى من الطبقة الرا القليل من التعليم؛
وكان دورهن يقتصر على إنجاب الأطفال والشؤون
المنزلية. والكثير منهن كن يمتن بعد الولادة نتيجة
لحمى النفاس, وهي التهاب يمكن الوقاية منه بطرق
ضرورة العلم
صحية بسيطة. مما جعله اليوم مرضا شبه منسي, أما فتيات الطبقة
الوطنية؛ تشاهد القديس نيكولاس وهو يسقط كيس نقوده خلسة في غرفة
نوم بنات صديقه المفلس. لكي يصبح قادرا على شراء أزواج لهن؛ ولولا أن
العلم قد زود النساء بوسائل منع الحمل وبتقنيات التدبير المنزلي, لما أمكن
لتحرير النساء أن ينجح.
لم تكن الحضارات الأولى كلها قائمة على سيادة الرجل فحسب:؛ بل
وقد ظل هذا النظام قائما حتى عصر النهضة الإيطالية. ولكن النين يدركون
وقد جمل العلم المجتمع إنسانيا أكثر بطرق أخرى أيضاء إنما بتدرج
شديد. فقد بلغ حرق المشعوذين ذروته في القرن السابع عشرء أي في زمن
من الجرائم التي عقوبتها الموت. وقد روي مرة أن قاضيا حكم على زمرة
من الصبية بالموت, فكتب الشاهد :«لم أسمع في حياتي صبيانا يصرخون
بهذه الطريقة»: وكان من عادة الدكتور صمويل جونسون. مؤلف المعاجم
الذي اشتهر بآنه من كبار مثقفي القرن الثامن عشر في إنجلترا: أن يصطحب
أصدقاءه في يوم الأحد ليسلوا أنفسهم بمراقبة المجانين المقيدين بالسلاسل
ما دفعنا إلى تغيير موقفنا من الآثمين والمصابين بمرض عقلي هو
هل العلم ضروري؟
هل الشنق رادع حقا؟ وهل في المجنون والعجوز المصابة بالخرف مسّ من
من سلوك الإنسان. وأحل بالتدريج الروية والعقل محل القسوة والتحامل
كل جيل جديد؛ ومن دون ذلك تكون أجسام الناس وحدها هي التي تتطلق
لقد اعتاد الناس بسرعة على منجزات العلم التقنية.
يجهلون قوانين هذا العلم.
المنجمين بانتظام قبل اتخاذ قراراته المهمة؛ ويبدو أنه لم يسمع بما ذكره
القديس أوغسطين قبل نحو 1600 سنة؛ في كتابه الخامس «مدينة الرب»:
«كيف يفسر لنا المنجمون آنهم لم يكونوا قط قادرين على تحديد أي
وفي الأحداث التي يتعرض لها كل منهما في مهنته وفنه ومتاقبه. وفي
أكثر مما يشبه أحدهما الآخر. مع قصر الفترة الزمنية الفاصلة بين
ولادتيهماء وأن الحمل قد تم في لحظة واحدة وبعملية جماع واحدة:.
وحتى عهد قريب كان العديد من زملائي في جامعة كمبريج يعتقدون
يمكنه أن يعطل قوانين الفيزياء.
وحين نأتي إلى وضع الإنسان العادي, نجد أن هناك فرقا كبيرا بين
أسلوب كل من الكاهن والسياسي والعالم. فالكاهن يقنع أمثاله من البسطاء
أما العالم فيفكر بطريقة تخلصهم منه كليّة. وهكذا أتى العلم بفكرة مملكة
ففي بعض أنحاء العالم, وبخاصة في إسكندنافيا والتمسا ونيوزلنداء لم
في حين أنهم
ضرورة العلم
الاقتراب من المثل الأعلى المسيحي للمساواة بين الناس. ودحضت في هذه
البلدان مقولة ماركس:«لا تستطيع تحقيق درجة أكبر من الحرية إلا باستبعاد
أناس آخرين.
فلم يعد ثمة وجود لطبقة حاكمة عليها اضطهاد الطبقة التي تحكمها
وقهرهاء ولم تعد السلظة السياسية تشكل «القوة المتظمة للطبقة التي
بروليتارية. لأن العلم والاشتراكية الديمقراطية رفما مستوى معيشة الجماهير
إلى مستوى كان من الصعب أن تحلم به البورجوازية في زمن ماركس»
كان الفقر في القرن الثامن عشر أكبر مشكلة اجتماعية مستمصية على
ا ميونخ كان الفقراء يعيشون في الشوارع؛ أو يتجمعون
في أحياء مكتظة وقذرة بصورة رهيبة. وكان المرء يشاهد في كل مكان
متسولين سقيمي الأجسام في أسمال بالية. فيدفع لهم الناس ما تيسر
بسرعة لكي يتخلصوا منهم, وكانت ظروف معيشتهم تشبه ظروف المعيشة
في كلكوتا بالهند اليوم؛ مع الفارق بأن الفقير في كلكوتا لا يتجمد من
دون أن يضايقه طوال الوقت المومسات والنشالون. وكان معظمهم من
الأطفال"". وغالبا ما كانت مواسم الحصاد السيئ والشتاء القارس تقضي
على عشر السكان في الأرياف. لكن العلم والتقانة أزالا هذا البؤس عن
بالمسرة والسكينة ورغد العيش. أما في القرن الثامن عشر. فقد كان
«»دمةا*'' الريفية المبهجة ولا مزرعة ماري أنطوانيت تكفي لتضليل أولئك
الذين كانوا يستمتعون بها . غير أن الأسطورة في القرن التاسع عشر؛ بدت
تضفي لوناء بفضل الحركة الفنية والمهارات اليدوية. على حياة الآلاف من
الذين كانوا يريدون الهرب من قباحة عالم التقانة. إلى عيش ريفي بسيط
هل العلم ضروري؟
ات القرن الماضي عن السمادة القروية في
أطراف مدينة لندن أو في حديقة بدفورد. صاروا اليوم يبحثون عن فردوس
اث المصنوع
تستخدم المواد المضنوية فقط. ترى. هل يدركون انهم ادخلوا
إلى حياتهم أسطورة يونانية قديمة؟ ألا يجوز آن تكون الرغبة في الهروب
البارعين في تشويه الحقاز
تحديات تواجه العلم:
ومع ذلك؛ ألم نجن من العلم أفضل ما فيه؟ ألم تصبح زيادة النفقات
باستمرار ضرورية لتحقيق تقدمات تزداد ضآلتها: أو بمعنى آخر ألم يمترض
سبيلنا قاتون تناقص الفلة'*'؟ اليس الإعلان عن إيقاف البحث العلمي
المتوافر في تخفيض الضرائب؟ لقد أجرت الصين هذه التجربة؛ وأطلقت
عليها تعبيرا ملطفا: «الثورة الثقافية؛. فكلف العلماء بأعمال مجهدة. وأقفلت
معاهد البحث. أو كل عملها بالمناقشات الأزلية حول أهدافها السياسية.
أما الباحثون المستقلون من العلماء؛ فقد أمروا بالتخلي عن أحلامهم
مثل روسو الأعلى الذي هو الآن مثل العديد من الشبان في الغربء أي إلى
مجتمع مكون من الرجال والنساء النبلاء الذين أصبحوا في انسجام مع
الطبيمة؟ بالعكس تماماء فقد جرتهم إلى شفير انهيار اقتصادي, لأن إبقاء
الناس جميما طاعمين كاسين, وبصحة جيدة. وحماية البلاد من الغزو
يمود فحسب إلى مواجهة مشكلات جديدة تتطلب الحل باستمراز: بل إلى
ضرورة العلم
أن المعرفة المتوافرة لا يمكن من دون العلم بوعي وذكاء. ولا يمكن
صياغتها وطرحها من دون تدريب علمي متقدم. فالعلم إذن وجد لكي
العبى حدر وقوتذلك ستعتلاها ممشطة أساسية تسق العلماء الجنتميع
صعوبة في مواجهتها .
غالبا ما يكون العلم بحاجة إلى ثمن؛ لأن معظم خطوات التقدم التقني
لمبدأ التكاملية الذي صاغه نيلز بور «800؛ لكي يبين أن الأمواج
كذلك يمكن أن ننظر إلى فوائد كل تقدم تقني ومخاطرة على أنهما
جانبان مثنويان يجب أن يحكم المجتمع بينهما. ولكن هذا الحكم قد يقدم
فالمدنية مثلا تتطلب أن يكون لكل إنسان الحق في أن يتوقع أن يمتد به
العمر لفترة معقولة من دون جوع أو مرض. ولكن الوفاء؛ حتى بجزء من
هذا التوقع, أدى إلى نمو سكاني (أسيٌ) سريع يهدد بعدم تلبية المطلب
كما أن إحلال الآلات محل العبيد يتطلب طاقة.؛ ولكن زيادة معدل
استهلاك الطاقة باستمرار يهدد بتقويض الحياة المدنية التي كان من
المفروض أن يدعمها
وكذلك. لن يحيا المجتمع المتمدن إلا في ظروف سلام وطني وعالمي؛ في
حين أن العلم يضع تحت تصرفه من أجل تدميره وسائل يتزايد باستمرار
سأناقشها تباعا ء
العلم وإنتاج الغذاء :
المحاصيل الزرا
لقد سبق لجوناثان سويفت أن كتب في روايته «رحلات جليفر» أن ملك
برودنجانج م8:40 منع جليفر مملكة مقابل رأيه: بأنه لو استطاع إنسان
ما أن يجعل كوزين من الذرة أو ورقتين من العشب تنبتان على رقعة من