نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 6
دون الغوص في مفهوم الزمان و المكان؛ و بما أن الزمان و المكان يشكلان نقطة الأرتكاز في فلسفة
كانت؛ و قَدّ ناقشهما من أوجه عديده ما يناسب معظم جوائب النسبية العامة؛ (كما ستلاحظون)؛ لذلك
الأخرى. لقد تعمدت بأن لا أدخل بالمفهوم الوجودي للزمان و المكان (ما تجاهلته) و ذلك للحفاظ على
: لق لعبت أفكار ريمان الرياضية دوراً هاماً في نموّ و تطور مفاهيم النسبية العامة؛ و
بنظري ريمان قَدّ قاب قوسين أو أدنى من نظرية النسبية العامة كذلك بوانكاريه .
ينظر هذا الكتاب لنظرية النسبية العامه نظرة رياضيه و فلكيه؛ و قد غضيت النظر عن البحث في
فهل سيقدر على رفع الأرض؟ أن العتلة التي سيرفع بها أرخميدس الأرض هي أكبر وزناً (أو كتلة) من
وضع نظرية أو طرح مقولة لها القدرة على تفسير الكون و ظواهره كلها لا أقول من المستحيل؛ لكن
لا الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام؛ حين كنت صيياً في الثالئة عشر من ري و حين
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 7
أنهيت دراستي الأبتدائيه؛ رأيته عليه السلام في المنام ؛ بملابس بيضاء يطغي عليها بياض وجهه
لا تفارق فكري و وعي و ذهني و ذاكرتي و أنا أكتبها الآن و قَدّ مرّ عليها مايقارب السبعة و العشرون
عاماً و كأنه عليه السلام أمامي الآن. أثارت عندي هذه الرؤيا حسّ الأستطلاع و البحث و عجز من
حولي تفسيرها علمياً؛ حتى شآئت الأقدار أن تصبح الرياضيات موضوع مطالعتي الشخصيه؛ و حين
تقوسها أو إنحنائها يفي الأشعة الضوئية أو الحزم الضوئية بالسير في مدارات مغلقه؛ أي يرجع الشعاع
الضوئي إلى النقطة التي أنطلق منها. و هذا الكتاب هو لي بمثابة تعبير تلك الرؤيا.
جلال الحاج عبد
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 11
الفضاء المطلق
معنى النسبيه في الفيزياء هو رفض فكرة الفضاء المطلق؛ ترفض النسبية الخاصة (1905) فضاء
ميكلسون المطلق؛ و ترفض النسبية العامة (1915) فضاء نيوتن المطلق.
ظهور النسبية العامة هو نتيجة فشل جميع المساعي التي حاولت أصلاح نظ
(تربيع عكس الفاصلة) و إدخالها بشكل يرضي مراجع النسبية الخاصة. كذلك رغبة أ
في حذف الفضاء المطلق من الفيزياء.
مقنعة؛ لأن النسبية الخاصة تبداً بفرض وجود مراجع العطالية؛ و هذا ما أجبر أنشتاين أن يخطو
خطوات أوسع من النسبية الخاصة.
مبداً كوني ولا يمكن إخضاع الكون كله للتجربة؛ إذن لا يمكن تجربة هذا المبداً. و من هذا لا يمكن
خيارين إما فلسفيء وإما
مجرتنا؛ هي أشبه بمنظومة عظيمة تدور؛ و مدة دورائها (مركز الدوران قرب الشمس) حدود 250
مليون سنة. لو إن مجرتنا تفتقد لهذه الحركة الدورائية لسقطت الشمس في مركز المجرة بعد حدود 20
مليون سنة. لو أطلع ماخ على هذه الحركة الدورائية لمجرتناء لتمكن من خلال مبدئه فرض عالم عظيم
خارج هذه المجرة. نفي الفضاء المطلق في مبداً ماخ يتضمن عدم إستناد الفيزياء بأسرها على مراجع
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 1
في النسبية العامة؛ هذا الدورهو ب
اء - زمان رباعي الأبعاد. يعين هذا الفضاء - الزمان كل
أنواع الحركة؛ يعني أي حركة تحت ثقالة و عطالة. السؤال هنا هل تُعين المادة الفضاء - الزمان؟ تبتعد
الكتلة بصفة مجال أو حقل؛ و تؤثر الكتلة عليه من خلال تغير إنحناء الفضاء. حققت النسبية العامة
عن جعل القوى العطالية؛ قوى تقالية كما تصوره ماخ؛ جعلها قوى مادية تحمل أزر العطالة؛ و القوى
الثقالية جعلها العطالة التي تعين الفضاء.
أشكالية فضاء نيوتن المطلق هي:
- هذا الفضاء هو فضاء فرضي و لا وجود له؛ وهو عاجز عن توضيح نفسه وأشبه بمقولة كبلر
حين قال أن الملائكة هي التي تحرك الكواكب في مداراتها.
لا وجود لأي طريق من بين ما لا نهاية من المراجع العطالية يشخص لنا فضاء نيوتن المطلق.
- تصور شئ تحدث منه جميع الأفعال و لا يتأثر هو بأي فعل يتعارض مع المفاهيم العملية
عدم تأيد الأثير و وحدة القوائين الفيزيائيه هي من أهم البراهين على نظرية النسبيه. لم تأيد التجارب
وجود مادة تحمل الأمواج الضوئيه و تنقلها في الفضاء؛ أي نفي و ردّ فكرة الأثير. كذلك. لا يمكن
تقسيم الفيزياء الى فروع مستقلة عن بعضها؛ فقوانين الكهرومغناطيس ليست مستقله عن قوائين
الميكانيك؛ و كلّ تجربة ميكانيكية هي ليست مستقلة من البناء الكهرومغناطيسى للمادة.
قبل البدا بالبحث حول الزمان و المكان لابد من برهان على بدآية الزمان و حدود المكان؛ و ما وجدته
مناسباً لهذا البحث من بين براهين إمانوئيل كانت براهينه حول بدآية الزمان و حدود المكان و هي:
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 13
البرهان الكانتي على أن للعالم بدآية في الزمن: إذا فرضنا أن ليس للعالم بدآية في الزمن؛ و إنما كان
موجوداً من زمن لا نهائي؛ يلزم أن تكون فترات زمنية لا نهائية في الماضي قَدّ أكتملت في اللحظة
الحاضرة أو في أي لحظة سابقة. لكن من المستحيل أن تكتمل سلسلة لا نهائية. إذن من المستحيل أن
يكون العالم قد وجد في زمن لا نهائي. إذن لابد إن كانت له بدآية في الزمن.
البرهان الكانتي على أن العالم محدود في المكان: إذا فرضنا أن ليس للعالم حدود في المكان فإننا
نفرض أننا أستكملنا عملية زمنية لا نهائية للمرور على أجزاء مكانية محدودة. لكن الزمن اللا نهائي
تحيل- كما قلنا- لأن السلسلة الزمنية التي أنتهت في لحظة محددة يجب أن يكون طرفها الأول
محدوداً أيضاً؛ إذن يجب أن يكون العالم في المكان محدوداً.
أن الزمان و المكان كما أشار إيمانوئيل كانت أطاران مفطوران في صلب العقل الإنساني الذي يقوم
بعملية المعرفة؛ شكلآن قبليان للحساسية يتم وفقاً لهما ترتيب معطيات هذه الحساسية و مضمون خبرة
الإنسان بالعالم الخارجي؛ أو تجربته الخار فالزمان و المكان إذن صورتان قبليتان أو شرطان
الداخلية. لكن العالم الخارجي كما تنص عليه فلسفته النقدية لا ينفصل عن الشروط الداخلية في العقل
يرى صموئيل الكسندر «©216:000 .8)؛ أن الزمان و المكان الأصل الهائل أو الحقيقة المبدئية التي
نشاً عنهما العالم؛ هيولي أولي أو جوهر أصلي صدرت عنهما كل الوجود بالأنبثاق؛ فعن الزمان و
أن المكان كائن دائماً في المكان؛ أما الزمان فيتدفق في قلب الزمان؛ إذن؛ أن الزمان يتوغل في
1 الزمان في اللكسفة و العلم - الدكتور يمني طريف الخولى - مطاع الهيئة المصزرية العامة للكتاب- 1999
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 14
الأشياء؛ ثم يعلي شأن الزمان بوصفه مبداً تنظيم؛ فلولاه لكان المكان كتلة صماء؛ أو بتعبير مجازي
يقول المكان جسد الكون و الزمان عقله[2].
أهم أعتراضات كانت على نيوتن في المكان و الزمان هي:
أن ما سماه نيوتن المكان النسبي و الزمن النسبي - و هما موضوع إدراك أنساني - هما ما أسماه
كانت العلاقات المكانية و الزمنية الأمنكنة و الأزمنة المختلفة التي هي أجزاء المكان الواحد و الزمن
الواحد. المكان النسبي و الزمن النسبي (نيوتن) أو العلاقات المكانية و الزمنية (كانت) هما ما جعلهما
كانت - في أطار فلسفته النقدية - صورتين قبيليتين للحدوس التجريبية. أن الخلاف الأساسي بين
موقف نيوتن و كانت في هذا السياق هو أنه بينما جعل الأول للمكان و الزمن النسبيين وجوداً خارجياً
صدوراً قبلياً. لأسباب سجلها في براهينه على قبلية المكان و حدسيتة[4].
يمكن القول أن ما سماه نيوتن المكان المطلق و الزمن المطلق هما المكان الواحد و الزمن الواحدعند
كانت. بل وكان يتحدث كانت في مواضع كثيرة من كتبه عن المكان المطلق أو الخالص أو الواحد و
الزمن المطلق أو الخالص أو الواحد بلا تميز [4].
أن أهم مميزات نظرية نيوتن في المكان و الزمن أنها فسرت يقين القضيه الرياضيه (و الهندسية بوجه
يقين الرياضيات البحتة من حيث أن المكان النيوتتي موضوعي و لا نهائي. و ذلك ما يتطلبه المكان
الهندسي. فسرت نظرية إمكان التطبيق حقائق الهندسة على العالم المحسوس من حيث أعتبار أن المكان
خاص) كما فسرت إمكان
- العالم المادي عند نيوتن عالم موضوعي مستقل كل الأستقلال عن أي إدراك أنساني.
والزمن المطلقين بالمعنى النيوتني يعنيان أنهما موجودان و غير موجودين في الواقع
2- الزمان في الفلسفة و العلم - الدكتور يمني طريف الخولى - مطايع الهيثة المصرية العامة للكتاب - 1999
4- كنط و فلسفته النظرية - دكتور محمود زبدان - دار المعارف - الطبعه التالته - 1979
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 15
- تصادفنا صعوبات في مجال الميتافيزيقا إذا حملنا على المكان و الزمن المطلقين بالمعنى النيوتنتي
صفتي الخلود و اللا نهائية؛ و هاتان يقررهما نيوتن للمطلقين. إذا تصورنا المكان و الزمن خالدين لا
نهائيين فلا سبيل لتصور موجود آخر له نفس الصفتان؛ و أعظم منهماء و هو الله[4].
ليست مجهودات المناطقة من بعد سوى عرض أفضل لما سبق أن أرسى أرسطو قواعده أو أضافة
تعديلات جزئية لتفصيلات لا تزعزع جوهر تلك النظريات. حين يتعرض كانت لنقد نظرية من
كانت الى إقليس في الهندسة كما نظر الى أرسطو في المنطق و نيوتن في الفيزياء[4].
كثور محمود زيدان - دار المعارف - الطنحه الثلئه - 1979
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 16
المفهوم الفلسفي للمكان
بواسطة الحس الخارجي (هو أحد خصائص الذهن)؛ نتصور الموضوعات بوصفها خارجة عنّا و
يحدس خارجيأ[3].
حتى يمكنني أن أتصور الأشياء بعضها خارج و الى جانب بعض؛ و بالتالي لا من حيث هي
ب؛ بل من حيث هي قائمة في مواضع مختلفة أيضاً؛ يجب أن يكون تصور المكان في الأساس
سلفاً. و من ثمّ فإن تصور المكان لا يمكن أن يستمد بالتجربة من علاقات الظاهرات الخارجية؛ بل إن
التجربة الخارجية عينها ليست ممكنة إلا بواسطة ذلك التصور [3].
المكان هو تصور ضروري قبلي يشكل أساساً لجميع الحدوس الخارجية و لا يمكن البته أن نتصور أن
ليس هناك مكان رغم أنه يمكننا أن نفكر أن ليس ثمت مواضيع في المكان. فهو يعد بمثابة شرط لإمكان
الظاهرات؛ لا بمثابة تعين تابع لهاء و هو تصور قبلي يشكل أساساً للظاهرات الخارجية بالضرور 3[5].
لا يمكن بدءاً أن نتصور مكان واحد؛ و عندما نتكلم عن عدة أمكنة فإننا لا نفهم بذلك إلا أجزاء المكان
الواحد بعينه. و هذه الأجزاء لا يمكنها أن تكون سابقة على المكان الوحيد الذي يضمها جميعاً كما لو
الذي فيه؛ و بالتالي الأفهوم العام للأمكنة بعامة؛ الى حدود حصرية فيه و حسب. و ينجم عن ذلك من ثم
الهندسية مثال "مجموع زاويتين في المثلث هو أكبر من الثالثة" ليست مستنتجة البته من أفاهيم عامة
3- تقد العفل المحض - عا توثيل كنط - ترجمة موسى وهبة.
نظرية النسبية العامة لأنشتاين جائل الحاج عبد 17
أجزاء المكان توجد معاً في اللا متناهي؛ فالتصور الأصلي للمكان هو إذن حدس قبلي و ليس
حتى تكون مثل تلك المعرفة ممكنة به؟ يجب أصلاً أن يكون المكان حدسا؛ لأنه من مجرد أفهوم لا
أبعاد ثلاثة و حسب"[3].
أن يكون إذن تصور المكان
المكان لا يمثل لا خاصية للأشياء في ذاتها و لا هذه الأشياء في علاقاتها في
ينها. المكان ليس سوى
صورة جميع ظاهرات الحواس الخارجية. لا يمكننا إذن الكلام عن المكان و الأشياء الممتدة الخ؛ إلا من
وجهة نظر الإنسان. وإذا خرجنا من الشرط الذاتي الذي من دونه لن نقدر على أن نتلقى حدساً خارجياء
أعني أن نتأثر بالموضوعات؛ فلن يعني تصور المكان شيئاً. و لا يربط هذا المحمول بالأشياء؛ إلا من
ث تبدو لناء اي من حيث هي موضوعات للحساسية. و الصورة الثابتة لقدرة التلقي؛ التي نسميها
حساسيه؛ هي الشرط الضروري لجميع العلاقات التي بها نحدس الموضوعات بوصفها خارجية. فإذا
نجعل من شروط الحساسية الخاصة شروطا لإمكان الأشياء؛ بل فقط شروطا لظاهراتهاء فإنه يمكننا
القول إن المكان يتضمن جميع الأشياء التي يمكن أن تظهر لنا خار جيا[3].
القضية هذه: "كلّ الأشياء متجاورة في المكان"؛ تصدق ضمن هذه الحدود ياً: أن تؤخذ الأشياء
3- تقد العغل المحض - عا توثيل كنط - ترجمة موسى وهية.