الباب الثاني : في الآنية. وفيه عدة مسائل:
الآنية : هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغ
غيره . والأصل فيها الإباحة ؛ لقوله تعالى : (
»+ سواء كانت من الحديد أومن
المسألة الأولى : استعمال آنية الذهب والفضة وغيرهما في الطهارة :
يجوز استعمال جميع الأواني في الأكل والشرب وساشر الاستعمال ؛ إذا
آنية الذهب والفضة » فإنه يحرم الأكل والشرب فيهما خاصة » دون سائر
الاستعمال ؛ لقوله كي : (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في
في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)!"' فهذا نص على حرم الأكل
والشرب دون سائر الاستعمال » فدل على جواز استعمالها في الطهارة . والنهي
عام يتناول الإناء الخالص » أو امَو" بالذهب أو الفضة ؛ أو الذي فيه شيء
من الذهب والفضة
المسألة الثانية : حكم استعمال الإناء المُضَبّب"! بالذهب والفضة :
إن كانت الضبة من الذهب حرم استعمال الإناء مطلقاً ؛ لدخوله تحت عموم
النص » أما إن كانت الضبة من الفضة وهي يسيرة فإنه يجوز استعمال الإناء ؛
لحديث أنس يتم قال : (انكسر قدح رسول الله لع فاتخذ مكان الشُعْبِ
سلسلة من فضة)(* .
(١أرواه البخاري برقم (417*) » ومسلم برقم (305)
(7) رواه البخاري برقم (8774) » ومسلم برقم (ه305)
(4) التضبيب : هو وصل الإناء امكسور بالحديد وتحوه
(ه) رواه البخاري برقم )©1١4(
المسألة الثالثة : آنية الكفار :
الأصل في آنية الكفار الحل » إلا إذا عُلمت نجاستها ؛ فإنه لا يجوز استعمالها
إلا بعد غسلها ؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني قال : قلت يا رسول الله إنا بأرض
قوم أهل كتاب » أفتأكل في أنيتهم؟ قال : (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها
يجوز استعمالها ؛ لأنه ثبت أن النبي يَيةٍ وأصحابه أخذوا الماء للوضوء من
ماد امرأة مشركة!"" » ولأن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب ؛ وقد
وإهالة سنح فأكل منهاا") .
المسألة الرابعة : الطهارة في الآنية المتخذة من جلود الميتة :
جلد الميتة إذا دبغ طهر وجاز استعماله لقوله جَيْةٍ : (أما إهاب*) دبغ فقد
الميتة مما تحلها الذكاة وإلا فلا .
أما شعرها فهو طاهر- أي شعر الميتة المباحة الأكل في حال الحياة- وأما اللحم
» ومحرم أكله . لقوله تعالى : ( إ!
)١( رواه البخاري برقم (84108) » ومسلم برقم (+148)
(؟) رواه البخاري في ل باب الصعيد الطيب رقم (344) ومسلم كتاب المساجد باب قضاء
الصلاة الفائتة برقم (187) : والمزادة : قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها
(*) أخرجه أحمد )111071١/9( . وصححه الألباني في الإرواء (01/1) والإهالة : الشحم والزيت
(4) الإهاب : الجلد قبل أن يد
(*) رواه الترمذي برقم (+150) ؛ ومسلم برقم (375) يلفظ : (إذا ديغ الإهاب فقد طهر) من حديث ابن عباس
(7) رواه مسلم برقم (77) ؛ وابن ماجه برقم )011١(
ويحصل الدبغ بتنظيف الأذى والقذر الذي كان في الجلد ؛ بواسطة مواد
تضاف إلى الماء كالملح وغيره ؛ أو بالنبات المعروف كالفَرّظ أو العرعر ونحوهما +
الخلقة لا يطهر بالدبغ » ولو كان في حال الحياة طاهراً
وجلد ما يحرم أكله ولو كان طاهراً في الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ +
والخلاصة : أن كل حيوان مات ؛ وهو من مأكول اللحم ؛ فَإِنّ جلده يطهر
بالدباغ ؛ وكل حيوان مات » وليس من مأكول اللحم ؛ فإن جلده لا يطهر
بالدباغ
الباب الثالث: في قضاء الحاجة وآدابها. وفيه عدة مسائل:
المسألة الأولى : الاستنجاء والاستجمار وقيام أحدهما مقام الآخر :
الاستنجاء : إزالة الخارج من السبيلين بالماء . والاستجمار : مسحه بطاهر
مباح مُق كالحجر ونحوه . ويجزئ أحدهما عن الآخر ؛ لثبوت ذلك عن النبي
ل : فعن أنس يِب قال : (كان النبي كَل يدخل الخلاء . فأحمل أنا وغلام
نحوي إداوة من ماء وعنزة » فيستنجي بالماء)!'" . وعن عائشة رضي الله عنها +
فإنها ُجزئ عنه)!"! . والجمع بينهما أفضل .
والاستجمار يحصل بالحجارة أو ما يقوم مقامها من كل طاهر ملق مباح ُ
كمناديل الورق والخشب ونحو ذلك ؛ لأن النبي يلغ كان يستجمر بالحجارة
فيلحق بها ما ياثلها في الإنقاء . ولا يجزئ في الاستجمار أقل من ثلاث
مسحات ؛ لحديث سلمان فَبَم : (نهانا - يعني النبي يل - أن نستنجي
باليمين » وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار » وأن نستنجي برجيع أو
المسألة الثانية : استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة :
لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها حال قضاء الحاجة في الصحراء بلا
)١( رواه مسلم برقم (171) » والإداوة : إناء صغير من جلد
(7) أخرجه أحمد (8/1. ٠١ » والدارقطني برقم (144) وقال إبنناد صحيح .
(7) رواه مسلم برقم (178) + والوجيع : العَذِرَةٌ وروت
(4) رواه البخاري في كتاب الوضوء برقم )145( ومسلم برقم (374)
أما إن كان في بنيان » أو كان بينه وبين القبلة شيء يستره ؛ فلا بأس بذلك ؛
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : (أنه رأى رسول الله كَل يبول في بيته
مستقبل الشام مستدبر الكعبة)(') » ولحديث مروان الأصغر قال ٍ
عمر بعيره مستقبل القبلة » ثم جلس يبول إليه ؛ فقلت : أبا عبدالرحمن » أليس
وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس)!"' . والأفضل ترك ذلك حتى في البنيان »
والله أعلم .- ِ
المسألة الثالثة : ما يسن فعله لداخل الخلاء :
يسن لداخل الخلاء قول : «بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث
والخبائث» . وعند الانتهاء + والخروج : «غفرانك» . وتقدم رجله اليسرى عند
الدخول واليمنى عند الخروج » وأن لا يكشف عورته حتى يدنو من الأرض +
وإذا كان في الفضاء يستحب له الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى . وأدلة ذلك
كله : حديث جابر يام قال : (خرجنا مع رسول الله يي في سفر وكان
رسول الله فلغ لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا رى)!"!
وحديث علي جَيَن قال : قال رسول الله يَيْةٍ : (ستر ما بين الجن وعورات
بني آدم إذا دخل الخلاء أن يقول : بسم الله)!*) +
وحديث أنس َيه 3 ل إذا دخل الخلاء قال : (اللهم إني أعوذ
بك من الخبث والخبائث)(*)
)175( واه البخاري برقم (148) ؛ ومسلم برقم )١(
)51 والحاكم ووافقه الذهبي » وحَسُنه الحافظ ابن حجر » والحازمي + والالباني (انظر : الإرواء برقم
وصححه الألباني . صحيح الجامع الصغير برقم (77611)
(*) رواه البخاري برقم (147) + ومسلم برقم (016)
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما : (أن النبي كَل كان إذا أراد الحاجة لا
المسألة الرابعة : ما يحرم فعله على من أراد قضاء الحاجة :
يحرم البول في الماء الراكد ؛ لحديث جابر عن النبي جا
البول في الماء الراكد)!") .
ويحرم عليه البول أو الغائط في الطريق أو في الظل أو في الحدائق العامة أوتحت
شجرة مثمرة أو موارد المياه ؛ لما روى معاذ قال : قال رسول الله (اتقوا الملاعن
الثلاث : البراز في الموارد » وقارعة الطريق » والظل)أ* ؛ ولحديث أبي هريرة يتم أن
تَحَلَّى في طريق الناس أو في ظلهم)!"! . كما يحرم عليه قراءة القرآن » ويحرم عليه
الاستجمار بالروث أو العظم أو بالطعام المحترم ؛ لحديث جابر يتم : (نهى النبي
َيه أن يتمسح بعظم أو ببعر )!"" . ويحرم قضاء الحاجة بين قبور المسلمين » قال
النبي َي : (لا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي ؛ أو وسط السوق؟) 9 .
)١( رواه أبو داود برقم (170) » والترمذي برقم (0) » وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني (صحيح الجامع
الصغير 4707)
2 د ود برقم (14) » والترمذي برقم (16) وصححه الألباني ؛ انظر صحيح الجامع الصغير برقم
(؟) رواه مسلم برقم (181) » ونحوه عند البخاري برقم (134) . والراكد : هو الساكن الذي لا يجري -
(4) رواه البخاري برقم (154) واللفظ له ؛ ومسلم برقم (159)
(*) رواه أبو داود برقم (16) + وابن ماجه برقم (314) . وإسناده حسن انظر إرواء الغليل (100/1) +
(2) رواه مسلم برقم (354)
9 واه مسلم برقم (179)
(ه) رواه ابن ماجه برقم (1571) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1*1/1) +
: (أنه نهى عن
المسألة الخامسة : ما يكره فعله للمُتَخْلِي :
يكره حال قضاء الحاجة استقبال مهب الريح بلا حائل ؛ لعا يرقد البول إليه »
وبكره الكلام ؛ فقد مرّ رجل والنبي كَل يبول فسلّم عليه ؛ فلم يدّ عليه (!! .
ويكره أن يبول في شق ونحوه ؛ لحديث قتادة عن عبدالله بن سرجس : (أن
إنها مساكن الجن)!"" . ولانه لا يأمن أن يكون فيه حيوان فيؤذيه ؛ أويكون
وبكره أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذِكُرٌ الله إلا لحاجة ؛ لأن النبي يلع (كان
إذا دخل الخلاء وضع خاقه)( .
أما عند الحاجة والضرورة فلا بأس » كالحاجة إلى الدخول بالأوراق النقدية
التي فيها اسم الله ؛ فإنه إن تركها خارجاً كانت عرضة للسرقة أو النسيان .
أما الصحف فإنه يحرم الدخول به سواء كان ظاهراً أو خفياً ؛ لأنه كلام الله
وهو أشرف الكلام ؛ ودخول الخلاء به فيه نوع من الإهانة ٠
(١أوواه مسلم برقم (000)
(1) رواه أبو داود برقم (14) + والنسائي برقم (34) . وتقل الحافظ ابن حجر في التلخيص )1١5/1(
تصحيحه عن ابن خزمة وابن السكن . وقال الشيخ ابن عشيمين : أفل أحواله أن يكون حسناً (الشرح
المتع ا/ففحة)
(1+7) » وقال أبو داود بعد إخراجه : هذا حديث منكر . وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
وضعفه الألباني ؛ وعلى القول بضعف هذا الحديث وعدم صلاحيته للاحتجاج في هذه المسألة ؛ فإن
الأولى والأفضل ألا يدخل الخلاء بشيء فيه اسم الله بلا ضرورة ؛ إكراماً لاسمه تعالى وإجلالاً
الباب الرابع : في السواك وسنن الفطرة. وفيه ل
السواك : هو استعمال عود أو نحوه في الأسنان أو اللثة ؛ لإزالة ما يعلق بهما
من الأطعمة والروائح
المسألة الأولى : حكمه :
السواك مسنون في جميع الأوقات ؛ حتى الصائم لو نَسَوّكَ في حال
صيامه فلا بأس بذلك سواء كان أول النهار أو آخره ؛ لأن النبي قرب فيه
: (السواك مطهرة للفم
المسألة الثانية : متى يتأكد ؟
ويتأكد عند الوضوء ؛ وعند الانتباه من النوم » وعند تغير رائحة
القم ؛ وعند قراءة القرآن ؛ وعند الصلاة . وكذا عند دخول المسجد
والمنزل ؛ لحديث المقدام بن شريح ؛ عن أبيه قال : سألت عائشة ؛ قلت :
ويتأكد كذلك عند طول السكوت #وصغرة لعو ايه ا
وكان رسول الله بن إذا قام من الليل ل ؟) قاه بالسواك( "ا وامسلم
مأمور عند العبادة والتقرب إلى الله ؛ أن يكون على أحسن حال من
النظافة والطهارة .
)١( أخرجه البخاري في كتاب الصوم 40/7 معلقاً بصيغة الجزم » ورواه أحمد (40/7) » والنسائي (10/1)
(؟) متفق عليه : البخاري برقم (/481) + ومسلم في كتاب الطهارة برقم (17) +
(©) أخرجه مسلم برقم (157)
(*) رواه البخاري في كتاب الوضوء باب السواك برقم (340) + ومسلم في كتاب الطهارة باب السواك
برقم (60؟)
المسألة الثالثة : بم يكون ؟
يسن أن يكون التسوك بعود رطب لا يتفتت ؛ ولا يجرح الفم ؛ فإن النبي بين كان
يستاك بعود أراك('" . وله أن يتسوك بيده اليمنى أو اليسرى » فالأمر في هذا واسع +
روى ذلك عل" بن أبي طالب يَتَمْ في صفة وضوء النبي قلغ "١
المسألة الرابعة : فوائد السواك :
ومن أهمها ما ورد في الحديث السابق : أنه مطهرة للفم في الدنيا مرضاة
للرب في الآخرة . فينبغي للمسلم أن يتعاهد هذه السئة » ولا يتركها لما فيها
من فوائد عظيمة . وقد يمر على بعض المسلمين مدة من الوقت كالشهر
العظيم والفوائد الكثيرة ؛ بسبب تركهم هذه السُنَّةَ التقي كان يحافظ عليها النبي
َي » وكاد يأمر بها أمته أمْرّ إيجاب » لولا خوف المشقة -
وقد ذكروا فوائد أخرى للسواك » منها : أنه يقوي الأسنان » ويشد اللثة +
وينقي الصوت ؛ وينشط العبد .
المسألة الخامسة : سنن الفطرة :
الله الناس عليها واستحبها لهم ؛ ليكونوا على أحسن هيئة وأكمل صورة .
عن أبي هريرة يَتَاةْ قال : قال رسول الله يي : (حمس من الفطرة :
الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر)!" .
-١ الاستحداد : وهو حل العانة ؛ وهي الشعر النابت حول الفرج » سمي
)170/1( أخرجه أحمد في المسند (198/1) + وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير )١(
)1510( متفق عليه :رواد البخاري برقم (0444) + ومسلم برقم )©(