أولاً: ترجمة مختصرة للحافظ ابن كثير
‎١‏ - اسمه ونسبه: هو الإمام الحافظ» والمؤرخ الناقد» الحجة الثقة ذو
الفضائل أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن كثير بن درع القرشي+
من بني حصلة وهم من أهل الشرف والنسبء
‏ولد رحم الله في قرية «مجدل» من أعمال «بصرى» بدمشق؛ وكانت
ولادته رحمه الله سئة إحدى وسبعمائة . قاله ابن كثير في البداية والنهاية .
‏وقال أيضاً: توفي والدي في شهر جمادى الأولى سنة 07 ه في قرية
‏انتقل الحافظ ابن كثير بعد أن توفي والده إلى دمشق سنة /7+/ه صحبة
شقيقه كمال الدين عبد الوهاب الذي تتلمذ على يديه منذ الصغر »
‏قال في البداية: «ثم تحولنا من بعده - أي بعد وفاة أبيه إلى دمشق صحبة

)م حجة الوداع
وقد بداً ابن كثير رحمه الله بحفظ القرآن حتى ختمه سنة ‎1١‏ ه» وقرأ
ثم اتجه رحمه الله إلى الحديث النبوي» فسمع من كثير من الحفاظ في عصره»
واعتنى بالسماع والرجال والمتون حتى كان أعرف الناس بتخريج الأحاديث
كماعني رحمه الله أيضاً بالفقه فكان فقيهاً لا يُشقَ له غبار ؛ مع جودة في
الفهم وصحة في الذهن. كما كانت له جهود معروفة في علم التفسير فقد ألف
كتابه في التفسير الذي يعد من أحسن الكتب التي عنيت بتفسير القرآن الكريم .
ويعد كتابه البداية والنهاية من أثبت الكتب في نقل الأخبار؛ وقد ساعده على
ذلك معرفته بأحوال الرجال وعلل الأحاديث وطرقها وتخريجاتها .
لقد درس ابن كثير رحمه الله على أيدي الكثيرين من الشيوخ إلا أننا نذكر
أبرز هؤلاء ممن أثر في عقلية هذا الإمام البارع+
‎١‏ - أبو عبد الله بن محمد بن حسين بن غيلان البعلبكي وهو شيخه في القرآن.
‏7 - محمد بن جعفر بن فرعوش ويقال له : اللباد؛ وهو شيخه في القراءات.
‏- ضياء الدين عبد الله الزربندي النحوي؛ وهو شيخه في النحو .
‏- شيخ الإسلام ابن تيمية وقد كانت له به خصوصية»؛ وكان يناضل عنه

إبراهيم بن عبد الرحمن الغزاري» تفقه على يديه في الذهحب
. ‏نجم الدين بن العسقلاني سمع عليه صحيح مسلم‎ - ١
عليه أكثر تصانيفه؛ وتقرب منه حتى إنه تزوج من ابنته .
‏8 - الحافظ الذهبي: قرأ عليه وأفاد منه في مجال الحديث والتفسير
والتاريخ وكان يأخذ بآرائه في كثير من القضايا ؛ منها رأيه في قتلة عثمان
رضي الله عنه.
‏- القاسم بن محمد البرازلي مؤرخ الشام تأثربه في علم السير
والتأريخ ‎٠‏
‏كثيرة جداً؛ وقد سارت في الأقطار مسير الليل والنهارء واستفاد منها
القاصي والداني والقريب والبعيد فمن أهمها:
‎١‏ - تفسير القرآن العظيم (مطبوع).
‏؟ - البداية والنهاية (مطبوع) ‎٠‏
‏- الباعت الحثيث في اختصار علوم الحديث (مطبوع) ‎٠‏
‏؛ - الفصول في سيرة الرسول (مطبوع) +
‏5 - جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن (طبع مؤخراً).
‏6 - فضائل القرآن (مطبوع) ‎٠‏

).1 حجة الوداع
وغير ذلك من المؤلفات المطبوعة والمخطوطة والمفقودة.
+ - ثاء العلماء عليه:
‏«الإمام المفتي» المحدث البارع» فقيه متفنن» محدث متقن» مفسر نقال».
وفسر وتقدم».
‏"- وقال تلميذه شهاب الدين بن حجي :
‏«كان أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بتخريجها ورجالها
كثيراً من التفسير والتاريخ» قليل النسيان» وكان فقيهاً جيد الفهم صحيح الذهن»
ويحفظ التنبيه إلى آخر وقت» ويشارك في العربية مشاركة جيدة؛ وينظم الشعر+
‎٠‏ وقال عنه الحافظ ابن حجر:
حياته وانتفع بها الناس بعد وفاته».
‏كانت وفاة الحافظ ابن كثير رحمه الله في يوم الخميس 6 ؟ من شعبان سنة
4 ه؛ وقد شيع جنازته أعداد غفيرة» ودفن بجوار شيخ الإسلام ابن تيمية
الصوفية خارج باب النصر من دمشق كما أوصى بذلك رحمه الله .

حجة الوداع ‎1١‏
التكريم والإنعام؛ فأتوا إليه شعثاً و
جبيته الحرام؛ وأفاض على قاصديه من
آمن كل فج ومقام؛ يرجون رحمته
والصلاة والسلام على خير من حجّالبيت وطاف وسعى وقام؛ وعلى آله
أما بعد فقد قال النبي ه: «لتأخذوا عنى مناسككم, فلعلي لا ألقاكم
بعد عامي هذا .
وقد كان ما أخبر به #؛ فإنه مرض واشتد به المرض بعد مرجعه من حجة
الوداع» ثم انتقل إلى جوار ربه بعدها بثلاثة أشهر تقريباً. فتوجب بذلك
معرفة هديه نه في حجته؛ وامتثال ذلك قولاً وفعلاً كلما عزم المسلم على
وقد اهتم المسلمون اهتماماً كبيراً بحجة النبي َه » وتناقل الرواة ما وصل
ومنهم من قال: أفرد الحج . ومنهم من قال : أطلق ولم يعين نسكاً بعينه . وكل

,07 حجة الوداع
ولقد حصل بسبب اختلاف الروايات والأخبار التي سيقت في بيان حجة
النبي له نزاع شديد بين أرباب المذاهب المتأخرين» وتمسك كل منهم بجا ليه
عليه مذهبه وطريقة إمامه؛ وقد نسي هؤلاء ما حث عليه الأثمة المتقدمون
وأصحاب المذاهب أنفسهم من الرجوع إلى الدليل إن صح» وترك أقوالهم إن
تبين مخالفتهم للكتاب والسنة .
إلا أن مسلك المقلدين هذا لم يرض الكثيرين من أهل العلم المجتهدين؛ فقد
رأى هؤلاء أن البحث المتجرد البعيد عن أي هوى أو عصبية؛ هو السبيل الأوحد
للوصول إلى الصورة الصحيحة التي كانت عليها حجة النبي ؛ فتعامل
هؤلاء مع النصوص مباشرة» وأعملوا النظر في فهمها واستنباط معانيهاء ورجحوا
منهاما ترجح؛ واستبعدوا الأخبار التي رواها الضعفاء والوضاعون» أو التي في
الأوهام والأغلاط التي وقع فيها المصنفون في حجة الوداع .
وكان الحافظ عماد الدين بن كثير من هؤلاء الأئمة الأعلام؛ فقد صنف هذا
الكتاب في حجة الوداع وجعله ضمن كتابه الكبير «البداية والنهاية» وقد جمع فيه
الأحاديث والآثار التي نقلها الرواة في بيان هدي النبي قَله في حجته ‎٠‏
سيما من بعد الصحابة رضي اللهعنهم .
ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من
هذه الروايات» ونجمع بينها جمعاً يثلج قلب من تأمله» وأنعم النظر فيه

حجة الوداع ‎)١(‏
وجمع بين طريقتي الحديث وفهم معانيه إن شاء الله » وبالله الثقة وعليه التكلان.
ونظراً لما كان يتمتع به الحافظ ابن كثير من سعة حفظ ومعرفة بالرجال
جوانب حجة الوداع المتعددة. وقد برع ابن كثير رحمه الله في سردها مرتبة
بحسب المناسك. كما أنه أفادنا كشيراً في الحكم على الأحاديث وبيان
وقد تجرد رحمه الله في هذا الكتاب من التعصب للمذهب» بل سار مع
بعض المواضع لاقتضاء الأدلة ذلك» وبالله المستعان.

حجة لوداع 3م
‎-١‏ اعتمدنا في اختيار هذا الجزء على أصح النسخ الموجودة والمطبوعة من
‏- قمنا بإصلاح كثير من التصحيفات والتحريفات الموجودة بهذه النسخة
وقد أشرنا إلى ذلك في الحاشية .
‏© - قمنا بتخريج الأحاديث التي ذكرها المصنف من طرقها التي نص عليها .
تقريب التهذيب لابن حجر وتهذيب التهذيب له أيضاً؛ وميزان الاعتدال
للذهبي والكاشف له أيضاً وغير ذلك .
‏وقد وجدنا من خلال ذلك أن التصحيف والخطأ قد أصاب كشيراً من
العثور عليها؛ وقد ذكرها الحافظ ابن كثير مز, كتب هي في عداد الكتب
‏© - ضبطنا نصوص الأحاديث من كتب السنة الأصول» فإن وجدنا

الف حجة الوداع
معكوفين في الأصل وننبه على ذلك في الحاشية.
وإذا كان الاختلاف يسيراً ؛ كأن يكون في حرف العطف أو في كلمة النبي
+ - ذكرنا أقوالاً لأئمة الحديث ونقاده حول صحة بعض الأحاديث
يتعرض له الحافظ ابن كثير ببيان» أو كأن يكون من الأخبار الإسرائيلية؛ وقد
كفانا مؤنة ذلك الحافظ ابن كثير في معظم أحاديث الكتاب ولله الحمد والمنة.
‎١‏ - وضعنا بعض العناوين للكتاب وأشرنا إلى ذلك في الحاشية.