8 معالم المنهج السلفي في التغيير
وصورتها: أن يشتري الرجل من التاجر بضاعةٌ ما بثمن يُدفع على أقساط
وبأجلٍ محدود. ثُمّ يعود هذا المشتري بائعًا لتلك البضاعة للبائع الأول بثمن أقل
من الثمن الذي اشتراها به؛ ولكن مقابل النقدء فيدفع البائع الأول -الذي صار
بالزيادة؛ فهذه الزيادة ربا
والمفروض في المسلم ألّا يستجلٌ هذا النوع من بيع العينة ما دام هناك زيادة
في الوفاء؛ لأن هذه الزيادة ربا مكشوف» ولكن بعض الناس رأوا إباحة ذلك؛
على جواز البيع ؛ كمثل الآية المشهورة: فَدَآحلٌ أله ا بن
فقالوا: هذا بيع وشراء؛ فلا بأس أن يزيد أو ينقص (!).
ولكن الحقيقة: أن المشتري الذي اشترى بعشرة آلاف نسيئة» ثُمّ باع بثمانية
البائع لا يقرضه ثمانية آلاف مقابل ثمانية آلاف لوجه الله -تعالى-» وإنَّما يريد
زيادة؛ احتالا جميعًا على استحلال هذه الزيادة باسم البيع ٠
احتيال الشيطان على بني الإنسانء وحذرنا أن نقع في أحابيله
بالعينة»؛ أي: : إذا استحللتم ما حرم الله ورسوله بأدنى الحيل باسم أن هذا بيع»
والحقيقة أنه ستارء وأنه استدانة مقابل زيادة؛ وهذا ربا مكشوف؛ فحذرنا
الرسول و8 في هذا الحديث من أن نقع في مثل هذا الاحتيال ؛ لاستحلال ما حرم
الله ؛ فذلك أخطر من أن يقع المسلم في الحرام وهو يعلم أنه حرام ؛ لأنه يُرجّى له
معالم المنهج السلفي في التغيير 7
يتوب إِلَى اللَه 88 ؛ فكان خطر المحرم المستحل فكربًا واعتقاديًا أشد بكثير من
المحرم المكشوف.
أنه شراب حلال؛ فهذا أخطر من ذاك؛ لأنه لا يتصور أن يتوب عنه أيدًا ما دام
والرسول يل في هذا الحديث ذكر «بيع العينة» على سبيل التمثيل لا التحديد؛
لوع الثاني : من الأشياء اأني ترك الناس كلهم في معرفة مخالفتها
أي: انشخلتم بالسعي وراء حطام الدفياء وتحصيل الرزق باسم أن ال 8ق أمرنا
بالسعي وراء الرزق؛ فيبالغ المسلمون في سبيل ذلك وننسون ما قرش الله
المكاسب؛ فينسيهم ذلك ما فرض الله عليهم من الواجبات» وذكر على سبيل
المثال: الجهاد في سبيل الله؛ ؛ فقال -عليه الصلاة والسلام-: «إذا ؛
فهي أخطر من المعصية الي يعلم فاعلها أنّها معصية +
8 معالم المنهج السافي في التغيير
هذا الحديث من أعلام النبوة كما ترون: فقد تحقق فينا هذا الذَُّ؛ كما هو
مشاهد مع الأسف» فيجب علينا أن نأخذ العلاج من هذا الحديث بعد أن وصف
دينكم»؛ فيظنون أن الرجوع إِلَى الدين أمر سهل .
نعلم أن هذا الدين قد أصيب بمحاولات كثيرة لتغيير حقائق كثيرة منه؛ وقد
جماهير الناس؛ فهناك مسائل -بعضها اعتقادية؛ وبعضها فقهية- يظنون أنّها من
الدين؛ وليست من الدين في شيء .
والمثال السابق ليس منا ببعيد؛ وهو العلة الأولى الي ذكرها الرسول -عليه
يفتون ببيع العينة؛ هذه المبايعة الي فيها الاحتيال على استحلال الرباء وهذا
مثال من أمثلة كثيرة جدًا ؛ يعرفها المشتغلون بالفقه الإسلامي .
وهذا النوع من المبايعة مع تحريم الرسول -عليه الصلاة والسلام- له»
وجعله سبب وقوع المسلمين في الذلٌ؛ هو مثال من عشرات الأمثلة في الدلالة
على ما ذكرنا ؛ وهو أنه يجب أن نفهم الدين من جديد على ضوء الكتاب والسنة.
(1) مَقَلٌ دارج في بلاد الشام (س . ه)ء
معالم المنهج السلفي في التغخيير 9
ما جاء في الحديث بتحريمه أو ازدراءه.
المشتغلين لفقه الإسلامي - على فهم ما وقع فيه الانحراف من بعض الناس لأي
سبب كان» وذلك بالرجوع إلى تحكيم آية كريمة في القرآن؛ وهذه الآية معروفة
لدينا جميعًا ؛ ولكن قلّ من يسعى إِلَى تطبيقها ؛ وهي قوله -تبارك وتعالى- : فتن
فالدارسون للفقه يعلمون أن بيع العينة -وكثيرًا من البيوع- فيه خلاف بين
العلماء القدامى فضلًَا عن المحدثين» فماذا يفعل العلماء اليوم بمثل هذه
المسائل المختلف فيها؟ .
وحين ذلك أقول: كيف يرجع المسلمون إلَى دينهم ؛ وهو العلاج الذي نص
إذن العلاج الوحيد هو الرجوع إِلَى الدين؛ لكن هذا الدين -كما يعلم
الجميع» وبخاصة المتفقهين منهم- مختلف فيه أشد الاختلاف؛ وليس هذا
الاختلاف -كما يظن كثير من الكتاب أو العلماء- محصورًا في مسائل فرعية قليلة
بين الأشاعرة والماتريدية؛ وهناك خلاف بين هؤلاء والمعتزلة -فضلًا عن الفرق
ب معالم المنهج السلفي في التغييم
فأي دين هذا الذي ينب ينبغي أن ترجع إليه؟! أهو يمفهوم مذهب فلان؟! إلى آخر
ما هنالك من مذاهب» ولنحصر الخلاف في المذاهب الأربعة لني نقول: إنها من
مذاهب أهل السنة. ِ
ستجد هنالك بضع مسائل - أو عشر مسائل؛ أو عشرات المسائل- تخالف السئة؛
والناشدون لإقامة دولة الإسلام بإخلاص- هو أن يعودوا إلى أن يُقَهمُوا -أولًا-
أنفسهم » وَيُفَهْمُوا الأمة -ثا - الدين الذي جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-
إلى فهم الدين على الحقيقة الي أنزلها الله 8لا بدراسة الكتاب والَُة.
ولستم بحاجة جما إلى أن نسوق لكم أقوال الأئمة الي تدندن كلها حول
فحسبنا هذا القول منهم الآن» فهذا دليل على أن كل إمام من أولثك الأئمة
)١( وقد جمعتها مسندةًإلَى الأئمة الأربعة -رجمهم الله-؛ ورددت على شبهات المقلدين في
كتابي «التعظيم والمنة في الانتصار للسنة»(س ذه
وانظر -لزامًا- : مقدمة «صفة صلاة الي ؛ لشيخنا تََلثهٍ
معالم المنهج السلفي في التغيير ل
فهذا إذن يفتح الطريق -حَتَّى باسم تقليد الأثمة- للرجيع إِلَى الكتاب
فنذكر بعض الأمثلة -وهي لا تزال موجودة في كتبنا تُدَرَّنْ في كل المدارس
في أحد المذاهب الإسلامية: أن المصلي إذا دخل في الصلاة يسدل يديه ولا
يقبض . . . لماذا؟! . هكذا المذهب! بينما جهد كل علماء الحديث بان يأتوا
بحديث واحد ولو ضعيف -بل ولو موضوع- على أن الرسول و كان لا يقبض
أنا أعرف أن بعضكم سبقول: إن هذا من المسائل الفرعية؛ وقد يتساهل
دين أولًا مع وزنه بأدلة الشريعة
القشر ء أقول هذا لو أردت أن أجادلهم باللفظ'".
هذا المثال اليسير -وهو السدل في الصلاة-؛ لماذا يستمر المسلمون على
العمل به؛ والأحاديث تثرى في كل كتب السنة على أن الرسول قي كان
)١( وانظر -لزامًا- في دحض هذه البدعة كتابي ؛ «دلائل الصواب في إبطال تقسيم الدين إِلَى
قشر ولباب» (س . ه)ء
(1) بل الإمام مالك لِلَه الذي ينسب إليه السدل ذكر القبض في «الموطأ»(19/8/1)» وانظر-
غير مأمور-: «هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأريعة؟ (ص817-
7" معالم المنهج السلغي في التغييم
قد لا يُرضي هذا المثال البسيط بعض الناس» فنذكر مثالا آخرء وهو أن
بعض كتب فقه المذاهب ما زالت تذكر بأن الخمر قسمان:
قسم مستنبط من العنب؛ فهذا قليله وكثيره حرام .
وقسم آخر مستنبط من غير العنب: من الشعير» أو من الذرة» أو من التمر»
أو غير ذلك مما تفئن اليوم الكفار في استنباط الخمر منه ؛ فهذا النوع من الخمر
وقد يدافع عنه بعض الناس بألوان من الدفاع! لا لشيء؛ إلا أن إمامًا" من
ومشاربنا - نقرأ في كتب السنة وبالأسانيد الصحيحة قوله “حلي المئلاة والسلام
اذا يل مثل هذا الول الخطير الذي يشجع الناس -الذين هم على شا
حفرة من الفسق» أو قد وقعوا فيها فعلًا-؛ ويزين لهم شرب القليل من خمر غير
العنب ؛ بحجة أن الإمام الفلاني -وهو عالم فاضل- قال هذا؟! يا للحجة (1).
معصوم عن الخطأ» وهم يتناسون هذه الحقيقة؛ فيظلون يدافعون عن هذه
الكلمة؛ بعضهم يستغل هذا القول بنشر المادة المسكرة بين المسلمين وبعضهم
يدافع عن الإمام لا عن القول (!1).
معالم المنهج السلفي في التغيير ين
لبعضهم يذهب ويتبنى هذا القول -أي: المشروبات المستنبطة من غير العنب-
تشرب ما يسكرك.
وهذه عملية خيالية؛ لأنه في الحقيقة -كما نعلم جميعًا- أن القطرة الأولى
والكمية القليلة التي لا تسكر -وهي عملية لا يمكن أن تحدد وتضبط-؛
فستأتي بالكثبر الذي يسكر. ا
فأقول: لماذا يبقى مثل هذا في كتب الفقه مع مصادمته للأحاديث القاطعة
الدلالة؛ والثابتة عن الرسول كي في إبطال مثل هذا القول؟!
لماذا نفسح المجال لكاتب مغرض ؛ فينشر هذا القول» ويبني عليه علالي
وقصورًا؛ ويبيح للمسلمين شرب المشروبات المحرمة بقيد: لا تشرب مسكرًا؛
قد يكون هذا الرجل الذي كتب هذا المقال مغرضًا ؛ وقد يكون سليم النية؛
قد يكون هذا الكاتب كذلك» لكن ما بالنا نرى أحد علماء الشام الأفاضل""
هو رد على الكاتب وعلى من ركن إليه الكاتب.
)١( هو الشيخ مُحمَّد الحامد الحموي (س. ه).
ث0 معالم المنهج السلفي في التغيير
عن عالم من علماء المسلمين» وهذا العالم لا يتكلم بهوى» أو جهل» وأنا أقول
معه: لا يتكلم بهوى أو جهل؛ ولكن هل هو معصوم في اجتهاده الذي ابتعد فيه
عن الجهل والهوى؟!
لأن بعض الناس يصعب عليهم أن يقول قال : إن فلانًا الإمام أخطأ ؛ لكن كل
أن يؤجر أجرين؟! لماذا لا نقول هذاء أولًا: كمبداء وثانيًا: كتطبيق لبعض
وعندما تقرأ الرسالة الي ألفها هذا العام را على ذلك الكاتب؛ لا تخرج
منها بنتيجة أن ذلك الكاتب أخطأ في اعتماده على رأي إمام من أئمة المسلمين؛
لأن هذا الرأي بعد تمحيصه وعرضه على أدلة الشريعة؛ اضطر بعض أتباع الإمام
الجواب: لأنه قد ران على قلوبنا تقديس الأئمة؛ واحترامهم أكثر مِمَّا
أوجب الله علينا .
مثلٌ دارج في بلاد الشام -حرسها الله تعالى-. 0")