فإ أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد » وشر
في الثار .
وبعد :
فلقد دأب علمائنا منذ أن ظهرت أول بدعة في الإسلام على إحقاق
الحق » وإيطال الباطل ؛ مدافعين بذلك عن دين الله ذابين عن حياضه »
حتى أصبح ستر - أهل الضلالة - منفضحاً » ونظامهم متصدعاً ؛ وجمعهم
من التحذير من كتب أهل البدع والضلال ؛ فما زال - بحمد اللّه وفضله
- في كل عصر ومصر من يبين ما حوته تلك الكتب من الضلال و الكفر
والانحلال » ومن هؤلاء الأفذاذ شيخ الإسلام ومفتي الأنام ابن تيمية -
رحمه الله -؛ فقد حذر في كثير من كتبه من مصتفات أهل الكلام
والفلاسفة والمتصوفة والمبتدعة وغيرهم .
)١( انظر فصل ( الذب عن الدين وتبيين حال المبطلين ) من كتابي « تصحيح
الأخطاء والأوهام الواقعة في أحاديث الرسول عليه الصصلاة والسلام » ١7 / ١( ) دار
رمادي .
() وقد قام الأخ الفاضل مشهور حسن بجمع الكثير من هذه الكتب » أودعها في
كتاب سمّاه و كتب حذِّر العلماء منها» يسر اللَّه طبعه +
الخطيرة ما فيها ؛ قمت بجمعها » مبيناً تحذير شيخ الإسلام رحمه الله
منها ؛ وسمّيته ب ( الإعلام بذكر المصنفات التي حذر منها شيخ الإسلام ؛
علماً أ هذه المصنفات مجموعة من كتابه القيم , مجموع الفتاوى »
فتاوى شيخ الإسلام والكثير من رسائله وكان منهاجي في الكتاب كما
أولا : جمعت المصنفات المُحذر منهاء ورتبتها على حروف
المعجم .
مواقع » وكنت أعزو احيانا إلى اسم كتاب آخر ؛ دون ذكر النص طلبا
للاختصار .
ثالقاً : ذكرت مناهج المؤلفين لتلك الكتب المح ذِّر منها من كلام
الخطيب الرازي وغيرهم ممن عاج في سيره » وزاغ عن الحق قلبه .
رابعاً : بعض المصنفات المحذّر منها قد احتوت على فوائد وكلام
وسقط مصتفوها في مزالق الخبط والزلل » وكثرت فيها الأحاديث
من البدعي » وغيره » فذكرنا من كلام شيخ الإسلام النص الكامل الذي
احتوى على مدح الحيد ؛ وذم القبيح منه .
وأغتدم هذه الفرصة لكي أحذر من كتب أهل الضلال التي ذاعت
جمع هذه المصنفات في اجزاء ورسائل ؛ فحذّر منها .
وكما أحذر - أيضاً - من أدغياء العلم هولاء ؛ الذين ليسوامن
التأليف والتحقيق مهنةٌ رابحةٌ ؛ طالبين بذلك - ايضاً - السمعة واللشهرة »
فجمعوا بين التكثير والتزوير ؛ فإذا ما سطى أحدهم على كتاب من كتب
أهل العلم » سواء كان ذلك الكتاب مخطوط » أو مطيوعاً ؛ أخذ بنفخه
بما لا فائدة فيه ؛ ولا طائل تحته إلا زيادة عدد الأوراق ؛ فيجعل الجزء
الصغير مجلداً ضخماً » والمجلّد الواحد عدّة مجلدات » والأدهى والأمر
من ذلك ؛ انه قد وجد من هؤلاء من يقوم بانتحال مصنّف كامل لم يخط
زمان ؛ يتكشف فيه أمرهم وينفضح فيه سترهم كما قال الأول :
وإن خالها تخفى على الس تعلم
فإلى الله المشتكى من التعالم والمتعالمين!" .
الله أسأل » وبأسمائه وصفاته أتوسل ؛ أن يجعل عملي صالحاً »
أتقدّم بالشكر الجزيل للأخ يوسف البكري الذي قام بوضع
رائد بن صبري ابن أبي علفة
- الأردن
/ رجب / 616 ١ه
« آراء المدينة الفاضلة » للقارابي
قال شيخ الإسلام عندما تعرض لموضوع العلم الإلهي ( 45/6 ) :
« ... كما أ الفلاسفة الإلهيين المشائين وغيرهم متفقون على الإقرار
بواحب الوجود ؛ وببقاء الروح بعد الموت » وبأنٌ الأعمال الصالحة تتفع
بعد الموت ؛ ويخالفهم في ذلك فلاسفة كثيرون من الطبيعيين وغيرهم +
بل وبين الإلهيين من الفلاسفة خحلاف في بعض ذلك ؛ حتى الفارابي
وهو عندهم المعلم الثاني يقال : أنه اختلف كلامه في ذلك .
فقال تارة ببقاء الأنفس كلها ؛ وتارة ببقاء النفوس العالمة دون
كما قاله في « آراء المدينة الفاضلة » وتارة كذب الأمرين ؛ وزعم
الضال الكافر : أنّ النبوة خاصتها جودة تخييل الحقائق الروحانية »
وكلامهم المضطرب في هذا الباب كثير» .
« وكان الفارابي قد حذق في حروف اليونان التي هي تعاليم أرسطو
وأتباعه من الفلاسفة المشائين وفي أصواتهم صناعة الغناء ؛ ففي هؤلاء
وتهذب به الأخلاق » .
وله فيه طريقة عند أهل صتاعة الغناء ؛ وحكايته مع ابن حمدان مشهورة 6
)١( انظر « مجموع الفتاوى» (4 / 4 و 43/17 ) ء
, إبطال التأويل , للقاضف أب يعلق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( 16 / 37 ) :
في الصفات » منها ما هو كذب معلوم الكذب » ومنها ما هو إلى الكذب
أقرب » ومنها ما هو إلى الصحة أقرب » ومنها متردد .
وجعلوا تلك الأحاديث عقائد ؛ وصتفوا مصنفات ؛ ومنهم من يكفّر
وهذه الأحاديث قد ذكر بعضها القاضي أبي يعلى في كتاب , إبطال
التأويل » ؛ مشل ما ذكر في حديث المعراج حديثاً طويلاً عن أبي عبيدة :
, إثبات التنزيه » لابن عقيل .
قال شيخ الإسلام ( 54/6 ) :
« فابن عقيل إنما وقع في كلامه المادة المعتزلية بسبب شيخه أبي
علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان المعتزليين » ولهذا له في كتابه إثبات
التنزيه » وفي غيره كلام يضاهي كلام المريسي ونحوه » لكن له في الإثبات
كلام كثير حسن؛ وعليه استقر أمره في كتاب و الإرشاد » مع أنه قد يزيد
في الإثبات ؛ لكن مع هذا فمذهبه في الصفات قريب من مذهب قدماء
الأشعرية والكلابية في أنه يقر ما دل عليه القرآن والخبر المتواتر ؛ ويتأول
غيرة ؛ ولهذا يقول بعنض الحتبلية : أنا أثبت متوسطاً » بين تعطيل ابن
عقيل » وتشبيه ابن حامد » .
, إحياء علوم الدين," ؛ لبي حامد الغزالق محمد بن محمد ابن
محمد الغزالي .
قال شيخ الاسلام ٠١( / 81 - 81 ) :
)١( قال ابن الحوزي في « تلبيس إبليس » (ص ١18 ) عند نقده لمسلك
ومصتّفات الصوفية :
« وجاء أبر حامد الغزالي فصنّف لهم كتاب الإحياء على طريقة القوم » وملأه
بالأحاديث الباطلة ؛ وهو لا يعلم بطلانها ؛ وتكلم في علم المكاشفة ؛ وخرج عن قانون
الفقه ؛ وقال : المراد بالكوكب والشمس اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي
حجب الله عز وحل ؛ ولم يرد هذه المعروفات ؛ وهذا من جنس كلام الباطنية» +
وانظر هذه المواطن ( ص 787 6 365 ) من نفس المرجع +
قلت : طبع كتاب « الإحياء » مرات عديدة في أربع مجلدات من أقدمها الطبعة
و رأمًا ما في الإحياء » من الكلام في المهلكات مثل الكلام على
الكبر ؛ والعجب ؛ والرياء » والحسد ؛ ونحو ذلك ؛ فغالبه منقول من
كلام الحارث المحاسبي في « الرعاية » ومنه ما هو مقبول ؛ ومنه ماهو
مردود » ومنه ما هو متنازع فيه .
فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد » فإذا ذكر معارف
الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدو للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين .
وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه .
وقالوا : مرّضه و الشفاء »(") يعني ابن سينا في الفلسفة .
وفيه أحاديث وآثار ضعيفة ؛ بل موضوعة كثيرة .
وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم .
وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في
أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنّة » ومن غير ذلك من العبادات
والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة » ماهو أكثر مما يرد منه » فلهذا
اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه » +
وقال في موضع آخر - عند مبحث بدعية الذكر بالاسم المفرده وأنّه
)١( وأضاف في موضع آخر ( 6 / 4* ) و « رسائل أخوان الصفا» وكلام أبي
حيان التوحيدي .