* نبذة تاريخية *
عندما أشرق الإسلام على البشرية بهدي إلى الرشد آمنت به طائفة ختارة من
الناس وعملوا مخلصين على نشره والدفاع عنه . فكانت ثمار ذلك أن انتشر الإسلام
بسرعة متزايدة في أنحاء المعمورة مما أثار على الإسلام حسد الحاسدين وحقد الحاقدين
من الشعوبيين ورجال الدين» ذوي الأفق الضيق خاصة من اليهود. فقد عملوا على
التأمر ضد الإسلام بشتى الوسائل والطرق. حاولوا قتل الرسول 8 وإثارة الفتن بين
المسلمين. غير أن إييان الصحابة رضوان الله تعالي عليهم كان من القوة بحيث لم
تزعزعة تلك الفتن والمؤمرات. ولكن عندما مضى الجيل الأول من المؤمنين ودخل في
الإسلام من كافة الشعوب والأديان أعداد هائلة واتسعت رقعة الامة الإسلامية
وجدت المؤمرات اليهودية خاصة فرصة للطفو عل السطح متمثلة في شخص
عبدالله بن سبأ الذي وجد لدعوته استجابة أولية في المناطق التي لم يتسلح أهلوها بعد
الأخرى». في عهد الخليفين الراشدين الأول والثاني كان عدد الصحابة ما يزال كبيراً
وقد بايع ذووا الحل والعقد من المسلمين أبا بكر خليفة لرسول الله َي ثم عمر بن
الخطاب ثم بويع عثمان خليفة من بعد عمر بالإجماع وم يدع أحد بأن عليًّا كان أحق
بالخلافة من غيره وأنه هو الخليفة المعصوم ولكن عندما أخذ يسري مفعول المؤمرات
اليهودية والأحقاد القبلية والشعوبية ويتعاظم خطرها في أواخر خلافة عثمان ظهر من
يقول بأن علي وولديه الحسن والحسين» والبعض من نسل الحسين رضى الله عنهم
أجمعين هم أو بالخلافة الإسلامية من غيرهم وأن الخلافة فيهم إلى يوم الدين »
وقد وجدت هذه الدعوة تربة خصبة في المدائن عاصمة الإمبراطورية الفارسية؛
خاصة وان الحسين كان قد تزوج من ابنة الإمبراطور الفارسي يزدجرد الذي أطاحت
بعرشه جيوش الإسلام الظافرة"". ولعل هذا كان سببًا في حصر أثمة اشيعة ابتداءًا
من الإمام الرابع في سلالة الحسين .
() إحسان إفي ظهير: 74-17
(©) عل حسن: صفحة 371-770
وقد بدأت دعوى أحقية علي بن أبي طالب رضى الله عنه بالخلافة دون أبي بكر
وعمر وعثمان رضى الله عنهم في أول الأمر كدعوة سياسية؛ وذلك لبث الفتنة في صفوف
هذه التعاليم التي ما يزال جمهور علماء المسلمين يتعهدونها بالرعاية والحماية .
وقد خطط هذا الإنشقاق بعض ذوي المصالح بتدبير خبيث منهم كما ذكرت ولكن
التقليد والمصادر الثانوية في ثقافتهم الدينية. كما ذهب ضحيتها بعض العلماء الذين
مذهب سمي المذهب الشيعي .تشيعًا لعلي بن أبي طالب وبعض من آله وهم ينقسمون
إلى فرق متعددة؛ منهم الزيدية وهم أقل ابتعادًا عن ججهور علماء المسلمين ثم
ولهذا فسيكون اهتمام هذا الكتيب منصبًا على الخلافات الأساسية بين جمهور علماء
المسلمين وعلماء الجعفرية معتمدًا على المصادر الموثوقة لدى الطرفين بإذن الله ومشيئته
مجدل [1] صفحة *. وجلد [3] صفحة 164 الحسيني عبدافه 1471م
() ماج الس لابن
* القرآن الكريم *
يقول علماء الجعفرية؛ المذهب الرسمي الجمهورية إيران الإسلامية أن عده آيات
القرآن التجزيم سيمة شر الفأ يا ورد في حاب «الأصول مئ الكافي ا" وقد وزد في
الكاني وهو أوثق مصدر شيعي للحديث «ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن
ويرخص علاء الشيعة لأتباعهم في قراءة القرآن الذي بأيدي المسلمين حتى
يأتيهم من يعلمهم قرآن الشيعة الكامل بزعمهم .©
أما علماء المسلمين فيؤكدون أن الرسول ب قد جمع القرآن في ترتيبه وكماله الحالي
تلاوة وحفظأً ثم جمعه زيد بن ثابت في خلافة أبي بكر الصديق في كتاب واحد . (" وفي
خلافة عثمان بن عفان تمت كتابة القرآن بلغة قريش التي بها أنزل وتم تعميمه على
الأمصار الإسلامية!"' وهو الموجود اليوم بين أيدي المسلمين هدئٌ وتبياناً؛ أما ييا
يتعلق بالقراءات السبع فإنها اختلافات بسيطة جداً لا يترتب عليها اختلاف جذري
في المعنى ومثال ذلك الاختلافات : مالك أو ملك وتعلمون أو يعلمون؛ يغفر لكم
أو نغفر لكم ٠١ ويجمع علماء المسلمين على أن القرآن الكريم محفوظ إلى الأبد
صفحة 167-17
1438 الكاني من الأصول : مجلد [1] صفحة 988 طبعة ٠3
١١ الكافي من المنول: مجلد [1] صفحة 197 طبعة 1431: والخطيب صفحة »(
(ه) صحيح البخاري : مجلد (9] صفحة /41 4لا
(4) صحيح البخازي : مجلد [9] صفحة 008 - 180
186 197+ مناع القطان صفحة )٠١(
وعلا: ؤلا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه6 "٠. ويقول أيضاً
(وإنه لكتاب عزيز. لا يأنيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم
كون أصوها موجودة ومحفوظة لكن ما يتداوله الناس منها قد تعرض للتحريف معنى
ويرى علماء المسلمين بتكفير من يعتقد بتحريف القرآن كمن ينكر القرآن
جملة 9٠. فالله تعالى يقول : ؤأفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فيا جزاء من
يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما
أيها الأخ المسلم والأخت المسلمة أنتم تستطيعون أ
آيات افر الكريم بدون البسملة في أوائل ل ستة آلاف ومالتان وستة
وثلاثون آبة فقط . لهذا فعلماء الشيعة يقولون أن هذا القرآن غير كامل . دعنا تسأل
أنفسناء من نصدق علماء الجعفرية أم نصدق الله سبحانه وتعالى وقد وعد بحفظه
وعلماء المسلمين وقد آمنوا بأن القرآن معصوم من التحريف وأن أي تحريف فيه يتم
اكتشافه سريعاً؟
لعل بعض علماء الشيعة ينكرون الاعتقاد بتحريف القرآن نحت ستار عقيدة
التقية للحفاظ على الفكر الشيعي فتحقق من المصادر المونوقة هم قبل إصدار أي
حكم
(14) إحسان في ظهير: صفحة 147-141
(18) صورة البقرة: فم
* السنة والحديث *
يعتبر علماء الجعفرية السنة أو الحديث ما قاله الرسول ب وما قاله أئمة الشيعة
«المعصومون»!""). ولو ألقينا نظرة إلى الكافي الذي يعتره الطبظبائي «أوثق وأشهر
مصادر الحديث في العالم الشيعي )'" لوجدنا أن أغلب الأحاديث لا تقول قال
الرسول بق ولكن قال الإمام كذا وكذا. وكثيرمنها لا إسناد له
وعندما نتمعن في مضمون تلك الأحاديث نجد كثيراً منها يتعارض مع القرآن
الكزيم . ويبدو جلياً أن الصفة البارزة للمقباس الذي بموجبه يتم تقويم الأحاديث
كغيره من علماء الشيعة أن أوثق الأحاديث النبوية ما تعاقب على روايته الأثئمة
العصومون مم ا اماق يتوق بن ادريث لا بتجار السعة الام أ الات
من عدي . فمثل الحديث الذي يرويه علي بن أبي طالب ومجعله البخاري في
صحيحه يلقى رفضاً من علماء الجعفرية ما دام الحدي يتعارض مع التقيدة الشيعية
(مثلٍ تحريم نكاح المنعة) وبالعكس . إذا كان الحديث يؤكد الفكر الشيعي فإنه سيلقى
وبصفة عامة فهناك طريقتان يعتمد عليهما جمهور علماء المسلمين لتوثيق
الأحاديث الشريفة:
أولاً: فحص الإسناد لمعرفة مدى الثقة في الرواة. لهذا فالأحاديث منقطعة
الإسناد ترفض لتعذر تعديل أو جرح الرواة المجهولين
)1١( طبطائي : صفحة 87 . ودستور جمهورية زيران الإسلامية: المادة الثانية
(19) طبطائي : صفحة 1٠١
(4ا) طبطائي: صفحة 44
+ أعظمي : صفحة )1١(
ايا فحص امن للتأكد من عدم تخالفته للقرآن أو لأحاديث أخرى قد تكو
أقوى سنداأً. .71
واستناداً إلى هذه المقابيس ومدى دقتها في اختيار الأحاديث أجمع علماء الحديث
على أن صحيح البخاري ومسلم هما أوثق مصدرين للسنة النبوية"").
وكيا علمنا فقد تم جع القرآن الكريم في مجلد واحد عقب وفاة الرسول بمدة
وجيزة ولكن الجمع العلمي الجاد للحديث لم يبدا إلا أواخر القرن المجري
الأول""). وكان لهذا عدد من الأسباب من أهمها أن الحديث تناول التعاليم
الإسلامية بالتفصيل ويضعها في صيغها التطبيقية التي يجب أن يتمثل بها المسلم ف
حياته اليومية الخاصة والعامة وفي علاقته مع الله والناس . وكان الصحابة -رضوان الله
تعال عليهم - لحرصهم الشديد على تطبيق السئة النبوية - في الواقع - مصادرحية
تدريس القرآن الكريم أولا تجنباً لاختلاط القرآن بالحديث كما حصل بالنسبة للتوراة
ونحن نعلم أن النبي محمد به هوخاتم الأنبياء كما قال تعالى: ما كان محمد أبا أحد
من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين1""" ولا ينبغي لأحد أن يتلقى وحياً
من الله بعده. فالوحي الإلهي خاص بالأنبياء والرسل » وعندما يساوي العا الشيعي
بين أقوال الرسول وائمة الشيعة فكانا يقول بان الائمة أيضاًيتلقون وحياً إغيا كالرسل
والأنبياء» وفي ذلك مخالفة صربحة للقرآن أما إذا كان القول بأن أولئك الائمة إنما
كانوا يلهمون فإن الإغام شيء والوحي شيء» فالوحي ملزم والإهام يشترك فيه الناس
ولا يلزم إتباعه . أما الإلهام للأنبياء والرسل فإنه جزء من الوحي ٠
"١ صفحة ا
(17) فتاوي ابن تيمية: مجلد [17] صفحة 18؛ وأعظمي صفحة 687 17
(1) أعطني : صفحة 75
* الإججاع *
لعلماء الشيعة موقفان متغايران بالنسبة للإجماع . فهم يحتجون بالإجماع إذا كان
والسنة. . ود واتفق الجميع على إقراره»(*")
ى فإن علماء الشيعة يرفضون الإجماع فمثلا:
أما من ناحية
)١( يقولون بأن الصحابة وهم عشرات الألوف قد تأمروا على مخالفة الرسول
المكذوب عليها على الأغلبية الساحقة
: (1) يعتقدون بأن ملايين المسلمين عبر الأزمنة والأمكنة على مر التاريخ لا يتوافر
فيهم ضغة الإسلام والإييان لأنهم يرفضون أحد أركان الإسلام والإييان في اعتقاد
الشيعة وهو الإييان بركن الإمامة - أي بركن الإبيان بوجود إثني عشر إماما معصومين
نص عليهم الرسول لتكون لم القيادة السياسية والدينية يتوارثونها واحدا بعد الآخر
(©) يشككون في صحة القرآن الكريم وكماله وقد وثقه علماء المسلمين قاطبة
أما جمهور علماء المسلسين فإنهم يعتبرون الإجماع المصدر الثالث للشريعة
الإسلامية بعد القرآن والسئة كما يؤكد ذلك ابن تيميةل*"). فأوثق النصوص ما وصل
إسناده درجة التواتر حيث يروي مجموعة من الصحابة خيراً يتناقله عنهم مجموعة أخرى
من التابعين!"". وأرفع درجات الاستنباط والفتاوي ما أجمع عليه العلماء(*"). فالله
(9؟) طبطبائي : صفحة 85
(17) ابن الأثير الجزري : مجلد ]١( صفحة 176-166
(14) فتاوي ابن تيمية: مجلد [4] صفحة 8997 71
الشيطان مع الواحد؛ وهو من الاثدين أبعدء من أراد بحبوحة الجنة فليلزم
الذين يعتمدون على التقليد فقط دون الرجوع إلى المصادر الأساسية للإسلام
وفي حديث آخر قال الرسول فيل «لا تجتمع أمني على خطأء!*"» وقال: «لم يكن
حسنء!**". وذلك لأن اتفاق جميع المجتهدين على حكم واحد مع اختلاف خلفياتهم
وبيشاتهم لا يحصل إلا أن يجمعهم الحق""". وقد ذكر الرسول فق أيضاً أن أمته
الفرقة الناجية أجاب في راية بأنها من كان على مثل ما عليه الرسول ب وأصحابه؛
وفي رواية أخرى أن الفرقة الناجية هم الجماعة!”""
استعماله واستخلاص التتائج به فلا يُقبل مرة ويُرفض مرة أخرى. لهذا فهل يمكن
الاعتماد على فقيه يستخدم الدليل ذاته لبحل لنفسه ما يجرمه على الآخرين؟ أويرفض
عليه مجموعة لا تقل عن العشرة من الناس بأنهم يعرفون الطريق حق امعرفة» غير أن
واحداً منهم أعطاه وصفا يتعارض مع بقية الأوصاف» فبياذا تنصح هذا المسلم؟ هل
(1*) أعرجه الترمذي وأحمد في ابن الأثير الجزري مجلد [+] صفحة 34+
(١؟) عمر بليق: صفحة 5184
(7) ابن ثيمية: منباج السئة مجلد [؟] صفحة 138-187
(98) حسنة التخاوي
يع وصف المجموعة الي لا تقل عن العشرة أاشخاص أم ذلك المتفرد برايه وذلك مع
ثم ماذا لواتضح أن الشخص المفرد بريه له مصلحة شخصية في الوصف الذي
تفرد به وليس مصلحة ذاتية؟ وماذا لو علمت أن الشخص المنفرد برأيه سوف
فيها جمهور علماء المسلمين مع غيرهم تدخل في صنفين:
)١٠( أذ راي جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذي يحتمل الخطأء وأن رأي
سواهم هو الخطأ الذي يحتمل الصواب
) أذراي جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذي لا يتطرق إليه الخطأ؛ وأن
رأي سواهم هو الخطأ الذي لا يحتمل وجهاً من الصحة مطلقاً
ويقع أغلب الأمور التي اختلف فيها علماء الشيعة مع جمهور علماء المسلمين
ضمن الصنف الثاني وتذكروا أخي المسلم واختي المسلمة أن هناك فرقاً بين (جمهور
المسلمين) من جهة؛ (وجمهور علماء المسلمين) من جهة أخرى. فبينيا لا يعتبر الأول
دليلا ملزماء فإن الآخر يستوجب الإلزام» وهذا هو المقصود بالإجماع